م - 230: لا يؤثر هذا العقد أثره إلا إذا صدر ممن يتمتع بصفات محددة تجعله أهلاً لإجراء العقود، وهي أمور:
1ـ البلوغ: فلا يصح عقد الصبي إذا استقل به بدون إذن الولي، مؤجراً لنفسه كان أو مستأجراً لغيره، فإن أذن الولي بعد ذلك ووافق صح؛ وحيث يحتاج الصبي إلى أن يكون أجيراً أو مستأجراً فإن وليه هو الذي يقوم بذلك عنه حتى يبلغ، أو يأذن له به فيقع منه ويصح إذا كان رشيداً وخبيراً رغم عدم بلوغه. هذا، ولو تصدى غير الولي لإجارته لم يصح منه ذلك العقد، وتوقف نفوذه على إذن الولي؛ وهو أحد فروع ما يصطلح عليه بـ (العقد الفضولي) (أنظر في ذلك المسألة: 610، وما بعدها).
2 ـ العقل: فلا يصح عقد المجنون حين جنونه حتى لو أفاق بعد ذلك ورضي بما وقع أو وافق الولي على ما فعل، فإن عرض عليه الجنون بعد ما عقده في حال عقله لم يبطل عقده، وكان على الولي متابعة آثار العقد فيما بعد.
3 ـ الرشد: وهو: (درجة في نضج التفكير والقدرة على التصرف الصحيح ووضع الأمور في مواضعها المناسبة لها والمنسجم مع الاعتبارات العرفية السائدة في زمانه ومجتمعه)، فلا يصح عقد إيجار السفيه نفسَهُ إلا إذا أذن الولي بعد ذلك ورضي به.
4 ـ استئذان الزوج: وهو واجب على المرأة المتزوجة إذا نافى تأجيرها نفسها حق الزوج، بأن كان في وقت أو بكيفية تفوت على الزوج حقه في الاستمتاع بها، فإن آجرت نفسها من دون إذنه بطلت الإجارة ألا أن يرضى الزوج بعد ذلك؛ وأما إذا لم يناف حقه فليس له منعها ولا هي يجب عليها استئذانه حتى لو استلزم ذلك العمل خروجها من بيتها؛ هذا ولكن ينبغي للزوجين التفاهم على هذا الأمر بما يحقق التفاهم ويوثق الانسجام بينهما.
أما المرأة غير المتزوجة فإن لها أن تعمل في أي مجال في الحدود المعتبرة شرعاً دون أن يكون لأحد حق منعها من أرحامها ما دامت رشيدة؛ بل إن عقد إجارتها يبقى مستمرا إلى نهاية مدته حتى لو تزوجت خلالها ولم يرض زوجها بتلك الإجارة.
5 ـ الاختيار: فلا يصح عقد المكره إلا أن يرضى بعد ذلك أو يكون الإكراه لسبب مشروع؛ نعم إذا كان الإكراه بدرجة تسلب القصد فإن العقد يبطل حتى لو رضي بعد ذلك. هذا، ولا يعد من الإكراه ما لو أكرهه الظالم مثلاً على دفع مال فاضطر لإجارة نفسه أو داره من أجل تأمين المال، فلا تبطل الإجارة رغم كراهته لها.
م - 231: المحجور عليه بالفَلَس يجوز له أن يؤجر نفسه وتصح الإجارة، كذلك يصح أن يكون وكيلاً في الاستئجار عن الغير، لكنه لما كان ممنوعاً من التصرف بأمواله لم يكن له أن يستأجر غيره ليعمل له.
م - 232: يجب على الولي عند تشغيل الطفل غير البالغ مراعاة ما يلي:
أ - أن لا يتنافى تشغيله مع أمر آخر أهم منه، كتعليمه ما هو لازم لأمثاله ومناسب لزمانه، فإن نافاه قدم تعليمه، إلا أن يكون الطفل فقيراً وليس له من يرعى أموره ويحقق ضروراته إلا إذا اشتغل بنفسه وأنتج.
ب - أن لا يترتب على العمل الذي يقوم به ضرر جسدي أو معنوي؛ ونريد بالضرر الجسدي: كل ما يدخل في ذلك مما يترتب على الأعمال المرهقة أو الخطرة ولو في المستقبل، كالعمل في آلات النجارة الكهربائية ونحوها مما قد يؤدي إلى بتر بعض أعضائه، وكالعمل في صبّ الإسمنت أو حمل الأحمال الثقيلة ونحوهما مما يتسبب بإعاقة نموّه أو إصابته بأمراض مزمنة تظهر فيما بعد.
ونريد بالضرر المعنوي: ما يشمل الأضرار العقلية والنفسية الناتجة من قهره والتسلط عليه، بل وربما من ضربه وإهانته، ونحوها مما يكون الطفل شديد التأثر به لرقته المصحوبة بضعفه وعجزه.
ج- أن يكون في أصل تشغيله وفي نوع العمل الذي يتولاه مصلحة له، فلا يكفي عدم وجود المفسدة من ذلك، وهو المبدأ الذي ذكرناه في بحث سابق والذي تجب ملاحظته من قبل الولي في جميع شؤون القاصر. (انظر، ص/28).