ـ كما تثبت العدة في الطلاق الذي تنفك به عرى عقد الزواج وميثاقه، فإن العدة قد تثبت بعد المواقعة الحادثة بين غير الزوجين اشتباهاً وخطأً، أما المواقعة بالزنى فلا تجب لها العدة بالمعنى المصطلح، نعم لا يجوز للزاني وغيره ـ على الأحوط وجوباً ـ أن يتزوج بالزانية الخلية وغير الحامل إلا بعد أن تستبرىء بحيضة، فيما لا استبراء على الزانية الحامل ولا على الزانية ذات البعل، بل يجوز للأولى أن تتزوج من الزاني ومن غيره دون استبراء، كما يجوز للثانية أن يقاربها زوجها دون استبرائها من الزاني. (أنظر المسألتين: 609، 619).
ـ المعيار في كون المواقعة عن شبهة هو: اعتقاد الرجل أن المرأة زوجة له، سواء كان الاشتباه بالعقد عليها وانكشاف بطلان التزوج بها لكونها محرَّمة عليه بالرضاع أو النسب أو المصاهرة، أو لاعتقاده أنها خلية فتبينت ذات بعل، أو لغير ذلك؛ أو كان الاشتباه بدون العقد، كأن ظنها زوجته لظلمة ونحوها؛ فيجب عليها الإعتداد منه سواءً كانت جاهلة بالحال ومشتبهة مثله ومعتقدة زوجيتها له أو كانت عالمة بالحال، إذ المهم أن يكون الاشتباه من طرف الزوج ولو وَحْدَهُ؛ أما إذا كان الاشتباه من طرف المرأة وحدها مع علم الرجل والتفاته إلى أنها ليست زوجته، فإنها إذا طاوعته معتقدة أنه زوجها لزمتها العدة ـ أيضاً ـ على الأحوط وجوباً.
ـ عدة وطىء الشبهة كعدة الطلاق المتقدمة، فتجب بالأطهار أو بالشهور أو بوضع الحمل، إن لم تكن الزوجة صغيرة ولا يائسة، وإلا لم تجب عليها العدة، وجميع ذلك بالتفصيل الذي تقدم، سواءً في ذلك ذات البعل والخلية؛ فإذا حدث وطىء الشبهة على ذات البعل وجب على زوجها الامتناع عن مقاربتها بالجماع حتى تمضي عدتها، أما الاستمتاع بها بغير الجماع فهو جائز، والظاهر أنه لا تسقط نفقتها في أيام العدة حتى لو قلنا بحرمة جميع الاستمتاعات عليه.
وأما غير ذات البعل فإنه يجوز للواطىء أن يعقد عليها أثناء عدتها، بخلاف غيره فإن عليه انتظار مضي عدتها ليتزوج منها.
ـ مبدأ عدة وطىء الشبهة مع عدم العقد على المرأة المُشْتَبَهِ بزوجيتها هو حين الفراغ من وطئها لا حين تَبيُّنِ الحالِ، فلو صادف أنه واقعها وغاب عنها شهراً ثم تبين اشتباهه، إحتسبَ العدة منذ واقَعَها لا حين تَبَيُّنِ الحال؛ وكذا الحكم فيما لو كان الاشتباه مع العقد عليها واعتقاد صحة زواجه منها، فإذا واقعها وغاب عنها مدة ثم تَبيَّنَ له الحال، كانت عدتها منذ واقعها.
ـ قد تجب على الموطوءة شبهة عدة أخرى، من طلاق أو وفاة أو غيرهما، أثناء اعتدادها من وطىء الشبهة، وذلك كأن تكون في واحدة من حالات أربع:
أـ أن تكون في عدة طلاق أو وفاة، فيطؤها رجل آخر غير زوجها شبهة أثناء عدتها تلك.
ب ـ أن تكون قد وُطِئَت شبهة، ثم طلقها زوجها أو توفي عنها أثناء عدتها ـ أيضاً ـ.
ج ـ أن تكون قد وطئت شبهة من رجل، ثم وطئت كذلك من رجل آخر أثناء عدتها.
د ـ أن تكون في عدة بائنة فيطؤها زوجها اشتباهاً أثناء عدتها.
وحكم هذه الحالات يختلف على صورتين:
الأولى: ما لو كان الواطىء شبهة هو نفس الزوج، وذلك كما في الحالة (د) المفترضة، وحكمها هو: أن تهدم ما مضى من عدة الطلاق وتستأنف عدة لوطىء الشبهة تشترك معه فيها عدة الطلاق، فإذا انقضت عدتها هذه صارت خلية. وهذا هو الذي يعبر عنه في لغة الفقه بــ (تداخل العدتين).
الثانية: ما لو كان الواطىء شبهة هو غير من كانت في عدته، زوجاً كان الأول أو غير زوج، وذلك كما في الحالات المفترضة (أ) و(بــ) و(جــ)، وحكم هذه الحالات جميعها هو عدم تداخل العدتين على الأقرب، ولكن تطبيق هذا الحكم يختلف باختلاف نوع العدة المطلوبة على نحوين:
الأول: أن تكون إحدى عدتيها عدةَ حمل، سواءً من وطىء الشبهة أو من غيره، فيجب عليها تقديم عدة الحمل على كل حال، فإذا وضعت حملها فقد انقضت عدتها ممن له الحمل، ثم تنظر في أمر العدة الأخرى:
فإن كـان الحمـل هـو السابق عليها لزمهـا ـ بعـد انقضـاء عـدة الحمل بالوضع ـ الشروع بالعدة الأخرى بالنحو المناسب لها، أي: بالأطهار أو الشهور. وإن كانت العدة الأخرى هي السابقة على عدة الحمل، كأنْ كانت تعتد بالأطهار أو الشهور، ومضى منها بعضها، فعرضت أثناءها عدة الحمل، كفاها أن تستكمل ما بقي لها منها بعد وضعها حملها.
الثاني: ما إذا لم يكن فيهما عدة حمل، بل كانتا ـ كلتاهما ـ بالأطهار أو الشهور، وحكمها هو أن تتم العدة التي هي فيها، ثم تستأنف عدة أخرى للثاني.