المبعثُ النَّبويُّ الشَّريف: ذكرى ولادةِ الإسلام

المبعثُ النَّبويُّ الشَّريف: ذكرى ولادةِ الإسلام

يقول الله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الجمعة: 2- 4]...

نلتقي بذكرى "المبعث النبويّ الشّريف"... الَّتي هي تعبير عن ولادة الإسلام، فلقد ولد الإسلام في اليوم الّذي بعث الله فيه رسوله ليهدي النّاس، وليفتح لهم أبواب معرفته، ويشقّ لهم طريق السِّير في خطِّ الله، ولينفتح بهم على ما عند الله من رضوانه ومن نعيمه.

لذلك، فلا بدَّ لنا من أن نتابع مثل هذه الذكريات في القرآن الكريم، لنعرف كيف يصوّر الله سبحانه وتعالى لنا مهمة النبيّ (ص) ودوره في كتابه، لأنّنا من خلال ذلك، نعرف ما هي مهمَّتنا وما هو دورنا، لأنَّ النبيّ الذي أراده الله نبيّاً للعالم، ورسولاً للإنسانيَّة، لا يريد له أن يبقى مجرّد نموذج شخصي في الارتباط الوجداني بذاته، وإنْ كان هو النموذج الأوحد، الأمثل، الأكمل، الأعلى...

يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}، يفتح عقولهم على معانيها، ويفتح قلوبهم على مشاعرها وأحاسيسها، ويفتح حياتهم على حركيّتها، ليعيشوها عقلاً وقلباً وروحاً وحركة.

{وَيُزَكِّيهِمْ}، بأن ينفذ إلى داخل نفوسهم، ليعطيها هذه الطهارة الروحية والصفاء الفكريّ والنموّ العقليّ، لأنّ التزكية تتحرّك في عالم النموّ كما تتحرَّك في عالم الطهارة والصفاء...

{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} الكتاب كلّه؛ كتاب موسى وكتاب عيسى والكتاب الذي أنزل إليه، حتى يعيشوا وحدة الرسالات {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}[البقرة: 285]، {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ}[آل عمران: 119]. وهذا هو الفرق بين المسلمين وبين غير المسلمين، وهو أنَّ المسلمين يؤمنون بالكتاب كلّه، وغيرهم لا يؤمنون بالكتاب كلّه... فالمسلمون وحدهم الذين يعيشون معنى الإسلام لله، لأنّهم آمنوا بكلِّ ما أنزل الله وكلّ رسل الله.

{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ}، وقد ضمّن الله القرآن ما في الكتاب من أحاديث الإنجيل فيما يبقى منه للحياة كلّها، وأحاديث التَّوراة فيما يبقى للحياة منها، وأعطى الله من خلال الوحي الجديد ما تحتاجه الحياة في تطوّرها ومتغيّراتها.

{وَالْحِكْمَةَ}، وقد يقول قائل: إذا أنزل علينا الكتاب، والكتاب كلمته لموسى ولعيسى ولنبيّنا (ص)، فأيّ حاجة إلى الحكمة؟!

إنّ الحكمة حركة الكتاب في الواقع، وهي الجانب التطبيقيّ للكتاب، فالنبيّ لا يعلّم الناس الكتاب فقط، ولكنَّه يعلّمهم كيف يحرّكون الكتاب.. فعندما يحدّثهم عن الأخلاق في القرآن، كان يعلّمهم كيف يطبّقون هذا الخطّ العمليّ "كان خُلُقه القرآن"، وكان قرآناً يتجسّد وقرآناً يتحرّك... فكان الناس يسمعون القرآن من فمه، ويرون القرآن في سلوكه وفي حركته، وكنّا نقول ولا نزال، إنّ السنّة هي قوله وفعله وتقريره لما يفعله الناس ولا يستنكره.

وهكذا، يريد الله أن نحصل على الحكمة، وهي الذهنية التي تربّي عقلك وقلبك وحركتك عليها، بحيث تضع الشيء في موضعه، فتكون الكلمة مطابقة لمقتضى الحال، تتحرّك في الموضع الذي تكون فيه الحركة منسجمة مع حاجة الواقع، فالحكمة هي وضع الشيء في موضعه، فأن تكون الحكيم، أي الذي يضع الأشياء في مواضعها، فهذا ما يريده الله.

لذلك، لا يكفي ـــ أيها الأحبَّة ـــ أن تفهموا الكتاب في الجانب النظريّ، بل لا بدَّ لكم أن تفهموا الكتاب في الجانب التّطبيقيّ...

فلا بدّ للإنسان المسلم الداعية المبلّغ الواعظ المرشد أن يكون لديه روح ينفتح فيها على الناس بروحانيّته، وأن يكون له علم ينفتح به على الناس بعلمه، وأن يكون له عقل يتحرّك في حياته وحياة الناس بحكمته.

لهذا، لا يكفي بأنْ يكون للعلماء علم، بل لا بدَّ أن يكون لهم عقل الرسالة وعقل الحياة، ومن لا يملك عقل الحياة ومعرفة النَّاس في كلّ أوضاعهم وأطوارهم والتيارات المسيطرة عليهم، لا يستطيع أن يعظ الناس، لأنّه سيقرأ شيئاً ممّا عاشه الأوَّلون، يقرأ في الكتاب فقط، والداعية لا بدّ أن يقرأ في كتاب الحياة وكتاب الإنسان، كما يقرأ في كتاب الله وفي كتاب العلماء الذين استوحوا كتاب الله...

{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ثمّ يبيّن أن هذا النهج هو نهج الرسالة الذي يفتح باب الهدى للضالّين، والذي يتابع سيره في خطِّ الزمن، من خلال الطلائع الإسلامية التي تتابع المسيرة في الدعوة والحركة والجهاد.

{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ}، من خلال لطفه وإلهامه، وما يهديه للإنسان من سبله. {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}...

*من كتاب "النّدوة"، ج2.

يقول الله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الجمعة: 2- 4]...

نلتقي بذكرى "المبعث النبويّ الشّريف"... الَّتي هي تعبير عن ولادة الإسلام، فلقد ولد الإسلام في اليوم الّذي بعث الله فيه رسوله ليهدي النّاس، وليفتح لهم أبواب معرفته، ويشقّ لهم طريق السِّير في خطِّ الله، ولينفتح بهم على ما عند الله من رضوانه ومن نعيمه.

لذلك، فلا بدَّ لنا من أن نتابع مثل هذه الذكريات في القرآن الكريم، لنعرف كيف يصوّر الله سبحانه وتعالى لنا مهمة النبيّ (ص) ودوره في كتابه، لأنّنا من خلال ذلك، نعرف ما هي مهمَّتنا وما هو دورنا، لأنَّ النبيّ الذي أراده الله نبيّاً للعالم، ورسولاً للإنسانيَّة، لا يريد له أن يبقى مجرّد نموذج شخصي في الارتباط الوجداني بذاته، وإنْ كان هو النموذج الأوحد، الأمثل، الأكمل، الأعلى...

يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}، يفتح عقولهم على معانيها، ويفتح قلوبهم على مشاعرها وأحاسيسها، ويفتح حياتهم على حركيّتها، ليعيشوها عقلاً وقلباً وروحاً وحركة.

{وَيُزَكِّيهِمْ}، بأن ينفذ إلى داخل نفوسهم، ليعطيها هذه الطهارة الروحية والصفاء الفكريّ والنموّ العقليّ، لأنّ التزكية تتحرّك في عالم النموّ كما تتحرَّك في عالم الطهارة والصفاء...

{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} الكتاب كلّه؛ كتاب موسى وكتاب عيسى والكتاب الذي أنزل إليه، حتى يعيشوا وحدة الرسالات {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}[البقرة: 285]، {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ}[آل عمران: 119]. وهذا هو الفرق بين المسلمين وبين غير المسلمين، وهو أنَّ المسلمين يؤمنون بالكتاب كلّه، وغيرهم لا يؤمنون بالكتاب كلّه... فالمسلمون وحدهم الذين يعيشون معنى الإسلام لله، لأنّهم آمنوا بكلِّ ما أنزل الله وكلّ رسل الله.

{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ}، وقد ضمّن الله القرآن ما في الكتاب من أحاديث الإنجيل فيما يبقى منه للحياة كلّها، وأحاديث التَّوراة فيما يبقى للحياة منها، وأعطى الله من خلال الوحي الجديد ما تحتاجه الحياة في تطوّرها ومتغيّراتها.

{وَالْحِكْمَةَ}، وقد يقول قائل: إذا أنزل علينا الكتاب، والكتاب كلمته لموسى ولعيسى ولنبيّنا (ص)، فأيّ حاجة إلى الحكمة؟!

إنّ الحكمة حركة الكتاب في الواقع، وهي الجانب التطبيقيّ للكتاب، فالنبيّ لا يعلّم الناس الكتاب فقط، ولكنَّه يعلّمهم كيف يحرّكون الكتاب.. فعندما يحدّثهم عن الأخلاق في القرآن، كان يعلّمهم كيف يطبّقون هذا الخطّ العمليّ "كان خُلُقه القرآن"، وكان قرآناً يتجسّد وقرآناً يتحرّك... فكان الناس يسمعون القرآن من فمه، ويرون القرآن في سلوكه وفي حركته، وكنّا نقول ولا نزال، إنّ السنّة هي قوله وفعله وتقريره لما يفعله الناس ولا يستنكره.

وهكذا، يريد الله أن نحصل على الحكمة، وهي الذهنية التي تربّي عقلك وقلبك وحركتك عليها، بحيث تضع الشيء في موضعه، فتكون الكلمة مطابقة لمقتضى الحال، تتحرّك في الموضع الذي تكون فيه الحركة منسجمة مع حاجة الواقع، فالحكمة هي وضع الشيء في موضعه، فأن تكون الحكيم، أي الذي يضع الأشياء في مواضعها، فهذا ما يريده الله.

لذلك، لا يكفي ـــ أيها الأحبَّة ـــ أن تفهموا الكتاب في الجانب النظريّ، بل لا بدَّ لكم أن تفهموا الكتاب في الجانب التّطبيقيّ...

فلا بدّ للإنسان المسلم الداعية المبلّغ الواعظ المرشد أن يكون لديه روح ينفتح فيها على الناس بروحانيّته، وأن يكون له علم ينفتح به على الناس بعلمه، وأن يكون له عقل يتحرّك في حياته وحياة الناس بحكمته.

لهذا، لا يكفي بأنْ يكون للعلماء علم، بل لا بدَّ أن يكون لهم عقل الرسالة وعقل الحياة، ومن لا يملك عقل الحياة ومعرفة النَّاس في كلّ أوضاعهم وأطوارهم والتيارات المسيطرة عليهم، لا يستطيع أن يعظ الناس، لأنّه سيقرأ شيئاً ممّا عاشه الأوَّلون، يقرأ في الكتاب فقط، والداعية لا بدّ أن يقرأ في كتاب الحياة وكتاب الإنسان، كما يقرأ في كتاب الله وفي كتاب العلماء الذين استوحوا كتاب الله...

{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ثمّ يبيّن أن هذا النهج هو نهج الرسالة الذي يفتح باب الهدى للضالّين، والذي يتابع سيره في خطِّ الزمن، من خلال الطلائع الإسلامية التي تتابع المسيرة في الدعوة والحركة والجهاد.

{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ}، من خلال لطفه وإلهامه، وما يهديه للإنسان من سبله. {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}...

*من كتاب "النّدوة"، ج2.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية