حوار "المواقف الحاسمة" في الزمن الصعب مع العلامة المرجع حول شؤون الأمة في السياسة والدينالسيد فضل الله لـ"اللواء": لا شأن للسنّة والشيعة بالخلافات السياسية، وأقول أخرجوا المتعصبين من صفوفكم

حوار "المواقف الحاسمة" في الزمن الصعب مع العلامة المرجع حول شؤون الأمة في السياسة والدينالسيد فضل الله لـ"اللواء": لا شأن للسنّة والشيعة بالخلافات السياسية، وأقول أخرجوا المتعصبين من صفوفكم

حوار "المواقف الحاسمة" في الزمن الصعب مع العلامة المرجع حول شؤون الأمة في السياسة والدينالسيد فضل الله لـ"اللواء":

لا شأن للسنّة والشيعة بالخلافات السياسية، وأقول أخرجوا المتعصبين من صفوفكم


جسّد العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، من خلال منهجه في العمل العام، المرجعية المتحركة، فهو كما نجح في أن يشكّل بعلمه الشرعي وأبحاثه وقدراته الشخصية المميزة، مرجعية إسلامية بارزة، استطاع أن يكسب ثقة المسلمين بصورة عامة، وثقة مقلديه بصورة خاصة، وذلك عبر مباشرته وتواصله الدائم مع قضايا اللبنانيين والمسلمين.

اهتماماته ورعايته للمؤسسات التربوية والثقافية، إضافة إلى اجتهاداته الفقهية، حيث ترده آلاف الأسئلة شهرياً لتطلب إيضاحاً وفتوى في قضايا الناس وشؤونهم، كل ذلك لم يبعده عن التطرق بصورة دائمة إلى قضايا بلده وأمته السياسية.

في هذا الزمن الدقيق والبالغ الحساسية الذي تمر به الأمة العربية والإسلامية، وخصوصاً اللبنانية منها، التقت "اللواء" العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، لتطرح أمامه بعض هواجس الأمة، وفي مقدمها ما يحاك ويدّبر لخلق فتنة بين المسلمين. وهذا نصّ الحوار:


فتنة مفتعلة بين المسلمين

س: ألا ترى أن الفتنة تتحرّك بين المسلمين من دون أن نلمس الأسباب الحقيقية لها، فهل يوجد ما يؤدي إلى الفتنة؟ وكيف يمكن أن نقضي على أسبابها؟

ج: أنا أعتقد أنّ ما تشير إليه هو فتنة مفتعلة بالمعنى الدقيق لهذا المصطلح، لأن الفتنة التي عاشها المسلمون بعد وفاة النبي(ص)، انطلقت من خلال بعض العناصر الموجودة في المجتمع الإسلامي، والتي لم تكن الخلافة في طبيعتها أو في انطلاقتها، مع الاختلاف في وجهات النظر، هي الأساس فيها.

فمثلاً وعندما ندرس عملية اغتيال الخليفة الثاني، نجد أنّ هذه العملية لم تكن منطلقةً من فتنة، بل كانت هناك أبعاد شخصية معقدة دفعت إلى القيام بهذا العنف.

كما أن الفتنة التي تمثّلت باغتيال الخليفة الثالث، كانت منطلقةً من أوضاع داخلية لم يكن لها علاقة بشرعيّة الخلافة أو عدم شرعيّتها، وإنما انطلقت من خلال بعض التفاصيل التي حُـمّل الخليفة مسؤوليتها من خلال بني أمية أو ما شابه ذلك.

والفتنة التي انطلقت في قضية اغتيال الإمام علي(ع)، كانت من خلال فتنة الخوارج وقضية رفع المصاحف، والتي لا نزال نعيش بعض نتائجها في الفكر التكفيري، لأنهم كانوا يُكفّرون الإمام علياً(ع)، لأنه حكّم الرجال في دين الله.
   

الفتنة عندما انطلقت لم تنطلق من خلال الخلافة في خطوطها العريضة


إنما انطلقت من بعض العناوين السياسية والتكفيرية في المجتمع


فالفتنة عندما انطلقت، لم تنطلق من خلال الخلافة في خطوطها العريضة، وإنما انطلقت من خلال بعض التفاصيل الموجودة في المجتمع الإسلامي، والتي قد يكون بعضها فردياً، وبعضها ناشئاً من عناوين سياسية، بحسب تعبيرنا في هذه الأيام، أو من عناوين تكفيرية. لذلك، فإنّ الفتنة لم تؤثر في المجتمع الإسلامي الذي بقي يتحرك كمجتمع متعاون يتلاقى أفراده، وينطلق فيه المثقفون الذين قد يختلفون في الخطوط التفسيرية أو بعض الخطوط الفقهية، كما في حركة الخلفاء الذين كانوا يستشيرون بعض الصحابة في الجانب الفقهي، فيختلف الصحابة في هذا الموضوع، بحيث يفتي هذا الصحابي بشيء لأنه فهم من رسول الله(ص) شيئاً، بينما يفتي الصحابي الآخر بشيء آخر. فالفتنة لم تستطع أن تؤثر في المجتمع الإسلامي من خلال عناصر القوة الموجودة فيه، ولذلك انطلقت الفتوحات بشكل لم يخالف فيه أحدٌ أحداً.

المصاهرة بين السنّة والشيعة

ونحن عندما ندرس الواقع في لبنان، نرى أن هناك سنّة وهناك شيعة، وتاريخ السنّة والشيعة في لبنان لم يلتقِ بأية فتنة مذهبية بينهم، بل إننا نلاحظ أن المصاهرة بينهما بلغت حداً لم تبلغه أية علاقة سنية ـ شيعية على مستوى المصاهرة في أي بلد إسلامي، سواء أكان في البلاد العربية أم في البلاد الإسلامية، ما يعني أن هناك علاقات عضوية بين السنة والشيعة في لبنان، وهذا ما يجعلنا نقول إنّ المشكلة في لبنان ليست مذهبيةً ولا طائفيةً، وإنما هي سياسية.

أي عندما يكون رئيس الوزراء سنياً ويعارضه بعض السياسيين، فهذا لا يعني أنّ هناك معارضة للمذهب السني أو للطائفة السنية، فهو شخصية سياسية قد يقبله بعض السنّة وقد يرفضه البعض الآخر، كما هو الحال بالنسبة إلى رئاسة المجلس النيابي، باعتبار أنّ الرئيس شيعي، فإننا نرى أنّ هناك من يعارضه، وهناك من يوافقه من الشيعة ومن السنّة. وهكذا لاحظنا في تجارب رؤساء الجمهورية السابقين إلى آخر رئيس جمهورية، أنّ هناك من المسيحيين، ومن الموارنة تحديداً، من يعارضه وهناك من يقبله. ثم عندما تدرس مسألة المعارضة والموالاة، تجد أن المعارضة تضم من كل الطوائف، والموالاة تضم من كل الطوائف. إذاً ليس هناك أي عمق لأي عناصر للفتنة السنيّة ـ الشيعية.

فليست هناك أية مشكلة بين جمهور السنّة وجمهور الشيعة، قد يكون هناك بعض الناس المعقدين في الطائفة السنيّة وفي الطائفة الشيعية، قد يخلقون بعض المشاكل التي ربما تكون فردية أو فئوية، فينطلق الإعلام العالمي وبعض الإعلام اللبناني، ليصوّر أنّ هناك مشكلة بين الشيعة والسنّة، وفي الواقع، تكون المشكلة فردية أو محلية.

إنني أتصوّر أن ما تحدّث عنه القرآن الكريم، من أن المترفين هم الذين وقفوا ضد رسالات الأنبياء، وهم الذين استغلوا حاجات المستضعفين إليهم من خلال ما يملكونه من المال والجاه والسلطة، واستفادوا من نقاط الضعف الموجودة في مجتمع المستضعفين حتى جعلوهم قوة في مواجهة الرسل، وانحرفوا بهم عن الخط المستقيم، هؤلاء المترفون هم الذين قد يشاركون في صنع الفتنة المذهبية، وربما الفتنة الطائفية، سواء كان هؤلاء الأشخاص ممّن يملكون الأموال الضخمة، أو ممّن يملكون بعض الفرص السانحة، ليثيروا بعض التعقيدات التاريخية عن طريق بعض المشايخ أو غيرهم، وربما يتمثل المترفون ببعض الدول التي تملك المال الذي تموّل به هذا الفريق من السياسيين أو ذاك الفريق، وهذا الخط السياسي أو ذاك الخط، فهذه الدول هي المسؤولة عن إيجاد بعض الأجواء التي يتحدّث بها الإعلام أو الناس عن مسألة الفتنة، وربما نسمع بين وقت وآخر، أن بعض القيادات من غير المسلمين يعملون على أن يحاربوا آخر مسلم سني وآخر مسلم شيعي، لتجنيب طوائفهم أو تحييد أوضاعهم عن أية فتنة.

حرب على جميع المسلمين

س: لكم موقف معلن وقرأناه، وهو عدم جواز سب الصحابة، فما هو المطلوب لنشر وتطبيق مثل هذه المواقف من أجل تمكين الوحدة الإسلامية؟

ج: إنني أتصور أن الأساس في التركيز على الوحدة الإسلامية، هو أن يكون السنة مسلمين، والشيعة مسلمين، وأن يعيشوا الأصالة الإسلامية، بحيث يواجهون معاً الخطة العالمية المدروسة لتدمير الإسلام في نفوس المسلمين ومنعه من الامتداد في الواقع العالمي، هذه الخطة التي تقودها الإدارة الأمريكية ومعها دول الاتحاد الأوروبي، ولعل الجميع يستذكرون عند سقوط الاتحاد السوفياتي، الاجتماع الذي عقدته دول الحلف الأطلسي، الذي كان يبحث عن عدو جديد يبرر وجود هذا الحلف، وكانت رئيسة الوزراء البريطانية "مارغريت تاتشر" قد أعلنت في ذلك الاجتماع، أن الإسلام هو العدو الجديد، لأنه يمثل الخطر الكبير على المصالح الغربية في العالم الإسلامي، وقد وافقها على ذلك أمين عام الحلف الأطلسي، وقد حدثني بعض المسؤولين الكبار في الجامعة العربية، أن دراسته للسياسة الاميركية، جعلته يقتنع بأن أميركا تريد تدمير الإسلام.

 

  هناك خطة مدروسة لتدمير الإسلام في نفوس المسلمين ومنعه من الامتداد في الواقع العالمي


وهذا أيضاً ما تثيره بعض أجهزة الإعلام التي تقدم الكثير من الباحثين الذين يشوِّهون صورة الإسلام، من خلال نشر الأفكار غير الدقيقة عن التشريع الإسلامي أو عن العقيدة الإسلامية، وهذا ما تمثل بمحاضرة البابا الجديد، والتي اتهم فيها الإسلام باللاعقل، أو بنشر الصور المسيئة إلى الرسول(ص)، أو بالفيلم الذي يوزّع الآن في هولندا.

الأمن الإسلامي

لهذا نقول، إنّ على المسلمين، قبل أن يبحثوا في خصوصيات التاريخ، ولمن الخلافة أو لمن الإمامة، أو عن شروط الصلاة وشروط الحج أو ما إلى ذلك، أن يعملوا على أساس مواجهة هذه الحرب الثقافية والإعلامية، والتي تحوّلت أخيراً إلى حرب سياسية وعسكرية من خلال الاحتلال، وإلى فوضى عبثت بكل الواقع الإسلامي.

ثم عندما نفرغ من حماية الأمن الإسلامي، وعندما نفرغ من اللقاء على أساس الكلمتين اللتين تمثلان القاعدة للدخول في الإسلام، وهما الشهادتان، عندما ننطلق في هذا المجال، وعندما نقف مع كتاب الله وسنّة نبيّه(ص)، ونقرأ: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، ونقرأ: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}، يمكن لنا حينها أن ندخل في حوار إسلامي ـ إسلامي مع كل المذاهب الإسلامية، يرتكز على أساس علمي موضوعي يبحث عن مواقع اللقاء، كما هو المنهج الإسلامي في دعوة أهل الكتاب إلى أن ننطلق من "كلمة سواء"، فلا ننطلق في الإعلام أو في خطابات المساجد، ليبحث طرف عن نقطة سلبية في الطرف الآخر، أو في استعادة تاريخ القلق لدى أتباع هذا المذهب أو ذاك المذهب.

    عندما نفرغ من حماية الأمن الإسلامي، ندخل في حوار مع كل المذاهب الإسلامية يرتكز على أساس البحث عن مواقع اللقاء وعن كلمة سواء


مَن الحجّة؟


س: لكم موقف أعلنتموه بعدم جواز سبِّ الصحابة، وللأزهر موقف أعلنه بعدم جواز التعدي على المذهب الجعفري، واعتماد تدريسه في كلياته، فلماذا لا تقومون بتطوير هذه المواقف؟

ج: نحن الآن دخلنا في حوار علمي مع كثير من العلماء المسلمين السنّة، وأنا أشارك في اتحاد علماء المسلمين، وقد التقيت مع الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ فيصل المولوي، والكثير من الأخوان من علماء السنّة، وقد أجري معي حواران؛ حوار مع التلفزيون المصري تمحور حول بعض القضايا العقيدية والفقهية التي يُتَّهم بها المذهب الشيعي، وأجبت بكل صراحة وموضوعية، وقد نقلت هذا الحوار قناة العربية على موقعها الإلكتروني، وحوار آخر قبل أكثر من شهر مع الدكتور عبد العزيز قاسم، أحد محرري جريدة "عكاظ" السعودية، في ما يسميه بالمكاشفات في الدين والحياة، في أربع حلقات كبرى.

وقد كنت صريحاً في الإجابة عن مسألة التقريب بين المذاهب، وعدم جواز الإساءة إلى الصحابة وإلى أمهات المؤمنين، والدعوة إلى حوار موضوعي، وكنت صريحاً أيضاً عندما قلت إنّ ما يجمع السنة والشيعة في المسائل الفقهية يصل إلى مستوى 80%، وأما في مسألة الخلافة والإمامة فأنقل عن أحد مراجع الشيعة الكبار، وهو السيد حسين البروجردي الذي توفي سنة 1380هـ، وقد نقل لي عنه أنه كان يقول إنّ مسألة الخلافة الآن لا تتحرك في الحديث عمّن هو الخليفة، لأنّ الجميع انتقلوا إلى رحاب الله وقدموا حسابهم أمامه، ولكن علينا أن نتحدث عمّن هو الحجة، هل هم الخلفاء الذين تقدموا على علي(ع)، أم هو علي وأولاده(ع)؟ ليكون الحوار حواراً علمياً موضوعياً في مسألة الحجيّة وعدمها، ولكن من دون القيام بعملية التشهير الإعلامي أو المنبري، كما يحدث الآن، بهدف تعقيد العلاقات بين السنة والشيعة. لذلك نحن نعتقد أن المسألة لا بد من أن يديرها العلماء.

اختلاف سياسي

أما المسألة السياسية، فهي لا تنطلق من خلال الخطوط المذهبية في الواقع، وإنما تنطلق من خلال الاتجاه السياسي الذي قد يلتقي عنده السنّة والشيعة أو يختلفون عنده.

ولهذا، فإننا نسمع أن بعض الناس يتهمون الشيعة بأنهم تابعون لإيران، فلماذا لا نتهم ـ إذا كنا نسير في هذا الاتجاه ـ السنة أيضاً بأنهم تابعون لأمريكا؟ هناك من يتحدث عن مشكلة تدخل إيران في العراق، فلماذا لا يتحدث عن تدخل أمريكا وبريطانيا في العراق؟

    عندما نختلف سياسياً، علينا أن لا ندخل المذهبية أو الطائفية في مسألة الاختلاف


نحن لا نريد لأحد أن يتدخل في العراق، ونريد للشعب العراقي، الذي عاش الوحدة التاريخية، بحيث لم نعاين في تاريخ الشيعة والسنّة في العراق أي مشكلة مذهبية بينهما، بل إن الشيعة وقفوا سنة 1920 ليحاربوا الاستعمار البريطاني دفاعاً عن الحكومة العثمانية التي كانت تحكم العراق، وهي حكومة سنية، نريد لهذا الشعب أن ينطلق من خلال هذه الوحدة.

لذلك علينا، حتى عندما نريد أن نختلف سياسياً، أن لا ندخل المذهبية بالمعنى الشيعي أو السني، أو الطائفية بالمعنى المسيحي والإسلامي، في مسألة الاختلاف.
 

س: يحاول البعض أن يصور الخلافات السياسية الحاصلة اليوم وكأنها خلاف بين شيعة علي وشيعة معاوية، ما رأيكم سماحة السيد: بما هو قائم اليوم من استغلال لحال المسلمين؟

ج: إنني أقول: أخرجوا المتعصبين الذين يريدون إثارة العصبية التي تمثل الجاهلية، والتي عبّر عنها القرآن الكريم بـ(الحمية الجاهلية)، أي التي تنطلق من ذهنية جاهلية. فما أشرت إليه وأثرته في مسألة شيعة علي وشيعة معاوية، لا وجود له في القضايا السياسية الخلافية.

وإذا أردنا أن نسمِّي القضايا بأسمائها، نقول إنّ النظام في لبنان هو نظام طائفي يقوم على أساس التوزيع الطائفي، بحيث تقسّم المسؤوليات القيادية الكبرى بين الطوائف الثلاث، فالسنّة يرأسون الوزارة، والوزارة تشتمل على كل الطوائف، والشيعة يرأسون المجلس النيابي، والمجلس النيابي يضم كل نواب لبنان، والموارنة يرأسون الجمهورية اللبنانية التي تضم كل اللبنانيين، ولذلك ليس هناك في الواقع اللبناني السياسي أي نوع من أنواع الاصطفاف السني بشكل موحّد، أو الشيعي بشكل موحد.

إنني أعتقد أن هذا التفكير، في إعادة إحياء مسألة معاوية وعليّ التاريخية، لا علاقة له من ناحية بيانية وفكرية بالسياسة اللبنانية في القضية المذهبية.

فالمسألة ليست أن هناك شيعة علي وشيعة معاوية، بل إنّ هناك شيعة أمريكا وشيعة الاتحاد الأوروبي، لأنهم هم الذين يسيطرون على واقع الأزمة اللبنانية التي يحرّكونها من خلال ربطها بأزمة المنطقة.

 

  من أدوات الحرب التي تستخدمها أمريكا إثارة الفتنة بين السنة والشيعة في المنطقة


إن أميركا عندما تتحرك في أوضاعها السياسية في لبنان، فهي بذلك تريد أن تُدير مسألة الصراع بينها وبين سوريا وإيران، لا لمصلحة الشعب السوري والشعب الإيراني، بل لمصلحة احتلالها للعراق، باعتبار أنها تتهم سوريا وإيران بأنّهما تشاركان في إرباك الاحتلال الأميركي في العراق، من خلال دعم المقاومة في مواجهة هذا الاحتلال. فالمسألة هي في أن أدوات هذه الحرب وهذا الصراع قد تكون في إثارة الفتنة بين السنّة والشيعة في العالم العربي.

إيران والعرب وولاية الفقيه

س: كيف يمكن أن نقيم علاقات عربية ـ إيرانية هادئة، بدلاً من العلاقات المتوترة التي قد تستغلها أميركا؟

ج: عندما ندرس الطريقة التي تدير بها إيران سياستها العربية، نجد أنها تحاول إيجاد علاقات عضوية مع العالم العربي، فهي دخلت منذ سنوات في علاقات أمنية مع السعودية، وقد طرحت على دول الخليج أن يكون هناك نوع من التعاون في الدفاع عن أمن الخليج، باعتبارها أكبر دولة خليجية، لأن إيران تملك أكثر من 1000 كلم على الخليج، هذا إضافةً إلى حضور رئيس جمهورية إيران اجتماعات مؤتمر القمة الخليجي، كما أنّ هناك علاقات اقتصادية بين إيران ودول الخليج، ولاسيما الإمارات، تصل إلى مستوى عشرات المليارات. ونلاحظ أيضاً أن إيران لا تزال تدعم القضية الفلسطينية المقاومة، كما تدعم المقاومة اللبنانية، وهما قضيتان عربيتان لم يستطع العرب، بما فيهم الجامعة العربية، أن يقفوا معهما في خط المواجهة "لإسرائيل"، بل إن القضية كانت بالعكس، أنهم دخلوا في النفق الإسرائيلي. وقد قرأت لبعض المفاوضين في السلطة الفلسطينية، أن اللقاءات بين أولمرت وأبو مازن لم تستطع أن تصل إلى نتيجة، وأننا نتفاوض لنقول للعالم بأننا نريد السلام فقط، ولكن من الصعب أن نصل إلى هذا السلام، لأن أولمرت عرض على السلطة الفلسطينية أن يمنحها 64% من أراضي الضفة الغربية.

لذلك نحن نعتقد أن التدخّل الإيراني الذي يقال أنه حاصلٌ في لبنان، هو الذي ساعد في تحير الأرض اللبنانية عام 2000م.

كما أن الصراع الذي حصل وقادته "إسرائيل"، وأميركا معها، في عدوان تموز عام 2006، استطاع "حزب الله" أن ينتصر فيه عليها وأن يهزمها لأول مرة في تاريخ صراعها مع العرب.

أما بالنسبة إلى مسألة ولاية الفقيه، لعل الكثير من الناس يتصورون أن المقاومة الإسلامية في لبنان لا تتحرك بأية حركة إلا عندما تستشير إيران، ولكنني أقول في هذا، وأنا أتحدث عن معلومات، إنّ القيادة الإيرانية الإسلامية المتمثلة بالسيد علي خامنئي، تتحرك على أساس أنّ "حزب الله" أصبح يملك من الرشد السياسي ما يستطيع من خلاله أن يدير الوضع السياسي الذي يتبناه بنفسه، لذلك هناك فهم غير دقيق لطبيعة علاقة "حزب الله" بولاية الفقيه.

السلاح والخلل بين الطوائف

س: هناك قدرات عسكرية موجودة في يد طائفة معينة أكثر من بقية الطوائف أوجدَت خللاً، وحاله لا تطمئن الآخرين من هذه الطوائف؟

ج: في هذه المسألة هناك نقطتان: النقطة الأولى، هي أنه في آخر جلسة من جلسات الحوار اللبناني ـ اللبناني، طُرحت فكرة الاتفاق على استراتيجية لبنانية للدفاع عن لبنان، وإذا تمّ الاتفاق على هذه الاستراتيجية، فإنها تنتفي الحاجة إلى استمرار سلاح "حزب الله" وسلاح المقاومة من جهة، أو السلاح الفلسطيني في المخيمات وخارج المخيمات من جهة ثانية.

النقطة الثانية: إننا عندما ندرس الاعتداءات الإسرائيلية، نرى أنه قبل ظهور "حزب الله" كحركة مقاومة ضد الاحتلال سنة 1982م، وفي السبعينات والستينات، عانى اللبنانيون ما عانوه من هذا الاحتلال ومن الاعتداءات، ونحن نعرف أنّ الجيش اللبناني في كل الحكومات لم يُعطَ أية قوة يستطيع من خلالها أن يحارب "إسرائيل". لذلك ما دامت العلاقة بين لبنان و"إسرائيل"، حتى من الناحية الرسمية، علاقة حرب وليست علاقة سلام في "إسرائيل"، من خلال وزير الدفاع، ومن خلال الشخصيات العسكرية والسياسية حول وجود إمكانات لحرب ضد لبنان، فإنّ السلاح سيبقى في يد المقاومة، مع الإشارة إلى أنّ المقاومة تقول: إننا لن نبدأ الحرب ضد "إسرائيل"، لأننا نفهم الأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة.

أما مسألة حرب تموز، فقد انطلقت الحسابات فيها ممّا كان يجري في ظروف أخرى شبيهة، عندما كان يتمّ أسر بعض الإسرائيليين لمبادلتهم بمئات الأسرى من الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، ولكن لم يكن هناك أي خطة للحرب، وقد تخطئ الحسابات في هذا المقام.

وقد ثبت من خلال تقارير المخابرات الأميركية، وتقارير الصحافة الأميركية، أن الخطة كانت معدّة من الثمانينات للهجوم على المقاومة.

والمقاومة في تموز لم تخسر الحرب، ولكن ربما كانت بعض الحسابات غير دقيقة، لأنهم حاولوا أن يجعلوا حركتهم في أسر الجنديين الإسرائيليين كحركتهم السابقة، ولكن لم يكونوا منتبهين إلى أن هناك خطة أميركية ـ إسرائيلية تخطط للحرب.

ولذلك نقول إن الحل في هذا الموضوع يتمثل أولاً، في أن تعلن المقاومة بأنها لن تستخدم هذا السلاح في أي صراع داخلي. وثانياً: إذا اتفق اللبنانيون على استراتيجية دقيقة محكمة للدفاع عن لبنان، فإن السلاح لن يبقى.

س: لماذا تعطي إيران الشيعية السلاح لحزب الله الشيعي، ولا تعطي هذا السلاح للدولة اللبنانية؟

ج: لأنّ إيران تؤيد المقاومة الإسلامية، والدولة اللبنانية ليست في صدد مقاومة "إسرائيل".

أنا أسأل: عندما قصفت "إسرائيل" الجيش اللبناني في أماكنه، من الذي دافع عن الجيش اللبناني؟ وهل أعطيت التعليمات للجيش اللبناني كي يرد على "إسرائيل" في ذلك الوقت؟ فهي لم تعط هذه الأوامر، لأن الجيش اللبناني لا يملك السلاح والقرار.
   

إن الحملة الأمريكية على إيران وتشويه صورتها في المحافل الدولية


سببه أنّ أمريكا لا تريد للبنان أن يقيم علاقات طبيعية مع إيران


وأيضاً عندما خاض الجيش اللبناني حربه في مخيم نهر البارد، فإنّه أمّن بعض حاجاته من السلاح من سوريا، وهذا أمر اعترف به قائد الجيش، لأن أميركا لم تعطه أية قوة، بل ما أعطته إياه إنما هو بعض الأسلحة القديمة. لذلك نقول إنّ هناك علاقات طبيعية بين لبنان وإيران.

أمّا الحملة على إيران وتشويه صورتها في المحافل الدولية، فسببه أنّ أميركا لا تريد للبنان أن يقيم علاقات طبيعية مع إيران، وهذا أمر أصبح من بديهيات السياسة الدولية التي تنطلق فيها أمريكا في خطين:

الأول: هو التزامها المطلق بالأمن الإسرائيلي، الاقتصادي والسياسي والعسكري.

والثاني: أنّ أميركا تعمل على أساس أن يبقى لبنان ساحةً لإدارة صراعاتها مع الذين يخالفونها أو الذين يعارضونها، وخصوصاً في ما تعانيه من مأزق في احتلالها للعراق.

لذلك أنا أسأل هذا الفريق العربي الذي ينتقد السياسة الإيرانية: ماذا قدّم للقضية الفلسطينية؟ وماذا يقدّم للقضية الفلسطينية أمام ما تقدمه إيران لهذه القضية؟ الآن، غزة تعاني حصاراً قاتلاً، فما هو موقف العرب من حصار غزة؟ موقفهم أن بعضهم يحتفل مع "إسرائيل" ومع أميركا بمرور60 عاماً على احتلال فلسطين.
   

الفريق العربي الذي ينتقد السياسة الإيرانية ماذا قدّم للقضية الفلسطينية؟


وما هو موقفه من حصار غزة


إمبراطورية إيرانية


س: هناك كلام كثير عن عزم إيران على إنشاء إمبراطورية؟

ج: إن إيران أصغر من أن تخلق إمبراطورية على مستوى عالمي، وهذا كلام أقرب إلى النكتة منه إلى الواقع، لأن إيران دولة محدودة الإمكانات العسكرية والاقتصادية.

ونحن نسمع التصريحات الإسرائيلية التي تهدد إيران تهديداً شبه يومي بأنها سوف تدمرها إذا أرادت صنع القنبلة النووية، ونرى ما تقوم به أميركا والدول الأوروبية من إصدار القرارات المتنوعة من مجلس الأمن لفرض عقوبات ضد إيران، لأنها تخطط لمشروعها النووي، الذي أكدت أكثر من مرّة من ناحية شرعية وسياسية أنه مشروع سلمي، حتى إننا سمعنا بالأمس هيلاري كلينتون ـ مع أوباما، الذي يُتهم بأن أباه كان مسلماً ـ تقول إنّها مستعدة أن تزيل إيران عن الخارطة.

فهل هذا يعني أن هناك علاقات إسرائيلية ـ إيرانية من أجل تسهيل عملية الإمبراطورية؟! بعض الإعلام قد يصور النكتة التي قد تُضحك الثكلى على أنها واقع.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 23 ربيع الثاني 1429 هـ  الموافق: 29/04/2008 م

حوار "المواقف الحاسمة" في الزمن الصعب مع العلامة المرجع حول شؤون الأمة في السياسة والدينالسيد فضل الله لـ"اللواء":

لا شأن للسنّة والشيعة بالخلافات السياسية، وأقول أخرجوا المتعصبين من صفوفكم


جسّد العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، من خلال منهجه في العمل العام، المرجعية المتحركة، فهو كما نجح في أن يشكّل بعلمه الشرعي وأبحاثه وقدراته الشخصية المميزة، مرجعية إسلامية بارزة، استطاع أن يكسب ثقة المسلمين بصورة عامة، وثقة مقلديه بصورة خاصة، وذلك عبر مباشرته وتواصله الدائم مع قضايا اللبنانيين والمسلمين.

اهتماماته ورعايته للمؤسسات التربوية والثقافية، إضافة إلى اجتهاداته الفقهية، حيث ترده آلاف الأسئلة شهرياً لتطلب إيضاحاً وفتوى في قضايا الناس وشؤونهم، كل ذلك لم يبعده عن التطرق بصورة دائمة إلى قضايا بلده وأمته السياسية.

في هذا الزمن الدقيق والبالغ الحساسية الذي تمر به الأمة العربية والإسلامية، وخصوصاً اللبنانية منها، التقت "اللواء" العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، لتطرح أمامه بعض هواجس الأمة، وفي مقدمها ما يحاك ويدّبر لخلق فتنة بين المسلمين. وهذا نصّ الحوار:


فتنة مفتعلة بين المسلمين

س: ألا ترى أن الفتنة تتحرّك بين المسلمين من دون أن نلمس الأسباب الحقيقية لها، فهل يوجد ما يؤدي إلى الفتنة؟ وكيف يمكن أن نقضي على أسبابها؟

ج: أنا أعتقد أنّ ما تشير إليه هو فتنة مفتعلة بالمعنى الدقيق لهذا المصطلح، لأن الفتنة التي عاشها المسلمون بعد وفاة النبي(ص)، انطلقت من خلال بعض العناصر الموجودة في المجتمع الإسلامي، والتي لم تكن الخلافة في طبيعتها أو في انطلاقتها، مع الاختلاف في وجهات النظر، هي الأساس فيها.

فمثلاً وعندما ندرس عملية اغتيال الخليفة الثاني، نجد أنّ هذه العملية لم تكن منطلقةً من فتنة، بل كانت هناك أبعاد شخصية معقدة دفعت إلى القيام بهذا العنف.

كما أن الفتنة التي تمثّلت باغتيال الخليفة الثالث، كانت منطلقةً من أوضاع داخلية لم يكن لها علاقة بشرعيّة الخلافة أو عدم شرعيّتها، وإنما انطلقت من خلال بعض التفاصيل التي حُـمّل الخليفة مسؤوليتها من خلال بني أمية أو ما شابه ذلك.

والفتنة التي انطلقت في قضية اغتيال الإمام علي(ع)، كانت من خلال فتنة الخوارج وقضية رفع المصاحف، والتي لا نزال نعيش بعض نتائجها في الفكر التكفيري، لأنهم كانوا يُكفّرون الإمام علياً(ع)، لأنه حكّم الرجال في دين الله.
   

الفتنة عندما انطلقت لم تنطلق من خلال الخلافة في خطوطها العريضة


إنما انطلقت من بعض العناوين السياسية والتكفيرية في المجتمع


فالفتنة عندما انطلقت، لم تنطلق من خلال الخلافة في خطوطها العريضة، وإنما انطلقت من خلال بعض التفاصيل الموجودة في المجتمع الإسلامي، والتي قد يكون بعضها فردياً، وبعضها ناشئاً من عناوين سياسية، بحسب تعبيرنا في هذه الأيام، أو من عناوين تكفيرية. لذلك، فإنّ الفتنة لم تؤثر في المجتمع الإسلامي الذي بقي يتحرك كمجتمع متعاون يتلاقى أفراده، وينطلق فيه المثقفون الذين قد يختلفون في الخطوط التفسيرية أو بعض الخطوط الفقهية، كما في حركة الخلفاء الذين كانوا يستشيرون بعض الصحابة في الجانب الفقهي، فيختلف الصحابة في هذا الموضوع، بحيث يفتي هذا الصحابي بشيء لأنه فهم من رسول الله(ص) شيئاً، بينما يفتي الصحابي الآخر بشيء آخر. فالفتنة لم تستطع أن تؤثر في المجتمع الإسلامي من خلال عناصر القوة الموجودة فيه، ولذلك انطلقت الفتوحات بشكل لم يخالف فيه أحدٌ أحداً.

المصاهرة بين السنّة والشيعة

ونحن عندما ندرس الواقع في لبنان، نرى أن هناك سنّة وهناك شيعة، وتاريخ السنّة والشيعة في لبنان لم يلتقِ بأية فتنة مذهبية بينهم، بل إننا نلاحظ أن المصاهرة بينهما بلغت حداً لم تبلغه أية علاقة سنية ـ شيعية على مستوى المصاهرة في أي بلد إسلامي، سواء أكان في البلاد العربية أم في البلاد الإسلامية، ما يعني أن هناك علاقات عضوية بين السنة والشيعة في لبنان، وهذا ما يجعلنا نقول إنّ المشكلة في لبنان ليست مذهبيةً ولا طائفيةً، وإنما هي سياسية.

أي عندما يكون رئيس الوزراء سنياً ويعارضه بعض السياسيين، فهذا لا يعني أنّ هناك معارضة للمذهب السني أو للطائفة السنية، فهو شخصية سياسية قد يقبله بعض السنّة وقد يرفضه البعض الآخر، كما هو الحال بالنسبة إلى رئاسة المجلس النيابي، باعتبار أنّ الرئيس شيعي، فإننا نرى أنّ هناك من يعارضه، وهناك من يوافقه من الشيعة ومن السنّة. وهكذا لاحظنا في تجارب رؤساء الجمهورية السابقين إلى آخر رئيس جمهورية، أنّ هناك من المسيحيين، ومن الموارنة تحديداً، من يعارضه وهناك من يقبله. ثم عندما تدرس مسألة المعارضة والموالاة، تجد أن المعارضة تضم من كل الطوائف، والموالاة تضم من كل الطوائف. إذاً ليس هناك أي عمق لأي عناصر للفتنة السنيّة ـ الشيعية.

فليست هناك أية مشكلة بين جمهور السنّة وجمهور الشيعة، قد يكون هناك بعض الناس المعقدين في الطائفة السنيّة وفي الطائفة الشيعية، قد يخلقون بعض المشاكل التي ربما تكون فردية أو فئوية، فينطلق الإعلام العالمي وبعض الإعلام اللبناني، ليصوّر أنّ هناك مشكلة بين الشيعة والسنّة، وفي الواقع، تكون المشكلة فردية أو محلية.

إنني أتصوّر أن ما تحدّث عنه القرآن الكريم، من أن المترفين هم الذين وقفوا ضد رسالات الأنبياء، وهم الذين استغلوا حاجات المستضعفين إليهم من خلال ما يملكونه من المال والجاه والسلطة، واستفادوا من نقاط الضعف الموجودة في مجتمع المستضعفين حتى جعلوهم قوة في مواجهة الرسل، وانحرفوا بهم عن الخط المستقيم، هؤلاء المترفون هم الذين قد يشاركون في صنع الفتنة المذهبية، وربما الفتنة الطائفية، سواء كان هؤلاء الأشخاص ممّن يملكون الأموال الضخمة، أو ممّن يملكون بعض الفرص السانحة، ليثيروا بعض التعقيدات التاريخية عن طريق بعض المشايخ أو غيرهم، وربما يتمثل المترفون ببعض الدول التي تملك المال الذي تموّل به هذا الفريق من السياسيين أو ذاك الفريق، وهذا الخط السياسي أو ذاك الخط، فهذه الدول هي المسؤولة عن إيجاد بعض الأجواء التي يتحدّث بها الإعلام أو الناس عن مسألة الفتنة، وربما نسمع بين وقت وآخر، أن بعض القيادات من غير المسلمين يعملون على أن يحاربوا آخر مسلم سني وآخر مسلم شيعي، لتجنيب طوائفهم أو تحييد أوضاعهم عن أية فتنة.

حرب على جميع المسلمين

س: لكم موقف معلن وقرأناه، وهو عدم جواز سب الصحابة، فما هو المطلوب لنشر وتطبيق مثل هذه المواقف من أجل تمكين الوحدة الإسلامية؟

ج: إنني أتصور أن الأساس في التركيز على الوحدة الإسلامية، هو أن يكون السنة مسلمين، والشيعة مسلمين، وأن يعيشوا الأصالة الإسلامية، بحيث يواجهون معاً الخطة العالمية المدروسة لتدمير الإسلام في نفوس المسلمين ومنعه من الامتداد في الواقع العالمي، هذه الخطة التي تقودها الإدارة الأمريكية ومعها دول الاتحاد الأوروبي، ولعل الجميع يستذكرون عند سقوط الاتحاد السوفياتي، الاجتماع الذي عقدته دول الحلف الأطلسي، الذي كان يبحث عن عدو جديد يبرر وجود هذا الحلف، وكانت رئيسة الوزراء البريطانية "مارغريت تاتشر" قد أعلنت في ذلك الاجتماع، أن الإسلام هو العدو الجديد، لأنه يمثل الخطر الكبير على المصالح الغربية في العالم الإسلامي، وقد وافقها على ذلك أمين عام الحلف الأطلسي، وقد حدثني بعض المسؤولين الكبار في الجامعة العربية، أن دراسته للسياسة الاميركية، جعلته يقتنع بأن أميركا تريد تدمير الإسلام.

 

  هناك خطة مدروسة لتدمير الإسلام في نفوس المسلمين ومنعه من الامتداد في الواقع العالمي


وهذا أيضاً ما تثيره بعض أجهزة الإعلام التي تقدم الكثير من الباحثين الذين يشوِّهون صورة الإسلام، من خلال نشر الأفكار غير الدقيقة عن التشريع الإسلامي أو عن العقيدة الإسلامية، وهذا ما تمثل بمحاضرة البابا الجديد، والتي اتهم فيها الإسلام باللاعقل، أو بنشر الصور المسيئة إلى الرسول(ص)، أو بالفيلم الذي يوزّع الآن في هولندا.

الأمن الإسلامي

لهذا نقول، إنّ على المسلمين، قبل أن يبحثوا في خصوصيات التاريخ، ولمن الخلافة أو لمن الإمامة، أو عن شروط الصلاة وشروط الحج أو ما إلى ذلك، أن يعملوا على أساس مواجهة هذه الحرب الثقافية والإعلامية، والتي تحوّلت أخيراً إلى حرب سياسية وعسكرية من خلال الاحتلال، وإلى فوضى عبثت بكل الواقع الإسلامي.

ثم عندما نفرغ من حماية الأمن الإسلامي، وعندما نفرغ من اللقاء على أساس الكلمتين اللتين تمثلان القاعدة للدخول في الإسلام، وهما الشهادتان، عندما ننطلق في هذا المجال، وعندما نقف مع كتاب الله وسنّة نبيّه(ص)، ونقرأ: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، ونقرأ: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}، يمكن لنا حينها أن ندخل في حوار إسلامي ـ إسلامي مع كل المذاهب الإسلامية، يرتكز على أساس علمي موضوعي يبحث عن مواقع اللقاء، كما هو المنهج الإسلامي في دعوة أهل الكتاب إلى أن ننطلق من "كلمة سواء"، فلا ننطلق في الإعلام أو في خطابات المساجد، ليبحث طرف عن نقطة سلبية في الطرف الآخر، أو في استعادة تاريخ القلق لدى أتباع هذا المذهب أو ذاك المذهب.

    عندما نفرغ من حماية الأمن الإسلامي، ندخل في حوار مع كل المذاهب الإسلامية يرتكز على أساس البحث عن مواقع اللقاء وعن كلمة سواء


مَن الحجّة؟


س: لكم موقف أعلنتموه بعدم جواز سبِّ الصحابة، وللأزهر موقف أعلنه بعدم جواز التعدي على المذهب الجعفري، واعتماد تدريسه في كلياته، فلماذا لا تقومون بتطوير هذه المواقف؟

ج: نحن الآن دخلنا في حوار علمي مع كثير من العلماء المسلمين السنّة، وأنا أشارك في اتحاد علماء المسلمين، وقد التقيت مع الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ فيصل المولوي، والكثير من الأخوان من علماء السنّة، وقد أجري معي حواران؛ حوار مع التلفزيون المصري تمحور حول بعض القضايا العقيدية والفقهية التي يُتَّهم بها المذهب الشيعي، وأجبت بكل صراحة وموضوعية، وقد نقلت هذا الحوار قناة العربية على موقعها الإلكتروني، وحوار آخر قبل أكثر من شهر مع الدكتور عبد العزيز قاسم، أحد محرري جريدة "عكاظ" السعودية، في ما يسميه بالمكاشفات في الدين والحياة، في أربع حلقات كبرى.

وقد كنت صريحاً في الإجابة عن مسألة التقريب بين المذاهب، وعدم جواز الإساءة إلى الصحابة وإلى أمهات المؤمنين، والدعوة إلى حوار موضوعي، وكنت صريحاً أيضاً عندما قلت إنّ ما يجمع السنة والشيعة في المسائل الفقهية يصل إلى مستوى 80%، وأما في مسألة الخلافة والإمامة فأنقل عن أحد مراجع الشيعة الكبار، وهو السيد حسين البروجردي الذي توفي سنة 1380هـ، وقد نقل لي عنه أنه كان يقول إنّ مسألة الخلافة الآن لا تتحرك في الحديث عمّن هو الخليفة، لأنّ الجميع انتقلوا إلى رحاب الله وقدموا حسابهم أمامه، ولكن علينا أن نتحدث عمّن هو الحجة، هل هم الخلفاء الذين تقدموا على علي(ع)، أم هو علي وأولاده(ع)؟ ليكون الحوار حواراً علمياً موضوعياً في مسألة الحجيّة وعدمها، ولكن من دون القيام بعملية التشهير الإعلامي أو المنبري، كما يحدث الآن، بهدف تعقيد العلاقات بين السنة والشيعة. لذلك نحن نعتقد أن المسألة لا بد من أن يديرها العلماء.

اختلاف سياسي

أما المسألة السياسية، فهي لا تنطلق من خلال الخطوط المذهبية في الواقع، وإنما تنطلق من خلال الاتجاه السياسي الذي قد يلتقي عنده السنّة والشيعة أو يختلفون عنده.

ولهذا، فإننا نسمع أن بعض الناس يتهمون الشيعة بأنهم تابعون لإيران، فلماذا لا نتهم ـ إذا كنا نسير في هذا الاتجاه ـ السنة أيضاً بأنهم تابعون لأمريكا؟ هناك من يتحدث عن مشكلة تدخل إيران في العراق، فلماذا لا يتحدث عن تدخل أمريكا وبريطانيا في العراق؟

    عندما نختلف سياسياً، علينا أن لا ندخل المذهبية أو الطائفية في مسألة الاختلاف


نحن لا نريد لأحد أن يتدخل في العراق، ونريد للشعب العراقي، الذي عاش الوحدة التاريخية، بحيث لم نعاين في تاريخ الشيعة والسنّة في العراق أي مشكلة مذهبية بينهما، بل إن الشيعة وقفوا سنة 1920 ليحاربوا الاستعمار البريطاني دفاعاً عن الحكومة العثمانية التي كانت تحكم العراق، وهي حكومة سنية، نريد لهذا الشعب أن ينطلق من خلال هذه الوحدة.

لذلك علينا، حتى عندما نريد أن نختلف سياسياً، أن لا ندخل المذهبية بالمعنى الشيعي أو السني، أو الطائفية بالمعنى المسيحي والإسلامي، في مسألة الاختلاف.
 

س: يحاول البعض أن يصور الخلافات السياسية الحاصلة اليوم وكأنها خلاف بين شيعة علي وشيعة معاوية، ما رأيكم سماحة السيد: بما هو قائم اليوم من استغلال لحال المسلمين؟

ج: إنني أقول: أخرجوا المتعصبين الذين يريدون إثارة العصبية التي تمثل الجاهلية، والتي عبّر عنها القرآن الكريم بـ(الحمية الجاهلية)، أي التي تنطلق من ذهنية جاهلية. فما أشرت إليه وأثرته في مسألة شيعة علي وشيعة معاوية، لا وجود له في القضايا السياسية الخلافية.

وإذا أردنا أن نسمِّي القضايا بأسمائها، نقول إنّ النظام في لبنان هو نظام طائفي يقوم على أساس التوزيع الطائفي، بحيث تقسّم المسؤوليات القيادية الكبرى بين الطوائف الثلاث، فالسنّة يرأسون الوزارة، والوزارة تشتمل على كل الطوائف، والشيعة يرأسون المجلس النيابي، والمجلس النيابي يضم كل نواب لبنان، والموارنة يرأسون الجمهورية اللبنانية التي تضم كل اللبنانيين، ولذلك ليس هناك في الواقع اللبناني السياسي أي نوع من أنواع الاصطفاف السني بشكل موحّد، أو الشيعي بشكل موحد.

إنني أعتقد أن هذا التفكير، في إعادة إحياء مسألة معاوية وعليّ التاريخية، لا علاقة له من ناحية بيانية وفكرية بالسياسة اللبنانية في القضية المذهبية.

فالمسألة ليست أن هناك شيعة علي وشيعة معاوية، بل إنّ هناك شيعة أمريكا وشيعة الاتحاد الأوروبي، لأنهم هم الذين يسيطرون على واقع الأزمة اللبنانية التي يحرّكونها من خلال ربطها بأزمة المنطقة.

 

  من أدوات الحرب التي تستخدمها أمريكا إثارة الفتنة بين السنة والشيعة في المنطقة


إن أميركا عندما تتحرك في أوضاعها السياسية في لبنان، فهي بذلك تريد أن تُدير مسألة الصراع بينها وبين سوريا وإيران، لا لمصلحة الشعب السوري والشعب الإيراني، بل لمصلحة احتلالها للعراق، باعتبار أنها تتهم سوريا وإيران بأنّهما تشاركان في إرباك الاحتلال الأميركي في العراق، من خلال دعم المقاومة في مواجهة هذا الاحتلال. فالمسألة هي في أن أدوات هذه الحرب وهذا الصراع قد تكون في إثارة الفتنة بين السنّة والشيعة في العالم العربي.

إيران والعرب وولاية الفقيه

س: كيف يمكن أن نقيم علاقات عربية ـ إيرانية هادئة، بدلاً من العلاقات المتوترة التي قد تستغلها أميركا؟

ج: عندما ندرس الطريقة التي تدير بها إيران سياستها العربية، نجد أنها تحاول إيجاد علاقات عضوية مع العالم العربي، فهي دخلت منذ سنوات في علاقات أمنية مع السعودية، وقد طرحت على دول الخليج أن يكون هناك نوع من التعاون في الدفاع عن أمن الخليج، باعتبارها أكبر دولة خليجية، لأن إيران تملك أكثر من 1000 كلم على الخليج، هذا إضافةً إلى حضور رئيس جمهورية إيران اجتماعات مؤتمر القمة الخليجي، كما أنّ هناك علاقات اقتصادية بين إيران ودول الخليج، ولاسيما الإمارات، تصل إلى مستوى عشرات المليارات. ونلاحظ أيضاً أن إيران لا تزال تدعم القضية الفلسطينية المقاومة، كما تدعم المقاومة اللبنانية، وهما قضيتان عربيتان لم يستطع العرب، بما فيهم الجامعة العربية، أن يقفوا معهما في خط المواجهة "لإسرائيل"، بل إن القضية كانت بالعكس، أنهم دخلوا في النفق الإسرائيلي. وقد قرأت لبعض المفاوضين في السلطة الفلسطينية، أن اللقاءات بين أولمرت وأبو مازن لم تستطع أن تصل إلى نتيجة، وأننا نتفاوض لنقول للعالم بأننا نريد السلام فقط، ولكن من الصعب أن نصل إلى هذا السلام، لأن أولمرت عرض على السلطة الفلسطينية أن يمنحها 64% من أراضي الضفة الغربية.

لذلك نحن نعتقد أن التدخّل الإيراني الذي يقال أنه حاصلٌ في لبنان، هو الذي ساعد في تحير الأرض اللبنانية عام 2000م.

كما أن الصراع الذي حصل وقادته "إسرائيل"، وأميركا معها، في عدوان تموز عام 2006، استطاع "حزب الله" أن ينتصر فيه عليها وأن يهزمها لأول مرة في تاريخ صراعها مع العرب.

أما بالنسبة إلى مسألة ولاية الفقيه، لعل الكثير من الناس يتصورون أن المقاومة الإسلامية في لبنان لا تتحرك بأية حركة إلا عندما تستشير إيران، ولكنني أقول في هذا، وأنا أتحدث عن معلومات، إنّ القيادة الإيرانية الإسلامية المتمثلة بالسيد علي خامنئي، تتحرك على أساس أنّ "حزب الله" أصبح يملك من الرشد السياسي ما يستطيع من خلاله أن يدير الوضع السياسي الذي يتبناه بنفسه، لذلك هناك فهم غير دقيق لطبيعة علاقة "حزب الله" بولاية الفقيه.

السلاح والخلل بين الطوائف

س: هناك قدرات عسكرية موجودة في يد طائفة معينة أكثر من بقية الطوائف أوجدَت خللاً، وحاله لا تطمئن الآخرين من هذه الطوائف؟

ج: في هذه المسألة هناك نقطتان: النقطة الأولى، هي أنه في آخر جلسة من جلسات الحوار اللبناني ـ اللبناني، طُرحت فكرة الاتفاق على استراتيجية لبنانية للدفاع عن لبنان، وإذا تمّ الاتفاق على هذه الاستراتيجية، فإنها تنتفي الحاجة إلى استمرار سلاح "حزب الله" وسلاح المقاومة من جهة، أو السلاح الفلسطيني في المخيمات وخارج المخيمات من جهة ثانية.

النقطة الثانية: إننا عندما ندرس الاعتداءات الإسرائيلية، نرى أنه قبل ظهور "حزب الله" كحركة مقاومة ضد الاحتلال سنة 1982م، وفي السبعينات والستينات، عانى اللبنانيون ما عانوه من هذا الاحتلال ومن الاعتداءات، ونحن نعرف أنّ الجيش اللبناني في كل الحكومات لم يُعطَ أية قوة يستطيع من خلالها أن يحارب "إسرائيل". لذلك ما دامت العلاقة بين لبنان و"إسرائيل"، حتى من الناحية الرسمية، علاقة حرب وليست علاقة سلام في "إسرائيل"، من خلال وزير الدفاع، ومن خلال الشخصيات العسكرية والسياسية حول وجود إمكانات لحرب ضد لبنان، فإنّ السلاح سيبقى في يد المقاومة، مع الإشارة إلى أنّ المقاومة تقول: إننا لن نبدأ الحرب ضد "إسرائيل"، لأننا نفهم الأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة.

أما مسألة حرب تموز، فقد انطلقت الحسابات فيها ممّا كان يجري في ظروف أخرى شبيهة، عندما كان يتمّ أسر بعض الإسرائيليين لمبادلتهم بمئات الأسرى من الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، ولكن لم يكن هناك أي خطة للحرب، وقد تخطئ الحسابات في هذا المقام.

وقد ثبت من خلال تقارير المخابرات الأميركية، وتقارير الصحافة الأميركية، أن الخطة كانت معدّة من الثمانينات للهجوم على المقاومة.

والمقاومة في تموز لم تخسر الحرب، ولكن ربما كانت بعض الحسابات غير دقيقة، لأنهم حاولوا أن يجعلوا حركتهم في أسر الجنديين الإسرائيليين كحركتهم السابقة، ولكن لم يكونوا منتبهين إلى أن هناك خطة أميركية ـ إسرائيلية تخطط للحرب.

ولذلك نقول إن الحل في هذا الموضوع يتمثل أولاً، في أن تعلن المقاومة بأنها لن تستخدم هذا السلاح في أي صراع داخلي. وثانياً: إذا اتفق اللبنانيون على استراتيجية دقيقة محكمة للدفاع عن لبنان، فإن السلاح لن يبقى.

س: لماذا تعطي إيران الشيعية السلاح لحزب الله الشيعي، ولا تعطي هذا السلاح للدولة اللبنانية؟

ج: لأنّ إيران تؤيد المقاومة الإسلامية، والدولة اللبنانية ليست في صدد مقاومة "إسرائيل".

أنا أسأل: عندما قصفت "إسرائيل" الجيش اللبناني في أماكنه، من الذي دافع عن الجيش اللبناني؟ وهل أعطيت التعليمات للجيش اللبناني كي يرد على "إسرائيل" في ذلك الوقت؟ فهي لم تعط هذه الأوامر، لأن الجيش اللبناني لا يملك السلاح والقرار.
   

إن الحملة الأمريكية على إيران وتشويه صورتها في المحافل الدولية


سببه أنّ أمريكا لا تريد للبنان أن يقيم علاقات طبيعية مع إيران


وأيضاً عندما خاض الجيش اللبناني حربه في مخيم نهر البارد، فإنّه أمّن بعض حاجاته من السلاح من سوريا، وهذا أمر اعترف به قائد الجيش، لأن أميركا لم تعطه أية قوة، بل ما أعطته إياه إنما هو بعض الأسلحة القديمة. لذلك نقول إنّ هناك علاقات طبيعية بين لبنان وإيران.

أمّا الحملة على إيران وتشويه صورتها في المحافل الدولية، فسببه أنّ أميركا لا تريد للبنان أن يقيم علاقات طبيعية مع إيران، وهذا أمر أصبح من بديهيات السياسة الدولية التي تنطلق فيها أمريكا في خطين:

الأول: هو التزامها المطلق بالأمن الإسرائيلي، الاقتصادي والسياسي والعسكري.

والثاني: أنّ أميركا تعمل على أساس أن يبقى لبنان ساحةً لإدارة صراعاتها مع الذين يخالفونها أو الذين يعارضونها، وخصوصاً في ما تعانيه من مأزق في احتلالها للعراق.

لذلك أنا أسأل هذا الفريق العربي الذي ينتقد السياسة الإيرانية: ماذا قدّم للقضية الفلسطينية؟ وماذا يقدّم للقضية الفلسطينية أمام ما تقدمه إيران لهذه القضية؟ الآن، غزة تعاني حصاراً قاتلاً، فما هو موقف العرب من حصار غزة؟ موقفهم أن بعضهم يحتفل مع "إسرائيل" ومع أميركا بمرور60 عاماً على احتلال فلسطين.
   

الفريق العربي الذي ينتقد السياسة الإيرانية ماذا قدّم للقضية الفلسطينية؟


وما هو موقفه من حصار غزة


إمبراطورية إيرانية


س: هناك كلام كثير عن عزم إيران على إنشاء إمبراطورية؟

ج: إن إيران أصغر من أن تخلق إمبراطورية على مستوى عالمي، وهذا كلام أقرب إلى النكتة منه إلى الواقع، لأن إيران دولة محدودة الإمكانات العسكرية والاقتصادية.

ونحن نسمع التصريحات الإسرائيلية التي تهدد إيران تهديداً شبه يومي بأنها سوف تدمرها إذا أرادت صنع القنبلة النووية، ونرى ما تقوم به أميركا والدول الأوروبية من إصدار القرارات المتنوعة من مجلس الأمن لفرض عقوبات ضد إيران، لأنها تخطط لمشروعها النووي، الذي أكدت أكثر من مرّة من ناحية شرعية وسياسية أنه مشروع سلمي، حتى إننا سمعنا بالأمس هيلاري كلينتون ـ مع أوباما، الذي يُتهم بأن أباه كان مسلماً ـ تقول إنّها مستعدة أن تزيل إيران عن الخارطة.

فهل هذا يعني أن هناك علاقات إسرائيلية ـ إيرانية من أجل تسهيل عملية الإمبراطورية؟! بعض الإعلام قد يصور النكتة التي قد تُضحك الثكلى على أنها واقع.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 23 ربيع الثاني 1429 هـ  الموافق: 29/04/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية