بيان علّق فيه على ما أثارته بعض الشخصيات الدينية الغربية في انشغال العالم بالإسلام أكثر من اللازم،

بيان علّق فيه على ما أثارته بعض الشخصيات الدينية الغربية في انشغال العالم بالإسلام أكثر من اللازم،

أكّد أنّ لا مبرّر لكل هذا الخوف من الإسلام الذي تثيره دوائر دينية وسياسية في الغرب

فضل الله: لا نتنكّر لإنجازات الغرب وليس من مصلحته استمرار الحملة التشويهية العدائية


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً علّق فيه على ما أثارته شخصيات دينية غربية مؤخراً حول انشغال العالم بالإسلام أكثر من اللازم، وأن الآخرين أصبحوا أسرى لديه بشكل من الأشكال، جاء فيه:

لا نزال نشهد حملة غربية عنيفة ضد الإسلام، تقودها دوائر سياسية وثقافية، في إطار سعيها المستمر لتشويه صورته، وتخويف الإنسان في الغرب منه، بما يعين هذه الدوائر على تحقيق مشاريعها في اجتياح العالم الإسلامي والعربي أمنياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً.

ولعلّ من اللافت أن تنتظم في هذا المسعى شخصيات دينية غربية لها مواقعها الرسمية في الفاتيكان وغيره، لتثير الحديث عن أن "العالم منشغل بالإسلام أكثر من اللازم.. وأننا أسرى لديه بشكل من الأشكال"، من دون أن تلتفت إلى أن الإسلام يكاد يكون هو الدين الوحيد الذي يتعرض لحملة تشويه كبرى على المستوى الإعلامي والثقافي، وأن من يبادر للدفاع عنه إنما ينطلق من موقع الدفاع عن النفس في إطار حماية المعتقد والدين، ولكن ذلك لا يعني أن نبرر لبعض المدافعين عن الإسلام أن يتجاوزوا الحد في ذلك أو أن يتخذوا من ذلك ذريعة للإساءة للآخرين، بعيداً من شروط الدفاع الحضارية التي أقرّتها الأديان والشرائع.

ولكن مشكلة البعض ممن يثيرون الكلام بطريقة سلبية حول الإسلام أنهم لا يلتفتون إلى أن هذا الأسلوب الذي يريدون من خلاله تطويق حالات انتشار الإسلام وانبعاثه في العالم، يفسح في المجال أمام تعقيدات جديدة على مستوى العلاقة بين الإسلام والغرب، ويثير الحساسية أكثر في علاقة أتباع الديانات بعضهم ببعض الآخر، وقد يشجع جهات متطرفة على الإيغال في استخدام العنف لقطع الطريق على كل المحاولات التي ينطلق بها الواعون وأصحاب العلم والمعرفة والحصافة من هنا وهناك للتفاهم والتعاون والامتداد في حركة الحوار.

إننا في الوقت الذي نلحظ وجود دوافع ونوازع تستبطن الحقد ضد الإسلام في كثير من الكلمات والدعوات التي تثير الخوف منه، من خلال التفات هؤلاء إلى البعد الحضاري والفكري للإسلام، الذي قد لا يكون متوافراً في الحالات الصوفية أو في الطروحات الأخرى التي تنطلق من هنا وهناك. نؤكد طابع الحوار والانفتاح الذي ينبغي أن يحكم علاقة الاختلاف أو الخلاف معهم، سواء أكان هؤلاء في الموقع السياسي أو الديني المختلف. فليس من مصلحة الغرب ولا من مصلحة المسلمين أن يُثار الحديث الدائم عن الخوف من الإسلام بما يجمّد حركة الاندفاع والتفاهم التي تعمل لها الطلائع الواعية والمثقفة والمتدينة في الشرق والغرب، وخصوصاً أن الإسلام اعترف بالتعددية السياسية ودعا أتباع الديانات إلى الكلمة السواء والجدال بالتي هي أحسن.

إننا لا نجد مبرراً لكل هذا الخوف والذعر الذي يتحكم في بعض الأوساط الغربية السياسية والدينية حيال الإسلام، ولا نعتقد أن الاستمرار في استخدام هذه الأساليب سوف يُتيح للإدارات السياسية الغربية تحقيق مشاريعها في المنطقة العربية والإسلامية أو يُتيح للآخرين تسهيل أمورهم على مستوى حركة التبشير، وإن كنا لا نتنكر لكل صاحب فكر أو دين أو يبشّر بفكره ومعتقده، بعيداً من الخطوط الاستعمارية ومن الاستغلال الحاصل للناس في جوعهم وفقرهم.

إننا نقول لهؤلاء وأولئك: انفتحوا على الإسلام وتعرفوا عليه في حقيقته الشرعية ومفاهيمه الإنسانية وحركته التاريخية، بعيداً من الجو الغريزي الذي تكوّن عند البعض من خلال تراكمات ثقافية غير صحيحة، وبعيداً من عقلية الاستشراق ومن الحال الاستعدائية التي انطلقت من ذهنية الهيمنة ومن إرهاصات الحروب الصليبية ومن عقلية التعامل مع الشرق وما فيه كمجرد سوق استهلاكي أو حقل تجارب، لأن المشكلة كانت تنطلق دائماً من عقلية تجارية أو استعلائية ترفض التعرف إلى الآخر من خلال جذوره الحضارية ومنابعه الثقافية.

ونقول للمسلمين: إذا كان الآخرون يستكثرون على الإسلام أن يدافع عن نفسه وسط كل محاولات التشويه التي يتعرض لها، فعليكم أن تستشعروا ـ في المقابل ـ قيمة هذا الإسلام العظيم من خلال مواقع القوة الذاتية الكامنة فيه وفي تصوراته للإنسان والحياة، أو من خلال ما يُثار ضده على المستويات الثقافية والسياسية ليدفعكم ذلك إلى تحمّل المسؤولية الكبرى في تقديم الإسلام كما هو في صورته النقية النابذة لكل أشكال العنف التي ينطلق بها البعض ليسيء إلى الغربيين وإلى غيرهم بحجة الردّ على إداراتهم السياسية من دون أن يميّز بين الشعوب الآمنة البريئة وبين حالات الاحتلال.

إننا نؤكد على المسلمين أن يتعاملوا بإيجابية حيال النتاج العلمي والحضاري الذي صنعته الحضارة الغربية، وأن ينفتحوا عليه بروحية العلم وحبّ الاستزادة منه، وقد علّمنا الإسلام أن نتواضع ونعترف بإنجازات الآخرين ونستفيد منها، ولذلك علينا ألا نتنكّر لإنجازات الغرب ولا يجوز أن تمنعنا السياسات العدائية والمواقف التشويهية التي تحركها إدارات وشخصيات ومراكز غربية من التنويه بالمنجزات العلمية الكبرى للغرب، فهذا بعيد كل البعد عن روحية الإسلام الذي دعانا إلى الأخذ بالقسط حتى مع الذين نختلف معهم في الدين والسياسة والفكر.

إن على المسلمين أن يعملوا على ترتيب بيتهم الداخلي بصون وحدتهم والتطلّع إلى حماية الإسلام بدلاً من الانخراط في لعبة التمذهب السياسي والتعصب الفئوي التي قتلت روح الإسلام في روحيتنا وحركتنا، مع أن الجميع بات يدرك جيداً ما تتحرك به المطابخ السياسية والثقافية الاستكبارية التي تعمل على خطين: خط إنتاج الفرقة والعصبية في واقعنا العربي والإسلامي، وخط تشويه الإسلام في مفاهيمه الأصيلة الحيّة.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 11-6-1429 هـ  الموافق: 15/06/2008 م

أكّد أنّ لا مبرّر لكل هذا الخوف من الإسلام الذي تثيره دوائر دينية وسياسية في الغرب

فضل الله: لا نتنكّر لإنجازات الغرب وليس من مصلحته استمرار الحملة التشويهية العدائية


أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً علّق فيه على ما أثارته شخصيات دينية غربية مؤخراً حول انشغال العالم بالإسلام أكثر من اللازم، وأن الآخرين أصبحوا أسرى لديه بشكل من الأشكال، جاء فيه:

لا نزال نشهد حملة غربية عنيفة ضد الإسلام، تقودها دوائر سياسية وثقافية، في إطار سعيها المستمر لتشويه صورته، وتخويف الإنسان في الغرب منه، بما يعين هذه الدوائر على تحقيق مشاريعها في اجتياح العالم الإسلامي والعربي أمنياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً.

ولعلّ من اللافت أن تنتظم في هذا المسعى شخصيات دينية غربية لها مواقعها الرسمية في الفاتيكان وغيره، لتثير الحديث عن أن "العالم منشغل بالإسلام أكثر من اللازم.. وأننا أسرى لديه بشكل من الأشكال"، من دون أن تلتفت إلى أن الإسلام يكاد يكون هو الدين الوحيد الذي يتعرض لحملة تشويه كبرى على المستوى الإعلامي والثقافي، وأن من يبادر للدفاع عنه إنما ينطلق من موقع الدفاع عن النفس في إطار حماية المعتقد والدين، ولكن ذلك لا يعني أن نبرر لبعض المدافعين عن الإسلام أن يتجاوزوا الحد في ذلك أو أن يتخذوا من ذلك ذريعة للإساءة للآخرين، بعيداً من شروط الدفاع الحضارية التي أقرّتها الأديان والشرائع.

ولكن مشكلة البعض ممن يثيرون الكلام بطريقة سلبية حول الإسلام أنهم لا يلتفتون إلى أن هذا الأسلوب الذي يريدون من خلاله تطويق حالات انتشار الإسلام وانبعاثه في العالم، يفسح في المجال أمام تعقيدات جديدة على مستوى العلاقة بين الإسلام والغرب، ويثير الحساسية أكثر في علاقة أتباع الديانات بعضهم ببعض الآخر، وقد يشجع جهات متطرفة على الإيغال في استخدام العنف لقطع الطريق على كل المحاولات التي ينطلق بها الواعون وأصحاب العلم والمعرفة والحصافة من هنا وهناك للتفاهم والتعاون والامتداد في حركة الحوار.

إننا في الوقت الذي نلحظ وجود دوافع ونوازع تستبطن الحقد ضد الإسلام في كثير من الكلمات والدعوات التي تثير الخوف منه، من خلال التفات هؤلاء إلى البعد الحضاري والفكري للإسلام، الذي قد لا يكون متوافراً في الحالات الصوفية أو في الطروحات الأخرى التي تنطلق من هنا وهناك. نؤكد طابع الحوار والانفتاح الذي ينبغي أن يحكم علاقة الاختلاف أو الخلاف معهم، سواء أكان هؤلاء في الموقع السياسي أو الديني المختلف. فليس من مصلحة الغرب ولا من مصلحة المسلمين أن يُثار الحديث الدائم عن الخوف من الإسلام بما يجمّد حركة الاندفاع والتفاهم التي تعمل لها الطلائع الواعية والمثقفة والمتدينة في الشرق والغرب، وخصوصاً أن الإسلام اعترف بالتعددية السياسية ودعا أتباع الديانات إلى الكلمة السواء والجدال بالتي هي أحسن.

إننا لا نجد مبرراً لكل هذا الخوف والذعر الذي يتحكم في بعض الأوساط الغربية السياسية والدينية حيال الإسلام، ولا نعتقد أن الاستمرار في استخدام هذه الأساليب سوف يُتيح للإدارات السياسية الغربية تحقيق مشاريعها في المنطقة العربية والإسلامية أو يُتيح للآخرين تسهيل أمورهم على مستوى حركة التبشير، وإن كنا لا نتنكر لكل صاحب فكر أو دين أو يبشّر بفكره ومعتقده، بعيداً من الخطوط الاستعمارية ومن الاستغلال الحاصل للناس في جوعهم وفقرهم.

إننا نقول لهؤلاء وأولئك: انفتحوا على الإسلام وتعرفوا عليه في حقيقته الشرعية ومفاهيمه الإنسانية وحركته التاريخية، بعيداً من الجو الغريزي الذي تكوّن عند البعض من خلال تراكمات ثقافية غير صحيحة، وبعيداً من عقلية الاستشراق ومن الحال الاستعدائية التي انطلقت من ذهنية الهيمنة ومن إرهاصات الحروب الصليبية ومن عقلية التعامل مع الشرق وما فيه كمجرد سوق استهلاكي أو حقل تجارب، لأن المشكلة كانت تنطلق دائماً من عقلية تجارية أو استعلائية ترفض التعرف إلى الآخر من خلال جذوره الحضارية ومنابعه الثقافية.

ونقول للمسلمين: إذا كان الآخرون يستكثرون على الإسلام أن يدافع عن نفسه وسط كل محاولات التشويه التي يتعرض لها، فعليكم أن تستشعروا ـ في المقابل ـ قيمة هذا الإسلام العظيم من خلال مواقع القوة الذاتية الكامنة فيه وفي تصوراته للإنسان والحياة، أو من خلال ما يُثار ضده على المستويات الثقافية والسياسية ليدفعكم ذلك إلى تحمّل المسؤولية الكبرى في تقديم الإسلام كما هو في صورته النقية النابذة لكل أشكال العنف التي ينطلق بها البعض ليسيء إلى الغربيين وإلى غيرهم بحجة الردّ على إداراتهم السياسية من دون أن يميّز بين الشعوب الآمنة البريئة وبين حالات الاحتلال.

إننا نؤكد على المسلمين أن يتعاملوا بإيجابية حيال النتاج العلمي والحضاري الذي صنعته الحضارة الغربية، وأن ينفتحوا عليه بروحية العلم وحبّ الاستزادة منه، وقد علّمنا الإسلام أن نتواضع ونعترف بإنجازات الآخرين ونستفيد منها، ولذلك علينا ألا نتنكّر لإنجازات الغرب ولا يجوز أن تمنعنا السياسات العدائية والمواقف التشويهية التي تحركها إدارات وشخصيات ومراكز غربية من التنويه بالمنجزات العلمية الكبرى للغرب، فهذا بعيد كل البعد عن روحية الإسلام الذي دعانا إلى الأخذ بالقسط حتى مع الذين نختلف معهم في الدين والسياسة والفكر.

إن على المسلمين أن يعملوا على ترتيب بيتهم الداخلي بصون وحدتهم والتطلّع إلى حماية الإسلام بدلاً من الانخراط في لعبة التمذهب السياسي والتعصب الفئوي التي قتلت روح الإسلام في روحيتنا وحركتنا، مع أن الجميع بات يدرك جيداً ما تتحرك به المطابخ السياسية والثقافية الاستكبارية التي تعمل على خطين: خط إنتاج الفرقة والعصبية في واقعنا العربي والإسلامي، وخط تشويه الإسلام في مفاهيمه الأصيلة الحيّة.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 11-6-1429 هـ  الموافق: 15/06/2008 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية