استغرب حديث البعض عن فتنة سنية ـ شيعية لا أساس لها
فضل الله يدعو الهيئات والجمعيات والعلماء من السنّة والشيعة للعمل كفريق واحد
أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً ردّ فيه على ما كثر الحديث عنه مؤخراً عن فتنة سنية ـ شيعية في لبنان، جاء فيه:
إن من بين الأمور التي تثير علامات الاستفهام ما انطلق وينطلق مؤخراً من حديث عن فتنة سنية ـ شيعية في لبنان، وهو الأمر الذي يصرّ بعض السياسيين على إثارته بمناسبة ودون مناسبة، كما أن بعض من يتحرك في النطاق الديني لا يتوانى عن تكرار ذلك وكأن المسألة بمثابة الأمر الواقع وأن ظروفها ومعطياتها باتت مهيّأة.
إننا أمام هذه الإثارات المتعمّدة لهذه المسألة نتساءل:
ماذا هناك بين السنّة والشيعة في لبنان؟... لقد انخرط السنّة والشيعة في لبنان منذ أن انطلقت القضية الفلسطينية في نطاق جبهة واحدة ضد العدو الإسرائيلي، وكانوا رأس حربة لمواجهة مشروعه وأطماعه، وانضمّوا إلى حركة المقاومة الفلسطينية جنباً إلى جنب ورفدوها بالشباب والدعم المادي واحتضنوها وحملوا قضيتها معاً إلى العالم على مستوى الشعار والحركة وتفاعلوا مع الانتفاضة الفلسطينية ومع كل قضايا العالم الإسلامي بوجدان إسلامي وعربي حيّ ومتحرك ومنفتح، ولم تستطع حتى الإثارات التي انطلقت أثناء الحرب اللبنانية أن تحدث مشكلة في الوسط الإسلامي السني والشيعي، حتى في ظلّ بعض الحروب المتنقلة التي كان يشعلها البعض لحساب مصالحهم في أيام الحرب في لبنان.
إن السنّة والشيعة في لبنان يتحركون في نطاق التنوّع السياسي العام الذي تتّسم به الحياة السياسية اللبنانية، فمنهم من ينطلق مع الموالاة ومنهم من ينطلق مع المعارضة في عملية تنوّع داخلية في الانتماءات، ومنهم من ينتمي إلى هذا الحزب السياسي أو ذاك التيار السياسي في عملية تداخل لا يشعر فيها أي متتبّع بأن المسألة تدخل في النطاق المذهبي، بل إن الأمور تسير في خط معاكس، فنجد من الفريقين داخل المعارضة ونجد منهما من ينتمي إلى الموالاة، (بحسب الاصطلاح الذي يتحرك به الإعلام في لبنان). كما أن عمليات التواصل بين السنة والشيعة على مستوى الهموم اليومية وعلى مستوى قضايا العالم الإسلامي والتداخل الحاصل على مختلف المستويات قد تكون نموذجاً إسلامياً وحدوياً فريداً في العالم العربي والإسلامي، ويُضاف ذلك كله إلى التصاهر بين العائلات السنية والشيعية والذي نشأت بفعله أجيال إسلامية تجاوزت الحسّ المذهبي الذي يُراد إثارته في ظلّ الحركة الأمريكية ومشروعها في المنطقة، لتنطلق في رحاب الشخصية الإسلامية والعربية الموحّدة وتتحمل المسؤوليات عن قضايا العرب والمسلمين جنباً إلى جنب.
إن الأزمة في لبنان منذ انطلقت كانت أزمة سياسية وستظلّ كذلك، ولا دخل لكل عناوين الخلافة أو الإمامة أو غيرها من عناوين التاريخ بها، وما قد يحدث بين السنة والشيعة أو بداخلهما هو ما حدث داخل الطوائف والفئات الأخرى. ولذلك فإننا في الوقت الذي نستغرب صدور تصريحات ومواقف تلوح بالفتنة المذهبية، نخشى من أن يدخل ذلك في نطاق التمهيد الإعلامي والسياسي الهادف لإيجاد أرضية لفتنة هي غير موجودة في الأساس أو التوطئة لظروف ومناخات لا مصلحة لأحد بها إلا الإدارة الأمريكية وإسرائيل وجهات غربية مرتبطة بهما تعمل لإذكاء نار الفتنة في دنيا العرب والمسلمين لإخراج الاحتلالين الأمريكي والإسرائيلي مصن مأزقهما في فلسطين والمنطقة.
إننا نقول لكل هؤلاء الذين يروجون للفتنة أن يتقوا الله في كلماتهم وإثاراتهم وأن يتحملوا مسؤولياتهم على مستوى الخطاب والحركة حتى لا يكونوا ويكون غيرهم وقوداً للفتنة التي تريدها الإدارة الأمريكية المحافظة، ونريد للسنّة والشيعة أن ينطلقوا ـ وفي هذه الأيام بالذات ـ على مستوى الجمعيات والهيئات الشعبية والحركة العلمائية كفريق واحد لقطع الطريق على كل متربّص بوحدتهم وكل من تسوّل له نفسه إثارة الحساسيات في الواقع الإسلامي، كما نريد للسنّة والشيعة أن يعملوا لحماية الوحدة الوطنية الداخلية في لبنان من خلال صونهم لوحدتهم الإسلامية، لأننا نعتقد أن المنطلق الأساس لحماية الوحدة الوطنية وصون السلم الأهلي هو وحدة المسلمين المحتضنة للآخرين والساعية لبناء وطن ينهض فيه جميع أبنائه بمسؤولياتهم وهي مسؤوليات كبيرة ومتعددة، وخصوصاً في هذه المرحلة من عمر لبنان والمنطقة.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 11 شوّال 1428هـ الموافق: 22 / 10 / 2007م
"المكتب الإعلامي"
استغرب حديث البعض عن فتنة سنية ـ شيعية لا أساس لها
فضل الله يدعو الهيئات والجمعيات والعلماء من السنّة والشيعة للعمل كفريق واحد
أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً ردّ فيه على ما كثر الحديث عنه مؤخراً عن فتنة سنية ـ شيعية في لبنان، جاء فيه:
إن من بين الأمور التي تثير علامات الاستفهام ما انطلق وينطلق مؤخراً من حديث عن فتنة سنية ـ شيعية في لبنان، وهو الأمر الذي يصرّ بعض السياسيين على إثارته بمناسبة ودون مناسبة، كما أن بعض من يتحرك في النطاق الديني لا يتوانى عن تكرار ذلك وكأن المسألة بمثابة الأمر الواقع وأن ظروفها ومعطياتها باتت مهيّأة.
إننا أمام هذه الإثارات المتعمّدة لهذه المسألة نتساءل:
ماذا هناك بين السنّة والشيعة في لبنان؟... لقد انخرط السنّة والشيعة في لبنان منذ أن انطلقت القضية الفلسطينية في نطاق جبهة واحدة ضد العدو الإسرائيلي، وكانوا رأس حربة لمواجهة مشروعه وأطماعه، وانضمّوا إلى حركة المقاومة الفلسطينية جنباً إلى جنب ورفدوها بالشباب والدعم المادي واحتضنوها وحملوا قضيتها معاً إلى العالم على مستوى الشعار والحركة وتفاعلوا مع الانتفاضة الفلسطينية ومع كل قضايا العالم الإسلامي بوجدان إسلامي وعربي حيّ ومتحرك ومنفتح، ولم تستطع حتى الإثارات التي انطلقت أثناء الحرب اللبنانية أن تحدث مشكلة في الوسط الإسلامي السني والشيعي، حتى في ظلّ بعض الحروب المتنقلة التي كان يشعلها البعض لحساب مصالحهم في أيام الحرب في لبنان.
إن السنّة والشيعة في لبنان يتحركون في نطاق التنوّع السياسي العام الذي تتّسم به الحياة السياسية اللبنانية، فمنهم من ينطلق مع الموالاة ومنهم من ينطلق مع المعارضة في عملية تنوّع داخلية في الانتماءات، ومنهم من ينتمي إلى هذا الحزب السياسي أو ذاك التيار السياسي في عملية تداخل لا يشعر فيها أي متتبّع بأن المسألة تدخل في النطاق المذهبي، بل إن الأمور تسير في خط معاكس، فنجد من الفريقين داخل المعارضة ونجد منهما من ينتمي إلى الموالاة، (بحسب الاصطلاح الذي يتحرك به الإعلام في لبنان). كما أن عمليات التواصل بين السنة والشيعة على مستوى الهموم اليومية وعلى مستوى قضايا العالم الإسلامي والتداخل الحاصل على مختلف المستويات قد تكون نموذجاً إسلامياً وحدوياً فريداً في العالم العربي والإسلامي، ويُضاف ذلك كله إلى التصاهر بين العائلات السنية والشيعية والذي نشأت بفعله أجيال إسلامية تجاوزت الحسّ المذهبي الذي يُراد إثارته في ظلّ الحركة الأمريكية ومشروعها في المنطقة، لتنطلق في رحاب الشخصية الإسلامية والعربية الموحّدة وتتحمل المسؤوليات عن قضايا العرب والمسلمين جنباً إلى جنب.
إن الأزمة في لبنان منذ انطلقت كانت أزمة سياسية وستظلّ كذلك، ولا دخل لكل عناوين الخلافة أو الإمامة أو غيرها من عناوين التاريخ بها، وما قد يحدث بين السنة والشيعة أو بداخلهما هو ما حدث داخل الطوائف والفئات الأخرى. ولذلك فإننا في الوقت الذي نستغرب صدور تصريحات ومواقف تلوح بالفتنة المذهبية، نخشى من أن يدخل ذلك في نطاق التمهيد الإعلامي والسياسي الهادف لإيجاد أرضية لفتنة هي غير موجودة في الأساس أو التوطئة لظروف ومناخات لا مصلحة لأحد بها إلا الإدارة الأمريكية وإسرائيل وجهات غربية مرتبطة بهما تعمل لإذكاء نار الفتنة في دنيا العرب والمسلمين لإخراج الاحتلالين الأمريكي والإسرائيلي مصن مأزقهما في فلسطين والمنطقة.
إننا نقول لكل هؤلاء الذين يروجون للفتنة أن يتقوا الله في كلماتهم وإثاراتهم وأن يتحملوا مسؤولياتهم على مستوى الخطاب والحركة حتى لا يكونوا ويكون غيرهم وقوداً للفتنة التي تريدها الإدارة الأمريكية المحافظة، ونريد للسنّة والشيعة أن ينطلقوا ـ وفي هذه الأيام بالذات ـ على مستوى الجمعيات والهيئات الشعبية والحركة العلمائية كفريق واحد لقطع الطريق على كل متربّص بوحدتهم وكل من تسوّل له نفسه إثارة الحساسيات في الواقع الإسلامي، كما نريد للسنّة والشيعة أن يعملوا لحماية الوحدة الوطنية الداخلية في لبنان من خلال صونهم لوحدتهم الإسلامية، لأننا نعتقد أن المنطلق الأساس لحماية الوحدة الوطنية وصون السلم الأهلي هو وحدة المسلمين المحتضنة للآخرين والساعية لبناء وطن ينهض فيه جميع أبنائه بمسؤولياتهم وهي مسؤوليات كبيرة ومتعددة، وخصوصاً في هذه المرحلة من عمر لبنان والمنطقة.
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 11 شوّال 1428هـ الموافق: 22 / 10 / 2007م
"المكتب الإعلامي"