فضل الله في العاشر من محرّم:
شعوب العالم بأسرها كشفت توحّش إسرائيل ونازيتها
وبعض الأنظمة العربية شريك في التآمر لإنهاء القضية الفلسطينية
لمناسبة اليوم العاشر من شهر محرم الحرام، ألقى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، كلمةً جاء فيها:
إن استعادة ذكرى عاشوراء ونهضة الإمام الحسين(ع) تفرض علينا أن ننطلق في الموقف نفسه الذي تحوّل الإمام الحسين من خلاله إلى نموذج صارخ يتحدى الظلم في كل مكان وزمان، ويقف إلى جانب المظلومين والمضطهدين في أي موقع كانوا، ولأية جهة انتموا، وخصوصاً إذا كان هؤلاء من المسلمين والمستضعفين الذين تآمرت عليهم المحاور الدولية ووحوش الأرض من اليهود والصهاينة الحاقدين.
وعلى هذا الأساس، فإننا ننظر إلى غزة ككربلاء جديدة، تحمل كل عناوين التضحية والإباء، إضافة إلى عناوين المأساة في المجازر الكبرى التي يتفرج عليها العالم، ولا تثير شيئاً في النفوس المتخشبة والهياكل الجسدية الجامدة لكثير من الحكام العرب الذين لا روح لهم ولا مشاعر، ولا وجدان يُحركهم للدفاع عن أهلهم أو يثير فيهم بعضاً من نخوة العرب وشمائلهم.
إن الوقوف مع غزة المجاهدة ومع الشعب الفلسطيني الصامد يمثّل معلماً أساسياً من معالم التواصل مع كربلاء الإمام الحسين، وركناً من أركان حركتها، فضلاً عن كونه يمثل مسؤولية سياسية وواجب شرعي وقانوني ووطني وإنساني.
علينا أن نعرف أن ما يجري على أرض فلسطين في هذه الأيام، وفي غزّة تحديداً، سوف يساهم في إبراز معالم وملامح المرحلة المقبلة على مستوى الصراع مع العدو، بحيث يضع حدّاً لهذا الانخراط العربي الرسمي المطلق مع المشروع الإسرائيلي المدعوم أمريكياً وأوروبياً، والذي بات ينظر إليه بعض العرب كخشبة خلاص لسلطانهم الذي قرروا أن مشروع المقاومة يمثل تهديداً وجودياً له.
إن معالم الانسجام بين عدد من الأنظمة العربية وكيان العدو برزت خلال الحرب على لبنان في شكل لافت، وعمل الأمريكيون ـ بعد ذلك ـ على تحويل هذا الانسجام إلى ما يشبه الرؤية المشتركة، وصولاً إلى المشروع المشترك الواحد، الذي حاول تركيز خطاه في عمق السياسة العربية، وتوسم لذلك أكثر من محطة دولية وأكثر من مؤتمر دولي وأكثر من عنوان، كعنوان حوار الأديان ـ على سبيل المثال ـ من أجل إيجاد الأرضية التي يتصالح فيها العرب مع الصهاينة ويتصافحوا شكلاً ومضموناً على حساب أهل القضية، وليكون الاستسلام العربي الذي يسلك خط التطبيع السياسي المباشر هو الذي يمهّد السبيل للاستسلام الفلسطيني الكامل تحت عناوين الواقعية السياسية، التي تعني الإقرار بواقع الاستيطان وتهويد القدس وعدم عودة اللاجئين، وتسليم مفاتيح فلسطين بالكامل للمغتصب الإسرائيلي الذي قد يسمح للفلسطينيين بالعيش ضمن جزر مفككة وممزّقة تأخذ ـ بعد ذلك ـ اسم الدولة والتي لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، ولا دوراً حقيقياً لها إلا أن تقمع شعبها وأن تسخّر طاقاتها لحماية الأمن الإسرائيلي.
إنني أزعم أن ذهاب حكّام العرب إلى مجلس الأمن في الوقت الذي كانت الطائرات الإسرائيلية تحصد العشرات والمئات من أطفال غزة وشبابها ونسائها وشيبها، قد تمّ ضمن خطة مدروسة ومنسّقة كانت المحاور الدولية على معرفة بها مسبقاً، وأخشى من أن أقول إنّ العرب ذهبوا إلى مجلس الأمن من خلال "أجندة" أمريكية، ومن خلال برنامج وضع لهم مسبقاً، وكانت إسرائيل على معرفة تامة به، وخصوصاً أن الأداء العربي جاء منسجماً تماماً مع المهلة الدولية التي أعطيت لإسرائيل لتفعل ما تشاء وترتكب ما تشاء من المجازر في قطاع غزة، والتي تحدث عنها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس ملكا، والذي أقرّ بأن إسرائيل حصلت على مهلة إسبوعين من دول أوروبية وجهات دولية أخرى لإنهاء العملية في قطاع غزة...
لقد أصبح الكلام عن الشراكة العربية في الدم الفلسطيني غير ذي موضوع، لأن بعض العرب شريكٌ في مشروع إنهاء القضية الفلسطينية، والذي تغدو دماء أهل غزة مفردة من مفرداته وتفصيل من تفاصيله التي نخشى أن تُستكمل حلقاتها في مواقع أخرى وساحات أخرى...
ولكننا ـ مع كل ذلك ـ نعتقد أن إسرائيل دخلت في عنق الزجاجة، وباتت في قلب المأزق، فهي في الوقت الذي تحسب أنها حققت بعض ما كانت تصبو إليه من أهداف، سوف تكون على موعد لاحق مع المقاومة الفلسطينية بصواريخها وعبواتها وعملياتها، وسوف تدرك لاحقاً بأن ما ارتكبته من مجازر سيجعل من المقاومة مطلباً لكل الأجيال الفلسطينية، ولكل الأجيال العربية والإسلامية التي أتاحت لها صور المجازر المتواصلة معرفة هذا العدو أكثر وتشخيص هذا الوحش الذي تتطلع بعض الأنظمة لمصالحته ومساومته.
إن صورة إسرائيل النازية أكثر من النازيين، والسادية أكثر من الساديين، والمتوحشة أكثر من كل المتوحشين، هي الصورة التي باتت ماثلة في أذهان شعوب العالم، وعلى الجهات الإسلامية والعربية المعنية في حقول الإعلام والثقافة والسياسة أن تعمل كل ما في وسعها لتعرية الوحش الإسرائيلي أكثر وكشف كل معالم الهمجية الكامنة في الشخصيات الصهيونية اليهودية الحاقدة على الإنسان كله وعلى الإنسان المسلم والعربي على وجه الخصوص.
إننا نؤمن بالشعوب العربية والإسلامية، والتي باتت تدرك جيداً من يعمل على بيع قضاياها في سوق النخاسة الدولي، كما أنها باتت تعرف من هي الجهات المقاومة والممانعة التي تبذل أغلى ما عندها لحماية قضاياها وصون عزتها وكرامتها، ونحن نتطلع إلى هذه الشعوب لكي تواصل وقفتها وتتابع مسيرتها في فضح المتخاذلين وتعرية المستسلمين، وفي ذلك انتصارٌ آخر للقضية المركزية للأمة التي بدأت تجتذب إليها القاصي والداني بفعل جهل الصهاينة وحقدهم وبشاعة جرائمهم وسقوطهم الأخلاقي والإنساني على كل المستويات.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 10-1-1430 هـ الموافق: 07/01/2009 م
فضل الله في العاشر من محرّم:
شعوب العالم بأسرها كشفت توحّش إسرائيل ونازيتها
وبعض الأنظمة العربية شريك في التآمر لإنهاء القضية الفلسطينية
لمناسبة اليوم العاشر من شهر محرم الحرام، ألقى سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، كلمةً جاء فيها:
إن استعادة ذكرى عاشوراء ونهضة الإمام الحسين(ع) تفرض علينا أن ننطلق في الموقف نفسه الذي تحوّل الإمام الحسين من خلاله إلى نموذج صارخ يتحدى الظلم في كل مكان وزمان، ويقف إلى جانب المظلومين والمضطهدين في أي موقع كانوا، ولأية جهة انتموا، وخصوصاً إذا كان هؤلاء من المسلمين والمستضعفين الذين تآمرت عليهم المحاور الدولية ووحوش الأرض من اليهود والصهاينة الحاقدين.
وعلى هذا الأساس، فإننا ننظر إلى غزة ككربلاء جديدة، تحمل كل عناوين التضحية والإباء، إضافة إلى عناوين المأساة في المجازر الكبرى التي يتفرج عليها العالم، ولا تثير شيئاً في النفوس المتخشبة والهياكل الجسدية الجامدة لكثير من الحكام العرب الذين لا روح لهم ولا مشاعر، ولا وجدان يُحركهم للدفاع عن أهلهم أو يثير فيهم بعضاً من نخوة العرب وشمائلهم.
إن الوقوف مع غزة المجاهدة ومع الشعب الفلسطيني الصامد يمثّل معلماً أساسياً من معالم التواصل مع كربلاء الإمام الحسين، وركناً من أركان حركتها، فضلاً عن كونه يمثل مسؤولية سياسية وواجب شرعي وقانوني ووطني وإنساني.
علينا أن نعرف أن ما يجري على أرض فلسطين في هذه الأيام، وفي غزّة تحديداً، سوف يساهم في إبراز معالم وملامح المرحلة المقبلة على مستوى الصراع مع العدو، بحيث يضع حدّاً لهذا الانخراط العربي الرسمي المطلق مع المشروع الإسرائيلي المدعوم أمريكياً وأوروبياً، والذي بات ينظر إليه بعض العرب كخشبة خلاص لسلطانهم الذي قرروا أن مشروع المقاومة يمثل تهديداً وجودياً له.
إن معالم الانسجام بين عدد من الأنظمة العربية وكيان العدو برزت خلال الحرب على لبنان في شكل لافت، وعمل الأمريكيون ـ بعد ذلك ـ على تحويل هذا الانسجام إلى ما يشبه الرؤية المشتركة، وصولاً إلى المشروع المشترك الواحد، الذي حاول تركيز خطاه في عمق السياسة العربية، وتوسم لذلك أكثر من محطة دولية وأكثر من مؤتمر دولي وأكثر من عنوان، كعنوان حوار الأديان ـ على سبيل المثال ـ من أجل إيجاد الأرضية التي يتصالح فيها العرب مع الصهاينة ويتصافحوا شكلاً ومضموناً على حساب أهل القضية، وليكون الاستسلام العربي الذي يسلك خط التطبيع السياسي المباشر هو الذي يمهّد السبيل للاستسلام الفلسطيني الكامل تحت عناوين الواقعية السياسية، التي تعني الإقرار بواقع الاستيطان وتهويد القدس وعدم عودة اللاجئين، وتسليم مفاتيح فلسطين بالكامل للمغتصب الإسرائيلي الذي قد يسمح للفلسطينيين بالعيش ضمن جزر مفككة وممزّقة تأخذ ـ بعد ذلك ـ اسم الدولة والتي لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، ولا دوراً حقيقياً لها إلا أن تقمع شعبها وأن تسخّر طاقاتها لحماية الأمن الإسرائيلي.
إنني أزعم أن ذهاب حكّام العرب إلى مجلس الأمن في الوقت الذي كانت الطائرات الإسرائيلية تحصد العشرات والمئات من أطفال غزة وشبابها ونسائها وشيبها، قد تمّ ضمن خطة مدروسة ومنسّقة كانت المحاور الدولية على معرفة بها مسبقاً، وأخشى من أن أقول إنّ العرب ذهبوا إلى مجلس الأمن من خلال "أجندة" أمريكية، ومن خلال برنامج وضع لهم مسبقاً، وكانت إسرائيل على معرفة تامة به، وخصوصاً أن الأداء العربي جاء منسجماً تماماً مع المهلة الدولية التي أعطيت لإسرائيل لتفعل ما تشاء وترتكب ما تشاء من المجازر في قطاع غزة، والتي تحدث عنها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس ملكا، والذي أقرّ بأن إسرائيل حصلت على مهلة إسبوعين من دول أوروبية وجهات دولية أخرى لإنهاء العملية في قطاع غزة...
لقد أصبح الكلام عن الشراكة العربية في الدم الفلسطيني غير ذي موضوع، لأن بعض العرب شريكٌ في مشروع إنهاء القضية الفلسطينية، والذي تغدو دماء أهل غزة مفردة من مفرداته وتفصيل من تفاصيله التي نخشى أن تُستكمل حلقاتها في مواقع أخرى وساحات أخرى...
ولكننا ـ مع كل ذلك ـ نعتقد أن إسرائيل دخلت في عنق الزجاجة، وباتت في قلب المأزق، فهي في الوقت الذي تحسب أنها حققت بعض ما كانت تصبو إليه من أهداف، سوف تكون على موعد لاحق مع المقاومة الفلسطينية بصواريخها وعبواتها وعملياتها، وسوف تدرك لاحقاً بأن ما ارتكبته من مجازر سيجعل من المقاومة مطلباً لكل الأجيال الفلسطينية، ولكل الأجيال العربية والإسلامية التي أتاحت لها صور المجازر المتواصلة معرفة هذا العدو أكثر وتشخيص هذا الوحش الذي تتطلع بعض الأنظمة لمصالحته ومساومته.
إن صورة إسرائيل النازية أكثر من النازيين، والسادية أكثر من الساديين، والمتوحشة أكثر من كل المتوحشين، هي الصورة التي باتت ماثلة في أذهان شعوب العالم، وعلى الجهات الإسلامية والعربية المعنية في حقول الإعلام والثقافة والسياسة أن تعمل كل ما في وسعها لتعرية الوحش الإسرائيلي أكثر وكشف كل معالم الهمجية الكامنة في الشخصيات الصهيونية اليهودية الحاقدة على الإنسان كله وعلى الإنسان المسلم والعربي على وجه الخصوص.
إننا نؤمن بالشعوب العربية والإسلامية، والتي باتت تدرك جيداً من يعمل على بيع قضاياها في سوق النخاسة الدولي، كما أنها باتت تعرف من هي الجهات المقاومة والممانعة التي تبذل أغلى ما عندها لحماية قضاياها وصون عزتها وكرامتها، ونحن نتطلع إلى هذه الشعوب لكي تواصل وقفتها وتتابع مسيرتها في فضح المتخاذلين وتعرية المستسلمين، وفي ذلك انتصارٌ آخر للقضية المركزية للأمة التي بدأت تجتذب إليها القاصي والداني بفعل جهل الصهاينة وحقدهم وبشاعة جرائمهم وسقوطهم الأخلاقي والإنساني على كل المستويات.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 10-1-1430 هـ الموافق: 07/01/2009 م