مُديناً عمليّات التّفجير التي استهدفت الأبرياء في العراق السيّد فضل الله: غرفٌ سوداء أميركيّة وإسرائيليّة وعربيّة تعمل على تدمير العراق، ونقل شرارة الفتنة إلى الجوار |
أصدر سماحة العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، بياناً استنكر فيه عمليّات التّفجير التي استهدفت الأبرياء والمدنيّين في العاصمة العراقية، وقد جاء فيه:
إنّ ما يجري في العراق في هذه الأيام، هو على مستوى الجريمة المتنقّلة التي تُرسم معالمها في أكثر من غرفة سوداء أميركيّة وإسرائيليّة وحتى عربيّة، وتقوم بتنفيذها وتجسيدها مجموعةٌ من الوحوش والقتلة ممّن لا يمتّون إلى الإسلام والوطنيّة أو العروبة بصلة، وإن ادّعوا ذلك أو حاولوا الاختباء خلف هذا العنوان أو ذاك... إنّ هذه الجريمة هي أخطر بكثير مما يتصوّره البعض، وأكبر بكثير من إزهاق أرواح الأبرياء والمظلومين من عمّال الشّعب العراقي وفقرائه، لأنّها تسعى إلى تدمير العراق، لا بل تعمل على تدمير المنطقة المحيطة بالعراق، ليحقّق الاحتلال الأميركيّ من خلال هؤلاء المجرمين والوحوش، ما عجز عن تحقيقه ميدانياً.
أضاف: إنّنا نلمح خطّةً يتوزّع فيها عدد من الفرقاء الأدوار، وتسعى لتحويل العراق إلى ساحة دمويّة، وحال اهتزاز مستمرّة، تنتقل من خلالها شرارة الفتنة إلى أكثر من موقع، ليكون العراق جسراً تعبر عليه الفتنة الدامية إلى مواقع عربيّة وإسلاميّة مجاورة، بعدما عجز الاحتلال عن العبور من العراق إلى هذه البلدان والمواقع لإخضاعها وإسقاطها وإلحاقها بمشروعه السياسي والأمني الذي تلقّى ضرباتٍ موجعةً، وهو يتلمّس العودة إلى اندفاعته الأولى عبر دماء الأبرياء التي تسيل أنهاراً، بعدما بشّر الرئيس الأميركي قبل أيّام بأنّ جولات العنف العبثيّ في العراق ستتواصل.
إنّ من يقوم بهذه الأعمال الوحشيّة المروّعة، لا يمكن أن يدّعي الانتماء إلى المقاومة، ومن يعمل على اغتيال أمن المواطنين الأبرياء العزّل، لا يستطيع ادّعاء الحرص على العراق وأهله، أو العمل لعراق حرّ وموحّد ومستقلّ، ولكنّه ينتمي إلى محاور خارجيّة ومواقع حاقدة ومتعصّبة تريد للعراق أن يظلّ في دائرة الاهتزاز الأمني، حتى تقول إنّها حقّقت شيئاً، أو إنّها تمرّدت على الاستقرار الداخلي، وأسّست لدورات عنفية ودموية متجدّدة.
إنّنا أمام عمليّات القتل الوحشيّة هذه، والتي تستخدم فيها أطنان المتفجّرات، نتساءل عن السّبب في صمت الكثير من القيادات السياسيّة والدينيّة على مستوى العالم العربي، وفي داخل العراق وخارجه، وعن الحجّة في عدم تعرية هؤلاء القتلة وفضحهم، وسحب الغطاء الوطنيّ والإسلاميّ عنهم بالكامل، وتصنيفهم في دائرة الوحشيّة التي لا تنتمي إلا إلى الاحتلال وأعداء الأمّة ودوائر الانغلاق والتعصّب والتّكفير والفتنة، وإن اختبؤوا خلف عناوين وطنيّة وعروبيّة وما إلى ذلك.
إنّنا في الوقت الذي ندعو علماء الأمّة من السنّة والشّيعة إلى استنكار ذلك، وإعلان البراءة من هؤلاء القتلة من على منابر المساجد، وخصوصاً في صلوات الجمعة، ومن المنابر السياسيّة والإعلاميّة كافّةً، ندعو الشّعب العراقي، بكلّ طوائفه ومذاهبه واتّجاهاته السياسيّة، إلى إعلان البراءة من هؤلاء، ودعوة الجميع إلى نبذهم وملاحقتهم وكشفهم والاقتصاص منهم على ما اقترفوه من جريمة بحق العراق وبحقّ الأمّة كلّها.
كما ندعو العراقيّين، وخصوصاً مع إطلالة هذا الشّهر الفضيل، إلى تجميد كلّ خلافاتهم وحساسيّاتهم المذهبيّة والطائفيّة والسياسيّة وغيرها، ليتوحّدوا ويتماسكوا في خطّ الوحدة الوطنيّة والإسلاميّة، ولينطلقوا في مسيرة الدفاع عن مقدّرات بلدهم ومستقبل أجيالهم، وليعملوا على طرد دعاة الفتنة من صفوفهم، وليتحرّكوا مع الحكومة في خطّ حفظ النظام العام، والسعي لإخراج المحتلّ بالكامل الذي كان ولا يزال السّبب الرئيسيّ فيما يعيشه العراق من مآسي ومصاعب ومعاناة.
|