من الممكن إيجاد قاعدة بينهما في الساحة المشتركة
السيد فضل الله لـ(الأيـام): لا لقاء بين العلمانيين والإسلاميين
عن الصراع بين المنهج الإسلامي والمنهج العلماني، وإمكانية إيجاد ساحات للّقاء، حاورت صحيفة "الأيام" البحرينية، العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله... وهذا نص الحوار:
س: البعض يقول: "إن الصراع بين العلمانيّة والإسلاميّة سيستمرّ باستمرار المنهجين"، هل من المجدي استمرار هذا الصراع؟ ولماذا؟
ج: من الطبيعي استمرار الصراع الثقافي من الناحية الفكرية بين منهجين مختلفين في الأسس العقيدية، ولكن، لا بدّ من أن يتحرّك هذا الصراع بالطريقة العلميّة الحضاريّة، على قاعدة "الجدال بالتي هي أحسن".
أمّا إذا كان المقصود بالصراع الصراع السياسي الواقعي في حركة الأمّة، من أجل تحريك المسألة السياسية والقانونيّة فيما هي القضايا الكُبرى للناس، ممّا قد يختلف فيه المنهج العلماني عن المنهج الإسلامي، في المعالجة والأدوات، فمن الطبيعي أن يستمرّ هذا الصراع، ولكن من دون استخدام العنفٍ الذي قد يؤدّي إلى النتائج الاجتماعية السلبيّة، أو إلى إفساد العلاقات العامّة في الأمّة، بما يفسح المجال لأعداء الأمّة للسيطرة على مقدّراتها الحيويّة وقضاياها المصيريّة، ولاسيّما إذا كانت هناك بعض القواسم المشتركة في بعض القضايا السياسية المهمّة مرحلياً.
لا لقاء مع العلمانيين
س: ما هي ـ في نظركم ـ مواطن اللقاء والاختلاف بين هذين الطرفين؟
ج: ليس هناك لقاء بين الطرفين، لأنّ العلمانيّة ترفض إدخال الدين في قضايا السياسة والقانون والاجتماع والاقتصاد والحرب والسلم، بينما يؤكّد الدين الإسلامي امتداده في الحياة العامّة للناس، على مستوى تحكيم الشريعة في أمورهم، ومواجهة الواقع بالمفاهيم الإسلامية العامّة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص، ونحو ذلك.
ولكن هناك ملاحظة، وهي أنّ العلمانيّة على قسمين: فهناك العلمانيّة الملحدة التي ترفض الدين من حيث الأساس، على مستوى العقيدة والشريعة وكلّ ما يتعلّق بها، كالعلمانيّة الماركسيّة، وهناك العلمانيّة التي لا ترفض الدين على مستوى الإيمان بالله، ولكنّها ترفض علاقته بالحياة، ولاسيّما علاقة الشريعة بالقانون والسياسة وغير ذلك من الشؤون العامّة.
س: كيف تنظرون إلى التحالف والتنسيق بين الإسلاميّين والعلمانيّين؟ وإلى أيّ مدى يُمكن أن يذهب الإسلاميّ مع العلمانيّ؟
ج: إذا كانت هناك قضايا تتّصل بمواجهة الأمّة الإسلاميّة للمستكبرين الذين يصادرون الواقع كلّه، ويسيطرون على مقدّراته الاقتصاديّة والسياسية والأمنيّة، وكانت هناك أمور مشتركة بين العلمانيّين والإسلاميّين، فمن الممكن إيجاد قاعدة للقاء عندما تمسّ الحاجة إلى مثل هذا اللقاء في الساحة المشتركة.
أمّا التحالف الذي يؤدّي إلى تقوية الفكر والمنهج العلماني وإضعاف الفكر والمنهج الإسلامي، فمن الطبيعي أن يكون محلّ رفضٍ من الناحيتين الفكرية الثقافيّة والسياسيّة الواقعيّة.
العلمانية والطائفية
س: البعض يطرح مسألة: "أنّ نظام الحكم العلماني أفضل من النظام الإسلامي، في ظل ما تشهده الساحة الإسلاميّة من صراعات طائفيّة موتورة"، ما هو رأي سماحتكم في ذلك؟
ج: إنّنا نرفض ذلك، أمّا الإشارة إلى الصراعات الطائفيّة، فإنّ منطلقها ليس من أصالة النظام الإسلامي، بل من خلال الأوضاع المعقّدة، الداخلية والخارجيّة، الناشئة من اختلافٍ في الفهم الاجتهادي للنصوص، أو من التدخّلات الخارجية المضادّة للإسلام، أو من التخلّف المسيطر على الواقع الذي قد يؤدّي إلى الانحراف في الأوضاع والعلاقات.
س: ولكن، ماذا عن الصراعات والحروب والنـزاعات في داخل النظام الإسلامي، في الاتجاهات الحزبيّة أو العنصريّة، أو في الدمار الذي يطبّق من فريق قوي على فريق ضعيف، أو في انتهاك حقوق الإنسان المستضعف، ولاسيّما فيما يسمّى العالم الثالث، أو في حركة الاستعمار الذي يصادر حرّية الشعوب في تقرير مصيرها؟.
ج: إنّ المشكلة لدى بعض هؤلاء المتحدّثين بهذه الطريقة، أنّهم لم يدرسوا النظام الإسلامي دراسةً علميّةً موضوعيّة، ليتعرّفوا الى الإسلام في القيم الإنسانيّة الجانبين الروحي والمادّي، إضافة إلى أنّ القوى المضادّة منعت من تطبيق الإسلام بصورته الحضاريّة، فلم يتجسّد بشكل أصيل في عمليّة الإدارة العامّة.
حاوره ـ حسين منصور
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 12 جمادى الأول 1429 هـ الموافق: 18/05/2008 م
من الممكن إيجاد قاعدة بينهما في الساحة المشتركة
السيد فضل الله لـ(الأيـام): لا لقاء بين العلمانيين والإسلاميين
عن الصراع بين المنهج الإسلامي والمنهج العلماني، وإمكانية إيجاد ساحات للّقاء، حاورت صحيفة "الأيام" البحرينية، العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله... وهذا نص الحوار:
س: البعض يقول: "إن الصراع بين العلمانيّة والإسلاميّة سيستمرّ باستمرار المنهجين"، هل من المجدي استمرار هذا الصراع؟ ولماذا؟
ج: من الطبيعي استمرار الصراع الثقافي من الناحية الفكرية بين منهجين مختلفين في الأسس العقيدية، ولكن، لا بدّ من أن يتحرّك هذا الصراع بالطريقة العلميّة الحضاريّة، على قاعدة "الجدال بالتي هي أحسن".
أمّا إذا كان المقصود بالصراع الصراع السياسي الواقعي في حركة الأمّة، من أجل تحريك المسألة السياسية والقانونيّة فيما هي القضايا الكُبرى للناس، ممّا قد يختلف فيه المنهج العلماني عن المنهج الإسلامي، في المعالجة والأدوات، فمن الطبيعي أن يستمرّ هذا الصراع، ولكن من دون استخدام العنفٍ الذي قد يؤدّي إلى النتائج الاجتماعية السلبيّة، أو إلى إفساد العلاقات العامّة في الأمّة، بما يفسح المجال لأعداء الأمّة للسيطرة على مقدّراتها الحيويّة وقضاياها المصيريّة، ولاسيّما إذا كانت هناك بعض القواسم المشتركة في بعض القضايا السياسية المهمّة مرحلياً.
لا لقاء مع العلمانيين
س: ما هي ـ في نظركم ـ مواطن اللقاء والاختلاف بين هذين الطرفين؟
ج: ليس هناك لقاء بين الطرفين، لأنّ العلمانيّة ترفض إدخال الدين في قضايا السياسة والقانون والاجتماع والاقتصاد والحرب والسلم، بينما يؤكّد الدين الإسلامي امتداده في الحياة العامّة للناس، على مستوى تحكيم الشريعة في أمورهم، ومواجهة الواقع بالمفاهيم الإسلامية العامّة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص، ونحو ذلك.
ولكن هناك ملاحظة، وهي أنّ العلمانيّة على قسمين: فهناك العلمانيّة الملحدة التي ترفض الدين من حيث الأساس، على مستوى العقيدة والشريعة وكلّ ما يتعلّق بها، كالعلمانيّة الماركسيّة، وهناك العلمانيّة التي لا ترفض الدين على مستوى الإيمان بالله، ولكنّها ترفض علاقته بالحياة، ولاسيّما علاقة الشريعة بالقانون والسياسة وغير ذلك من الشؤون العامّة.
س: كيف تنظرون إلى التحالف والتنسيق بين الإسلاميّين والعلمانيّين؟ وإلى أيّ مدى يُمكن أن يذهب الإسلاميّ مع العلمانيّ؟
ج: إذا كانت هناك قضايا تتّصل بمواجهة الأمّة الإسلاميّة للمستكبرين الذين يصادرون الواقع كلّه، ويسيطرون على مقدّراته الاقتصاديّة والسياسية والأمنيّة، وكانت هناك أمور مشتركة بين العلمانيّين والإسلاميّين، فمن الممكن إيجاد قاعدة للقاء عندما تمسّ الحاجة إلى مثل هذا اللقاء في الساحة المشتركة.
أمّا التحالف الذي يؤدّي إلى تقوية الفكر والمنهج العلماني وإضعاف الفكر والمنهج الإسلامي، فمن الطبيعي أن يكون محلّ رفضٍ من الناحيتين الفكرية الثقافيّة والسياسيّة الواقعيّة.
العلمانية والطائفية
س: البعض يطرح مسألة: "أنّ نظام الحكم العلماني أفضل من النظام الإسلامي، في ظل ما تشهده الساحة الإسلاميّة من صراعات طائفيّة موتورة"، ما هو رأي سماحتكم في ذلك؟
ج: إنّنا نرفض ذلك، أمّا الإشارة إلى الصراعات الطائفيّة، فإنّ منطلقها ليس من أصالة النظام الإسلامي، بل من خلال الأوضاع المعقّدة، الداخلية والخارجيّة، الناشئة من اختلافٍ في الفهم الاجتهادي للنصوص، أو من التدخّلات الخارجية المضادّة للإسلام، أو من التخلّف المسيطر على الواقع الذي قد يؤدّي إلى الانحراف في الأوضاع والعلاقات.
س: ولكن، ماذا عن الصراعات والحروب والنـزاعات في داخل النظام الإسلامي، في الاتجاهات الحزبيّة أو العنصريّة، أو في الدمار الذي يطبّق من فريق قوي على فريق ضعيف، أو في انتهاك حقوق الإنسان المستضعف، ولاسيّما فيما يسمّى العالم الثالث، أو في حركة الاستعمار الذي يصادر حرّية الشعوب في تقرير مصيرها؟.
ج: إنّ المشكلة لدى بعض هؤلاء المتحدّثين بهذه الطريقة، أنّهم لم يدرسوا النظام الإسلامي دراسةً علميّةً موضوعيّة، ليتعرّفوا الى الإسلام في القيم الإنسانيّة الجانبين الروحي والمادّي، إضافة إلى أنّ القوى المضادّة منعت من تطبيق الإسلام بصورته الحضاريّة، فلم يتجسّد بشكل أصيل في عمليّة الإدارة العامّة.
حاوره ـ حسين منصور
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 12 جمادى الأول 1429 هـ الموافق: 18/05/2008 م