أخلاق الإمام الحسين(ع)

أخلاق الإمام الحسين(ع)

كان أهل البيت(ع) قدوة عملية للسلوك الأخلاقي الأصيل الذي يدعو إلى التحلي بالخلق الكريم الذي يبرز هوية الإنسان في انفتاحه على ربّه وعلى إنسانيته. ومن أئمة أهل البيت، الإمام الحسين، السّبط الشّهيد(ع)، الّذي جسد في أقواله وأفعاله أخلاق جدّه رسول الله وأبيه علي وأمه الزهراء.

سُئل(ع) عن خير الدنيا والآخرة، فكتب: "بسم الله الرّحمن الرّحيم، أمّا بعدُ: فإنّه من طلب رضى الله بسخط النّاس، كفاه الله اُمور الناس، ومن طلب رضى النّاس بسخط الله، وكله الله إلى النّاس. والسّلام".  

وقد بيّن(ع) أقسام العبادة ودرجات العُبّاد قائلاً: "إنَّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجّار، وإنَّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادةُ العبيد، وإنَّ قوماً عبدوا اللهَ شُكراً فتلك عبادةُ الأحرار، وهي أفضل العبادة".

وقال(ع) عن آثار العبادة الحقيقيّة: "من عَبَدَ الله حقَّ عبادته، آتاه الله فوق أمانيه وكفايتهِ".

وسُئل عن معنى الأدب، فقال: "هو أن تخرج من بيتك، فلا تَلقى أحداً إلّا رأيت له الفضلَ عــــليك".

 وقال الإمام الحسين(ع): "مالُك إن يكن لك كنتَ له، فلا تبق عليه؛ فإنّه لا يُبقي عليك، وكلُه قبل أن يأكلك".

قال المحدِّث القميّ: رأيت في بعض الكتب الأخلاقية ما هذا لفظه: "قال عصار بن المصطلق: دخلت المدينة، فرأيت الحسين بن علي (عليهما السلام)، فأعجبني سمته ورواؤه، وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض، فقلت له: أنت ابن أبي تراب؟ فقال(ع): "نعم". فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إليَّ نظرة عاطفٍ رؤوف، ثمّ قال: "أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ* وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ* وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}.

ثمّ قال(ع): "خَفِّض عليكَ أستغفرُ اللهَ لي ولك، إنّك لو استَعَنْتَنا لأعنّاك، ولو استَرْفَدْتَنا لَرَفَدْناك، ولو استرشَدْتَنا لأرْشَدْناك". قال عصام: فتوسَّم مني النّدم على ما فرط مني. فقال(ع): {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. "أمِن أهل الشّام أنت؟". قلت: نعم. فقال(ع): "شِنْشِنَةٌ أعْرِفُها من أخزم، حيّانا الله وإيَّاك، انبَسِط إلينا في حوائجك، وما يَعْرِضُ لك تجدُني عِنْدَ أفضَلِ ظَنِّكَ إن شاء الله تعالى". قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رحبت، ووددتُ لو ساخت بي، ثمّ سللت منه لواذاً، وما على الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه".

ومن أخلاقه الكريمة، قبوله للعذر، وحلمه وسعة صدره وتواضعه. قال العلّامة جمال الدين محمد ين يوسف الزرندي الحنفي في نظر دُرَر السّمطين: وروي عن عليّ بن الحسين قال: سمعت الحسين يقول: "لو شتمني رجل في هذه الأذن وأومأ إلى اليُمنى، وأعذر لي في الأخرى، لَقَبِلْتُ ذلك منه، وذلك أنَّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب حدّثني أنّه سَمَعَ جدّي رسول الله(ص) يقول: لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من مُحِقّ أو مُبطِل".

"جنى له غلام جناية توجب العقاب، فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي، والكاظمين الغيظ؟ فقال(ع): "خّلّوا عنه". فقال: يا مولاي، والعافين عن الناس، قال(ع): "قد عفوتُ عنكَ". قال: يا مولاي، والله يُحبُّ المُحسنين، قال(ع): "أنت حُرّ لِوَجْهِ الله، ولَكَ ضَعْفُ ما كُنتُ أعطيك".

ومرّ(ع) بمساكين وهم يأكلون كسراً على كساءٍ، فسلَّم عليهم، فدعوه إلى طعامهم، فجلس معهم وقال: "لولا أنّه صدقة لأكلتُ معكم". ثمّ قال: "قوموا إلى منزلي". فأطعَمَهم وكساهم وأمر(ع) لهم بدراهم.

وعن مسعدة قال: مرّ الحسين بن عليّ (عليهما السلام) بمساكين قد بسطوا كساءً لهم وألقوا عليه كسراً، فقالوا: يابن رسول الله، فثنى وركه فأكل معهم، ثمّ تلا: {إنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِين}.

ثمّ قال: "قد أجَبْتُكُم فأجيبوني". قالوا: نعم يابن رسول الله، فقاموا معه حتّى أتوا منزله، فقال(ع) للجارية: "أخرجي ما كنتِ تدّخرين".

عندما نعيش ذكرى مولد الإمام الحسين(ع)، فإننا نشعر بكلّ فرح الرسول وعلي والزهراء وعاطفتهم، فتتحرك عاطفتنا تجاهه كمولودٍ عاش كلّ حياته في خدمة الله التي تجلّت في خدمة عياله، من خلال ثورته المباركة التي أرادت إعادة تركيز الشخصيّة الإسلاميّة التي فقدت توازنها بفعل انغماسها في مظاهر الدنيا، وابتعادها المفرط عن حدود الله، فكان الحسين(ع) المصداق الحيّ والمؤثّر في تصدّيه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد علّمنا كيف ننتفض من أجل إحقاق الحقّ وحماية الكرامة، وصون العقل من التخريب الفكري والعقيدي، ورعاية النفس بسموّها وترفّعها عن العصبيات والأنانيات والأهواء المضلّة. وعندما نعيش ذكراه العطرة، نعتزّ بتلك الأخلاقيات العالية، والتأدب بآداب الله والتخلق بأخلاقه.

قال رسول الله(ص): "الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة". فعندما نعيش ذكراه العطرة، نجد فيه ذكرى جدّه المصطفى في أخلاقه وزهده وعلمه وشجاعته وروحانيّته، كما نجد فيه إباء عليّ(ع) وحكمته، ونجد فيه نقاء الزّهراء(ع) وطهرها الروحي وعبوديتها لله تعالى.

فإذا أردنا أن نولد في مولد الحسين(ع) من جديد، فلنتمثل سيرته وأخلاقه في حياتنا مزيداً من تحمّل المسوؤلية الرسالية، والتزام الحقّ والمعروف والنّهي عن المنكر، ورفض كلّ أشكال الباطل والظّلم.

والسلام على السّبط الشهيد يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيّاً.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

كان أهل البيت(ع) قدوة عملية للسلوك الأخلاقي الأصيل الذي يدعو إلى التحلي بالخلق الكريم الذي يبرز هوية الإنسان في انفتاحه على ربّه وعلى إنسانيته. ومن أئمة أهل البيت، الإمام الحسين، السّبط الشّهيد(ع)، الّذي جسد في أقواله وأفعاله أخلاق جدّه رسول الله وأبيه علي وأمه الزهراء.

سُئل(ع) عن خير الدنيا والآخرة، فكتب: "بسم الله الرّحمن الرّحيم، أمّا بعدُ: فإنّه من طلب رضى الله بسخط النّاس، كفاه الله اُمور الناس، ومن طلب رضى النّاس بسخط الله، وكله الله إلى النّاس. والسّلام".  

وقد بيّن(ع) أقسام العبادة ودرجات العُبّاد قائلاً: "إنَّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجّار، وإنَّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادةُ العبيد، وإنَّ قوماً عبدوا اللهَ شُكراً فتلك عبادةُ الأحرار، وهي أفضل العبادة".

وقال(ع) عن آثار العبادة الحقيقيّة: "من عَبَدَ الله حقَّ عبادته، آتاه الله فوق أمانيه وكفايتهِ".

وسُئل عن معنى الأدب، فقال: "هو أن تخرج من بيتك، فلا تَلقى أحداً إلّا رأيت له الفضلَ عــــليك".

 وقال الإمام الحسين(ع): "مالُك إن يكن لك كنتَ له، فلا تبق عليه؛ فإنّه لا يُبقي عليك، وكلُه قبل أن يأكلك".

قال المحدِّث القميّ: رأيت في بعض الكتب الأخلاقية ما هذا لفظه: "قال عصار بن المصطلق: دخلت المدينة، فرأيت الحسين بن علي (عليهما السلام)، فأعجبني سمته ورواؤه، وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض، فقلت له: أنت ابن أبي تراب؟ فقال(ع): "نعم". فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إليَّ نظرة عاطفٍ رؤوف، ثمّ قال: "أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ* وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ* وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}.

ثمّ قال(ع): "خَفِّض عليكَ أستغفرُ اللهَ لي ولك، إنّك لو استَعَنْتَنا لأعنّاك، ولو استَرْفَدْتَنا لَرَفَدْناك، ولو استرشَدْتَنا لأرْشَدْناك". قال عصام: فتوسَّم مني النّدم على ما فرط مني. فقال(ع): {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. "أمِن أهل الشّام أنت؟". قلت: نعم. فقال(ع): "شِنْشِنَةٌ أعْرِفُها من أخزم، حيّانا الله وإيَّاك، انبَسِط إلينا في حوائجك، وما يَعْرِضُ لك تجدُني عِنْدَ أفضَلِ ظَنِّكَ إن شاء الله تعالى". قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رحبت، ووددتُ لو ساخت بي، ثمّ سللت منه لواذاً، وما على الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه".

ومن أخلاقه الكريمة، قبوله للعذر، وحلمه وسعة صدره وتواضعه. قال العلّامة جمال الدين محمد ين يوسف الزرندي الحنفي في نظر دُرَر السّمطين: وروي عن عليّ بن الحسين قال: سمعت الحسين يقول: "لو شتمني رجل في هذه الأذن وأومأ إلى اليُمنى، وأعذر لي في الأخرى، لَقَبِلْتُ ذلك منه، وذلك أنَّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب حدّثني أنّه سَمَعَ جدّي رسول الله(ص) يقول: لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من مُحِقّ أو مُبطِل".

"جنى له غلام جناية توجب العقاب، فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي، والكاظمين الغيظ؟ فقال(ع): "خّلّوا عنه". فقال: يا مولاي، والعافين عن الناس، قال(ع): "قد عفوتُ عنكَ". قال: يا مولاي، والله يُحبُّ المُحسنين، قال(ع): "أنت حُرّ لِوَجْهِ الله، ولَكَ ضَعْفُ ما كُنتُ أعطيك".

ومرّ(ع) بمساكين وهم يأكلون كسراً على كساءٍ، فسلَّم عليهم، فدعوه إلى طعامهم، فجلس معهم وقال: "لولا أنّه صدقة لأكلتُ معكم". ثمّ قال: "قوموا إلى منزلي". فأطعَمَهم وكساهم وأمر(ع) لهم بدراهم.

وعن مسعدة قال: مرّ الحسين بن عليّ (عليهما السلام) بمساكين قد بسطوا كساءً لهم وألقوا عليه كسراً، فقالوا: يابن رسول الله، فثنى وركه فأكل معهم، ثمّ تلا: {إنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِين}.

ثمّ قال: "قد أجَبْتُكُم فأجيبوني". قالوا: نعم يابن رسول الله، فقاموا معه حتّى أتوا منزله، فقال(ع) للجارية: "أخرجي ما كنتِ تدّخرين".

عندما نعيش ذكرى مولد الإمام الحسين(ع)، فإننا نشعر بكلّ فرح الرسول وعلي والزهراء وعاطفتهم، فتتحرك عاطفتنا تجاهه كمولودٍ عاش كلّ حياته في خدمة الله التي تجلّت في خدمة عياله، من خلال ثورته المباركة التي أرادت إعادة تركيز الشخصيّة الإسلاميّة التي فقدت توازنها بفعل انغماسها في مظاهر الدنيا، وابتعادها المفرط عن حدود الله، فكان الحسين(ع) المصداق الحيّ والمؤثّر في تصدّيه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد علّمنا كيف ننتفض من أجل إحقاق الحقّ وحماية الكرامة، وصون العقل من التخريب الفكري والعقيدي، ورعاية النفس بسموّها وترفّعها عن العصبيات والأنانيات والأهواء المضلّة. وعندما نعيش ذكراه العطرة، نعتزّ بتلك الأخلاقيات العالية، والتأدب بآداب الله والتخلق بأخلاقه.

قال رسول الله(ص): "الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة". فعندما نعيش ذكراه العطرة، نجد فيه ذكرى جدّه المصطفى في أخلاقه وزهده وعلمه وشجاعته وروحانيّته، كما نجد فيه إباء عليّ(ع) وحكمته، ونجد فيه نقاء الزّهراء(ع) وطهرها الروحي وعبوديتها لله تعالى.

فإذا أردنا أن نولد في مولد الحسين(ع) من جديد، فلنتمثل سيرته وأخلاقه في حياتنا مزيداً من تحمّل المسوؤلية الرسالية، والتزام الحقّ والمعروف والنّهي عن المنكر، ورفض كلّ أشكال الباطل والظّلم.

والسلام على السّبط الشهيد يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيّاً.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية