دراسات
13/12/2016

الإعجاز السّلوكي في شخصيّة الرّسول الأكرم(ص)

الإعجاز السّلوكي في شخصيّة الرّسول الأكرم(ص)

اصطفى الله تعالى نبيّه الكريم محمّداً(ص)، ليكون خاتم الرسل والنبيِّين، وسيّد الكائنات أجمعين، وامتدحه في كتابه الكريم: {وإنّك لعلَى خُلُقٍ عظيم}، {وما أرسلنَاكَ إلا رحمةً للعالمين}، وفي الوقت الّذي تحدّى به النبيّ الأعظم(ص) المشركين والعرب بكلام الله تعالى بما فيه من إعجاز، كان في سيرته الشخصيّة السلوكيّة لا يقلّ أثراً وتأثيراً وفاعليّة من القرآن.

فقد قالت إحدى زوجاته عندما سُئِلت عن خُلُقه: "كان خُلُقه القرآن"، وعندما نتأمّل في هذه العبارة، نجد أنَّ الأمر ليس هيِّناً وسهلاً كي يترجم الإنسان ما يطرحه القرآن من أخلاقيّات عمليّة في الحياة، إذ بمطالعة بسيطة لسيرة الرسول(ص)؛ من ولادته إلى بعثته ووفاته، ينبهر الباحثون الدّارسون من قوة هذه الشخصيّة وحضورها المتعدّد الجوانب، بحيث شكّلت الكمال الإنساني الناطق عن عظمة الله تعالى، من خلال ما أراد الله تعالى للإنسان أن يكون عليه من محتوى داخليّ يتساوق مع المهمّة الإنسانيّة الراقية في كدحها نحو الله.

فالتّوازن النّفسيّ السلوكيّ لشخصيّة النبيّ الأكرم(ص)، في غاية الدقّة والعمق والكمال، بما يبعث على التأمّل والاعتبار والانتفاع من تمظهرات هذه الشخصيّة في حياتنا العامة والخاصة، فمن يقرأ ويتعرّف على البيئة الجافّة القاسية للجزيرة العربيّة، وما اتّصف أهلها به من عادات وأخلاقيّات بالية وذهنيّات معقَّدة وحسّاسة، يتفاجأ بهذا الخُلُق الكريم، والحكمة العالية، والبصيرة النّافذة، والإرادة الصّلبة، والإيمان العميق الّذي استطاع أن يواجه به النبيّ(ص) هذه البيئة، لا بل أن يحوِّل قلوب أهلها إلى قلوبٍ متآلفة، وعقول مفتوحة على المعاني الراقية، فربما لا يستطيع المرء أحياناً أن يغيِّر من أمر نفسه وأهل بيته، فكيف إذا كان التّغيير يطاول الأمة بأسرها؟!

البعض قد يقول بأنّ الرسول(ص) مسدَّد من الله تعالى، وهو كافله وراعيه، ولكن الرسول يملك طبيعة بشريّة كباقي النّاس، وله مشاعره وأحاسيسه، وقد ظّفها النبي الأكرم(ص) لتكون غايةً في التّكامل لأداء المهمة في مواجهة التحدّيات المتنوّعة، ولتكون الغاية في إبراز الخُلُق الكريم عمليّاً، في سلوكيات قلبت موازين الحياة، وأعادت إليها كلّ حيويّة وفاعليّة.

والشخصيّة كوحدة تجمع في عناصرها كلّ الخصائص والسّمات النفسيّة والجسميّة والعقليّة، تنعكس في سلوك الفرد وتفكيره، وتحدّد نمط نظرته وتعامله مع محيطه والحياة من حوله، بما تزخر به من تحدّيات وضغوطات وإشكاليّات تثير قلق الإنسان، وتجعله يعيش التوتّر والحسابات، ليرتّب على أثرها التصرّفات المعقولة التي توفّر له الأمان والسّلامة وتجلب له المنافع، فكيف بشخصيّة الرسول الأكرم(ص)، التي اختارها الله لتكون بموقع النبوّة وتبليغ وحي السّماء، وتربية النّاس وتهذيب نفوسها وتعليمها، ونقلها من حضائر الجهل والتخلّف، إلى آفاق الرّوح والسّموّ والمعرفة، ووضعها على سكّة الوجود الحقيقيّ في سيره الطبيعيّ إلى غاية الوجود (الله تعالى).

في سلوكه العمليّ الّذي جسّد من خلاله القيم الأخلاقيّة؛ من العفّة والصّدق والأمانة والاستقامة والتّقوى والزّهد والحكمة، وغيرها الكثير في سلّم الفضائل، كان الرّسول(ص) يعكس بكلّ مصداقيّة ونقاء كلّ ذلك في كلامه إذا تكلّم، وفي فعله إذا فعل، وفي كل حركاته وسكناته، حتى أضحى مرآةً صافيةً تعكس كلّ حقيقة هذه القيم، بلا ضعف ولا استكانة ولا كسل ولا خنوع، فكان في سرّه وعلانيته واحداً، وفي قوله وسلوكه واحداً، في سير تصاعديّ واحد نحو الله، بلا انكسار أو تراجع أو وقوع في الانحرافات طيلة عمره الشريف. كانت شخصيّته واحدة في كلّ تجلّياتها، غير متأثّرة لا بضغوط ولا بظروف، طباع وخصال حميدة متكاملة استحقَّت أن تنال ثناء الله تعالى {وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم}، فالله تعالى أثنى على شخصيّة النبيّ(ص) الّتي وصلت إلى الغاية القصوى في كمالها، كنموذج بشريّ خالد، أراده الله شاهداً يستجمع كلّ ما يحبّه الله، وتتجلّى فيه إرادة الله في إيجاد النموذج الإنساني الأكمل والأصلح.

هذه الأخلاق السامية للرّسول(ص)، استوعبت كلّ الذّهنيّة الحسّاسة والمعقَّدة في عصره، لا بل أثَّر فيها ولم تؤثِّر فيه، وطيَّعها لجهة فتح مداركها وتوجيهها نحو ما تحمله الفطرة الإنسانيّة من خصال تؤكّد الارتباط بخطّ الله تعالى.

لقد استطاع(ص) بأخلاقه وأفعاله وسيرته، أن يقلب مجتمعاً عمره مئات السّنين، غارق في الجهالات والضَّلالات، وأن يصنع منه مجتمعاً رساليّاً مسلماً لله ربّ العالمين.

والأهمّ أنّ تأثير الرسول(ص) وتوجيهه للمجتمع، لم يكن مجرّد تنظير وكلام فوقي، بل عاش الرسول(ص) كلّ واقع المجتمع بكلّ همومه وآلامه وآماله.. دخل بين الناس في قلب تحدّياتهم وظروفم، وتفاعل مع قضاياهم اليوميّة العامّة منها والخاصّة، حتى جعل من سلوكه الأخلاقيّ معهم الصّدمة القويّة لما هم عليه من حال، وتركهم في حالةٍ يشعرون معها بتأنيب الضّمير، والعودة إلى الذّات ومراجعتها، هذا السّلوك الإعجازيّ في شخصيّة الرّسول(ص)؛ من كظم الغيظ، إلى العفو والإحسان وحبّ الإرشاد والتبليغ، وغرس الحكمة والرحمة والسّلام، جعل من نمط شخصيّته نمطاً تكاملياً ثابتاً، مقدّماً عصارة القدوة الّتي ينبغي للناس استلهامها والتأثّر بها.

تنظيم الطباع في شخصيّته الكريمة كان بارزاً، بحيث لم يقوَ فيه جانب على جانب، إذ كان يعيش الفرح في وقته، ويتصرّف بانضباطيّة في كلّ مشاعره وما ينتج منها من تصرفات، وكان يعيش الهمّ والحزن على الناس بشكل يجعلهم يلتفتون إلى تقصيرهم من دون مضايقتهم، وكان ينطق بالحكمة ليتغذّى منها الجميع؛ الفقراء قبل الأغنياء والميسورين، كلّ هذه الأخلاق كانت نابعةً ومنسجمةً مع بعضها البعض بلا أدنى ملاحظة أو شبهة، إلى أن ارتفعت روحه إلى بارئها، ووفّت ما عليها بكلّ قدرةٍ واقتدار.

وفي هذا المقام، نأمل من الباحثين والدّارسين وطلاّب العلم الدّينيّ، أن يعكفوا على دراسة الوجود الإعجازيّة في شخصيّة النبيّ محمّد(ص)، والإفادة منها، ومحاولة غرس تمظهراتها الغنيّة في نفوس الجيل الصاعد ووجدانه،  والّذي هو أحوج ما يكون إلى القدوة التي تركّز له أوضاعه وتعزِّز مسيرته. 

اصطفى الله تعالى نبيّه الكريم محمّداً(ص)، ليكون خاتم الرسل والنبيِّين، وسيّد الكائنات أجمعين، وامتدحه في كتابه الكريم: {وإنّك لعلَى خُلُقٍ عظيم}، {وما أرسلنَاكَ إلا رحمةً للعالمين}، وفي الوقت الّذي تحدّى به النبيّ الأعظم(ص) المشركين والعرب بكلام الله تعالى بما فيه من إعجاز، كان في سيرته الشخصيّة السلوكيّة لا يقلّ أثراً وتأثيراً وفاعليّة من القرآن.

فقد قالت إحدى زوجاته عندما سُئِلت عن خُلُقه: "كان خُلُقه القرآن"، وعندما نتأمّل في هذه العبارة، نجد أنَّ الأمر ليس هيِّناً وسهلاً كي يترجم الإنسان ما يطرحه القرآن من أخلاقيّات عمليّة في الحياة، إذ بمطالعة بسيطة لسيرة الرسول(ص)؛ من ولادته إلى بعثته ووفاته، ينبهر الباحثون الدّارسون من قوة هذه الشخصيّة وحضورها المتعدّد الجوانب، بحيث شكّلت الكمال الإنساني الناطق عن عظمة الله تعالى، من خلال ما أراد الله تعالى للإنسان أن يكون عليه من محتوى داخليّ يتساوق مع المهمّة الإنسانيّة الراقية في كدحها نحو الله.

فالتّوازن النّفسيّ السلوكيّ لشخصيّة النبيّ الأكرم(ص)، في غاية الدقّة والعمق والكمال، بما يبعث على التأمّل والاعتبار والانتفاع من تمظهرات هذه الشخصيّة في حياتنا العامة والخاصة، فمن يقرأ ويتعرّف على البيئة الجافّة القاسية للجزيرة العربيّة، وما اتّصف أهلها به من عادات وأخلاقيّات بالية وذهنيّات معقَّدة وحسّاسة، يتفاجأ بهذا الخُلُق الكريم، والحكمة العالية، والبصيرة النّافذة، والإرادة الصّلبة، والإيمان العميق الّذي استطاع أن يواجه به النبيّ(ص) هذه البيئة، لا بل أن يحوِّل قلوب أهلها إلى قلوبٍ متآلفة، وعقول مفتوحة على المعاني الراقية، فربما لا يستطيع المرء أحياناً أن يغيِّر من أمر نفسه وأهل بيته، فكيف إذا كان التّغيير يطاول الأمة بأسرها؟!

البعض قد يقول بأنّ الرسول(ص) مسدَّد من الله تعالى، وهو كافله وراعيه، ولكن الرسول يملك طبيعة بشريّة كباقي النّاس، وله مشاعره وأحاسيسه، وقد ظّفها النبي الأكرم(ص) لتكون غايةً في التّكامل لأداء المهمة في مواجهة التحدّيات المتنوّعة، ولتكون الغاية في إبراز الخُلُق الكريم عمليّاً، في سلوكيات قلبت موازين الحياة، وأعادت إليها كلّ حيويّة وفاعليّة.

والشخصيّة كوحدة تجمع في عناصرها كلّ الخصائص والسّمات النفسيّة والجسميّة والعقليّة، تنعكس في سلوك الفرد وتفكيره، وتحدّد نمط نظرته وتعامله مع محيطه والحياة من حوله، بما تزخر به من تحدّيات وضغوطات وإشكاليّات تثير قلق الإنسان، وتجعله يعيش التوتّر والحسابات، ليرتّب على أثرها التصرّفات المعقولة التي توفّر له الأمان والسّلامة وتجلب له المنافع، فكيف بشخصيّة الرسول الأكرم(ص)، التي اختارها الله لتكون بموقع النبوّة وتبليغ وحي السّماء، وتربية النّاس وتهذيب نفوسها وتعليمها، ونقلها من حضائر الجهل والتخلّف، إلى آفاق الرّوح والسّموّ والمعرفة، ووضعها على سكّة الوجود الحقيقيّ في سيره الطبيعيّ إلى غاية الوجود (الله تعالى).

في سلوكه العمليّ الّذي جسّد من خلاله القيم الأخلاقيّة؛ من العفّة والصّدق والأمانة والاستقامة والتّقوى والزّهد والحكمة، وغيرها الكثير في سلّم الفضائل، كان الرّسول(ص) يعكس بكلّ مصداقيّة ونقاء كلّ ذلك في كلامه إذا تكلّم، وفي فعله إذا فعل، وفي كل حركاته وسكناته، حتى أضحى مرآةً صافيةً تعكس كلّ حقيقة هذه القيم، بلا ضعف ولا استكانة ولا كسل ولا خنوع، فكان في سرّه وعلانيته واحداً، وفي قوله وسلوكه واحداً، في سير تصاعديّ واحد نحو الله، بلا انكسار أو تراجع أو وقوع في الانحرافات طيلة عمره الشريف. كانت شخصيّته واحدة في كلّ تجلّياتها، غير متأثّرة لا بضغوط ولا بظروف، طباع وخصال حميدة متكاملة استحقَّت أن تنال ثناء الله تعالى {وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم}، فالله تعالى أثنى على شخصيّة النبيّ(ص) الّتي وصلت إلى الغاية القصوى في كمالها، كنموذج بشريّ خالد، أراده الله شاهداً يستجمع كلّ ما يحبّه الله، وتتجلّى فيه إرادة الله في إيجاد النموذج الإنساني الأكمل والأصلح.

هذه الأخلاق السامية للرّسول(ص)، استوعبت كلّ الذّهنيّة الحسّاسة والمعقَّدة في عصره، لا بل أثَّر فيها ولم تؤثِّر فيه، وطيَّعها لجهة فتح مداركها وتوجيهها نحو ما تحمله الفطرة الإنسانيّة من خصال تؤكّد الارتباط بخطّ الله تعالى.

لقد استطاع(ص) بأخلاقه وأفعاله وسيرته، أن يقلب مجتمعاً عمره مئات السّنين، غارق في الجهالات والضَّلالات، وأن يصنع منه مجتمعاً رساليّاً مسلماً لله ربّ العالمين.

والأهمّ أنّ تأثير الرسول(ص) وتوجيهه للمجتمع، لم يكن مجرّد تنظير وكلام فوقي، بل عاش الرسول(ص) كلّ واقع المجتمع بكلّ همومه وآلامه وآماله.. دخل بين الناس في قلب تحدّياتهم وظروفم، وتفاعل مع قضاياهم اليوميّة العامّة منها والخاصّة، حتى جعل من سلوكه الأخلاقيّ معهم الصّدمة القويّة لما هم عليه من حال، وتركهم في حالةٍ يشعرون معها بتأنيب الضّمير، والعودة إلى الذّات ومراجعتها، هذا السّلوك الإعجازيّ في شخصيّة الرّسول(ص)؛ من كظم الغيظ، إلى العفو والإحسان وحبّ الإرشاد والتبليغ، وغرس الحكمة والرحمة والسّلام، جعل من نمط شخصيّته نمطاً تكاملياً ثابتاً، مقدّماً عصارة القدوة الّتي ينبغي للناس استلهامها والتأثّر بها.

تنظيم الطباع في شخصيّته الكريمة كان بارزاً، بحيث لم يقوَ فيه جانب على جانب، إذ كان يعيش الفرح في وقته، ويتصرّف بانضباطيّة في كلّ مشاعره وما ينتج منها من تصرفات، وكان يعيش الهمّ والحزن على الناس بشكل يجعلهم يلتفتون إلى تقصيرهم من دون مضايقتهم، وكان ينطق بالحكمة ليتغذّى منها الجميع؛ الفقراء قبل الأغنياء والميسورين، كلّ هذه الأخلاق كانت نابعةً ومنسجمةً مع بعضها البعض بلا أدنى ملاحظة أو شبهة، إلى أن ارتفعت روحه إلى بارئها، ووفّت ما عليها بكلّ قدرةٍ واقتدار.

وفي هذا المقام، نأمل من الباحثين والدّارسين وطلاّب العلم الدّينيّ، أن يعكفوا على دراسة الوجود الإعجازيّة في شخصيّة النبيّ محمّد(ص)، والإفادة منها، ومحاولة غرس تمظهراتها الغنيّة في نفوس الجيل الصاعد ووجدانه،  والّذي هو أحوج ما يكون إلى القدوة التي تركّز له أوضاعه وتعزِّز مسيرته. 

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية