استنكار التفجير الانتحاري بولاية البنجاب الباكستانية آية الله فضل الله: الاستكبار العالمي حوّل باكستان إلى ساحة مستباحة لخططه |
أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً استنكر فيه التفجير الانتحاري الذي استهدف المصلين في أحد مساجد ولاية البنجاب الباكستانية، جاء فيه:
لا يزال الوضع الإسلامي في باكستان يواجه الجرائم الوحشية التي يقوم بها التكفيريون الذين يستحلون دماء المسلمين، ولاسيما المسلمين الشيعة، ويعتدون على مساجدهم وعلى المصلين فيها على أساس الفتاوى التي يطلقها علماؤهم وقادتهم بتكفير كل من يخالفهم الرأي المذهبي أو المذهب الاجتهادي خلافاً لما جاء عن رسول الله(ص): "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"، وجاء في قوله تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق} [الأنعام:151]، ولكنهم لا يملكون المعرفة الفقهية الشرعية الإسلامية، بل يأخذون ثقافتهم من المشايخ المتعصبين الذين لا يملكون الانفتاح على الكتاب والسنة، ولا يميزون بين الإيمان والكفر، فيقتلون المصلين في مساجدهم على أساس الحكم بكفرهم، واعتبارهم ذلك مبرراً للقتل.
وهذا ما يتكرر في أكثر من بلد وموقع، فيفجرون العبوات الناسفة في مجتمعات المؤمنين ويخدعون البسطاء والمراهقين فيعدونهم بالدخول في الجنة بصفتهم من المجاهدين في سبيل الله، وهذا ما حدث قبل أيام، حيث اندفع فتى مراهق في الخامسة عشرة من عمره، لتفجير نفسه في داخل مسجد في شمال الباكستان في مدينة شكوال بولاية البنجاب، وكان المسجد يضم 120 شخصاً من المصلين، وعندما منع من الدخول إليه فجّر نفسه في مدخله فاستشهد 22 شخصاً وجرح 40 شخصاً ممن كانوا يخرجون من المسجد، وهذا ما جعل الحدث يتمثل في جريمتين، الأولى استغلال الضعف الصبياني للفتى المراهق في إقناعه بتفجير نفسه. والثانية تفجير الحزام الأمني بالمصلين.
إننا نستنكر هذه الجريمة أشد الاستنكار، ونؤكد أنها تعطي صورة مشوّهة للمسلمين الذين يتهمهم أعداء الإسلام بالإرهاب، الذين لا يفرقون فيه بين مسلم وغيره، وندعو العالم الإسلامي إلى رفض هذه الأعمال الفظيعة، ونبذ القائمين بها والعمل على توعية المسلمين وإرشادهم إلى الوحدة الإسلامية التي هي الخيار الوحيد في مواجهة الاستكبار العالمي الذي يستغل ضعف العالم الإسلامي في احتلال أراضيه واستغلال ثرواته وإثارة الفتن في داخل مجتمعاته، ونهيب بعلماء المسلمين أن ينكروا على هؤلاء الجهلة من التكفيريين والقتلة من المتطرفين الذين ينتسبون إلى الإسلام وهو منهم براء، ونحمّل الحكومة الباكستانية المسؤولية في الوقوف أمام هذه الجرائم التي تهدم الأساس الإسلامي الذي بُنيت عليه دولة باكستان كدولة إسلامية لتجمع كلمة المسلمين ولتحقق لهم الوحدة والقوة والعزة والحق في تقرير المصير، فتحولت في هذه المرحلة إلى ساحة مستباحة للاستكبار العالمي الذي يستخدم سلاحه في قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية للمستضعفين تحت شعار مكافحة الإرهاب، وإلى حال من الفوضى العامة التي يقتل فيها المسلمون بعضهم بعضاً، ويكفرون بعضهم بعضاً، بعيداً من القاعدة الإسلامية الجامعة.
وأخيراً، إننا ندعو الله إلى أن يرحم الشهداء الذين سقطوا في ساحة المسجد، ويعافي الجرحى، ويحفظ الوحدة الإسلامية من حقد المتطرفين وجهل الجاهلين واستكبار المستكبرين، إنه أرحم الراحمين.
|