التوجّهات الأميركية الأخيرة تجاه إيران والمنطقة

التوجّهات الأميركية الأخيرة تجاه إيران والمنطقة

خطاب أوباما في تركيا ومصر أصبح وراء ظهورنا، والمنطقة دخلت مرحلةً جديدةً بعد أحداث إيران
فضل الله: الخطوات الأميركية الأخيرة رسمت الوجهة التي تسلكها الإدارة من الضّغوط إلى الاستهداف المباشر

رأى العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، أنّ المنطقة دخلت في خضمّ مرحلة جديدة بعد الأحداث الأخيرة في إيران، مؤكّداً أنّ الإدارة الأميركية دخلت على خطّ هذه الأحداث، وأطلقت الكثير من الإيحاءات للتأثير في الوضع الداخلي في إيران.

وأكّد أنّ خطاب الرّئيس أوباما في تركيا أو في مصر أصبح وراء ظهورنا، مشيراً إلى أنّ الخطوات العمليّة الأميركية الأخيرة بدأت بتحديد الوجهة التي تسلكها هذه الإدارة في التعاطي مع قضايانا، متوقّعاً الخروج من دائرة الضّغوط إلى الاستهداف المباشر، داعياً الشعوب العربية والإسلامية إلى الخروج من حال الاسترخاء التي يحاول الإعلام الموجّه غربياً وعربياً أن يؤكّدها.

أدلى سماحته بتصريح تناول فيه التوجّهات الأميركية الأخيرة تجاه إيران والمنطقة، وجاء في تصريحه:

يبدو أنّ الإدارة الأميركيّة التي أوهمت العرب والمسلمين بأنّها سوف تسلك سبيلاً مغايراً عن الإدارة السّابقة في مسألة التعاطي مع قضاياهم وأوضاعهم، بدأت تكشف شيئاً فشيئاً عن وجهها الحقيقيّ، حيث برزت ملامحها الواضحة في أكثر من ملفّ، ليس على الصّعيد الفلسطيني والتواطؤ الكليّ مع حكومة العدوّ في مسألة الدولتين فحسب، وهي المسألة التي خرجت تماماً من النّطاق السياسيّ الجدّي، إلى النّطاق اللّفظي الشكليّ، بل في ملفّات أخرى دخلت فيها الأجهزة الأميركيّة على الخطّ، وعملت على تعقيد الأمور وإثارة حالٍ من البلبلة والاضطراب.

لقد أوضحت التطوّرات الأخيرة في المسألة الإيرانية، وتطوّر الأوضاع بعد الانتخابات، أنّ الإدارة الأميركية دخلت على خطّ هذه الأحداث، وعملت على تغذيتها وزيادة عنصر الإثارة فيها من خلال أجهزتها ووسائلها المرئية وغير المرئية، إضافةً إلى بعض الخطط التي كانت قد رُسمت سلفاً، والّتي أكّدت بما ليس فيه مجالاً للشكّ، أنّ أمريكا لم تكن إلى جانب مسألة الحرّيّة في إيران، أو مع فريق بعينه، بقدر ما كانت تتطلّع إلى إحداث شرخ عميق داخل الجمهورية الإسلامية قد يطلّ على تطورت داخلية درامية تقلب الأمور رأساً على عقب.

لقد أظهرت الوقائع أنّ هناك في الإدارة الأميركية من كان يراهن على حصول أحداثٍ خطيرةٍ في إيران تنتهي بعودة إيران إلى الحضن الأميركيّ، أو تدفع بالجمهوريّة الإسلاميّة إلى التخلّي عن التزاماتها الإسلاميّة، والانخراط في مشروع كبير يُفضي إلى إنهاء القضيّة الفلسطينيّة، وتسليم إسرائيل بقيّة مفاتيح المنطقة، والدخول إلى بقية المعاقل الإسلامية بطريقة جديدة وبأسلوب جديد يختلف عن الأسلوب المباشر الذي استخدمته الإدارة السّابقة.

ولذلك، فنحن نعتقد أنّ المنطقة دخلت في خضمّ مرحلة جديدة في أعقاب الأحداث التي شهدتها إيران بعد الانتخابات الرئاسية، وقد أطلقت الإدارة الأميركية أكثر من إشارة لتأكيد ذلك، من بينها الإيحاءات الكثيرة التي تضمّنتها مواقف نائب الرئيس الأميركي، والتي حاول الرئيس الأميركي نفسه التخفيف من وطأتها من دون أن ينفيها، لأنّ المسألة هي أنّ أميركا ـ أوباما بدأت تعطي الضوء الأخضر لجنرالاتها لإثارة المسألة الإيرانية في الملفّ النووي السلمي بالطريقة نفسها التي يثيرها المسؤولون الإسرائيليون.

ونحن لا نبرّئ بعض الأنظمة العربية من ركوب الموجة الأميركية، تارةً من خلال التسهيلات الخطيرة للعدوّ في المياه العربية، وطوراً من خلال إيحاءاتٍ بإمكان السماح لطيران العدوّ بأن يسلك الأجواء العربية في حركته العدوانية ضد إيران. وحتى مع سماع كلمات النفي من هنا وهناك في هذا الموضوع، فإن إثارة هذه المسألة انطلقت على أساس إيصال رسالة محدّدة وواضحة الدلالة لإيران، بأنّ عليها أن تتخلّى عن واجباتها ومسؤوليّاتها الإسلامية الاستراتيجية تجاه الأمّتين العربية والإسلامية قبل أن تعدّل من حركتها فيما هو الملفّ النووي السلمي ـ الذي لم تخرج فيه قيد أنملة عن قوانين وكالة الطاقة الدولية ـ لأنّ المسألة لا تتّصل بالملّف النووي حتى شكلياً، بل بمناعة الأمّة أمام مشروع الهيمنة والاحتلال والاستحواذ الذي لا يزال ساري المفعول، وإن تبدّلت الأساليب والطرق في محاولات السعي لتحقيقه.

لقد بات خطاب الرئيس الأميركي في تركيا، أو في القاهرة، وراء ظهورنا، وبدأت الخطوات العملية الأميركية بتحديد الوجهة التي تسلكها الإدارة الجديدة في التعاطي مع قضايانا، بدءاً بالتدخّل في الشؤون اللّبنانية الداخليّة في أثناء الانتخابات وبعدها، والعمل على فرملة أكثر من مشروع لصون الوحدة الداخليّة، من خلال سلسلة من الضّغوط التي مورست بشكل مباشر، أو من خلال جهات إقليمية معنيّة... مروراً بالحركة الأميركية السلبية في التعاطي مع الملفّ العراقي والمسألة الإيرانية، وصولاً إلى الموضوع الأفغانيّ الذي تحاول الإدارة الأميركية الجديدة من خلاله أن تبرز وجه أميركا المقاتلة والمحاربة، والتي لم تغادر مشروع الحرب حتى تدخل في ما يسمى مشروع السّلام أو عملية السلام.

إنّنا في الوقت الذي ننتظر مزيداً من الضغوط الأميركية المباشرة وغير المباشرة في الملفّات الساخنة أو الباردة في المنطقة، ونحسب أنّ الإدارة الأميركية ستُفصح عن حقيقة أمرها أكثر في قادم الأيام؛ ندعو شعوبنا إلى الخروج من دائرة الاسترخاء التي يحاول الإعلام الموجّه غربياً، وحتى عربياً، أن يؤكّدها، وإلى نسيان الكلمات والمفردات الوادعة أو الضّبابية التي تضمّنها الخطاب الرئاسي الأميركي في إطلالاته السابقة، وبدء عملية الإعداد الحقيقي لمواجهة المرحلة القادمة التي قد تكون من أصعب المراحل، لأنّنا نعتقد أنّها لن تبقى في دائرة الضّغوط طويلاً، بل ستدخل في نطاق الاستهداف المباشر لمواقع العزّة والممانعة في الأمّة، فالعدوّ على عجلة من أمره، والسباق محمومٌ بين محاولات إخضاع الأمّة ومحاولات التمرّد على ذلك، والكلمة الفصل ستكون للشّعوب وحركات الوعي والتحرّر في نهاية المطاف.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
 التاريخ: 19رجـب 1430 هـ الموافق: 12/07/2009 م

خطاب أوباما في تركيا ومصر أصبح وراء ظهورنا، والمنطقة دخلت مرحلةً جديدةً بعد أحداث إيران
فضل الله: الخطوات الأميركية الأخيرة رسمت الوجهة التي تسلكها الإدارة من الضّغوط إلى الاستهداف المباشر

رأى العلامة المرجع، السيّد محمّد حسين فضل الله، أنّ المنطقة دخلت في خضمّ مرحلة جديدة بعد الأحداث الأخيرة في إيران، مؤكّداً أنّ الإدارة الأميركية دخلت على خطّ هذه الأحداث، وأطلقت الكثير من الإيحاءات للتأثير في الوضع الداخلي في إيران.

وأكّد أنّ خطاب الرّئيس أوباما في تركيا أو في مصر أصبح وراء ظهورنا، مشيراً إلى أنّ الخطوات العمليّة الأميركية الأخيرة بدأت بتحديد الوجهة التي تسلكها هذه الإدارة في التعاطي مع قضايانا، متوقّعاً الخروج من دائرة الضّغوط إلى الاستهداف المباشر، داعياً الشعوب العربية والإسلامية إلى الخروج من حال الاسترخاء التي يحاول الإعلام الموجّه غربياً وعربياً أن يؤكّدها.

أدلى سماحته بتصريح تناول فيه التوجّهات الأميركية الأخيرة تجاه إيران والمنطقة، وجاء في تصريحه:

يبدو أنّ الإدارة الأميركيّة التي أوهمت العرب والمسلمين بأنّها سوف تسلك سبيلاً مغايراً عن الإدارة السّابقة في مسألة التعاطي مع قضاياهم وأوضاعهم، بدأت تكشف شيئاً فشيئاً عن وجهها الحقيقيّ، حيث برزت ملامحها الواضحة في أكثر من ملفّ، ليس على الصّعيد الفلسطيني والتواطؤ الكليّ مع حكومة العدوّ في مسألة الدولتين فحسب، وهي المسألة التي خرجت تماماً من النّطاق السياسيّ الجدّي، إلى النّطاق اللّفظي الشكليّ، بل في ملفّات أخرى دخلت فيها الأجهزة الأميركيّة على الخطّ، وعملت على تعقيد الأمور وإثارة حالٍ من البلبلة والاضطراب.

لقد أوضحت التطوّرات الأخيرة في المسألة الإيرانية، وتطوّر الأوضاع بعد الانتخابات، أنّ الإدارة الأميركية دخلت على خطّ هذه الأحداث، وعملت على تغذيتها وزيادة عنصر الإثارة فيها من خلال أجهزتها ووسائلها المرئية وغير المرئية، إضافةً إلى بعض الخطط التي كانت قد رُسمت سلفاً، والّتي أكّدت بما ليس فيه مجالاً للشكّ، أنّ أمريكا لم تكن إلى جانب مسألة الحرّيّة في إيران، أو مع فريق بعينه، بقدر ما كانت تتطلّع إلى إحداث شرخ عميق داخل الجمهورية الإسلامية قد يطلّ على تطورت داخلية درامية تقلب الأمور رأساً على عقب.

لقد أظهرت الوقائع أنّ هناك في الإدارة الأميركية من كان يراهن على حصول أحداثٍ خطيرةٍ في إيران تنتهي بعودة إيران إلى الحضن الأميركيّ، أو تدفع بالجمهوريّة الإسلاميّة إلى التخلّي عن التزاماتها الإسلاميّة، والانخراط في مشروع كبير يُفضي إلى إنهاء القضيّة الفلسطينيّة، وتسليم إسرائيل بقيّة مفاتيح المنطقة، والدخول إلى بقية المعاقل الإسلامية بطريقة جديدة وبأسلوب جديد يختلف عن الأسلوب المباشر الذي استخدمته الإدارة السّابقة.

ولذلك، فنحن نعتقد أنّ المنطقة دخلت في خضمّ مرحلة جديدة في أعقاب الأحداث التي شهدتها إيران بعد الانتخابات الرئاسية، وقد أطلقت الإدارة الأميركية أكثر من إشارة لتأكيد ذلك، من بينها الإيحاءات الكثيرة التي تضمّنتها مواقف نائب الرئيس الأميركي، والتي حاول الرئيس الأميركي نفسه التخفيف من وطأتها من دون أن ينفيها، لأنّ المسألة هي أنّ أميركا ـ أوباما بدأت تعطي الضوء الأخضر لجنرالاتها لإثارة المسألة الإيرانية في الملفّ النووي السلمي بالطريقة نفسها التي يثيرها المسؤولون الإسرائيليون.

ونحن لا نبرّئ بعض الأنظمة العربية من ركوب الموجة الأميركية، تارةً من خلال التسهيلات الخطيرة للعدوّ في المياه العربية، وطوراً من خلال إيحاءاتٍ بإمكان السماح لطيران العدوّ بأن يسلك الأجواء العربية في حركته العدوانية ضد إيران. وحتى مع سماع كلمات النفي من هنا وهناك في هذا الموضوع، فإن إثارة هذه المسألة انطلقت على أساس إيصال رسالة محدّدة وواضحة الدلالة لإيران، بأنّ عليها أن تتخلّى عن واجباتها ومسؤوليّاتها الإسلامية الاستراتيجية تجاه الأمّتين العربية والإسلامية قبل أن تعدّل من حركتها فيما هو الملفّ النووي السلمي ـ الذي لم تخرج فيه قيد أنملة عن قوانين وكالة الطاقة الدولية ـ لأنّ المسألة لا تتّصل بالملّف النووي حتى شكلياً، بل بمناعة الأمّة أمام مشروع الهيمنة والاحتلال والاستحواذ الذي لا يزال ساري المفعول، وإن تبدّلت الأساليب والطرق في محاولات السعي لتحقيقه.

لقد بات خطاب الرئيس الأميركي في تركيا، أو في القاهرة، وراء ظهورنا، وبدأت الخطوات العملية الأميركية بتحديد الوجهة التي تسلكها الإدارة الجديدة في التعاطي مع قضايانا، بدءاً بالتدخّل في الشؤون اللّبنانية الداخليّة في أثناء الانتخابات وبعدها، والعمل على فرملة أكثر من مشروع لصون الوحدة الداخليّة، من خلال سلسلة من الضّغوط التي مورست بشكل مباشر، أو من خلال جهات إقليمية معنيّة... مروراً بالحركة الأميركية السلبية في التعاطي مع الملفّ العراقي والمسألة الإيرانية، وصولاً إلى الموضوع الأفغانيّ الذي تحاول الإدارة الأميركية الجديدة من خلاله أن تبرز وجه أميركا المقاتلة والمحاربة، والتي لم تغادر مشروع الحرب حتى تدخل في ما يسمى مشروع السّلام أو عملية السلام.

إنّنا في الوقت الذي ننتظر مزيداً من الضغوط الأميركية المباشرة وغير المباشرة في الملفّات الساخنة أو الباردة في المنطقة، ونحسب أنّ الإدارة الأميركية ستُفصح عن حقيقة أمرها أكثر في قادم الأيام؛ ندعو شعوبنا إلى الخروج من دائرة الاسترخاء التي يحاول الإعلام الموجّه غربياً، وحتى عربياً، أن يؤكّدها، وإلى نسيان الكلمات والمفردات الوادعة أو الضّبابية التي تضمّنها الخطاب الرئاسي الأميركي في إطلالاته السابقة، وبدء عملية الإعداد الحقيقي لمواجهة المرحلة القادمة التي قد تكون من أصعب المراحل، لأنّنا نعتقد أنّها لن تبقى في دائرة الضّغوط طويلاً، بل ستدخل في نطاق الاستهداف المباشر لمواقع العزّة والممانعة في الأمّة، فالعدوّ على عجلة من أمره، والسباق محمومٌ بين محاولات إخضاع الأمّة ومحاولات التمرّد على ذلك، والكلمة الفصل ستكون للشّعوب وحركات الوعي والتحرّر في نهاية المطاف.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
 التاريخ: 19رجـب 1430 هـ الموافق: 12/07/2009 م

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية