المؤمنون لا يتّخذون الكافرين أولياء

المؤمنون لا يتّخذون الكافرين أولياء

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمام الرضا(ع) في بئر العبد، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

قال الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً - على المؤمنين أن لا يفتحوا قلوبهم للكافرين بالولاية والمودّة والمحبة والعلاقة العميقة، عليهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياءهم ويتركوا المؤمنين، بحيث يتحالفون مع الكافرين دون المؤمنين، لأن من يُفضّل الكافرين على المؤمنين، فكيف يمكن له أن يكون مع الله؟! لا تأمنوا مكر الله

- وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ - احذر من عذاب الله - وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ}، وستسير إلى الله وستواجه المصير. ثم يقول القرآن الكريم: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}.

وتتابع المسألة: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ}..

أساس العلاقة مع الآخرين

هذا الجوّ القرآني، ماذا يريد أن يقول لنا؟! إنّه يريد أن يقول: أيّها المؤمن، لا تكن ساذجاً بسيطاً تنظر إلى الأمور من خلال بداياتها، ولا تنظر إليها من خلال نهاياتها.. لا تواجه الأمور من موقع السطح.. إنّ عليك أن تفكر في علاقاتك من موقع الأسس التي ترتكز عليها في حياتك.. والأسس التي يرتكز عليها الآخرون في مواقعهم، حتى تعرف كيف تتحرك من مواقعك.

المسألة هي أن عليك أن تفكّر في العالم، فهناك كافرون ومؤمنون، وعندما تكون المسألة مسألة الكفر والإيمان في العقيدة، فإنّ المؤمن ينطلق من الله ومن رسالات رسله، والكافر ينطلق من الشيطان ويتعقّد من رسالات الله.

فلا بدّ من أن تفكّر عندما تريد أن تتعامل مع الكافرين، عندما يقدمون لك الكلام المعسول والبسمة المشرقة، عليك أن تُفكر لماذا يقدم لي هؤلاء ما يقدمونه؛ هل يخلصون للإيمان، هل لهم حاجة عندي، هل يريدون أن يخدعوني عن إيماني؟... عليك أن تفكّر كمؤمن على أيّ أساس أريد أتحرك معه.

عندما تريد أن تتواصل أو لا تتواصل معهم، عليك أن يكون تواصلهم أو عدم تواصلك معهم منطلقاً من إيمانك ومن خطّ إسلامك في الحياة، لأنك إذا قلت كما يقول بعض النّاس عندما يريدون أن يدخلوا في تحالفات: "اتركوا الدين جانباً ولنتكلّم في السياسة".. المسلم لا يمكن أن يضع دينه جانباً ويتحرك، لأن معنى أن تضع دينك جانباً، أن تترك ربّك، لأن الحلال والحرام هو شريعة الله، والمسلم لا يمكن أن يترك الدّين جانباً.. حتى وهو يشرب الماء، وحتى وهو يأكل.. فكّر أنّ خطّ الكفر والإيمان إذا كان يُمثّل أساساً يتحرك فيه مجتمعٌ هنا ومجتمع هناك، فلا بدّ من أن تفكر في قواعدك التي تنطلق منها..

بعض الناس يُفكّرون أنّه إذا قلنا للناس تعالوا نتواصل على أساس الإسلام، فإنهم لن يلتقوا بنا.. فلنترك الإسلام ونأخذ صفة أخرى تجمعنا مع الناس.

فرقٌ بين أن تعيش المودّة بعمق على نحو يستطيع خصمك أن يخدعك أو يهزمك من موقع غفلتك، أو أن تتعامل مع الناس بالبرّ دون أن تُخدع: {لَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ...}، لا مانع من أن تقدّموا لهم البرّ في اللّسان والعمل، وأن تواجهوا الموقف معهم على أساس العدل.

لا للانعزاليّة.. ولكن!

الإسلام لا يدعو إلى أن تقاطع العالم.. ليس معنى أن تكون مؤمناً أن تكون انعزالياً على مستوى الشعوب وعلى مستوى الدّول.. نحن لسنا ضدّ الشّعوب التي نختلف معها في الدّين، بل نتعاون معها وتتعاون معنا، ولكن عندما نريد أن نتعلَّم، علينا أن لا نأخذ ما يتنافى مع عقيدتنا وإسلامنا. لهذا من يقول بأنَّ الإسلام الأصوليّ يعزل المسلمين عن العالم، ويريد أن يُعقِّد المسلمين من شعوب العالم، وأنهم ينظرون إلى كلّ الحضارات نظرة سوداويّة، هذا كلام غير صحيح، لكن نقول: لماذا ينطلق الآخرون عندما يريدون أن يتعاملوا معنا من قواعدهم الفكريّة ومواقفهم العقيديّة، ونحن نريد أن ننطلق من موقع الهواء؟! إنك إذا كنت تخاف من فكرك، فلماذا تلتزمه؟! وهكذا لسنا معقّدين من الدول؛ دول الغرب والشّرق، ولكنّنا نتعقّد من سياستهم واستكبارهم.

ولهذا، فنحن عندما نواجه الاستكبار والاستعمار كلّه، فإنّنا لا ننطلق من عقدة ضدّ دولة لا تؤمن بما نؤمن به، ولكننا ننطلق من منطق إسلاميّ يقول لنا قفوا ضدّ الظالمين والمستعمرين، وعندما تريدون أن تنشئوا العلاقات، فلتكونوا واعين في هذه العلاقات، وعندما تكون المسألة مسألة حقوقك ومبادئك وسياستك المصيريّة، فانطلق على أساس أن تقول الكلمة دون تنازل عنها.. جامل ما شئت في المجاملة، لكن عندما تريد أن تعطي كلمتك في توقيع تلزم به شعبك، أو حرب أو سلم تريد أن تخوضهما، فكِّر في الكلمة قبل أن تخوضها في حدودها، لأنَّ الكلمة عندما تغفل عن معناها، ربما يحاربك الآخرون بمعناها، كما حدث بعد سنة 1967، عندما كانت الهزيمة، واجتمع مجلس الأمن، وأصدر قراراً بأنَّ على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي المحتلّة، وفهم العرب القصّة أنّ على إسرائيل أن تنسحب من الأرض التي احتلّتها العام 67، لكنّ الذي صاغ القرار هو مندوب بريطانيا، حيث كتب "أن تنسحب من أراضٍ محتلّة"، يعني من بعض الأرض التي احتلّت... فالحرف الواحد عندما تُغفله في قراراتك، ربما يُحاصرك ويُصادر قراراتك.

لهذا، عندما تريد أن تعطي كلمة لتلتزم بها، عليك أن تحاول أن تنفذ إلى داخل الكلمات، لتحصي الحروف والمعنى، حتى لا يسرقوا منك حرفاً أو بعض المعاني.

وإذا أرادوا أن يترجموها، عليك أن تأتي باختصاصيّين في الترجمة، كلام المجاملات هو كلام شرب الشّاي، لكن عندما تكون المسألة مسألة القضايا الحاسمة، فإنّ علينا أن نفكر.. كن مؤمناً في حركتك عندما تريد أن تتواصل أو تتقاطع، فلا تترك إيمانك جانباً، فإذا تركته صرت ضائعاً. وهكذا عندما تكون المسألة مسألة استكبار واستضعاف، وحريّة واستعباد، وذلّ وعزّ.. حاول أن لا تنخدع بالظّواهر، ولكن انفذ إلى البواطن.. عندما تريد كدولة أن تتعامل مع دولة ثانية ادرسها، ادرس خلفياتها ومشاريعها، مقدار إخلاصها لك.. وهكذا عندما تريد أن تتعامل مع جهة أو منظمة أو حزب، كن ذكياً، كن مع الناس الّذين لا يؤخذون بالعواطف والظواهر.

القرآن يريد أن يوجد عندنا وعياً سياسيّاً، ادرس الدولة أو الحزب أو أيّ جهة قبل أن تعطيها ولاءك، وادرس القصّة كلّها قبل أن تضع في أسفلها توقيعك. كن داعية.. المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، فمن يقع في الجحر مرة ثانية، فليس مؤمناً، لأنّ الله لا يحبّ الناس البسيطين (العبيطين).. بعض الناس يقولون إنسان مؤمن، يعني في نظرهم على البركة، يعني تأخذه على النهر وترجعه عطشان.. وهنالك الكثير يضحكون على مجتمع المؤمنين، ولكن حتّى تحكم على إنسان أنّه مؤمن، فلا تحكم عليه باعتباره يقرأ دعاء كميل والتوسّل، بل من خلال ما يتصرّفه في حياته اليوميَّة؛ في السّوق، أو في علاقته مع زوجته ومع الناس، هل هو مؤمن في هذه المواقع أم لا، هنا تعرف المؤمن، لا في المسجد.

الإمام الصّادق(ع) يقول: "المؤمن حسن المعونة، خفيف المؤونة، جيّد التّدبير لأمر معيشته، لا يُلدغ من جُحر مرّتين".

الإسلام أساس الانطلاق

وهكذا يريدنا الله من أجل أن نركّز مجتمعنا على قواعد ثابتة صلبة، أن لا نعيش نحن الاهتزاز في شخصيّاتنا ومواقفنا وعواطفنا، أن تظلّ عاطفتك في خدمة عقلك، أن تكون مبادئك هي الّتي تحكم مصيرك، ولا تكون مصالحك الشخصيّة هي التي توجِّه خطواتك.

من خلال ذلك، لا بدّ لنا من أن ندرس أن نكون مسلمين، لا بالمعنى الطّائفي الذي لا يحمل من الإسلام إلا الحقد والبغضاء للآخرين، ولا يعيش الإسلام في قيمه.. أن نكون مجتمع المسلمين الذين ينطلقون من الله عندما يؤيّدون ويرفضون، وعندما يحاربون ويسالمون، ويحبّون ويبغضون...

أن نكون المسلمين، حتى إذا تنازعنا في شيء فنردّه إلى الله ورسوله، ونفتح قلوبنا للمؤمنين قبل أن نفتحها للكافرين على حساب المؤمنين، حتى نستطيع أن نقف أمام الله غداً.. احذروا مكر الله، فإنّه لا يأمن مكره إلّا القوم الخاسرون الكافرون.

فقد نشعر في كلّ أوضاع الفتن التي تمرّ بنا، وفي كلّ مواقعنا القتالية والسياسية، نشعر دائماً بأنّ هناك مساحة كبيرة بين ما هو الإسلام وما هو واقعنا، وأننا ننطلق من خلال أطماعنا وشهواتنا في الكثير من الأمور.. فإذا استغرقت في دائرتك، فإنّ الآخرين قد يخدّرونك الآن، لينتهوا من المسلمين الآخرين، فيرجعوا إليك بعد حين..

لماذا يسيطر الاستعمار علينا؟

علينا أن نطرح المسألة في مواجهتنا مع الاستكبار والاستعمار كلّه، وجّهوا إلى أنفسكم سؤالاً: هل نحن مستعدون لأن نسلم كل ثرواتنا الموجودة في باطن أرضنا مع سطحها وفي فضائنا إلى الدّول الكبرى، لتأخذها وتحقّق بذلك رخاءها، ونظلّ معهم ليعطونا الفتات، وبشروط أيضاً؟!..

الاستعمار يريد أن يسيطر على مقدّراتنا، ويتدخل في أمورنا، ليبقى له المجال الذي يستطيع فيه أن يسيطر على كلّ مقدراتنا.. هل تقبل أن يقتحم إنسان بيتك ليسرق ما في خزانتك من مال تجعله للمستقبل؟ عندما تفكّرون كأفراد لا تقبلون، لأن هذا جنى العمر، لكن لماذا نتسامح بأن يأتي اللّصوص ليأخذوا كلّ بترولنا ومعادننا، وليُسقطوا كل صناعتنا، وليُجدبوا كلّ أرضنا؟ لأننا نفكر كأفراد لا كأمّة، كأفراد لا يشعرون بأن مال الأمّة هو مالهم.

إسرائيل هي العدوّ

وهكذا نواجه قضايا الأمَّة كأنها لا تخصّنا، كلّ إنسان يحافظ على نظافة بيته، ولكنّنا نمرّ في الشّوارع، فنرى أنّ السيارات لا تستطيع المرور لكثرة النّفايات.. مشكلتنا أننا فرديون.. إنهم أخذوا ثروتك الاقتصادية، فمعنى ذلك أن أولادك سوف يعيشون في المستقبل تحت رحمة قراراتهم.. لست حراً أن تكون ذليلاً.. لا بدَّ من أن نفكّر في إسرائيل، أن نشعر بخطورة إسرائيل لماذا تعبّر إسرائيل اليوم عن الخطّ الإسلامي الأصيل بأنّه الجماعات الموالية لإيران.. والواقع، أنّها الجماعات الموالية لله ورسوله، وعندما نوالي إيران، فإنّنا نوالي الإسلام في إيران ولا نوالي الجغرافية، إنّ قائلهم يقول إننا سندمّر هذه الجماعات، بكلّ ما في قلبه من حقد ومن شعور بالمأزق.. لماذا يقولون ذلك؟! لأنّ هؤلاء الشّباب والجماعات يفكّرون في المستقبل، ويخطّطون لمواجهة إسرائيل في المستقبل، وهم يخططون لمواجهتها في الحاضر.. إنهم يفكرون أنّ إسرائيل خطر اقتصادي وعسكري واجتماعي وسياسي على مجمل العالم الإسلامي والعالم كلّه.. ولهذا، إذا لم نتغدّ بها اليوم، فستتغدى وتتعشى بنا، كما تغدّت ببعضنا وستتعشى بالقسم الآخر.. إذا أخذ قطعة من يدك فسيأكل القطعة الثانية والثالثة وكلّ الجسم بعد ذلك.. إنه يفكر في ذلك، لأنه يعرف أن هؤلاء المؤمنين هم الذين أطاعوا الله واعتبروا الجهاد في سبيل الله خطهم السياسي..

الناس مشغولون بالحروب الداخلية، وهم يتمردون على الثلج الذي جمد اليوم في أيديهم، حتى لم يستطيع أحد أن يمسك السلاح بيده، ويتمردون على كلّ تلك الأخطار؛ أخطار الثلج والجبال والطائرات التي تحلّق فوقهم، والألغام التي تعترضهم، كأنهم سائرون في نزهة.

قيمة هذه العمليات التي أصبحت تُرعب العدوّ وعملاءه، أنهم ليسوا كميناً يختبئ ليضرب ملالة، ولكنهم جيش صغير، يذهب 300 شاب في حالة جهادية ليتوزعوا المهمات، وهم يعرفون أن العدو يملك الأرض والفضاء، ومع ذلك، يذهبون ويدمرون ويقتلون ويغنمون ويرجعون...

روحيّة المقاومة هي الأمل

هذه هي الروحية الجديدة التي تشعر إسرائيل بأنها إذا امتدت في الأمة، فمعنى ذلك أنها سوف لن يكون لها مكان في المستقبل في هذه الأرض، لأنها تعتمد على عنصر الخوف، تخوّفنا بطائراتها، والشباب يذهبون والطائرات فوقهم ولا يخافون.. تخوفنا بمدافعها وملّالاتها، والشباب ينفذون إلى داخل مواقعها، ويغنمون ملالاتها، دون أن تستطيع أن تأخذها منهم.. كم قتيلاً قتلوا ليست مشكلة، لكنّ القضية هي طبيعة العملية التي هزمت العمليات قبلها، وهي تهزم العملاء الذين لايزالون يجعلون من أجسادهم أكياس رمل بشرية تدافع عن إسرائيل، إنهم يهربون، لأنهم يشعرون بأنّ المسألة ليست خطوط تماس كما هي أوضاع الشرقية والغربية، وليست خطوط تماس كما هي الأوضاع القتالية.. ولكنها خطوط المستقبل، وبذلك فإننا نعتبر أن قيمة هذه العمليات، أنها أسقطت نظرية الحزام الأمني الإسرائيلي بنسبة 75% في المستقبل إن شاء الله.

إنهم يخافون من أن ترجع روحنا إلينا، ويريدون أن يشوّهوا صورة إيران الإسلام، بأنّ إسرائيل أرسلت إليها سلاحاً، ولكنهم لم يستطيعوا أن يخفوا كذب هذه الكلمات، عندما يصرحون في برلمانهم بأن إسلام الخميني إذا انطلق، فسوف يجرف المنطقة كلّها، وسوف لا يبقى إسلام مبارك وحسين وغيره.. هذا جاء من الروح الإسلامية الجديدة التي تعتبر نفسها مسؤولة للدّفاع عن الأرض والعرض، من خلال ما يعطيها الله من قوّة، لأنّ القوة ليست ملكها، بل ملك الأمّة كلها..

ما نحتاجه ليس التّدريب فحسب على حمل السّلاح، بل التدريب على أن نقتل عنصر الخوف الذي يحاولون أن يزرعوه في نفوسنا.. الخوف من العدوّ في الخارج والداخل.. إننا نحتاج أن نتجاوز عقدة الخوف.. هؤلاء مجاهدو الإسلام في كلّ مكان.. {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}..

ولهذا، فإن هناك الشيطان يخوّف أولياءه، في كلّ يوم في مصر محاكمات؛ لمن؟ لبائعي المخدِّرات؟ لعملاء أمريكا وإسرائيل؟ لا، بل للمسلمين الذين يريدون أن تحكم شريعة الله، في كلّ يوم دفعة جديدة، ويقولون قلة قليلة، وتأتي كل يوم دفعة جديدة، وهكذا في تركيا وفي بلاد المغرب وفي كثير من الأوضاع الموجودة في العالم..

يخافون من الإسلام!

العالم يستعدّ لهذا التيّار الجديد الذي يريد أن يخلق للإنسان المؤمن روحاً جديدة تحمل الحريّة في داخلها، من خلال ما تحمل من عبودية لله.. لماذا يستعدّون؟!..  الدول تستعد لمواجهة ذلك، ما شغل بريطانيا في عمان، بريطانيا الّتي انسحبت تماماً من المنطقة، وسلّمتها لأمريكا وبعضها للاتحاد السوفياتي، ومع ذلك، هي تعمل مناورات مع الجيش العماني، حتى تدرب جنودها على التدخل ضدّ مواقع الإرهاب الذين يعنون به الإسلام. لماذا لايزالون يحاصرون إيران؟ لأنهم شعروا بأنها الدولة التي قامت على الإسلام، ولم يستطيعوا أن يزلزلوها في الداخل أو الخارج، أرادوا أن يهزّوا من خلال السوق السّوداء للأسلحة النظام الإسلامي في إيران، فتحركت لتكون مشكلة تهزّ النظام الأمريكي في أمريكا.. إنهم يخافون من هذا الإسلام الواضح الصريح، الذي لا يتعقد طائفياً، ولكنه ينفتح حتى للمستضعفين الذين لا يسيئون إلى الحياة والإنسانية..

وعلى هذا الأساس، علينا أن نعرف أنّ الأعداء يخططون لنا حتى يهزموا حريتنا، وحتى لا نحرّر ثرواتنا وسياساتنا واقتصادنا منهم، ولهذا، فإنّ الحرب على مستوى العالم هي بين المؤمنين وبين الطّغاة والمستكبرين..

عودوا إلى الإسلام

نقولها لكل الساحة الإسلامية في أيّ مكان: عودوا إلى الإسلام، لقد جربتم غير الإسلام في مقاومتكم، تعالوا لنجرّب الإسلام، لقد استطاع الإسلام أن يطيح بأمريكا في طهران، وأن يخرّب مصالح أمريكا في لبنان، وأن يهزم إسرائيل في عنفوانها في جبل عامل والبقاع الغربي، تعالوا إلى تجربة الإسلام، لماذا تشرّقون، لماذا تغرّبون؟ فكروا كمسلمين، حتى ينفتح لكم المسلمون من مواقع الإسلام، لا تفكّروا في اللّعبة السياسيّة..

فلسطين لا تعاد بالمفاوضات

نقولها لإخواننا الفلسطينيين: انطلقوا بروحية الإسلام، وفكروا في فلسطين من مواقعكم الإسلامية، وعلموا أطفالكم أن عليهم أن يجاهدوا كما يصلّون، لا تفتشوا عن حل للقضية الفلسطينية في واشنطن ولندن وباريس وغيرهم، إنهم لم يعطوكم شيئاً، إنهم أعطوا إسرائيل أرضكم، لن تحصلوا على شيء بالمفاوضات والطرق الدبلوماسيّة ولكنكم تحصلون على ذلك بالروح الإسلامية الجهادية التي تعرف كي تتآخى مع المسلمين جميعاً، ندعوكم إلى الروح بعيداً من كل اللغو السياسي في المنطقة، وبعيداً من كل المحاور، وها أنتم رأيتم أنهم يتخذون منكم واجهة دون أن تستطيعوا أن تجعلوهم واجهة، من أين ينطلقون الآن؟ من بغداد.. هل من المعقول أن تنطلق الثورة من بغداد؟! لا بغداد الإسلام، بل بغداد صدام، وكيف يمكن أن ترجع فلسطين من بغداد؟!

نقولها من موقع المسؤولية والمحبة، لأننا نعتبر أن فلسطين هي أرض للمسلمين، ونريد من شعبها أن يسترجعها من مواقعها الإسلامية، ليرجعها أرضاً للإسلام كما هو الإسلام.. إننا نفكر بهذه الطريقة، ولهذا فإننا لا نعتقد أنّ مثل هذه الحروب المتحركة يمكن أن تخدم الإسلام والقضية، وحتى العروبة، لهذا فكّروا بطريقة واقعية..

الملفّ الفلسطيني اللّبناني!

إنَّ لبنان بوحوله السياسيّة ورماله المتحركة وزواريبه الطائفيّة السياسيّة الملتوية، وبكلّ هذه الفوضى التي تحيط به، لن يستطيع أن يخدم أيّ قضية، ولكنه يستطيع أن يدمّر كثيراً من القضايا، فكيف دمّر قبل 82 نصف قضيّتكم، ونخشى أن يُدمّر النصف الآخر، لأنّ اللعبة في لبنان هي لعبة ليس لها وجه واحد، بل لها أكثر من وجه.

ونقول لكلّ الناس من حولنا، ولكلّ أهلنا: لننطلق على أساس الإسلام، لنعتبر أنَّ مشكلتنا الأساسيّة ليست الشعب الفلسطيني، بل هي إسرائيل واليهود، لأنهم يريدون أن يأخذوا الأرض كلها، فلسطين وجبل عامل ولبنان وقسماً من سوريا، إنّ إسرائيل هي الخطر الأساس.

نحن نفهم أنّ هناك مشاكل بين المخيمات ومحيطها على مستوى حركة الإسلام الذي يتحرك في داخلها ومحيطها، ونعرف أنّ الأمن في لبنان يتحرك بطريقة معقّدة، ونعرف أنّ هذه الأمور يمكن أن تحلّ بالصبر سياسياً من جهة، ويمكن أن تحلّ أمنياً بالطريقة الّتي تعرف فيها كيف تُثبت فيها مواقع قوّتك في أرضك، عندما يجيء المغامرون لا يستطيعون أن يعبثوا في حياتك بحريّة.

إنّنا قلناها ونقولها على خلاف عواطف الناس، إنّ الأساليب العسكرية في حلّ المسألة السياسيّة، سواء بين اللبنانيين أو بين اللبنانيين والفلسطينيين، لن تستطيع أن تحقِّق نتائج، لأنَّ مجتمعنا مجتمع مخروق، ولأنَّ أرضنا تعشعش فيها المخابرات، ولأنَّ الكثيرين لا يتّقون الله عندما تأتيهم الأموال، وقد يصلون إلى أن يدمروا أنفسهم ومن حولهم من أجلها..

إن بإمكاننا أن نُغلق الكثير من ملفات هذه الحرب، تستطيع أن تنقل الكرة إلى ملعب الآخرين.. إنّ حرب المخيمات منذ شهرين استطاعت أن تحصد أكثر من 500 شخص، وأن تدمّر البيوت، وأن تحاصر الناس في داخل المخيّمات وغيرهـا، المخيمات محاصِرةٌ ومحَاصَرة، ونحن نعرف أن الواقع السياسي سوف يتجه إلى بعض الحلول التخديرية، لأنّ المسألة على ما يبدو غير مرتبطة بالأوضاع المحلية، ولكنها مرتبطة بالأوضاع الدولية والإقليمية.

أصبحت المسألة مرتبطة بحركة المسألة الفلسطينيّة في النوادي الدولية، ولهذا ترون أنّ المسألة أصبحت يُتحدَّث فيها على مستوى الدول العربية وغيرها، وأصبحت تتحرك في مجلس الأمن، لأنّ المسألة تتصل بالقضية الكبرى التي تتحرّك، ولن يستطيع الواقع المحلي أن يصل إلى نتيجة.

لهذا، إننا نريد من الفلسطينيين ومن اللبنانيين، أن يتجاوبوا مع نداء الجمهورية الإسلامية في وقف إطلاق النار، وأن ينطلقوا للتحدث على أساس بحث الأمور سياسياً، من ناحية وجود الفلسطينيين والوجود الإسلامي في لبنان كيف ينظَّم في مواجهة إسرائيل، وأن تكون هناك صراحة في البحث، وأن لا تستعمل أساليب المجاملات.

إننا نريد أن نتجاوب مع نداء الجمهورية الإسلاميّة التي تنطلق في مواقعها السياسية من خلال القاعدة الإسلامية التي لا تعتمد على اللّعبة السياسية التي تعتمد على المصالح الآنية لهذه الجهة وتلك الجهة.

إننا نرجو أن ينجح هذا المشروع، ولهذا أرادت (الجمهورية الإسلامية) للطريق الذي يربط بيروت بالجنوب، أن يكون تحت سلطة المؤمنين الذين يحافظون على مواقع المسؤوليّة، لا من مواقع اللعبة السياسية.

إننا نتّجه إلى كل إخواننا وأهلنا في سبيل أن يسكت إطلاق النار، لأنه لن يؤدي إلا إلى إكمال الخطة التي تريد أن تجوّع الناس من خلال الدولار تارةً والحرب أخرى.

إن علينا أن ننطلق لنكون جميعاً الإطفائيّين الذين يريدون أن يُطفئوا النار، ولهذا لا بدّ من أن نختصر عواطفنا، وندرس الأمور بعواقبها، وعلينا أن نفرّق في الساحة بين المقاتل الفلسطيني وبين الشعب الفلسطيني.. لا يجوز لأحد تحت تأثير أية حالة انفعال أن يخرج إنساناً فلسطينياً من بيته، ولا أن يعتدي على ماله وعرضه، ولا أن يجعله أساساً لتفجير غيظه عندما يُقتل أحد أقربائه، وعلينا أن لا نواجه غير المعتدي بذنب المعتدي، لأننا لن ننتصر في أيّ معركة إلّا إذا انطلقنا في خطّ التّقوى، الصّبر أولاً، والتقوى ثانياً.

والحمد لله ربّ العالمين..

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمام الرضا(ع) في بئر العبد، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

قال الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً - على المؤمنين أن لا يفتحوا قلوبهم للكافرين بالولاية والمودّة والمحبة والعلاقة العميقة، عليهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياءهم ويتركوا المؤمنين، بحيث يتحالفون مع الكافرين دون المؤمنين، لأن من يُفضّل الكافرين على المؤمنين، فكيف يمكن له أن يكون مع الله؟! لا تأمنوا مكر الله

- وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ - احذر من عذاب الله - وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ}، وستسير إلى الله وستواجه المصير. ثم يقول القرآن الكريم: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}.

وتتابع المسألة: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ}..

أساس العلاقة مع الآخرين

هذا الجوّ القرآني، ماذا يريد أن يقول لنا؟! إنّه يريد أن يقول: أيّها المؤمن، لا تكن ساذجاً بسيطاً تنظر إلى الأمور من خلال بداياتها، ولا تنظر إليها من خلال نهاياتها.. لا تواجه الأمور من موقع السطح.. إنّ عليك أن تفكر في علاقاتك من موقع الأسس التي ترتكز عليها في حياتك.. والأسس التي يرتكز عليها الآخرون في مواقعهم، حتى تعرف كيف تتحرك من مواقعك.

المسألة هي أن عليك أن تفكّر في العالم، فهناك كافرون ومؤمنون، وعندما تكون المسألة مسألة الكفر والإيمان في العقيدة، فإنّ المؤمن ينطلق من الله ومن رسالات رسله، والكافر ينطلق من الشيطان ويتعقّد من رسالات الله.

فلا بدّ من أن تفكّر عندما تريد أن تتعامل مع الكافرين، عندما يقدمون لك الكلام المعسول والبسمة المشرقة، عليك أن تُفكر لماذا يقدم لي هؤلاء ما يقدمونه؛ هل يخلصون للإيمان، هل لهم حاجة عندي، هل يريدون أن يخدعوني عن إيماني؟... عليك أن تفكّر كمؤمن على أيّ أساس أريد أتحرك معه.

عندما تريد أن تتواصل أو لا تتواصل معهم، عليك أن يكون تواصلهم أو عدم تواصلك معهم منطلقاً من إيمانك ومن خطّ إسلامك في الحياة، لأنك إذا قلت كما يقول بعض النّاس عندما يريدون أن يدخلوا في تحالفات: "اتركوا الدين جانباً ولنتكلّم في السياسة".. المسلم لا يمكن أن يضع دينه جانباً ويتحرك، لأن معنى أن تضع دينك جانباً، أن تترك ربّك، لأن الحلال والحرام هو شريعة الله، والمسلم لا يمكن أن يترك الدّين جانباً.. حتى وهو يشرب الماء، وحتى وهو يأكل.. فكّر أنّ خطّ الكفر والإيمان إذا كان يُمثّل أساساً يتحرك فيه مجتمعٌ هنا ومجتمع هناك، فلا بدّ من أن تفكر في قواعدك التي تنطلق منها..

بعض الناس يُفكّرون أنّه إذا قلنا للناس تعالوا نتواصل على أساس الإسلام، فإنهم لن يلتقوا بنا.. فلنترك الإسلام ونأخذ صفة أخرى تجمعنا مع الناس.

فرقٌ بين أن تعيش المودّة بعمق على نحو يستطيع خصمك أن يخدعك أو يهزمك من موقع غفلتك، أو أن تتعامل مع الناس بالبرّ دون أن تُخدع: {لَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ...}، لا مانع من أن تقدّموا لهم البرّ في اللّسان والعمل، وأن تواجهوا الموقف معهم على أساس العدل.

لا للانعزاليّة.. ولكن!

الإسلام لا يدعو إلى أن تقاطع العالم.. ليس معنى أن تكون مؤمناً أن تكون انعزالياً على مستوى الشعوب وعلى مستوى الدّول.. نحن لسنا ضدّ الشّعوب التي نختلف معها في الدّين، بل نتعاون معها وتتعاون معنا، ولكن عندما نريد أن نتعلَّم، علينا أن لا نأخذ ما يتنافى مع عقيدتنا وإسلامنا. لهذا من يقول بأنَّ الإسلام الأصوليّ يعزل المسلمين عن العالم، ويريد أن يُعقِّد المسلمين من شعوب العالم، وأنهم ينظرون إلى كلّ الحضارات نظرة سوداويّة، هذا كلام غير صحيح، لكن نقول: لماذا ينطلق الآخرون عندما يريدون أن يتعاملوا معنا من قواعدهم الفكريّة ومواقفهم العقيديّة، ونحن نريد أن ننطلق من موقع الهواء؟! إنك إذا كنت تخاف من فكرك، فلماذا تلتزمه؟! وهكذا لسنا معقّدين من الدول؛ دول الغرب والشّرق، ولكنّنا نتعقّد من سياستهم واستكبارهم.

ولهذا، فنحن عندما نواجه الاستكبار والاستعمار كلّه، فإنّنا لا ننطلق من عقدة ضدّ دولة لا تؤمن بما نؤمن به، ولكننا ننطلق من منطق إسلاميّ يقول لنا قفوا ضدّ الظالمين والمستعمرين، وعندما تريدون أن تنشئوا العلاقات، فلتكونوا واعين في هذه العلاقات، وعندما تكون المسألة مسألة حقوقك ومبادئك وسياستك المصيريّة، فانطلق على أساس أن تقول الكلمة دون تنازل عنها.. جامل ما شئت في المجاملة، لكن عندما تريد أن تعطي كلمتك في توقيع تلزم به شعبك، أو حرب أو سلم تريد أن تخوضهما، فكِّر في الكلمة قبل أن تخوضها في حدودها، لأنَّ الكلمة عندما تغفل عن معناها، ربما يحاربك الآخرون بمعناها، كما حدث بعد سنة 1967، عندما كانت الهزيمة، واجتمع مجلس الأمن، وأصدر قراراً بأنَّ على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي المحتلّة، وفهم العرب القصّة أنّ على إسرائيل أن تنسحب من الأرض التي احتلّتها العام 67، لكنّ الذي صاغ القرار هو مندوب بريطانيا، حيث كتب "أن تنسحب من أراضٍ محتلّة"، يعني من بعض الأرض التي احتلّت... فالحرف الواحد عندما تُغفله في قراراتك، ربما يُحاصرك ويُصادر قراراتك.

لهذا، عندما تريد أن تعطي كلمة لتلتزم بها، عليك أن تحاول أن تنفذ إلى داخل الكلمات، لتحصي الحروف والمعنى، حتى لا يسرقوا منك حرفاً أو بعض المعاني.

وإذا أرادوا أن يترجموها، عليك أن تأتي باختصاصيّين في الترجمة، كلام المجاملات هو كلام شرب الشّاي، لكن عندما تكون المسألة مسألة القضايا الحاسمة، فإنّ علينا أن نفكر.. كن مؤمناً في حركتك عندما تريد أن تتواصل أو تتقاطع، فلا تترك إيمانك جانباً، فإذا تركته صرت ضائعاً. وهكذا عندما تكون المسألة مسألة استكبار واستضعاف، وحريّة واستعباد، وذلّ وعزّ.. حاول أن لا تنخدع بالظّواهر، ولكن انفذ إلى البواطن.. عندما تريد كدولة أن تتعامل مع دولة ثانية ادرسها، ادرس خلفياتها ومشاريعها، مقدار إخلاصها لك.. وهكذا عندما تريد أن تتعامل مع جهة أو منظمة أو حزب، كن ذكياً، كن مع الناس الّذين لا يؤخذون بالعواطف والظواهر.

القرآن يريد أن يوجد عندنا وعياً سياسيّاً، ادرس الدولة أو الحزب أو أيّ جهة قبل أن تعطيها ولاءك، وادرس القصّة كلّها قبل أن تضع في أسفلها توقيعك. كن داعية.. المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، فمن يقع في الجحر مرة ثانية، فليس مؤمناً، لأنّ الله لا يحبّ الناس البسيطين (العبيطين).. بعض الناس يقولون إنسان مؤمن، يعني في نظرهم على البركة، يعني تأخذه على النهر وترجعه عطشان.. وهنالك الكثير يضحكون على مجتمع المؤمنين، ولكن حتّى تحكم على إنسان أنّه مؤمن، فلا تحكم عليه باعتباره يقرأ دعاء كميل والتوسّل، بل من خلال ما يتصرّفه في حياته اليوميَّة؛ في السّوق، أو في علاقته مع زوجته ومع الناس، هل هو مؤمن في هذه المواقع أم لا، هنا تعرف المؤمن، لا في المسجد.

الإمام الصّادق(ع) يقول: "المؤمن حسن المعونة، خفيف المؤونة، جيّد التّدبير لأمر معيشته، لا يُلدغ من جُحر مرّتين".

الإسلام أساس الانطلاق

وهكذا يريدنا الله من أجل أن نركّز مجتمعنا على قواعد ثابتة صلبة، أن لا نعيش نحن الاهتزاز في شخصيّاتنا ومواقفنا وعواطفنا، أن تظلّ عاطفتك في خدمة عقلك، أن تكون مبادئك هي الّتي تحكم مصيرك، ولا تكون مصالحك الشخصيّة هي التي توجِّه خطواتك.

من خلال ذلك، لا بدّ لنا من أن ندرس أن نكون مسلمين، لا بالمعنى الطّائفي الذي لا يحمل من الإسلام إلا الحقد والبغضاء للآخرين، ولا يعيش الإسلام في قيمه.. أن نكون مجتمع المسلمين الذين ينطلقون من الله عندما يؤيّدون ويرفضون، وعندما يحاربون ويسالمون، ويحبّون ويبغضون...

أن نكون المسلمين، حتى إذا تنازعنا في شيء فنردّه إلى الله ورسوله، ونفتح قلوبنا للمؤمنين قبل أن نفتحها للكافرين على حساب المؤمنين، حتى نستطيع أن نقف أمام الله غداً.. احذروا مكر الله، فإنّه لا يأمن مكره إلّا القوم الخاسرون الكافرون.

فقد نشعر في كلّ أوضاع الفتن التي تمرّ بنا، وفي كلّ مواقعنا القتالية والسياسية، نشعر دائماً بأنّ هناك مساحة كبيرة بين ما هو الإسلام وما هو واقعنا، وأننا ننطلق من خلال أطماعنا وشهواتنا في الكثير من الأمور.. فإذا استغرقت في دائرتك، فإنّ الآخرين قد يخدّرونك الآن، لينتهوا من المسلمين الآخرين، فيرجعوا إليك بعد حين..

لماذا يسيطر الاستعمار علينا؟

علينا أن نطرح المسألة في مواجهتنا مع الاستكبار والاستعمار كلّه، وجّهوا إلى أنفسكم سؤالاً: هل نحن مستعدون لأن نسلم كل ثرواتنا الموجودة في باطن أرضنا مع سطحها وفي فضائنا إلى الدّول الكبرى، لتأخذها وتحقّق بذلك رخاءها، ونظلّ معهم ليعطونا الفتات، وبشروط أيضاً؟!..

الاستعمار يريد أن يسيطر على مقدّراتنا، ويتدخل في أمورنا، ليبقى له المجال الذي يستطيع فيه أن يسيطر على كلّ مقدراتنا.. هل تقبل أن يقتحم إنسان بيتك ليسرق ما في خزانتك من مال تجعله للمستقبل؟ عندما تفكّرون كأفراد لا تقبلون، لأن هذا جنى العمر، لكن لماذا نتسامح بأن يأتي اللّصوص ليأخذوا كلّ بترولنا ومعادننا، وليُسقطوا كل صناعتنا، وليُجدبوا كلّ أرضنا؟ لأننا نفكر كأفراد لا كأمّة، كأفراد لا يشعرون بأن مال الأمّة هو مالهم.

إسرائيل هي العدوّ

وهكذا نواجه قضايا الأمَّة كأنها لا تخصّنا، كلّ إنسان يحافظ على نظافة بيته، ولكنّنا نمرّ في الشّوارع، فنرى أنّ السيارات لا تستطيع المرور لكثرة النّفايات.. مشكلتنا أننا فرديون.. إنهم أخذوا ثروتك الاقتصادية، فمعنى ذلك أن أولادك سوف يعيشون في المستقبل تحت رحمة قراراتهم.. لست حراً أن تكون ذليلاً.. لا بدَّ من أن نفكّر في إسرائيل، أن نشعر بخطورة إسرائيل لماذا تعبّر إسرائيل اليوم عن الخطّ الإسلامي الأصيل بأنّه الجماعات الموالية لإيران.. والواقع، أنّها الجماعات الموالية لله ورسوله، وعندما نوالي إيران، فإنّنا نوالي الإسلام في إيران ولا نوالي الجغرافية، إنّ قائلهم يقول إننا سندمّر هذه الجماعات، بكلّ ما في قلبه من حقد ومن شعور بالمأزق.. لماذا يقولون ذلك؟! لأنّ هؤلاء الشّباب والجماعات يفكّرون في المستقبل، ويخطّطون لمواجهة إسرائيل في المستقبل، وهم يخططون لمواجهتها في الحاضر.. إنهم يفكرون أنّ إسرائيل خطر اقتصادي وعسكري واجتماعي وسياسي على مجمل العالم الإسلامي والعالم كلّه.. ولهذا، إذا لم نتغدّ بها اليوم، فستتغدى وتتعشى بنا، كما تغدّت ببعضنا وستتعشى بالقسم الآخر.. إذا أخذ قطعة من يدك فسيأكل القطعة الثانية والثالثة وكلّ الجسم بعد ذلك.. إنه يفكر في ذلك، لأنه يعرف أن هؤلاء المؤمنين هم الذين أطاعوا الله واعتبروا الجهاد في سبيل الله خطهم السياسي..

الناس مشغولون بالحروب الداخلية، وهم يتمردون على الثلج الذي جمد اليوم في أيديهم، حتى لم يستطيع أحد أن يمسك السلاح بيده، ويتمردون على كلّ تلك الأخطار؛ أخطار الثلج والجبال والطائرات التي تحلّق فوقهم، والألغام التي تعترضهم، كأنهم سائرون في نزهة.

قيمة هذه العمليات التي أصبحت تُرعب العدوّ وعملاءه، أنهم ليسوا كميناً يختبئ ليضرب ملالة، ولكنهم جيش صغير، يذهب 300 شاب في حالة جهادية ليتوزعوا المهمات، وهم يعرفون أن العدو يملك الأرض والفضاء، ومع ذلك، يذهبون ويدمرون ويقتلون ويغنمون ويرجعون...

روحيّة المقاومة هي الأمل

هذه هي الروحية الجديدة التي تشعر إسرائيل بأنها إذا امتدت في الأمة، فمعنى ذلك أنها سوف لن يكون لها مكان في المستقبل في هذه الأرض، لأنها تعتمد على عنصر الخوف، تخوّفنا بطائراتها، والشباب يذهبون والطائرات فوقهم ولا يخافون.. تخوفنا بمدافعها وملّالاتها، والشباب ينفذون إلى داخل مواقعها، ويغنمون ملالاتها، دون أن تستطيع أن تأخذها منهم.. كم قتيلاً قتلوا ليست مشكلة، لكنّ القضية هي طبيعة العملية التي هزمت العمليات قبلها، وهي تهزم العملاء الذين لايزالون يجعلون من أجسادهم أكياس رمل بشرية تدافع عن إسرائيل، إنهم يهربون، لأنهم يشعرون بأنّ المسألة ليست خطوط تماس كما هي أوضاع الشرقية والغربية، وليست خطوط تماس كما هي الأوضاع القتالية.. ولكنها خطوط المستقبل، وبذلك فإننا نعتبر أن قيمة هذه العمليات، أنها أسقطت نظرية الحزام الأمني الإسرائيلي بنسبة 75% في المستقبل إن شاء الله.

إنهم يخافون من أن ترجع روحنا إلينا، ويريدون أن يشوّهوا صورة إيران الإسلام، بأنّ إسرائيل أرسلت إليها سلاحاً، ولكنهم لم يستطيعوا أن يخفوا كذب هذه الكلمات، عندما يصرحون في برلمانهم بأن إسلام الخميني إذا انطلق، فسوف يجرف المنطقة كلّها، وسوف لا يبقى إسلام مبارك وحسين وغيره.. هذا جاء من الروح الإسلامية الجديدة التي تعتبر نفسها مسؤولة للدّفاع عن الأرض والعرض، من خلال ما يعطيها الله من قوّة، لأنّ القوة ليست ملكها، بل ملك الأمّة كلها..

ما نحتاجه ليس التّدريب فحسب على حمل السّلاح، بل التدريب على أن نقتل عنصر الخوف الذي يحاولون أن يزرعوه في نفوسنا.. الخوف من العدوّ في الخارج والداخل.. إننا نحتاج أن نتجاوز عقدة الخوف.. هؤلاء مجاهدو الإسلام في كلّ مكان.. {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}..

ولهذا، فإن هناك الشيطان يخوّف أولياءه، في كلّ يوم في مصر محاكمات؛ لمن؟ لبائعي المخدِّرات؟ لعملاء أمريكا وإسرائيل؟ لا، بل للمسلمين الذين يريدون أن تحكم شريعة الله، في كلّ يوم دفعة جديدة، ويقولون قلة قليلة، وتأتي كل يوم دفعة جديدة، وهكذا في تركيا وفي بلاد المغرب وفي كثير من الأوضاع الموجودة في العالم..

يخافون من الإسلام!

العالم يستعدّ لهذا التيّار الجديد الذي يريد أن يخلق للإنسان المؤمن روحاً جديدة تحمل الحريّة في داخلها، من خلال ما تحمل من عبودية لله.. لماذا يستعدّون؟!..  الدول تستعد لمواجهة ذلك، ما شغل بريطانيا في عمان، بريطانيا الّتي انسحبت تماماً من المنطقة، وسلّمتها لأمريكا وبعضها للاتحاد السوفياتي، ومع ذلك، هي تعمل مناورات مع الجيش العماني، حتى تدرب جنودها على التدخل ضدّ مواقع الإرهاب الذين يعنون به الإسلام. لماذا لايزالون يحاصرون إيران؟ لأنهم شعروا بأنها الدولة التي قامت على الإسلام، ولم يستطيعوا أن يزلزلوها في الداخل أو الخارج، أرادوا أن يهزّوا من خلال السوق السّوداء للأسلحة النظام الإسلامي في إيران، فتحركت لتكون مشكلة تهزّ النظام الأمريكي في أمريكا.. إنهم يخافون من هذا الإسلام الواضح الصريح، الذي لا يتعقد طائفياً، ولكنه ينفتح حتى للمستضعفين الذين لا يسيئون إلى الحياة والإنسانية..

وعلى هذا الأساس، علينا أن نعرف أنّ الأعداء يخططون لنا حتى يهزموا حريتنا، وحتى لا نحرّر ثرواتنا وسياساتنا واقتصادنا منهم، ولهذا، فإنّ الحرب على مستوى العالم هي بين المؤمنين وبين الطّغاة والمستكبرين..

عودوا إلى الإسلام

نقولها لكل الساحة الإسلامية في أيّ مكان: عودوا إلى الإسلام، لقد جربتم غير الإسلام في مقاومتكم، تعالوا لنجرّب الإسلام، لقد استطاع الإسلام أن يطيح بأمريكا في طهران، وأن يخرّب مصالح أمريكا في لبنان، وأن يهزم إسرائيل في عنفوانها في جبل عامل والبقاع الغربي، تعالوا إلى تجربة الإسلام، لماذا تشرّقون، لماذا تغرّبون؟ فكروا كمسلمين، حتى ينفتح لكم المسلمون من مواقع الإسلام، لا تفكّروا في اللّعبة السياسيّة..

فلسطين لا تعاد بالمفاوضات

نقولها لإخواننا الفلسطينيين: انطلقوا بروحية الإسلام، وفكروا في فلسطين من مواقعكم الإسلامية، وعلموا أطفالكم أن عليهم أن يجاهدوا كما يصلّون، لا تفتشوا عن حل للقضية الفلسطينية في واشنطن ولندن وباريس وغيرهم، إنهم لم يعطوكم شيئاً، إنهم أعطوا إسرائيل أرضكم، لن تحصلوا على شيء بالمفاوضات والطرق الدبلوماسيّة ولكنكم تحصلون على ذلك بالروح الإسلامية الجهادية التي تعرف كي تتآخى مع المسلمين جميعاً، ندعوكم إلى الروح بعيداً من كل اللغو السياسي في المنطقة، وبعيداً من كل المحاور، وها أنتم رأيتم أنهم يتخذون منكم واجهة دون أن تستطيعوا أن تجعلوهم واجهة، من أين ينطلقون الآن؟ من بغداد.. هل من المعقول أن تنطلق الثورة من بغداد؟! لا بغداد الإسلام، بل بغداد صدام، وكيف يمكن أن ترجع فلسطين من بغداد؟!

نقولها من موقع المسؤولية والمحبة، لأننا نعتبر أن فلسطين هي أرض للمسلمين، ونريد من شعبها أن يسترجعها من مواقعها الإسلامية، ليرجعها أرضاً للإسلام كما هو الإسلام.. إننا نفكر بهذه الطريقة، ولهذا فإننا لا نعتقد أنّ مثل هذه الحروب المتحركة يمكن أن تخدم الإسلام والقضية، وحتى العروبة، لهذا فكّروا بطريقة واقعية..

الملفّ الفلسطيني اللّبناني!

إنَّ لبنان بوحوله السياسيّة ورماله المتحركة وزواريبه الطائفيّة السياسيّة الملتوية، وبكلّ هذه الفوضى التي تحيط به، لن يستطيع أن يخدم أيّ قضية، ولكنه يستطيع أن يدمّر كثيراً من القضايا، فكيف دمّر قبل 82 نصف قضيّتكم، ونخشى أن يُدمّر النصف الآخر، لأنّ اللعبة في لبنان هي لعبة ليس لها وجه واحد، بل لها أكثر من وجه.

ونقول لكلّ الناس من حولنا، ولكلّ أهلنا: لننطلق على أساس الإسلام، لنعتبر أنَّ مشكلتنا الأساسيّة ليست الشعب الفلسطيني، بل هي إسرائيل واليهود، لأنهم يريدون أن يأخذوا الأرض كلها، فلسطين وجبل عامل ولبنان وقسماً من سوريا، إنّ إسرائيل هي الخطر الأساس.

نحن نفهم أنّ هناك مشاكل بين المخيمات ومحيطها على مستوى حركة الإسلام الذي يتحرك في داخلها ومحيطها، ونعرف أنّ الأمن في لبنان يتحرك بطريقة معقّدة، ونعرف أنّ هذه الأمور يمكن أن تحلّ بالصبر سياسياً من جهة، ويمكن أن تحلّ أمنياً بالطريقة الّتي تعرف فيها كيف تُثبت فيها مواقع قوّتك في أرضك، عندما يجيء المغامرون لا يستطيعون أن يعبثوا في حياتك بحريّة.

إنّنا قلناها ونقولها على خلاف عواطف الناس، إنّ الأساليب العسكرية في حلّ المسألة السياسيّة، سواء بين اللبنانيين أو بين اللبنانيين والفلسطينيين، لن تستطيع أن تحقِّق نتائج، لأنَّ مجتمعنا مجتمع مخروق، ولأنَّ أرضنا تعشعش فيها المخابرات، ولأنَّ الكثيرين لا يتّقون الله عندما تأتيهم الأموال، وقد يصلون إلى أن يدمروا أنفسهم ومن حولهم من أجلها..

إن بإمكاننا أن نُغلق الكثير من ملفات هذه الحرب، تستطيع أن تنقل الكرة إلى ملعب الآخرين.. إنّ حرب المخيمات منذ شهرين استطاعت أن تحصد أكثر من 500 شخص، وأن تدمّر البيوت، وأن تحاصر الناس في داخل المخيّمات وغيرهـا، المخيمات محاصِرةٌ ومحَاصَرة، ونحن نعرف أن الواقع السياسي سوف يتجه إلى بعض الحلول التخديرية، لأنّ المسألة على ما يبدو غير مرتبطة بالأوضاع المحلية، ولكنها مرتبطة بالأوضاع الدولية والإقليمية.

أصبحت المسألة مرتبطة بحركة المسألة الفلسطينيّة في النوادي الدولية، ولهذا ترون أنّ المسألة أصبحت يُتحدَّث فيها على مستوى الدول العربية وغيرها، وأصبحت تتحرك في مجلس الأمن، لأنّ المسألة تتصل بالقضية الكبرى التي تتحرّك، ولن يستطيع الواقع المحلي أن يصل إلى نتيجة.

لهذا، إننا نريد من الفلسطينيين ومن اللبنانيين، أن يتجاوبوا مع نداء الجمهورية الإسلامية في وقف إطلاق النار، وأن ينطلقوا للتحدث على أساس بحث الأمور سياسياً، من ناحية وجود الفلسطينيين والوجود الإسلامي في لبنان كيف ينظَّم في مواجهة إسرائيل، وأن تكون هناك صراحة في البحث، وأن لا تستعمل أساليب المجاملات.

إننا نريد أن نتجاوب مع نداء الجمهورية الإسلاميّة التي تنطلق في مواقعها السياسية من خلال القاعدة الإسلامية التي لا تعتمد على اللّعبة السياسية التي تعتمد على المصالح الآنية لهذه الجهة وتلك الجهة.

إننا نرجو أن ينجح هذا المشروع، ولهذا أرادت (الجمهورية الإسلامية) للطريق الذي يربط بيروت بالجنوب، أن يكون تحت سلطة المؤمنين الذين يحافظون على مواقع المسؤوليّة، لا من مواقع اللعبة السياسية.

إننا نتّجه إلى كل إخواننا وأهلنا في سبيل أن يسكت إطلاق النار، لأنه لن يؤدي إلا إلى إكمال الخطة التي تريد أن تجوّع الناس من خلال الدولار تارةً والحرب أخرى.

إن علينا أن ننطلق لنكون جميعاً الإطفائيّين الذين يريدون أن يُطفئوا النار، ولهذا لا بدّ من أن نختصر عواطفنا، وندرس الأمور بعواقبها، وعلينا أن نفرّق في الساحة بين المقاتل الفلسطيني وبين الشعب الفلسطيني.. لا يجوز لأحد تحت تأثير أية حالة انفعال أن يخرج إنساناً فلسطينياً من بيته، ولا أن يعتدي على ماله وعرضه، ولا أن يجعله أساساً لتفجير غيظه عندما يُقتل أحد أقربائه، وعلينا أن لا نواجه غير المعتدي بذنب المعتدي، لأننا لن ننتصر في أيّ معركة إلّا إذا انطلقنا في خطّ التّقوى، الصّبر أولاً، والتقوى ثانياً.

والحمد لله ربّ العالمين..

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية