فضل الله لـ"البناء":
- لن تكون للبنان حكومة من لونٍ واحدٍ وإلا ستكون لتصريف الأعمال
"الطّائف" أوقف الحرب الأهليّة لكنّه كرّس الطائفيّة دستوراً بعد أن كانت عرفاً
- "إسرائيل" تخاف القيام بأيّ عدوانٍ ضدّ لبنان... والتّوطين حقيقة عربيّة ودوليّة
إنّه رجل الاعتدال والانفتاح على كلّ الطّوائف والمذاهب والعقائد والإيديولوجيّات. علامة في الدّين والدّنيا، اهتمّ بالإنسان والحالات الإنسانية، فبنى المؤسسات التي تعنى بالاستشفاء والتربية. حمل فلسطين المحتلة في قلبه وفي خطاباته، وجال بها في أرجاء العالم، وخصّ العراق بحنينٍ كبيرٍ ولا يزال يبلسم جراحه حتى الآن.
خصّ القضايا العربيّة من النيل إلى الفرات بكلّ اهتماماته، وكان ولا يزال الصديق الوفي للدول الصديقة، ومتحدّياً عنيداً للعدوّ الصهيوني المحتلّ. إنّه العلّامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، الذي تحدّث إلى "البناء" بارتياحٍ كبير عن مجمل القضايا المحلية والإقليمية والدولية.
ولم يشأ فضل الله الدخول في تفاصيل تشكيل الحكومة، لكنّه قال: إنّ لبنان منذ أن وجد لم يحكم من الداخل، بل كان صدى ولم يكن الصوت، وربما كان هناك بعض الأصوات النقية، لكنّها كانت تضيع في الفراغ. والاستقلال لم يُصنع إلا من خلال الذين صنعوا المقاومة والمواجهة وصنعوا الحرية، مشيراً إلى أنّ لبنان بلد يجمع مخابرات العالم، باعتبار أنه بلد الحرية. والحرية لعنة لبنان، لأنها تفسح للآخرين في أن يتدخّلوا فيه ويحوّلوا الحرية إلى فوضى، مضيفاً أنّ معظم مَن في الداخل هم صدى للخارج، وبالتالي فالحكومات تصنع في دوائر المخابرات الإقليميّة والدوليّة. وقال: قد يكون هناك حكومة، ولكنّها ستبقى حكومة تصريف أعمال حتى لو شكِّلت، ولن تكون حكومةً للبنان من لونٍ واحدٍ.
وعن علاقته برئيس اللّقاء الديمقراطيّ وليد جنبلاط، قال فضل الله: علاقتي تاريخية وقديمة، وحديثنا فكري يتحرك في أجواء طائفة الموحّدين، وكيف يمكن تحقيق الاندماج مع الطوائف الإسلامية الأخرى. وكذلك كنّا نتحدث عن رجل الفكر كمال جنبلاط، ولقائي الأخير مع وليد جنبلاط استطاع أن يعيد الانفتاح على قضايا الأمّة، وخصوصاً القضية الفلسطينية وعمق معنى الحرية والاستقلال.
وحول مطالب رئيس كتلة التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، قال: أتصوّر أنّ الرّجل لا يخلو من الصدق، وأنه يحاول أن يصنع شيئاً ينهي به حياته، ولذلك فإني أتصوّر أن مطالبه ليست ذاتيّةً، وأن الرجل كان في تاريخه إنساناً يفكّر في الواقع الشعبي بدلاً من ذاته، وأقول لمعارضيه أن يجرّبوه ليعلموا هل إنّ هذا الرجل يمكن أن يحقّق شيئاً للبلد أم أنّ كلامه مجرد شعارات.
وحول مسألة الأكثرية والأقليّة، أوضح فضل الله أنّ الأكثرية لكي تكون صافيةً وقويةً، يجب أن تكون أكثريةً شعبيةً، ولا بدّ من أن نأخذ بأسلوب الاستفتاء الشعبيّ. وسأل: إذا تركنا مسألة الديمقراطية التوافقية، فلماذا الأكثريّة النيابيّة؟
وقال: ليس هناك من مسلم شيعيّ أو سنيّ يفكّر في الجمهوريّة الإسلاميّة، مشيراً إلى أنّ لبنان يمثّل الحضن لكلّ الأقليّات، مضيفاً أنّ المسيحيين يخافون لأنهم لا يمثلون الأكثرية في لبنان، وأنا أستغرب لماذا يتحدّثون عن الأكثرية؟
وعن الطائف قال فضل الله: اتفاق الطائف وضع لإنهاء الحرب، ولم يدرس من ناحية المفردات القانونية والوطنية التي تحسب الحساب لمصالح اللبنانيين، وكنا نتمنى أن ينطلق الطائف ليؤكّد المواطنية اللبنانية، لكننا وجدنا أنّ الطائف انطلق على شكل تراجعي، لأنه جعل الطائفية دستوراً في حين كانت الطائفية في الأربعينات والخمسينات عرفاً.
وقال: ليس هناك إنسانٌ أو موقعٌ فوق النقد، وكنت ألاحظ في لبنان أنّ هناك اتجاهاً في أجواء الطوائف على المستوى الديني، وهو تقديس غير المقدَّس، كما أنّ المسألة تمتدّ إلى المواقع السياسيّة لزعماء الطّوائف. فمسألة المجد تصنع من خلال الشّعب كله حسب تنوّعاته، وقضية الحرية والاستقلال لا تنطلق بمرسوم يصدر من قبل دولة مستعمرة، بل من إرادة الشعوب. وقال: إنّ هناك خلافاً داخل الفاتيكان بين فريق يلتزم الغرب بشكلٍ مطلق، وفريق ينفتح على "إسرائيل" بشكلٍ مطلق.
وحول الوضع العربي، رأى أنّ الجامعة العربية لا تزال تعيش في غير الخطوط المستقيمة التي تملك القوّة في معالجة القضايا العربية، وأنّ هذه الجامعة أصيبت بالكوما.
ونفى فضل الله إمكانيّة حصول أيّ اعتداء "إسرائيلي" على لبنان، مشيراً إلى أنّ العدو الصهيوني يخاف أيّ صدام مع المقاومة، وأنّ "إسرائيل" تنتظر وجود متغيرات على المستوى الإقليمي والدولي قد تسمح لها باعتداء، وأنّ أيّ حرب ستكون مكلفةً لإسرائيل.
وأضاف: "إسرائيل" لا تستطيع شنّ حربٍ على إيران، لأن الأخيرة أصبحت تملك القوّة العسكرية.
وقال: أوباما لازال خاضعاً لـ"اللّوبي الصهيوني". وعن المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية قال فضل الله: المقاومة في الضفّة الغربية تجمّدت، أمّا في غزّة، فلا تزال تعيش بشكل بسيط. ورأى أنّ التوطين حقيقة عربية ودولية، وأمام الفلسطينيين حلاّن: إما التّوطين، أو التّهجير.
نصّ الحوار:
المجد يصنعه الشّعب
س: ما هو تعليقكم على الضجّة الإعلاميّة التي أثيرت حول موقفكم من البطريرك صفير، خصوصاً ما قلتموه من "أنّ مجد لبنان لم يعطَ إلاّ لشعبه ومقاومته"؟
ج: منذ بداية العمل في الحقل العام، كنت أفكّر أنّه إن كان من حقّي أن أختلف مع الآخر، فمن حقّ الآخر أن يختلف معي. أنا لم أكن في وارد السجال مع البطريرك صفير، أو مع أيّ شخصيّةٍ دينيّة أو سياسيّة أخرى، لأن ذلك ليس من خلقي، ولكنّي في الوقت نفسه أؤمن بأنّه لا مقدَّس عندنا في كلّ الواقع الإنساني، وإنّما المسألة هي أنّ الإنسان حينما يفكّر قد يخطئ وقد يصيب، فليس هناك إنسانٌ فوق النقد، وليس هناك موقع فوق النقد. ولذلك كنت ألاحظ في لبنان، أنّ هناك اتجاهاً في أجواء الطوائف على المستوى الديني، وهو تقديس غير المقدَّس، كما أنّ المسألة تمتدّ إلى المواقع السياسيّة لزعماء الطّوائف الذين يقدّسهم النّاس ولا يقبلون أن يُنتقدوا مهما كانت أخطاؤهم كبيرةً.
لذلك أنا أعتبر أنّ مسألة المجد هي مسألة تُصنَع بشكل متحرك من خلال حركة الشخصيّات التي تعطي البلد أو العالم مشروعاً جديداً أو فكراً جديداً أو حريةً منفتحةً وما إلى ذلك، وهي تتحرّك حسب حركة الأحداث في انطلاقة الذين يصنعون المجد. وإنّني أعتبر أنّ الشعب اللبناني منذ انطلق، كان شعباً انفتحت آفاقه من خلال الشخصيّات الطليعيّة المبدعة، سواء كانت إسلاميّةً أو مسيحيّةً، دينيّةً أو سياسيّةً أو مدنيّةً علمانيّةً. لذلك، فإنّ مسألة المجد تصنع من خلال الشّعب كلّه حسب تنوّعاته ولا تعطى لجهة معيّنة، وخصوصاً إذا كان يُعطى من جهات أجنبيّة كانت تمثّل استعمار لبنان وتمثّل اضطهاد اللبنانيين.
إنني أعتبر أن قضية الحرية والاستقلال لا تنطلق بمرسومٍ يصدر من قبل دولة، بل هي إرادة الشعب وإرادة الأمّة الحرّة التي تنطلق في هذا المجال. ولذلك، فإنّ الذين باعوا أنفسهم للمستعمر، أو الذين احتضنوا المستعمر واحتضنوا الصهيونيّة، وعملوا على أساس أن يستقدموا المجرمين من الصهاينة للبنان، وأن يأخذوهم إلى أماكن استراتيجيّة ليعرفوا من أين يهاجمون لبنان؛ هؤلاء لا يفهمون معنى الحرية والاستقلال. لذلك كنت أريد أن أقول للنّاس: اصنعوا مجدكم، لأنّ مجدكم لا يصنعه أحد غيركم.
إني أؤمن بأنّه لا مقدّس عندنا في كلّ الواقع الإنسانيّ
عراقيل ولادة الحكومة
س: يتحدّثون منذ أشهر عن ولادة حكومة، وحتى الآن لم تولد، والرئيس المكلّف أعلن أنه سيتقدّم بتشكيلة إلى رئيس الجمهورية. ما العراقيل التي تحول دون ولادة الحكومة؛ هل هي داخليّة أم خارجيّة؟
ج: إنني أتصوّر أن لبنان منذ وجد، لم يحكم من الداخل، بل كان صدى ولم يكن الصّوت. ربما كانت هناك بعض الأصوات النقية في لبنان، ولكنّها كانت تضيع في الفراغ. ولذلك، فإنّ المشكلة في لبنان كانت أنه لم يصنع استقلاله إلا من خلال الذين صنعوا المقاومة وصنعوا المواجهة وصنعوا الحرية وقدموا أنفسهم ودماءهم فداءً لكرامة هذا البلد. لذلك، فنحن نعرف منذ فترة طويلة، أنّ لبنان هو البلد الذي يجمع مخابرات العالم، باعتبار أنه البلد الذي يتميّز عن كل بلدان المنطقة، ولا سيما البلدان العربية، بأنّه بلد الحرية الوحيد، والحرية هي لعنة لبنان التي تفسح في المجال للآخرين بأن يتدخلوا فيه إلى المستوى الذي يحوّلون الحرية فيه إلى فوضى، وهناك بعض اللّبنانيين الذين يشجّعونهم على ذلك.
لا بدّ من أنكم قرأتم وقرأ الكثيرون تصريح "نيويورك تايمز"، بأن الانتخابات اللّبنانية هي أغلى انتخابات في العالم، لأنّ بعض الدول العربية قدّمت مئات الملايين من الدولارات إلى فريقها من أجل أن ينجح في هذه الانتخابات، ولا يزال الكثيرون يتحرّكون بطريقة وبأخرى، لأنّ هناك أكثر من دولة عربيّة يمكن أن تحسم مسألة الحكومة عندما تتّفق فيما بينها، وأن تعقّدها عندما تختلف فيما بينها.
لذلك، فإنّني أتصوّر أنّ مَن في الداخل ـ ولا أتحدّث بشموليّة ـ هم صدى لمَن في الخارج. القضيّة هي كيف تتحرّك من أجل أن تحقّق للخارج ما يريده، لأنّه الخارج الذي يخضع للولايات المتّحدة الأمريكيّة أوّلاً، وللاتّحاد الأوروبيّ ثانياً. نحن نعتقد أنّ المسألة هي أنّ لبنان الانتخابات، ولبنان الحكومة، يصنع في دوائر المخابرات الإقليميّة والدوليّة، ولا يصنع في أيّ منطقةٍ من مناطق لبنان.
س: هل تعتقدون أنّ الرئيس المكلّف سعد الحريري ذاهب حتّى النّهاية في تشكيل حكومة من لونٍ واحدٍ، وخصوصاً أنّ المعارضة حذّرت من هذا النّوع من الحكومات؟
ج: أنا لا أتحدّث عن أشخاصٍ، لكنّني أقول إنّ لبنان أسِّس على أساس الطّائف أو غير الطّائف ليكون البلد الذي يعيش الديمقراطية التوافقيّة، وليتحرك على أساس التعايش بين أطيافه السياسيّة، لذلك، فإن أيّة حكومة من لونٍ واحدٍ لن تكون حكومة لبنان.
س: ماذا لو أقدم الحريري على هذا؟
ج: أنا لا أتصوّر أنّ هناك واقعيّةً في المسألة.
س: وما هو دور رئيس الجمهورية في هذا المجال؟
ج: هذه المسائل تحتاج إلى مواكبة.
الحكومة في لبنان تصنع في دوائر المخابرات الإقليميّة والدوليّة، ولقائي الأخير بجنبلاط يعيد الانفتاح على قضايا الأمّة
س: سماحتكم... في كلّ يوم لكم لقاءات عدّة، وكان آخرها مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. كيف كانت الأمور، وهل أسّست لشيء في المستقبل؟
ج: إنّ علاقتي مع الأستاذ وليد جنبلاط علاقة تاريخيّة قديمة، لأنّنا كنّا عندما نلتقي نتحدّث حديثاً فكرّياً يتحرّك في أجواء طائفة الموحّدين، وكيف يمكن أن نفتح آفاقهم الثقافيّة والفكريّة على العالم، وكيف يمكن أن يتحقّق الاندماج بينهم وبين المسلمين الآخرين أو النّاس الآخرين، وكنّا نتحدث أيضاً عن كمال جنبلاط الذي تميّز بأنّه رجل مفكّر. ووليد جنبلاط يعيش آفاقاً متعدّدةً في هذا المجال، وملمّ بالقضايا السياسيّة الأساسيّة في المنطقة، وقد حصل انقطاعٌ بفعل الظروف المعقّدة التي عشنا فيها، وأظنّ أنّ اللّقاء الأخير استطاع أن يعيد هذا الانفتاح على قضايا الأمّة، وخصوصاً القضيّة الفلسطينيّة، وعمق معنى الحرية وعمق معنى الاستقلال، بعد أن أصبح هذان العنوانان مجرّد عنوانين للاستهلاك السياسي.
س: سماحة العلامة، كيف ترون مطالب رئيس تكتّل التغيير والإصلاح، العماد ميشال عون؛ هل هي محقّة، وفي صلب اللّعبة الديمقراطيّة؟
ج: إني أتصوّر أنّ الرجل لا يخلو من الصدق، وأنّه يحاول أن يصنع شيئاً ينهي به حياته. ولذلك، فإنّني أتصوّر أنّ مطالبه ليست مطالب ذاتيّةً، وإن كان البعض ينسب إليه المسألة الذاتيّة الخاصّة بخصوص عالم القرابة، لكنّني أتصوّر أنّه في تاريخه كان إنساناً يفكّر في الواقع الشعبي بدلاً من أن يفكّر في الواقع الذاتي. وإنّني أقول لكلّ الذين يعارضونه، بقطع النّظر عمّا إذا كانت المعارضة صواباً أو خطأً: جرّبوه، إنّه يطرح أشياء كثيرةً في عمليّة الإصلاح الداخلي، فعليكم أوّلاً أن تجرّبوه لتعرفوا هل إنّ هذا الرجل يمكن أن يحقّق شيئاً للبلد، أم أن كلامه مجرّد شعارات.
جرّبوا عون لتعرفوا هل يمكن أن يحقّق شيئاً للبلد أم أنّ كلامه مجرّد شعارات
الأكثريّة النيابيّة والأكثريّة الشعبيّة
س: سماحتكم كان لكم رأيٌ خاصّ حول مسألة الأكثريّة والأقليّة. ما رأيكم في هذه المسألة في لبنان؛ هل الأكثرية الموجودة أكثريّة حقيقيّة؟
ج: من الطبيعي جدّاً أنّ العالم كله الذي تحدّثت بعض المقامات الروحية عنه يؤمن بالأكثريّة، ولكنّنا نعرف أنّ مسألة الأكثرية لن تكون صافيةً، قويّةً، شاملةً، إذا لم تكن أكثريّةً شعبيّةً، ولا بدّ من أن نأخذ بأسلوب الاستفتاء الشعبيّ، لأنّه هو الذي يمكن أن يحقّق للشعب ولقضاياه الشعبيّة شعبيّتها بشكلٍ فاعل وبشكلٍ شامل في هذا المجال. ولذلك، إذا كنّا نتحدث عن الأكثرية والأقلية، فإنّني أتساءل: إن نحن تركنا مسألة الديمقراطيّة التوافقيّة، فلماذا الأكثريّة النيابية؟
نحن نعرف أنّ الانتخابات النيابيّة اللّبنانيّة لم تكن فوق النّقد أو فوق المداخلات الخارجيّة. لذلك نحن نعتقد أنّنا عندما نتحدّث عن الأكثرية، ونعتبر أنّ الأكثريّة هي الأساس، وننفتح على العالم الذي يؤمن بالأكثريّة، فلا بدّ من أن تكون الأكثريّة النيابيّة هي الأكثرية الشّعبية. أنا في الحقيقة لا أدري كيف يجمعون بين شعار الأكثرّية وشعارات التعايش والتوافق وما إلى ذلك...
الأكثريّة الحقيقيّة لن تكون صافيةً وقويّةً وشاملةً إذا لم تكن أكثريّةً شعبيّةً
اتفاق الطائف والتعديلات
س: هل تؤيّدون سماحتكم تعديلاً دستورياً؟
ج: المسألة في لبنان معقّدة بفعل تعدّد الطوائف، خصوصاً بالنّسبة إلى المسيحيين الذين يعتبرون أنّ شعار الحرية والديمقراطية العدديّة سوف يجعلهم خارج نطاق القوّة وخارج نطاق المسؤولية، وأنّ ذلك يؤدّي إلى أن يكون لبنان جمهوريّةً إسلاميّةً. ونحن نعرف أنّه ليس هناك في لبنان أيّ مسلم، سنيّاً كان أو شيعيّاً، يفكر في الجمهورية الإسلامية، بل إنّنا نعتبر أنّ لبنان يمثّل الحضن لكل الأقليّات التي لم تستطع أن تجد العيش الكريم والقوّة والعزّة في مناطقها التي تحكمها الديكتاتوريات.
س: اتفاق الطائف هو دستور لبنان بعد الحرب الأهليّة. كيف ترون تطبيقه؟ وهل ما زال صالحاً للبنان؟
ج: إنّ اتفاق الطّائف لم يوضَع ليكون حلاً في لبنان، بل وضع لإنهاء الحرب، ولذلك فهو لم يدرس من ناحية المفردات القانونية أو المفردات الوطنية التي تحسب الحساب لمصالح اللّبنانيين بشكل معيّن، وكنا نتمنّى أن ينطلق الطّائف ليؤكّد المواطنة للّبنانيّين، باعتبار أنّ المواطنة هي التي تجعل اللبنانيّ يشعر بأنّ حقوقه مضمونة من خلال مواطنيّته لا من خلال طائفته. ولذلك، فإنني أتصوّر أن المواطنة هي الأساس، ولكنّا في الوقت نفسه رأينا أنّ الطائفية كانت في الأربعينات وفي الخمسينات عرفاً، ثم أصبحت دستوراً. ولذلك فإنّ اتفاق الطائف انطلق على شكلٍ تراجعيّ، لأنه جعل الطائفيّة دستوراً، بعد أن كانت مجرّد عرف بين اللّبنانيين، وهذه هي المشكلة. وإنّنا نختصر ذلك في أنّ الطائف كان من أجل إيقاف الحرب لا من أجل مصالح اللّبنانيين.
س: تعليقاً على نداء المطارنة الأخير، وصفه البعض بأنّه إيجابيّ. في رأيك، هل ترى أنّ هناك تدخّلاً بابوياً حول تعديل خطاب البطريرك صفير؟
ج: أتصوّر ذلك، ربّما يتحدّث عن بعض الملاحظات، ولكنّي أعتقد أنّ مسألة الكهف البابويّ يعيش في دائرةٍ مغلقةٍ لا تظهر الأسرار فيها. ونحن نعرف أنّ هناك خلافاً في داخل الفاتيكان بين فريقٍ يلتزم الغرب بشكلٍ مطلق، وفريقٍ ينفتح على "إسرائيل" بشكلٍ مطلق.
س: هل تؤيّدون طائفاً جديداً أو دوحةً جديدةً؟
ج: لا بدّ من أن نضع خطّاً عريضاً للبنان، وهو المواطنة، لأنّه إذا استطعنا أن نضع المواطنة كخطّ عريض، فإنّنا يمكن أن نشرّع للإنسان اللّبناني حقوقه وواجباته بشكلٍ واسع، لأنَّ الطّائف أكّد الطّائفيّة وأن يكون لكلّ طائفة برنامجها الخاصّ، حتى إنَّ لبنان أصبح يمثّل ولاياتٍ غير متّحدة، لأنَّ كلَّ طائفةٍ صارت تحاول أن تأخذ استقلالها، لا في مقابل الخارج، ولكن في مقابل الطّائفة الثّانية. وأصبح لكلِّ طائفةٍ مناطقها الجغرافيَّة، ورجال سياستها ودينها، بحيث لا يسمح لهذه الطّائفة بأن تتدخّل في شؤون الطّائفة الأخرى، بل أصبح ينظر إلى ذلك كأنّه تدخّل من بعض الدّول في شؤون الدول الأخرى.
لذلك، نحن نقول إنّ لبنان يمثّل هذا الخلق المشوّه في المسألة السياسيّة القانونيّة. وإني أعتقد أنّ التعدّدية داخل المجتمع اللّبنانيّ قد تمثّل غنى من خلال العناصر الحيّة، سواء الثقافيّة أو السياسيّة الموجودة في داخلها، ولكن شرط أن لا تكون تعدديةً مغلقةً بل منفتحةً. وكما كنت أقول دائماً: وحدة في التنوّع، أو تنوّع في الوحدة.
س: ولكنّنا نرى أنّ كلّ الأمور تصبح خلافيّةً، خصوصاً على مستوى الصلاحيّات؟
ج: إنّ قضيّة أن يتفق النّاس في لبنان هي قضيّة غير واقعيّة، ولكن علينا أن نتعلّم كيف نختلف إذا لم نتعلّم كيف نتفق، وذلك بأن تكون خلافاتنا منفتحةً على الخطوط التي يمكن أن نجتهد فيها، لنكتشف كيف يمكن لنا أن نجعل من هذه الخلافات حركةً من أجل التّكامل بين وجهات النّظر هنا وهناك.
الوضع اللبناني وامتداداته الخارجية
س: هناك لقاء قمّة سيعقد في الرّياض في 23 الشّهر الحاليّ، هل تتوقّعون ولادة حكومة عقب هذا اللّقاء؟
ج: نحن نتذكّر اللّقاء الذي تمّ بين حماس والسّلطة، وعلى هذا نقيس. إنّ هذه اللّقاءات لا تنطلق من منطلق دراسة المشكلة في عمقها السياسيّ وفي امتداداتها الوطنيّة واللّبنانيّة، بل إنّها عادةً ـ مع احترامنا لكلّ الذين يلتقون ـ تنطلق من المصالح المتنوّعة بين هذا الفريق وذاك.
س: ماذا ينتظر المحور الأمريكيّ الأوروبيّ لفرض إملاءاته على هذا الفريق أو ذاك؟
ج: نحن نعرف أنّ المنطقة هي بقرة حلوب، وأنّ أمريكا ليست الدولة أو المحور الدّولي الذي يتحرك على أساس أن يكون محوراً خيريّاً يحاول أن يخدم الشّعوب، حتى إنّه عندما يقدّم بعض المساعدات، فإنّه يقدمها بحساب.
ونحن نعرف أنّ أمريكا عندما تريد أن تقدّم بعض الأسلحة، فإنّها تستشير "إسرائيل"، وأظنّ أنّه قبل مدّة، كانت أمريكا تريد أن تعطي بعض الأسلحة التي تعين لبنان في الدفاع عن نفسه، فرفضت "إسرائيل". كما أنّنا نعرف أنّ أمريكا لا تبيع الأسلحة في الدّول العربيّة إلا إذا جرّدتها من العناصر التي يمكن أن تجعل من هذه الدولة قوّةً لتواجه "إسرائيل" ولو في المستقبل عند تغيّر الأوضاع.
س: ماذا حصل في السّاعات الأخيرة حين غيّرت الرياض مسعاها تجاه دمشق، فكلّنا نعرف أنّ الأمور اتجهت للقاء قمّة؟
ج: أنا لا أتصوّر أنّ المسألة في الواقع العربي بشكلٍ عام، وحتى في الجامعة العربيّة، لا تزال تعيش في غير الخطوط المستقيمة التي تملك القوّة في معالجة القضايا العربيّة. ونحن عندما ندرس الجامعة وحركتها، التي هي أقل من حركة سلحفاتيّة، نجد أنّ هناك حرباً في اليمن والسودان، وأنّ هناك مشكلة فلسطين التي تختصر كلّ تاريخ المنطقة، كما أنّ هناك مشاكل كثيرةً من احتلال الأمريكيين للعراق.
أنا أعتبر أنّ الجامعة العربيّة أصيبت بالكوما ولم تعد تعي ما حولها كليّاً، ونحن نعرف أنّ مؤتمر مدريد كان يستهدف إسقاط العالم العربيّ. لذلك، فإنّ "إسرائيل" لم تقبل أن تفاوض العرب مجتمعين، بل أرادت أن تفاوض كلّ بلدٍ عربيّ على حدة، لتلعب على تناقضاته مع البلدان العربيّة الأخرى.
ومن الطريف جداً أنّ المراقبين في مؤتمر مدريد هم من الاتّحاد المغاربي الذي ولد ميتاً، أو من مجلس التعاون الخليجي الذي لا علاقة له بالقضية الفلسطينية كليّةً، حتى إنّهم لم يسمحوا بأن يكون للجامعة العربيّة مراقب.
أنا أعتبر أنّ الجامعة العربيّة أصيبت بالكوما ولم تعد تعي ما حولها كلياً
الحرب على لبنان وإيران
س: هل ترون أنّ هناك اعتداءً قريباً على لبنان؟
ج: لا أعتقد أنّ هناك اعتداءً "إسرائيليّاً" على لبنان، لأن "إسرائيل" تخاف من أيّ صدامٍ مع المقاومة.
وإنّ تضخيم ما تملكه المقاومة من أسلحة، يمثّل رسالةً إلى الداخل وليس إلى الخارج، لتوحي إلى شعبها بأنَّ المقاومة تمثّل قوّةً لا بدّ من الاستعداد لها، لأنّ تجربة 2006م لا تزال تعيش في وجدان الشّعب اليهودي. ولذلك، فإنّ المسألة هي أنّ "إسرائيل" تخاف من المقاومة وليس العكس.
س: هل ينام العدوّ على هذا الضيم؟
ج: إنّه يحاول أن ينتظر وجود متغيّرات على المستوى الإقليميّ والدوليّ قد تسمح له بذلك.
س: ولكن كلّنا يعلم أنّه لو أراد أن يشنّ حرباً لافتعل أيّ مبرّر؟
ج: إنَّ العدوَّ لا يملك أن يفتعل أيَّ مبرّر، لأنَّ الحرب مكلفة بالنِّسبة إليه، وقد كانت المسألة قبل حركة المقاومة هي أنّ العدو كان يأخذ حرّيّته في الاعتداء على لبنان، ولكن بعد حركة المقاومة، أصبح يحسب الحساب الدّقيق في هذا المجال.
إنَّ المسألةَ قد انقلبت، وبدلاً من أن نخاف العدوَّ بات العدوّ يخافنا. ونحن نفهم من هذه التّهديدات أنّها تهديدات الخائف وليس القويّ. وأنا لا أتوقّع أيّ عدوان "إسرائيليّ" لا على لبنان ولا على غيره إلا في الدّائرة الفلسطينيّة.
س: وعلى مستوى إيران؟
ج: أعتقد أنّه لا يمكن أن تنطلق "إسرائيل" في حربٍ على إيران، لأنّ إيران أصبحت تملك القوّة العسكريّة التي صنعتها بجهدها العلميّ، ما يؤدّي إلى الإضرار الكبير بـ"إسرائيل"، ثمّ إلى خلط الأوراق في المنطقة، وخصوصاً منطقة النّفط ومضيق هرمز. ولذلك، فإنّ أمريكا تتحفّظ من أيّ حربٍ "إسرائيلية" على إيران.
إسرائيل" تخاف من أيّ صدامٍ مع المقاومة ومع إيران
التّوطين حقيقة دوليّة
س: الاستيطان مستمرّ، وهناك مبادرة أمريكيّة مقنّعة لمحاولة التّطبيع مقابل إيقاف الاستيطان. ما رأيكم في هذه اللّعبة؟
ج: إنَّها لعبةٌ من أجل إسقاط القضيّة الفلسطينيّة بالكامل، لأنَّ أوباما لا يزال خاضعاً للّوبي الصّهيوني في حركته الملتوية، من خلال مندوبه وبعض ما يصدر عن إدارته، لإخراج مسألة القدس من التداول، والحديث عن تجميد الاستيطان ولكن بشكلٍ غير فاعل، حتى إنّنا نجد أنّ رد فعل أمريكا على تصريحات نتنياهو كانت أسفاً وليس ضغطاً.
س: المصالحة الفلسطينية لم تصل إلى نتائج إيجابيّة، والمقاومة في غزّة تراجعت. كيف ترون هذه الصورة؟
ج: إنّ المقاومة في الضفّة الغربيّة تجمّدت، أمّا في غزّة، فلا تزال تعيش بشكلٍ بسيطٍ جداً، لأنّها انشغلت في الدّاخل وفي الخارج.
س: التّوطيـن؟
ج: التّوطين حقيقة عربيّة ودوليّة، ويترك للسياسيين العرب، ولا سيّما في لبنان، أن يعيشوا الجدل حوله، ولكنّهم لا يملكون أيّة آليّة لمنع التوطين.
إنّ كلّ اللّبنانيين الذين يتحدّثون عن منع التّوطين، لم يقدّم أحدٌ منهم أيّة آليّة لمنع التوطين، لا دوليّاً ولا إقليميّاً.
س: نرى أنّ الجنرال عون يتحدّث كثيراً عن خطر التوطين، ما رأيك؟
ج: هو يريد أن يحذّر ولكن ماذا يملك؟!
س: ما السيناريو المطروح لتركيز التّوطين في كلّ الدول العربيّة؟
ج: أعتقد أنّ الدّول الغربيّة بشكلٍ عام، وأميركا وأوروبا وحتى روسيا، لا تجد أيّ فرضيّة لحقّ العودة، ولذلك يريدون وضعنا بين حلّين، إمّا التوطين، أو التهجير.
إنّ التّوطين حقيقة دوليّة بالرغم من أنّ اللّبنانيين لا يقبلون هذا الكلام.
العراق والإحتلال
س: ماذا يجري في العراق حاليّاً؛ هل سببه الاحتلال الأمريكيّ فقط، أم أنّ هناك إسقاطات عربيّة ودوليّة تريد إبقاء العراق مفتّتاً؟
ج: كلاهما، وأعتقد أنّ الاحتلال الأمريكيّ هو الذي أدّى إلى هذه الفوضى الأمنيّة والوحشيّة والتّدميريّة، وفتح المجال لكلّ الإرهابيّين للدخول إلى العراق ومحاولة الحديث عن المسألة الطّائفيّة والمذهبيّة. ونحن لا نبرّئ الكثيرين من الدّول العربيّة الذين يموّلون الإرهابيّين كما موّلوهم في لبنان.
الأزمة اللّبنانيّة
س: لبنان يعيش فترة تصريف أعمال، ماذا لو طال أمد هذه الفترة؟
ج: أتصوّر أنّه حتّى عندما كانت الحكومة، كانت حكومة تصريف أعمال، وهي لم تستطع أن تحقّق أيّ مشروع إنقاذيّ للشّعب اللّبنانيّ. وفي عهد كلّ الحكومات التي مرّت علينا، ماذا تغيّر في بعلبكّ وعكّار وطرابلس، حتى الوعود التي وُعِدَ بها النّاس في الانتخابات، لم يتحقّق منها شيء.
س: هل الجميع مسؤولون عن هذه الأزمة وليس فريق دون آخر؟
ج: عندما نقول الجميع، فمعنى ذلك أنّ الشّعب لا يملك حولاً ولا قوّةً، لأنّه شغل بمذهبيّاته وطائفيّاته، وهو يأكل مذهباً وطائفةً، وإن كان لا يزال يعيش الجوع في كلّ قضاياه وكلّ خدماته.
س: كيف ترون الخلاص من ذلك؟
ج: لا خلاص... سوف يبقى لبنان هكذا، وأنا كنت أقول عنه إنّه البيئة التي تتنفّس فيها مشاكل المنطقة، ونحن نعلم أنّ لبنان كان البلد الذي تتجمّع فيه مخابرات العالم، حيث كانوا يجتمعون في فندق السّان جورج.
س: هل ترون حكومةً في المدى المنظور؟
ج: قد يكون هناك حكومة، ولكنّها ستبقى حكومة تصريف أعمال.
س: حتى لو شكِّلت؟
ج: نعم، لأنّه ليس هناك ظروفٌ واقعيّةٌ يمكن أن تحقّق النتائج، وخصوصاً أنّ الدّولة اللّبنانيّة مفلسة، وهناك 50 مليار من المديونيّة، وهناك مديونيّة خفيّة (مديونيّة الضمان الاجتماعي، المؤسسات، الكهرباء...). نحن لم نجد أحداً يتحدّث من أين جاءت المديونيّة وما هي وسائل الخلاص منها. نحن رأينا باريس 1و2و3، ولكن لم يتحقّق شيء.
إيران و التهديدات
س: هناك تهديداتٌ مستمرّة لإيران وحصارٌ لها. كيف ترون وضعها المستقبليّ؟
ج: الوضع المستقبليّ لإيران لا يخلو من الإيجابيّات، لأنّها استطاعت من بين كلّ الدّول البتروليّة أن تصنع نفسها، وأن تدخل في عالم التّصنيع العسكريّ وإن كان على حساب الاستهلاك الشّعبيّ. وقد أثبتت أنّها قويّة، حتى إنّها أمام المشكلة التي حدثت لها، بدأت الآن تتحقّق منها بطريقة وبأخرى.
الإنسان والمجتمع
س: لسماحتكم صلة الرّبط بين "حزب الله" و"أمل" وكلّ الطائفة الشيعيّة، هل هذه هي صورتكم؟
ج: أنا إنسانيّ، أعيش الإنسان كلّه، وعندما أفكّر في الطّائفة الشيعيّة من النّاحية الإنسانيّة، أفكر أيضاً في مشاكل الفقر والحرمان في الطّائفة المسيحيّة والسنيّة والدرزيّة. أنا أعتقد أنّ إنسانيّتنا هي سرّ وجودنا، ونحن نستهدي بكلمة الإمام عليّ(ع):
"النّاس صنفان؛ إمّا أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق".
س: البلد يدقّ ناقوس الخطر بسبب الفقر، و50% من الشّعب يعاني العوز. ما هي الحلول؟
ج: الشّعب اللّبناني أدمن مشاكله وتعايش معها، وما يدل على ذلك، أنّه عندما تأتي الانتخابات، ويترشّح الذين صنعوا للناّس مشاكلهم، يهرعون ليصوّتوا لهذا أو ذاك، ومن دون أن يرسم أحدهم علامة استفهام على هذا أو ذاك. قد لا ندمن المخدّرات، ولكنّنا ندمن المخدّرات السياسيّة!
س: حاول البعض الإيحاء بأنّ مؤسّساتكم على علاقة بقضيّة عزّ الدين؟
ج: أحبّ أن أؤكّد من خلال "البناء"، أنّ مؤسّساتنا ليس لها علاقة بأيّ جهة، وأنّ ما عندنا من المال الذي نتشرّف بأنّه من النّاس وليس من أيّ دولة، بما في ذلك إيران، نصرفه في مشاريعنا التربويّة والاجتماعيّة، وليس لنا علاقة بهذه المشكلة ولو بنسبة واحد في المليون.
حاوره: كميل خليل - يوسف بلّوط
تنفيذ: زينب حميّة - إنعام خرّوبي - علي كمّون
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 20 رمضان 1430 هـ الموافق: 09/09/2009 م