لسيد فضل الله للكاتب الكندي "تيد ديكر":
أشعر بالفرح والسرور عندما أرى ما ينسجم مع
مشاعري وعواطفي وأفكاري يتحرك بما ينفع الناس والمجتمع
عن فهم الإنسان الآخر المختلف في الدين والهوية، وعن فرح هذا الإنسان وحزنه، وعن طبيعة العلاقة التي يلتقي عليها بنو البشر... أسئلة تخطّت نسقية الحوار الصحافي لتشكّل محاور إنسانية وجدانية، تناولها الكاتب الكندي (تيد ديكر) مع سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله.
وهذا نصّ الحوار:
نظرة الغرب إلى المسلمين
* نهدف من هذه الجولة أن نفتح عيون أهلنا في الغرب على الناس الفعليين الذين يعيشون في الشرق الأوسط، فنحن في الغرب ننظر إلى المسلمين والعرب في الشرق الأوسط على أنهم كتلة واحدة، وبالتالي فإنّ مهمتنا هي فهم هذه الجماعات كما هي، بعيداً عن الأطر السياسية والدينية، من منطلق أننا جميعاً خلقنا الله على مثاله، وطلب منا أن نحبه وأن نحب بقية البشر، ونحن ممتنون لكم لأنكم سمحتم لنا أن نتكلم مع شخص من أهم وأنبل البشر المعروفين في العالم الإسلامي.
ـ أحب أن أرحّب بحضرة الأستاذ، وأنا أؤكد دائماً أنّ الحوار بين الناس من مختلف الشعوب، ولاسيما المثقفين منهم، هو الذي يمكن أن يحقق التفاهم، ويظهر حقيقة ما يختلف الناس في فهمه، لأن الحوار إذا كان موضوعياً وعقلانياً وواقعياً، ومنطلقاً من الواقع، فإنه يجعل كل فريق يعبّر عن وجهة نظره بدون تعقيد، وعلى هذا الأساس، يمكن أن يصل التفاهم إما إلى نتيجة موحدة أو متقاربة. أما بالنسبة إلى الشعوب العربية والإسلامية، فهي لا تمثل فريقاً واحداً، فإذا كان عند العرب أو المسلمين بعض السلبيات في تصرفهم أو نظرتهم إلى الآخرين، ففي الغرب الكثير من هؤلاء الذين يؤمنون بالعنف ويتحركون بشكل سلبي في نظرتهم إلى الشعوب الأخرى.
الحوار بين الشعوب هو الذي يمكن أن يحقق التفاهم ويظهر حقيقة ما يختلف فيه الناس
ونحن نلاحظ أنّ الكثير من المسلمين أو العرب يحملون نظرةً سلبيةً عن الغرب من خلال الاستعمار، ولكن الغرب ليس مختزلاً بالإدارات الرسمية المستعمرة، بل فيه مثقفون وفيه أناس طيبون، وفي المقابل أيضاً، هناك بعض الغربيين يحملون فكرةً سلبيةً عن المسلمين نتيجة ما يمارسه بعض المسلمين من عنفٍ من دون أي أساس ديني، وإن كانوا يتصورون أنفسهم يتحركون دينياً. لذلك فلنتفق على أنه ليست هناك سلبية مطلقة في هذا الشعب أو ذاك، وليست هناك إيجابية مطلقة.
رمزية الكتابة
* سمعت أنّك شاعر، وأنا أيضاً كاتب، ولكنّي أكتب الأدب والرواية والشّعر والمسرح...
ـ وأنا أيضاً أكتب الكتابات الأدبية، إضافةً إلى الجانب الشعري الذي قد يغلب على كتابتي كلها، حتى الأبحاث العلمية.
أما بالنسبة إلى المسرح والرواية والشعر، فنحن نعتقد أنّها تمثل تعبيراً عن الإنسان من الداخل، يتحرك من أجل تأصيل حركته في الخارج، لأنه عندما تمتزج الحقيقة بالخيال، فإنّها تتمثّل بأروع الصور، لأن الواقع قاسٍ ويحتاج إلى شيء يليّنه ويجعل القلب يستقبله.
الرواية والمسرح والشّعر، تمثل تعبيراً عن الإنسان من الداخل
يتحرك من أجل تأصيل حركته في الخارج
ـ
أنا جئت لأكتب عن الشخصيات الدينية والسياسية في الشرق الأوسط، حتى يستطيع الناس في أمريكا من مستمعينا وقارئينا أن يتفهّموا هذه الشخصيات ويحبّوها، وعليه، فإنّ الأسئلة التي سأطرحها الآن قد تكون مختلفةً عما تعودته من الصحفيين...
ـ عندي شعار كنت أطرحه سابقاً، وهو أنّه ليس هناك سؤال تافه أو سؤال محرج، لأنني أؤمن بالحرية.
* سماحة السيد، هل إذا سألناك ما هو نوع معجون الأسنان الذي تستعمله مثلاً، تجده سؤالاً سخيفاً؟
ـ من حقّ الإنسان أن يفكر بحسب ذهنيته، وعلينا أن لا نحتقر إنساناً حتى لو كان فكره غير ناضج، لأن علينا أن نرحم إنسانيته، فنحاول أن نتحاور معه لنصحح له طريقته في التفكير.
متى يضحك الإنسان؟
* الضحك عادة يجمع عليها البشر، وأنا أريد أن أسألك: ماذا يعني الضحك؟
ـ الضحك يعبِّر عن الحالة النفسية التي تنفتح على الفرح.
* مولانا، ما هي الأمور التي تجعلكم تضحكون وتبتسمون؟
ـ أضحك للأمور التي تجعلني أشعر بالسرور، ومنها القضايا التي تنسجم مع مشاعري وعواطفي، أو الأشياء التي تنسجم مع حركتي الفكرية عندما أشعر بأنها حركة تنفع المجتمع وتنفع الناس، كما أنني أضحك للنكتة التي يطلقها الآخرون، وأضحك للشمس التي تشرق، وأضحك للنور الهادىء الوديع، للقمر في ليالي البدر، وأيضاً لزقزقة العصافير والطيور والشلالات التي تندفع من الجبال لتملأ الإنسان الإحساس بالجمال، وقد عبّرت عن ذلك في بيت شعر قلت فيه:
الضحك يعبّر عن الحالة النفسية التي تنفتح على الفرح
فأنا أخلق وحدي جنّتـي فأرى اللذّة في أعماق حزني
يعني أنني أحاول أن أنفذ إلى الحزن لأجد فيه بعض ما يبعث على الفرح، لأنني لا أعتبر أن الحياة حزنٌ كلها، بل أرى أنّ الحزن يختزن الفرح، وأنّ الفرح يختزن الحزن في بعض الحالات.
* ما هي النكتة التي تضحكك؟
ـ النكتة التي تضحكني هي عندما أجد الدكتاتور يتحدث عن العدل، والعاهرة تتحدث عن العفة.
* مولاي، هل تضحك عندما تكون مع أبنائك وأحفادك؟
الحياة ليست حزناً كلها، بل إنّ الحزن قد يختزن الفرح، وقد يختزن الفرح بعض الحزن
ـ عندما أعيش مع أولادي وأحفادي، أشعر بالروح التي انطلقت مني إلى كل مشاعرهم وكل حياتهم، ولذا أنا أضحك لأني أفرح بحركاتهم، سواء كانت حركات طفولية أو حركات عادية، ولاسيما أنني أعيش الفرح عندما أعيش مع الطفولة، وأهدهد لأطفالي وألعب معهم، لأني أجد أن الإخلاص للأبوة هو أن يعيش الإنسان مع أطفاله حالةً طفوليةً.
معاني الطفولة
* قال السيد المسيح: ما لم تصبح مثل الطفل، لا يمكنك أن تدخل إلى ملكوت السماء...
ـ هناك حديث عن النبي محمد(ص) يقول: "من كان له صبي فليتصابَ له"، أي فليحاول أن يتقمّص أو يمثل شخصية الصبي في لغته ولعبه ولهوه. وقد كان النبي محمد(ص) يحمل طفلي ابنته على ظهره وهو في موقع النبوة، حتى إنه ذات يوم كان ساجداً لله وأطال سجوده، وعندما فرغ من صلاته سُئِلَ عن السبب، فقال(ص): إن ولدي هذا ركب على ظهري فأحببت أن لا أزعجه. وينقل عنه(ص) أنه عندما كان يحملهما على ظهره، وكان يقول عن نفسه: "نِعْمَ الجمل جملُكُما، ونِعْمَ العدلان أنتما"، فقد كان ـ وهو النبي ـ يعيش معاني الطفولة مع الأطفال.
الإخلاص للأبوة هو أن يعيش الإنسان مع أطفاله حالة طفولية
هوايات متعددة
* عرفت أنكم شاعر، ولكن ما هي هواياتكم الأخرى؟
ـ هوايتي غالباً ثقافية، أنا أكتب في الأدب وفي الاجتماع وفي السياسة، وأدخل في الحوار السياسي على المستوى العالمي، كما أدخل في الحوار مع الأطفال، فأحدثهم بلهجة طفولية، ولا أعتقد أن هناك أي موضوع سلبي بالنسبة إليَّ، وأكتب في الغزل أيضاً، لأنني أعتقد أن رجل الدين لا يمكن أن يحصر نفسه في داخل الإطار الديني، بل يمكن أن ينفتح على الحياة كلها، وقد كنت أتحدث عن حبّ الإنسان للإنسان، وأرى أنه إذا كنا نحب الله، فعلينا أن نحب الله بمحبة الإنسان، وأنا أؤمن بأن علينا أن نعيش إنسانيتنا في إنسانية الآخر، ولا أعتقد أن اختلافنا في الدين أو في السياسة يجعلنا نقاطع بعضنا بعضاً، بل علينا أن نجعل الخلاف وسيلةً من وسائل الغنى الثقافي الذي يدعو إلى الحوار، لأنني أؤمن بضرورة الحوار الديني ـ الديني، والحوار العلماني ـ الديني، وحوار الإنسان مع الإنسان، وحوار الغرب مع الشرق، وأرى حتى داخل الأسرة بين الزوج والزوجة، أنّه لا يجوز أن يضطهد الزوج زوجته أو يتكبر عليها، أو أن تضطهد الزوجة زوجها إذا كانت أكثر منه ثقافةً أو كانت في موقع اجتماعي متقدّم، بل لا بدّ من أن يتحاورا في كل شيء.
علينا أن نجعل الخلاف وسيلة من وسائل الغنى الثقافي الذي يدعو إلى الحوار
وفي الكثير من محاضراتي، أشدّد على ضرورة الحوار، وأقول إنّه لا مقدّسات في الحوار، فالله حاور إبليس وحاور الملائكة. لذلك عندما أصدر النائب اليميني الهولندي الفيلم المسيء إلى الإسلام، واسمه "الفتنة"، أرسلت إليه وقلت له: أنت مخطىء في تفكيرك عن الإسلام وعن النبي(ص)، وأنا أدعوك إلى الحوار حتى أصحح لك أفكارك، وذلك بأن تعرض أفكارك عليّ وأعرض أفكاري عليك، ولم أتحدث معه بلغة العنف، بالرغم من أن بعض المسلمين تحدثوا معه بالعنف.
* هل تحب الرياضة؟
ـ أنا أشجع الرياضة، وإن كانت ظروفي الصحية لا تسمح لي بممارسة الكثير من أساليب الرياضة، كما أنني أشرف على جمعية تربوية رعائية تعليمية، وهناك فريق رياضي ينتمي إلى هذه الجمعية هو "نادي المبرة"، الذي يشارك في أندية الدرجة الأولى لكرة القدم، وأنا أستقبل الرياضيين بين وقت وآخر، وأشجعهم وأدعمهم وأعبر لهم عن محبتي لهم، ونحن عندنا كلمة مأثورة: "العقل السليم في الجسم السليم". ومن الطبيعي أن الرياضة تساعد على سلامة الجسم.
ليس هناك حب أصفى وأوسع من أن يحبّ الإنسان الله،
لأنه الحبّ الذي ينفتح على الإنسان والحياة كلها
الحزن والفرح الإنسانيّان
* قلتم قبل قليل إنكم تجدون بعض السعادة حتى في الحزن، متى كانت آخر مرة بكيت فيها؟
ـ أنا غالباً أبكي بين يدي الله تعالى، لأنني أحب الله، ولذلك أبكي بكاء الحب لا بكاء الخوف، فأنا أحبّ الله حباً روحياً، تماماً كما يحب شخص شخصاً آخر، لأنني أشعر بمحبة الله لي وللخلق كلهم وللحياة كلها، ولذلك فإنني أعتقد أنه ليس هناك حبّ أصفى وأوسع من أن يحبّ الإنسان الله، لأنّه الحب الذي ينفتح على الإنسان وعلى الحياة دون مقابل، بينما حب الإنسان للإنسان يتحرك من خلال أنّ المحبّ يريد من الحبيب شيئاً، والحبيب يريد من المحبّ شيئاً آخر، وأنا أجرّب أن أحب الله لذاته ولعظمته، لا أن أحبه من أجل أن أحصل على الجنة أو النار، وفي بعض أشعاري أقول:
أنا أهواكَ لا لنعماك تستهوي كياني ولا لجنة عدنِ
يعني أنا أحبك للجمال الطبيعي الذي يعيش في الكون كله؛ في الشمس التي تشرق، وفي القمر الذي يهلّ، وفي النهر والشلال، وفي كل مظاهر الجمال، وأنت جميل تحب الجمال.
* أريد شيئاً ملموساً، هل يمكن أن تذكر لنا حادثةً حصلت معك شعرت فيها بالحزن الشديد؟
ـ كان عندي ولد مريض، وعانيت في تربيته ومرضه الكثير، إلا أنّه توفي بعد ذلك، فأحسست بالحزن العميق لأنني كنت أحبه كثيراً، وهذا مضى عليه أكثر من عشرين سنة، وأنا أحزن دائماً أمام الضحايا الذين يسقطون من خلال المجازر التي تثيرها بعض الدول هنا وهناك، أو التي يثيرها الإرهابيون والمتطرفون، كما أنني أحزن على الإنسان عندما يتعرض لما يدمر إنسانيته. وأنا شخصياً عندما حدثت أحداث 11أيلول، تألمت كثيراً وحزنت للضحايا التي سقطت. ولذلك كنت أول شخصية إسلامية في العالم استنكرت هذا، وهكذا في كل الأحداث المشابهة، بالرغم من الاختلاف بيننا وبين الإدارة الأمريكية في السياسة. وأنا أيضاً أعيش الحزن فيما يحدث في فلسطين، خصوصاً في غزة، أو فيما يحدث حتى لأطفال اليهود، كما أحزن للطفولة عندما يقتل الأطفال في فلسطين. أنا لا أتحدث بذلك سياسياً، وإنما أتحدث إنسانياً.
لا دين لمن لا عدالة له
بين السياسة والإنسان
* مهم جداً هذا التفريق بين الإنسان والسياسة، لأن الأمريكيين لا يشعرون بأن هناك فرقاً بين البشر والسياسة؟
ـ نحن لسنا بعيدين عن السياسة، ولكننا نريدها سياسة العدالة للإنسان كله، أنا ضد ظلم أي إنسان حتى لو كان يختلف معي في الدين، فالقرآن الكريم يؤكّد أنّ كل رسالات الأنبياء، سواء رسالة إبراهيم أو موسى أو السيد المسيح أو محمد، جاءت من أجل إقامة العدالة الإنسانية في العالم كله، فالعدالة هي أساس رسالات السماء، ولذلك أنا أقول إنّه لا دين لمن لا عدالة له، سواء كان ينتمي إلى المسيحية أو الإسلام أو اليهودية، ونحن ندعو إلى السلام في العالم على أساس العدالة.
* ماذا تأمل للأطفال المسيحيين في أمريكا؟
ـ أنا شخصياً أتعاطف مع كل الطفولة في العالم، وإذا كنت معارضاً لسياسة الإدارة الأمريكية ـ وأنا معارض لها ـ فلست معارضاً للشعب الأمريكي، لأنني أحب أن أكون صديق الشعب الأمريكي وكل الشعوب الأخرى، وهناك آية قرآنية تقول {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه وليٌ حميم} أي إذا حدثت مشاكل بينك وبين الآخرين، فحاول أن تحلها بالطريقة التي تجعل عدوك صديقاً، والإسلام يؤكد أن يكون المسلمون أصدقاء العالم.
* ماذا تقول للآباء والأمهات في أمريكا الذين فقدوا أبناءهم في العراق؟
ـ أقول لهم، مع كل محبتي وتعزيتي لهم، إنكم فقدتم أبناءكم في الموقع الخطأ، لأنه ليست هناك أية مصلحة للشعب الأمريكي في احتلال العراق أو في احتلال أفغانستان، فإذا كان الإرهابيون أو بن لادن، قد قتلوا الآلاف من الشعب الأمريكي، فإن الإدارة الأمريكية قتلت عشرات الألوف من العراقيين ومن الأفغان، لقد كانت الشعوب في الأربعينات، في الشرق العربي أو الإسلامي، تتمنى أن تأتي إليها أمريكا، باعتبار أنها قرأت مبادىء "ويلسون" في الحرية، وكانوا يقفون ضد أوروبا التي استعمرت المنطقة العربية والشرقية، ولكنهم من خلال سياسة الإدارة الأمريكية في التزامها المطلق بإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وفي سياستها في العالم الإسلامي، أصبحوا يكرهون أمريكا، وإذا كان هؤلاء المسؤولون عن السياسة الأمريكية يقولون: لماذا تكرهوننا؟ فنحن نقول لهم: لماذا نحبكم؟ نحن نحب الشعب الأمريكي، ولكننا لا نحب الإدارة الأمريكية، خصوصاً المتمثلة بالرئيس الأمريكي ونائبه والمحافظين الجدد الذين يتحدثون دائماً عن الحرب ولا يتحدثون عن السلام.
أنسنـة الأعمال
* يوجد تمييز في المسيحية، وقد يكون موجوداً في الإسلام، بين الإنسان والخطيئة، والمسيحية تدعونا إلى كره الخطايا ومحبة الإنسان، فهل يجب علينا نحن في أمريكا أن نحب بوش ونكره أعماله؟
ـ نحن لا نبغض الإنسان لإنسانيته، ولكن المسألة أن الإنسان عندما يتحرك في خط المسؤولية ويقوم بتدمير الإنسان الآخر، فإن من الطبيعي أن تغيب إنسانيته عن حركته في المسؤولية، فهل تستطيع أن تتصور جمال الأفعى عندما تنفث السمّ في الضحية؟!
إنّ الإنسان عندما يتحرك في خط المسؤولية ويقوم بتدمير الإنسان الآخر، فإنّ إنسانيته تغيب ولا يمكن أن تلتقي معه
* لو كنت أمريكياً، فهل تنصحني بأن أصلي لله كي يهدي بوش؟
ـ نحن نصلي لله دائماً، ونطلب منه أن يهدي كل الضالين الذين يقهرون الشعوب ويدمّرونها، نحن ندعو الله أن يغيّر لهم هذه الذهنية الوحشية التي تتحرك في تدمير الشعوب.
* المسيحية تطلب من المسيحي أن يحب الله ويحب أخوانه البشر، وقد وجدت حضرتكم تؤمنون بالحب وتدعون إليه، وهو أمر مهم جداً، لكن في الغرب لا ينظرون إلى الإسلام كونه دين محبة، لماذا؟
ـ إن هؤلاء لم يقرأوا الإسلام، لأن الإسلام يوصي الإنسان بالرحمة، ويوصيه، إذا اختلف مع الآخر، بأن تكون كلماته كلمات الحب، ويدعو إلى الحوار مع الجميع، وإلى أن يكون الحوار مع اليهود والنصارى حواراً بالطرق الحضارية التي تفتح عقولهم على الفكر، والقرآن يتحدث في الكثير من آياته عن نهي المسلمين عن أن يعتدوا على أحد، وعندما يتحدث القرآن عن القتال، فهو قتال من باب الدفاع عن النفس ضدّ الذين يعتدون عليهم. فالقتال في الإسلام ليس قتالاً عدوانياً، بل هو قتال دفاعي ووقائي، وهناك آية قرآنية تقول: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} [الممتحنة:8]، إذا كان هناك أشخاص يختلفون معكم في الدين، ولكنهم لم يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم، فإن عليكم أن تحسنوا إليهم وتعدلوا في تعاملكم معهم. وأيضاً يتحدث القرآن الكريم عن النصارى، ويقول إن المسيحيين هم أقرب الناس إلى المسلمين، لأن عندهم هذه الروحانية وهذا التواضع في حياتهم العامة والخاصة، ويقول لليهود والنصارى: {تعالوا إلى كلمةٍ سواء} [آل عمران:64] لنلتقي على ما نتفق عليه، ونتحاور فيما نختلف فيه.
أنا أنفتح على المسيحيين وعلى اليهود، ولكن لا اليهود الإسرائيليين والمسيحيين المحتلين
* لنضع الدين والسياسة جانباً، هل تحب المسيحيين واليهود؟
ـ أنا أنفتح على المسيحيين وعلى اليهود، لكن لا اليهود الإسرائيليين ولا المسيحيين المحتلين، لأننا نعتقد أن طرد الفلسطينيين من أرضهم التي عاشوا فيها مئات السنين، لأن اليهود ـ إذا صحّت المسألة ـ كانوا فيها قبل ثلاثة آلاف سنة، نعتقد أن هذا الطرد يمثّل جريمةً إنسانيةً، لأنه ليس من الحضارة ولا من الإنسانية أنّه عندما يسكن شعب في بلدٍ قبل ثلاثة آلاف سنة، أن يكون هذا البلد ملكه، بحيث يكون له الحق في أن يطرد أهله الذين عاشوا فيه مئات السنين، هذا ليس إنسانياً ولا حضارياً.
* كم كتاباً كتبت؟
ـ ما يقارب الثمانين كتاباً.
* متى كتبت شعراً آخر مرة؟
ـ قبل سنة تقريباً.
* هل ترجمت من شعرك إلى اللغة الإنكليزية؟
ـ لا.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 13 جمادى الأول 1429 هـ الموافق: 19/05/2008 م