عقد العمل

عقد العمل


وفيه مسائل:
م - 226:  عقد إجارة النفس مثل سائر العقود،  فلا بد فيه من ظهور رضا الطرفين بالعلاقة التي يودان إنشاءها بكيفية خاصة وشروط محددة توصل إلى الغاية وتمنع من الاختلاف؛ ويتم إظهار الرضا بطريقتين:


الأولى: التعاقد اللفظي،  بأن يقول الأجير: "آجرتك نفسي لعمل(كذا)  لمدة (كذا)،  بالمبلغ (كذا)"،  فيقول المستأجر: "قبلت".
ولا يشترط لفظ (آجرتك)  أو استأجرتك وما يشتق منه، كما أنه لا يشترط تقديم الإيجاب على القبول،  ولا كون الإيجاب من العامل والقبول من صاحب العمل،  بل يصح إنشاء العقد بكل لفظٍ يدل على التزام العامل بأداء عمل لغيره مقابل مبلغ محدد بشروط محددة،  كأن يقول صاحب العمل: "أصلح لي هذه السيارة بخمسين ألفا "،  فيقول العامل: "قبلت"  أو: "رضيت" أو: "سأصلحها لك"،  أو غير ذلك من ألفاظ الإيجاب والقبول.
ويلحق بالتعاقد اللفظي التعاقد بالكتابة على ما هو الشائع والمعتمد في معاملات العقود في عصرنا،  إذ  قلما يدون ويكتب عقد دون أن يسبقه اتفاق وتعاقد لفظي،  لكنه لو حدث التعاقد بالكتابة من دون تلفظ ولا حوار سابق كان ذلك عقداً وتحققت به المعاملة ووجب الوفاء به.
أما الأخرس فإنه تكفيه الإشارة المبرزة لقصده،  فضلاً عن الكتابة مع قدرته عليها.


الثانية: بالمعاطاة،  وذلك بأن يسلم صاحب العمل أرضه للفلاح ليفلحها،  أو ثوبه للخياط ليخيطه،  فيتسلم الأجير الأرض والثوب بقصد إنجاز ما طلب منه.
ولا يخفى أن غالب اتفاقات العمل يتم   بالتعاقد اللفظي من خلال الحوار الذي يدور بينهما،  وقليلا  ما يحدث الاستئجار بالمعاطاة المحضة.
م ـ 227: لا يشترط في التعاقد اللفظي أن يكون باللغة العربية،  فيصح بغيرها من اللغات حتى مع قدرة الطرفين أو أحدهما على العربية،  وكذا لا يشترط في العربية أن تكون بالفصحى،  ولا أن تكون مطابقة لقواعد اللغة العربية،  فيصحّ بالملحون كما يصح بالعامية حتى مع القدرة على الفصيح الصحيح،  وكذا لا يشترط التخاطب المباشر بينهما،  فيصح عبر الهاتف.
م - 228:  يجوز أن يستأجر شخصٌ واحدٌ عاملين أو أكثر لإنجاز عمل واحد على نحو الاشتراك،  وحينئذ فإنه يكفي في التعاقد اللفظي أن يقولوا صيغة الإيجاب معاً  بلفظٍ واحد،  فيقبل المستأجر قبولاً  واحداً عن الجميع،  أو أن يتوكل واحد عنهم فيوجب أصالةً عن نفسه ووكالة عن غيره فيقبل المستأجر ذلك،  أو أن يوجب كل واحد منهم منفرداً  فيقبل المستأجر؛ وكذا بالمعاطاة مجتمعين ومنفردين. ويترتب على ذلك ضرورة التزامهم بأداء العمل مشتركين بالشروط التي اتفق عليها،  أما الأجرة فهي لهم على نحو الاشتراك بالتساوي ما لم يتفق على خلاف ذلك. كذلك فإنه يجوز لاثنين أو أكثر أن يستأجرا عاملا  واحدا  أو أكثر لإنجاز عمل لهم،  وتكون الأجرة عليهم بالتساوي ما لم يتفق على خلافه.
وبعبارة مختصر: إنه لا يشترط في المتعاقدين وحدة الأجير والمستأجر،  بل يصح أن يكون في هذا الطرف أو ذاك،  أو في كلا الطرفين،  أكثر من واحد.
م - 229:  إذا أمر شخصٌ غيره بأداء عمل له قائلاً: "خط لي هذا الثوب"،  أو: "ارفع معي هذا الحجر"،  أو: "دلني على بيت فلان"،  ونحو ذلك،  فأدى المأمور العمل،  لم يكن ذلك عقد إجارة،  لكن هل يتحمل الآمر مسؤولية أمره فيستحق العامل أجرة  عليه أو لا؟ والجواب عن ذلك يختلف على عدة وجوه:
الأول: أن ينجز العامل العمل المأمور به قاصداً  به التبرّع والمجّانية،  فلا يستحق الأجرة حتما  في هذا الفرض حتى لو كان الآمر قد قصد دفع الأجرة له.
الثاني: أن يقوم العامل بالعمل قاصداً  أخذ الأجرة،  وكان الآمر قاصداً  أو راغباً أن يؤديه العامل له مجاناً،  وكان معتمداً  في ذلك على قرينة تفهم ذلك موجودة في طبيعة العمل المطلوب أو في طبيعة المأمور أو في طبيعة العلاقة الاجتماعية القائمة بينهما؛ ومثال القرينة الأولى: قوله: "دلني على بيت فلان"،  أو  "ارفع معي هذا الحجر"،  لأنهما من الأعمال التي لا يتقاضى العرف عليها أجراً؛ ومثال الثانية: أن يكون المأمور من أهل الوجاهة والشرف ممن لا يتصدون بالأجرة لما طلب منه، كأن يطلب من العالم الديني أن يحلق له رأسه في منى في فريضة الحج مثلا "ومثال الثالثة: أن يطلب الزوج من زوجته أن تنسخ له المقالة التي كتبها؛ فإذا كانت القرينة موجودة بهذا النحو في هذه الموارد الثلاث وأشباهها،  وكان مفادها أنّ هذا العمل يؤدّى مجاناً، فعمله العامل قاصدا  أخذ الأجرة،  وطالب بها الآمر،  لم يجب على الآمر دفع أجرة له.
الثالث: أن يؤدي العامل العمل ناوياً  أخذ الأجرة،  وكان الآمر قاصداً  للتبرع، ولم تكن قرينة على المجانية،  ففي هذه الحالة يستحق العامل بعمله أجرة المثل على الآمر؛ ومثله في الحكم ما إذا كانا معاً  قاصدين للعمل بالأجرة،  أو كان الأجير خالي الذهن من نية أخذ الأجرة أو التبرع،  فإنه إذا طالب بالأجرة لزم إعطاؤها له.



وفيه مسائل:
م - 226:  عقد إجارة النفس مثل سائر العقود،  فلا بد فيه من ظهور رضا الطرفين بالعلاقة التي يودان إنشاءها بكيفية خاصة وشروط محددة توصل إلى الغاية وتمنع من الاختلاف؛ ويتم إظهار الرضا بطريقتين:


الأولى: التعاقد اللفظي،  بأن يقول الأجير: "آجرتك نفسي لعمل(كذا)  لمدة (كذا)،  بالمبلغ (كذا)"،  فيقول المستأجر: "قبلت".
ولا يشترط لفظ (آجرتك)  أو استأجرتك وما يشتق منه، كما أنه لا يشترط تقديم الإيجاب على القبول،  ولا كون الإيجاب من العامل والقبول من صاحب العمل،  بل يصح إنشاء العقد بكل لفظٍ يدل على التزام العامل بأداء عمل لغيره مقابل مبلغ محدد بشروط محددة،  كأن يقول صاحب العمل: "أصلح لي هذه السيارة بخمسين ألفا "،  فيقول العامل: "قبلت"  أو: "رضيت" أو: "سأصلحها لك"،  أو غير ذلك من ألفاظ الإيجاب والقبول.
ويلحق بالتعاقد اللفظي التعاقد بالكتابة على ما هو الشائع والمعتمد في معاملات العقود في عصرنا،  إذ  قلما يدون ويكتب عقد دون أن يسبقه اتفاق وتعاقد لفظي،  لكنه لو حدث التعاقد بالكتابة من دون تلفظ ولا حوار سابق كان ذلك عقداً وتحققت به المعاملة ووجب الوفاء به.
أما الأخرس فإنه تكفيه الإشارة المبرزة لقصده،  فضلاً عن الكتابة مع قدرته عليها.


الثانية: بالمعاطاة،  وذلك بأن يسلم صاحب العمل أرضه للفلاح ليفلحها،  أو ثوبه للخياط ليخيطه،  فيتسلم الأجير الأرض والثوب بقصد إنجاز ما طلب منه.
ولا يخفى أن غالب اتفاقات العمل يتم   بالتعاقد اللفظي من خلال الحوار الذي يدور بينهما،  وقليلا  ما يحدث الاستئجار بالمعاطاة المحضة.
م ـ 227: لا يشترط في التعاقد اللفظي أن يكون باللغة العربية،  فيصح بغيرها من اللغات حتى مع قدرة الطرفين أو أحدهما على العربية،  وكذا لا يشترط في العربية أن تكون بالفصحى،  ولا أن تكون مطابقة لقواعد اللغة العربية،  فيصحّ بالملحون كما يصح بالعامية حتى مع القدرة على الفصيح الصحيح،  وكذا لا يشترط التخاطب المباشر بينهما،  فيصح عبر الهاتف.
م - 228:  يجوز أن يستأجر شخصٌ واحدٌ عاملين أو أكثر لإنجاز عمل واحد على نحو الاشتراك،  وحينئذ فإنه يكفي في التعاقد اللفظي أن يقولوا صيغة الإيجاب معاً  بلفظٍ واحد،  فيقبل المستأجر قبولاً  واحداً عن الجميع،  أو أن يتوكل واحد عنهم فيوجب أصالةً عن نفسه ووكالة عن غيره فيقبل المستأجر ذلك،  أو أن يوجب كل واحد منهم منفرداً  فيقبل المستأجر؛ وكذا بالمعاطاة مجتمعين ومنفردين. ويترتب على ذلك ضرورة التزامهم بأداء العمل مشتركين بالشروط التي اتفق عليها،  أما الأجرة فهي لهم على نحو الاشتراك بالتساوي ما لم يتفق على خلاف ذلك. كذلك فإنه يجوز لاثنين أو أكثر أن يستأجرا عاملا  واحدا  أو أكثر لإنجاز عمل لهم،  وتكون الأجرة عليهم بالتساوي ما لم يتفق على خلافه.
وبعبارة مختصر: إنه لا يشترط في المتعاقدين وحدة الأجير والمستأجر،  بل يصح أن يكون في هذا الطرف أو ذاك،  أو في كلا الطرفين،  أكثر من واحد.
م - 229:  إذا أمر شخصٌ غيره بأداء عمل له قائلاً: "خط لي هذا الثوب"،  أو: "ارفع معي هذا الحجر"،  أو: "دلني على بيت فلان"،  ونحو ذلك،  فأدى المأمور العمل،  لم يكن ذلك عقد إجارة،  لكن هل يتحمل الآمر مسؤولية أمره فيستحق العامل أجرة  عليه أو لا؟ والجواب عن ذلك يختلف على عدة وجوه:
الأول: أن ينجز العامل العمل المأمور به قاصداً  به التبرّع والمجّانية،  فلا يستحق الأجرة حتما  في هذا الفرض حتى لو كان الآمر قد قصد دفع الأجرة له.
الثاني: أن يقوم العامل بالعمل قاصداً  أخذ الأجرة،  وكان الآمر قاصداً  أو راغباً أن يؤديه العامل له مجاناً،  وكان معتمداً  في ذلك على قرينة تفهم ذلك موجودة في طبيعة العمل المطلوب أو في طبيعة المأمور أو في طبيعة العلاقة الاجتماعية القائمة بينهما؛ ومثال القرينة الأولى: قوله: "دلني على بيت فلان"،  أو  "ارفع معي هذا الحجر"،  لأنهما من الأعمال التي لا يتقاضى العرف عليها أجراً؛ ومثال الثانية: أن يكون المأمور من أهل الوجاهة والشرف ممن لا يتصدون بالأجرة لما طلب منه، كأن يطلب من العالم الديني أن يحلق له رأسه في منى في فريضة الحج مثلا "ومثال الثالثة: أن يطلب الزوج من زوجته أن تنسخ له المقالة التي كتبها؛ فإذا كانت القرينة موجودة بهذا النحو في هذه الموارد الثلاث وأشباهها،  وكان مفادها أنّ هذا العمل يؤدّى مجاناً، فعمله العامل قاصدا  أخذ الأجرة،  وطالب بها الآمر،  لم يجب على الآمر دفع أجرة له.
الثالث: أن يؤدي العامل العمل ناوياً  أخذ الأجرة،  وكان الآمر قاصداً  للتبرع، ولم تكن قرينة على المجانية،  ففي هذه الحالة يستحق العامل بعمله أجرة المثل على الآمر؛ ومثله في الحكم ما إذا كانا معاً  قاصدين للعمل بالأجرة،  أو كان الأجير خالي الذهن من نية أخذ الأجرة أو التبرع،  فإنه إذا طالب بالأجرة لزم إعطاؤها له.


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية