المرجع فضل الله: يجوز للمرأة الدِّفاع عن نفسها ضدّ عنف الرَّجل

المرجع فضل الله: يجوز للمرأة الدِّفاع عن نفسها ضدّ عنف الرَّجل

لمناسبة اليوم العالميّ لمناهضة العنف ضدّ المرأة

المرجع فضل الله: يجوز للمرأة الدّفاع عن نفسها ضدّ عنف الرّجل

أصدر سماحة العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله ـ في العام 2007 ـ بياناً شرعيّاً لمناسبة اليوم العالميّ لمناهضة العنف ضدَّ المرأة، جاء فيه:

"بالرّغم من كلِّ التقدّم حيال النَّظرة الإنسانيَّة إلى المرأة، والتّكريم الّذي حظيت به قياساً بما كانت عليه في أغلب المجتمعات الشَّرقيَّة والغربيّة، وبالرّغم من صعود المرأة في السلّم الاجتماعيّ والسّياسيّ، حتّى تبوّأت أعلى المناصب الحكوميَّة وغيرها، وانخرطت في حركات النِّضال إلى جانب الرّجل، وتفوّقت عليه أحياناً؛ فإنَّ المرأة لا تزال تعاني العنف المُمارَس ضدَّها، والّذي يأخذ أشكالاً متعدّدة، ولا يقتصر على دائرةٍ دون أخرى، كما لا يأخذ هويّة شرقيَّة، بل نجده شاملاً في مستوى العالَم، وإن كان قد يختلف شكل العنف وحجمه بين مكانٍ وآخر.

فلا تزال المرأة، سواء كانت أختاً أو بنتاً أو زوجة، عُرضةً لتسلّط الرّجل عليها، سواء كان أخاً أو أباً أو زوجاً، ويأخذ العنف في ذلك أشكالاً متعدّدة.

فمن العنف الجسديّ الّذي تتعرَّض فيه المرأة للضّرب، وهذا ما يمثّل الرّجل فيه أحطّ حالات الإنسانيّة، لأنّه يدلّ على فقدانه للمنطق الّذي يمكن أن يفرضه على الآخر من موقع الالتزام والاقتناع؛ كما أنّه لا يدلّ على قوّة الرّجل، بل على ضعفه؛ لأنّه "إنّما يحتاج إلى الظُّلم الضّعيف"[1]. حتى يصل العنف ــ في هذا المجال ـ إلى أقصى مستوياته وأقساها، عندما تتعرّض المرأة للاغتصاب الّذي قد ينتهي بموتها.

إلى العنف الاجتماعيّ ضمن ما يُطلَق عليه "جرائم الشَّرف"، الّذي يكتفي فيه المجتمع القبليّ أو العائليّ أو ما إلى ذلك بالشُّبهة، ليحكم على المرأة بالنَّفي أو بالإعدام، فضلاً عن أنَّ المجتمع لا يملك حقَّ تنفيذ الأحكام إلا من خلال القضاء وآليّاته المبيّنة من خلال الشّرع الحنيف، أو العنف الاجتماعيّ الّذي يَفْرض على المرأة الزّواج من شخصٍ لا ترغب فيه، من خلال الذّهنيّة العائليّة أو القبليَّة أو غيرهما.

إلى العنف النفسيّ الّذي يهدِّد فيه الزّوج زوجته بالطلاق أو بغيره، أو عندما يتركها في زواجها كالمعلَّقة، فلا تُعامَل كزوجة، أو الَّذي يُستَخدَم فيه الطلاق كعنصر ابتزازٍ لها في أكثر من جانب، فتفقد بالتّالي الاستقرار في زواجها، ممّا ينعكس ضرراً على نفسيّتها وتوازنها.

إلى العنف المعيشيّ الَّذي يمتنع فيه الزّوج أو الأب عن تحمّل مسؤوليّاته المادّية تجاه الزوجة والأسرة، فيحرم المرأة من حقوقها في العيش الكريم، أو عندما يضغط عليها لتتنازل عن مهرها الذي يمثِّل ــــ في المفهوم الإسلاميّ ــــ هديّةً رمزيّةً عن المودَّة والمحبَّة الإنسانيّة، بعيداً عن الجانب التّجاريّ.

إلى العنف التربويّ الّذي تُمنَع معه المرأة من حقِّها في التّعليم والترقّي في ميدان التخصّص العلميّ، بما يرفع من مستواها الفكريّ والثّقافيّ، ويفتح لها آفاق التطوّر والتّطوير في ميادين الحياة؛ فتبقى في دوَّامة الجهل والتخلّف؛ ثمّ تُحمَّل مسؤوليّة الأخطاء التي تقع فيها، نتيجة قلَّة الخبرة والتجربة الّتي فرضها عليها العنف.

إلى العنف العمليّ الَّذي يُميِّز بين أجر المرأة وأجر الرّجل من دون حقّ، مع أنَّ التّساوي في العمل يقتضي التّساوي في ما يترتّب عليه، علماً أنَّ المجتمع بأسره قد يمارس هذا النّوع من العنف عندما يسنُّ قوانين العمل الّتي لا تراعي للمرأة أعباء الأمومة أو الحضانة أو ما إلى ذلك ممّا يختصّ بالمرأة، إضافةً إلى استغلال المديرين وأرباب العمل للموظَّفات من خلال الضّغط عليهنّ في أكثر من مجال.

إنَّنا أمام ذلك، نؤكِّد جملةً من الأمور:

أوّلاً: يشكِّل الرّفق منهجاً مركزيّاً في الإسلام، يكتسب الأولويّة على العنف الّذي لا ينبغي أن يتحرّك في حالاتٍ استثنائيّةٍ قد تقتضيها ضرورة التربية أو ردّ العدوان. وقد جاء عن النبيّ محمّد(ص) قولُه: "إنَّ الرّفق لم يُوضع على شيءٍ إلاّ زانه، ولا نُزع من شيءٍ إلاّ شانه"[2]، وهذا المنهج عامٌّ لكلِّ العلاقات الإنسانيّة، من دون فرقٍ بين رجلٍ وامرأة، أو صغيرٍ أو كبير.

ثانياً: إنَّ قوامة الرّجل على المرأة لا تعني سيادة الرّجل عليها، بل تعني تحميل الرّجل مسؤوليّة إدارة الأسرة التي لا بدَّ من أن لا يستبدَّ بها، بل أن يتشارك مع الزّوجة في كلّ الأمور المشتركة بينهما كزوجين.

ثالثاً: إنَّ إقبال المرأة على العمل المنزليّ والاضطلاع بأعبائه من خلال إنسانيَّتها وعاطفتها وتضحيتها، في الوقت الّذي لم يكلّفها الإسلام أيّاً من ذلك، حتّى فيما يختصّ بالحضانة وشؤونها، واحترم عملها حتّى افترض له أجراً مادّياً، لا بدَّ من أن يدفع الرّجل إلى تقدير التضحية التي تبذلها في رعايته ورعاية الأسرة؛ فلا يدفعه ذلك إلى التعسّف والعنف في إدارة علاقته بها.

رابعاً: لقد وضع الإسلام للعلاقة بين الرّجل والمرأة في الحياة الزوجيَّة والأسرة عموماً قاعدةً ثابتة، وهي قاعدة "المعروف"، فقال الله تعالى في القرآن الكريم: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[3]، وقال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[4]، حيث يمكن أن تشكِّل قاعدةً شرعيّةً يُمكن أن تنفتح على أكثر من حُكمٍ شرعيّ يُنهي الزواج إذا تحوّل ضدّ "المعروف".

خامساً: اعتبر الإسلام أنّ المرأة ــــ في إطار الزواج ــــ كائنٌ حقوقيّ مستقلّ عن الرّجل من النّاحية المادّية؛ فليس للرّجل أن يستولي على أموالها الخاصّة، أو أن يتدخّل في تجارتها أو مصالحها التي لا تتعلَّق به كزوج، أو لا تتعلَّق بالأسرة التي يتحمّل مسؤوليّة إدارتها.

سادساً: إنَّ الإسلام لم يبح للرّجل أن يمارس أيَّ عنفٍ على المرأة، سواء في حقوقها الشَّرعيَّة الّتي ينشأ الالتزام بها من خلال عقد الزّواج، أو في إخراجها من المنزل، وحتّى في مثل السّبّ والشّتم والكلام القاسي السيِّئ، ويمثّل ذلك خطيئةً يُحاسب الله عليها، ويُعاقب عليها القانون الإسلاميّ.

سابعاً: أمَّا إذا مارس الرّجل العنف الجسديّ ضدَّ المرأة، ولم تستطع الدِّفاع عن نفسها إلا بأن تبادل عنفه بعنفٍ مثله، فيجوز لها ذلك من باب الدِّفاع عن النّفس. كما أنّه إذا مارس الرّجل العنف الحقوقيّ ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيَّة، كالنّفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق الّتي التزمت بها من خلال العقد.

ثامناً: يؤكِّد الإسلام أنّه لا ولاية لأحدٍ على المرأة إذا كانت بالغةً رشيدةً مستقلّة في إدارة شؤون نفسها، فليس لأحدٍ أن يفرض عليها زوجاً لا تريده، والعقد من دون رضاها باطلٌ لا أثر له.

تاسعاً: في ظلِّ اهتمامنا بالمحافظة على الأسرة، فإنّه ينبغي للتّشريعات التي تنظّم عمل المرأة، أن تلحظ المواءمة بين عملها، عندما تختاره، وأعبائها المتعلّقة بالأسرة، وإنَّ أيَّ إخلال بهذا الأمر قد يؤدِّي إلى تفكّك الأسرة، ما يعني أنَّ المجتمع يُمارس عنفاً مضاعفاً تجاه تركيبته الاجتماعيّة ونسقه القيميّ.

عاشراً: لقد أكَّد الإسلام موقع المرأة إلى جانب الرَّجل في الإنسانيَّة والعقل والمسؤوليَّة ونتائجها، وأسَّس الحياة الزَّوجيَّة على أساسٍ من المودَّة والرَّحمة، ما يمنح الأسرة بُعداً إنسانيّاً يتفاعل فيه أفرادها بعيداً عن المفردات الحقوقيَّة القانونيَّة الّتي تعيش الجمود والجفاف الرّوحيّ والعاطفيّ؛ وهذا ما يمنح الغنى الرّوحيّ والتّوازن النّفسيّ والرقيّ الثّقافيّ والفكريّ للإنسان كلّه، رجلاً كان أو امرأةً، فرداً كان أو مجتمعاً".


[1]ـ الصّحيفة السّجاديّة، دعاؤه(ع) يوم الأضحى والجمعة.

[2] ـ الكافي، الشّيخ الكليني، ج2، ص119.

 [3]ـ [النّساء: 19].

[4]ـ [البقرة: 229].


لمناسبة اليوم العالميّ لمناهضة العنف ضدّ المرأة

المرجع فضل الله: يجوز للمرأة الدّفاع عن نفسها ضدّ عنف الرّجل

أصدر سماحة العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله ـ في العام 2007 ـ بياناً شرعيّاً لمناسبة اليوم العالميّ لمناهضة العنف ضدَّ المرأة، جاء فيه:

"بالرّغم من كلِّ التقدّم حيال النَّظرة الإنسانيَّة إلى المرأة، والتّكريم الّذي حظيت به قياساً بما كانت عليه في أغلب المجتمعات الشَّرقيَّة والغربيّة، وبالرّغم من صعود المرأة في السلّم الاجتماعيّ والسّياسيّ، حتّى تبوّأت أعلى المناصب الحكوميَّة وغيرها، وانخرطت في حركات النِّضال إلى جانب الرّجل، وتفوّقت عليه أحياناً؛ فإنَّ المرأة لا تزال تعاني العنف المُمارَس ضدَّها، والّذي يأخذ أشكالاً متعدّدة، ولا يقتصر على دائرةٍ دون أخرى، كما لا يأخذ هويّة شرقيَّة، بل نجده شاملاً في مستوى العالَم، وإن كان قد يختلف شكل العنف وحجمه بين مكانٍ وآخر.

فلا تزال المرأة، سواء كانت أختاً أو بنتاً أو زوجة، عُرضةً لتسلّط الرّجل عليها، سواء كان أخاً أو أباً أو زوجاً، ويأخذ العنف في ذلك أشكالاً متعدّدة.

فمن العنف الجسديّ الّذي تتعرَّض فيه المرأة للضّرب، وهذا ما يمثّل الرّجل فيه أحطّ حالات الإنسانيّة، لأنّه يدلّ على فقدانه للمنطق الّذي يمكن أن يفرضه على الآخر من موقع الالتزام والاقتناع؛ كما أنّه لا يدلّ على قوّة الرّجل، بل على ضعفه؛ لأنّه "إنّما يحتاج إلى الظُّلم الضّعيف"[1]. حتى يصل العنف ــ في هذا المجال ـ إلى أقصى مستوياته وأقساها، عندما تتعرّض المرأة للاغتصاب الّذي قد ينتهي بموتها.

إلى العنف الاجتماعيّ ضمن ما يُطلَق عليه "جرائم الشَّرف"، الّذي يكتفي فيه المجتمع القبليّ أو العائليّ أو ما إلى ذلك بالشُّبهة، ليحكم على المرأة بالنَّفي أو بالإعدام، فضلاً عن أنَّ المجتمع لا يملك حقَّ تنفيذ الأحكام إلا من خلال القضاء وآليّاته المبيّنة من خلال الشّرع الحنيف، أو العنف الاجتماعيّ الّذي يَفْرض على المرأة الزّواج من شخصٍ لا ترغب فيه، من خلال الذّهنيّة العائليّة أو القبليَّة أو غيرهما.

إلى العنف النفسيّ الّذي يهدِّد فيه الزّوج زوجته بالطلاق أو بغيره، أو عندما يتركها في زواجها كالمعلَّقة، فلا تُعامَل كزوجة، أو الَّذي يُستَخدَم فيه الطلاق كعنصر ابتزازٍ لها في أكثر من جانب، فتفقد بالتّالي الاستقرار في زواجها، ممّا ينعكس ضرراً على نفسيّتها وتوازنها.

إلى العنف المعيشيّ الَّذي يمتنع فيه الزّوج أو الأب عن تحمّل مسؤوليّاته المادّية تجاه الزوجة والأسرة، فيحرم المرأة من حقوقها في العيش الكريم، أو عندما يضغط عليها لتتنازل عن مهرها الذي يمثِّل ــــ في المفهوم الإسلاميّ ــــ هديّةً رمزيّةً عن المودَّة والمحبَّة الإنسانيّة، بعيداً عن الجانب التّجاريّ.

إلى العنف التربويّ الّذي تُمنَع معه المرأة من حقِّها في التّعليم والترقّي في ميدان التخصّص العلميّ، بما يرفع من مستواها الفكريّ والثّقافيّ، ويفتح لها آفاق التطوّر والتّطوير في ميادين الحياة؛ فتبقى في دوَّامة الجهل والتخلّف؛ ثمّ تُحمَّل مسؤوليّة الأخطاء التي تقع فيها، نتيجة قلَّة الخبرة والتجربة الّتي فرضها عليها العنف.

إلى العنف العمليّ الَّذي يُميِّز بين أجر المرأة وأجر الرّجل من دون حقّ، مع أنَّ التّساوي في العمل يقتضي التّساوي في ما يترتّب عليه، علماً أنَّ المجتمع بأسره قد يمارس هذا النّوع من العنف عندما يسنُّ قوانين العمل الّتي لا تراعي للمرأة أعباء الأمومة أو الحضانة أو ما إلى ذلك ممّا يختصّ بالمرأة، إضافةً إلى استغلال المديرين وأرباب العمل للموظَّفات من خلال الضّغط عليهنّ في أكثر من مجال.

إنَّنا أمام ذلك، نؤكِّد جملةً من الأمور:

أوّلاً: يشكِّل الرّفق منهجاً مركزيّاً في الإسلام، يكتسب الأولويّة على العنف الّذي لا ينبغي أن يتحرّك في حالاتٍ استثنائيّةٍ قد تقتضيها ضرورة التربية أو ردّ العدوان. وقد جاء عن النبيّ محمّد(ص) قولُه: "إنَّ الرّفق لم يُوضع على شيءٍ إلاّ زانه، ولا نُزع من شيءٍ إلاّ شانه"[2]، وهذا المنهج عامٌّ لكلِّ العلاقات الإنسانيّة، من دون فرقٍ بين رجلٍ وامرأة، أو صغيرٍ أو كبير.

ثانياً: إنَّ قوامة الرّجل على المرأة لا تعني سيادة الرّجل عليها، بل تعني تحميل الرّجل مسؤوليّة إدارة الأسرة التي لا بدَّ من أن لا يستبدَّ بها، بل أن يتشارك مع الزّوجة في كلّ الأمور المشتركة بينهما كزوجين.

ثالثاً: إنَّ إقبال المرأة على العمل المنزليّ والاضطلاع بأعبائه من خلال إنسانيَّتها وعاطفتها وتضحيتها، في الوقت الّذي لم يكلّفها الإسلام أيّاً من ذلك، حتّى فيما يختصّ بالحضانة وشؤونها، واحترم عملها حتّى افترض له أجراً مادّياً، لا بدَّ من أن يدفع الرّجل إلى تقدير التضحية التي تبذلها في رعايته ورعاية الأسرة؛ فلا يدفعه ذلك إلى التعسّف والعنف في إدارة علاقته بها.

رابعاً: لقد وضع الإسلام للعلاقة بين الرّجل والمرأة في الحياة الزوجيَّة والأسرة عموماً قاعدةً ثابتة، وهي قاعدة "المعروف"، فقال الله تعالى في القرآن الكريم: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[3]، وقال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[4]، حيث يمكن أن تشكِّل قاعدةً شرعيّةً يُمكن أن تنفتح على أكثر من حُكمٍ شرعيّ يُنهي الزواج إذا تحوّل ضدّ "المعروف".

خامساً: اعتبر الإسلام أنّ المرأة ــــ في إطار الزواج ــــ كائنٌ حقوقيّ مستقلّ عن الرّجل من النّاحية المادّية؛ فليس للرّجل أن يستولي على أموالها الخاصّة، أو أن يتدخّل في تجارتها أو مصالحها التي لا تتعلَّق به كزوج، أو لا تتعلَّق بالأسرة التي يتحمّل مسؤوليّة إدارتها.

سادساً: إنَّ الإسلام لم يبح للرّجل أن يمارس أيَّ عنفٍ على المرأة، سواء في حقوقها الشَّرعيَّة الّتي ينشأ الالتزام بها من خلال عقد الزّواج، أو في إخراجها من المنزل، وحتّى في مثل السّبّ والشّتم والكلام القاسي السيِّئ، ويمثّل ذلك خطيئةً يُحاسب الله عليها، ويُعاقب عليها القانون الإسلاميّ.

سابعاً: أمَّا إذا مارس الرّجل العنف الجسديّ ضدَّ المرأة، ولم تستطع الدِّفاع عن نفسها إلا بأن تبادل عنفه بعنفٍ مثله، فيجوز لها ذلك من باب الدِّفاع عن النّفس. كما أنّه إذا مارس الرّجل العنف الحقوقيّ ضدّها، بأن منعها بعض حقوقها الزوجيَّة، كالنّفقة أو الجنس، فلها أن تمنعه تلقائيّاً من الحقوق الّتي التزمت بها من خلال العقد.

ثامناً: يؤكِّد الإسلام أنّه لا ولاية لأحدٍ على المرأة إذا كانت بالغةً رشيدةً مستقلّة في إدارة شؤون نفسها، فليس لأحدٍ أن يفرض عليها زوجاً لا تريده، والعقد من دون رضاها باطلٌ لا أثر له.

تاسعاً: في ظلِّ اهتمامنا بالمحافظة على الأسرة، فإنّه ينبغي للتّشريعات التي تنظّم عمل المرأة، أن تلحظ المواءمة بين عملها، عندما تختاره، وأعبائها المتعلّقة بالأسرة، وإنَّ أيَّ إخلال بهذا الأمر قد يؤدِّي إلى تفكّك الأسرة، ما يعني أنَّ المجتمع يُمارس عنفاً مضاعفاً تجاه تركيبته الاجتماعيّة ونسقه القيميّ.

عاشراً: لقد أكَّد الإسلام موقع المرأة إلى جانب الرَّجل في الإنسانيَّة والعقل والمسؤوليَّة ونتائجها، وأسَّس الحياة الزَّوجيَّة على أساسٍ من المودَّة والرَّحمة، ما يمنح الأسرة بُعداً إنسانيّاً يتفاعل فيه أفرادها بعيداً عن المفردات الحقوقيَّة القانونيَّة الّتي تعيش الجمود والجفاف الرّوحيّ والعاطفيّ؛ وهذا ما يمنح الغنى الرّوحيّ والتّوازن النّفسيّ والرقيّ الثّقافيّ والفكريّ للإنسان كلّه، رجلاً كان أو امرأةً، فرداً كان أو مجتمعاً".


[1]ـ الصّحيفة السّجاديّة، دعاؤه(ع) يوم الأضحى والجمعة.

[2] ـ الكافي، الشّيخ الكليني، ج2، ص119.

 [3]ـ [النّساء: 19].

[4]ـ [البقرة: 229].

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية