بيان "المرجع فضل الله حول الالتزام بالأخلاق القانونية" الجديدة

بيان "المرجع فضل الله حول الالتزام بالأخلاق القانونية" الجديدة

شدد على التزام الأخلاقية القانونية حتى لا ندخل في الفوضى السياسية الأمنية
فضل الله يحذر من أن يفرض المنطق السياسي نفسه على القضاء

أصدر العلاّمة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله بياناً يبيّن فيه دور الأخلاق القانونية في إدارة المسائل القضائية جاء فيه:

أنّ سياسات الكثير من الدول في إدارة اتّهاماتها لغيرها لا ترتكز إلى الحدّ الأدنى من الموضوعيّة التي ترتكز إليها إدارة الاتّهام في المجال القضائي»، مُشيراً إلى أنّ «المنهج القضائي في إدارة أيّ اتّهام يتحرّك في إطار تجميع المعطيات الواضحة والدلائل والحجّة الدامغة بهدف تكوين صورة يُمكن فيها توجيه الاتّهام إلى هذه الجهة أو تلك، أو إلى هذا الشخص أو ذاك. كما أنّ تلك المعطيات تكتسب ـ في القضاء ـ صفةً موضوعيّة تفترض وصول كلّ من يطّلع عليها إلى ذات النتائج والحقائق، ولا تبقى في دائرة الظنون الشخصيّة التي لا تعكس واقعاً خارج دائرة الشخص؛ الأمر الذي يحقّق للعدالة عناصرها الواقعيّة بعيداً عن الذاتيّات والمصالح».

ولاحظ سماحته أنّ «الحركة السياسية بين الدول تقوم على أساس تحقيق المصالح الذاتيّة لهذه الدولة أو تلك، بالمستوى الذي تُجمّد فيه كلّ القيم الأخلاقيّة، وحتّى القانونيّة والقضائيّة، ولتتحرّك على أساس مبدأ: الغاية تبرّر الوسيلة»، لافتاً إلى «الطريق التي أدخل فيها الرئيس الأمريكي بوش بلده والعالَم كلّه في حربٍ مع العراق على أساس امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، ممّا تبيّن ـ باعترافه ـ أنّه لا واقع له. وكذلك في إدراته لاتّهام إيران بالسعي لامتلاك السلاح النووي، في ظلّ عدم وجود أدلّة على ذلك، بل نجد ـ في مقابل ذلك ـ التأكيدات الإيرانيّة المتنوّعة على أنّ المشروع النووي الإيراني سلميّ، خصوصاً في ظلّ استمرار إيران بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرّية التي أكّدت أنّه ليس هناك ما يشير إلى ما يتّهمها به الرئيس الأمريكي».

وأكد سماحته، أن «من أخطر الأمور أن ينعكس ذلك على المرجعيات والجهات الدينية ـ كما لمسنا ذلك في كثير من المواقع ـ حيث أنها لم تتثبّت في إطلاق الاتهامات في القضايا السياسية والدينية الأمر الذي انعكس مزيداً من الإثارة فزادت الأمور تعقيداً على كثير من المستويات.

كما لاحظ سماحته أنّ «هذه الطريقة اللاقانونيّة واللاأخلاقيّة أدخلت لبنان في فوضى الاتّهامات لهذه الدولة أو تلك في الاغتيالات التي حصلت خلال العامين الماضيين، أو في الجدل الذي يثور داخليّاً ـ ونسمعه في الإعلام ـ حول شرعيّة اعتقال الضبّاط الأربعة، أو في شرعيّة اعتقال الاعلاميّين الثلاثة. إضافة إلى الجدل الدائر حول المحكمة ذات الطابع الدولي، حيث يتحدّث البعض عن تسييسها في الوقت الذي يركّز المطالبون بها على ضرورة إبقائها في الإطار القانوني الذي يُعاقب الجناة، ولا يُدخلها في عمليّة تصفية حسابات سياسية».

ورأى سماحته أنّ «أخطر ما في هذا الأمر أنّ غلبة المنطق السياسي على حركة الاتّهامات بات يمارس ضغوطاً على القضاء، بحيث لم يملك فيه القضاة ـ حتى مع نزاهتهم ـ الحرّية في إبداء رأيهم القانوني ممّا يُخالف الهوى السياسي العام. وعندئذٍ تنعدم ـ تماماً ـ أيّة ضوابط تحقّق التوازن في حركة السياسة والمجتمع».

وشدّد سماحته على أنّه «لأجل ذلك تفقد الشعوب ثقتها بالمؤسّسات القانونيّة الدولية، كمجلس الأمن، حيث يسود تغليب لغة المصالح لهذه الدولة الكبرى أو تلك على لغة القانون الدولي، وكذلك بالنسبة للقيادات السياسيّة التي تتحرّك بعيداً عن المنطق القضائي القانوني في عملها السياسي، وتتحرّك وفق أهوائها السياسية أو أهواء طوائفها وفئويّتها».

وخلص سماحته إلى ضرورة «أن يعود جميع السياسيّين اللبنانيّين إلى الأخلاقيّة القانونيّة التي لا تُدير حركة البلد من خلال المصالح الشخصيّة، وتصفية الحسابات، فتُدخل البلد في الفوضى السياسية التي تستتبع فوضى أمنيّة، من حيث تسمح لأجهزة المخابرات المتنوّعة أن تلعب على التناقضات التي تخلقها هذه الطريقة في إدارة شؤون الناس والبلد» داعياً إلى الكفّ عن تناول القرارات أو المشاريع التي صدرت عن مجلس الأمن بحقّ لبنان، سواء في ما يعود إلى الصراع مع العدوّ الصهيوني، أو في ما يعود إلى التحقيق في جرائم الاغتيالات التي شهدتها الساحة اللبنانيّة خلال العامين الماضيين، من خلال منطق المزايدات أو العصبيّات أو الارتهان إلى الإدارات الخارجيّة المهيمنة على مواقع القرار الدولي؛ لأنّ عدم التوفّر على الدراسة الدقيقة والمليّة للخلفيّات الكامنة وراء أي قرار أو مشروع دولي يوحي بنوعٍ من السذاجة الفكريّة، فضلاً عن أنّه يعكس شيئاً من الاستخفاف بالمسؤوليّة حيال المصلحة الوطنيّة العليا، والقول المأثور يقول: «إذا غلب الفساد على الزمان وأهله وأحسن إنسان ظنّاً بإنسان فقد غرّر».

مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 06 محرّم 1428هـ الموافق: 25 كانون الثاني- يناير 2007م

"المكتب الإعلامي"

شدد على التزام الأخلاقية القانونية حتى لا ندخل في الفوضى السياسية الأمنية
فضل الله يحذر من أن يفرض المنطق السياسي نفسه على القضاء

أصدر العلاّمة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله بياناً يبيّن فيه دور الأخلاق القانونية في إدارة المسائل القضائية جاء فيه:

أنّ سياسات الكثير من الدول في إدارة اتّهاماتها لغيرها لا ترتكز إلى الحدّ الأدنى من الموضوعيّة التي ترتكز إليها إدارة الاتّهام في المجال القضائي»، مُشيراً إلى أنّ «المنهج القضائي في إدارة أيّ اتّهام يتحرّك في إطار تجميع المعطيات الواضحة والدلائل والحجّة الدامغة بهدف تكوين صورة يُمكن فيها توجيه الاتّهام إلى هذه الجهة أو تلك، أو إلى هذا الشخص أو ذاك. كما أنّ تلك المعطيات تكتسب ـ في القضاء ـ صفةً موضوعيّة تفترض وصول كلّ من يطّلع عليها إلى ذات النتائج والحقائق، ولا تبقى في دائرة الظنون الشخصيّة التي لا تعكس واقعاً خارج دائرة الشخص؛ الأمر الذي يحقّق للعدالة عناصرها الواقعيّة بعيداً عن الذاتيّات والمصالح».

ولاحظ سماحته أنّ «الحركة السياسية بين الدول تقوم على أساس تحقيق المصالح الذاتيّة لهذه الدولة أو تلك، بالمستوى الذي تُجمّد فيه كلّ القيم الأخلاقيّة، وحتّى القانونيّة والقضائيّة، ولتتحرّك على أساس مبدأ: الغاية تبرّر الوسيلة»، لافتاً إلى «الطريق التي أدخل فيها الرئيس الأمريكي بوش بلده والعالَم كلّه في حربٍ مع العراق على أساس امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، ممّا تبيّن ـ باعترافه ـ أنّه لا واقع له. وكذلك في إدراته لاتّهام إيران بالسعي لامتلاك السلاح النووي، في ظلّ عدم وجود أدلّة على ذلك، بل نجد ـ في مقابل ذلك ـ التأكيدات الإيرانيّة المتنوّعة على أنّ المشروع النووي الإيراني سلميّ، خصوصاً في ظلّ استمرار إيران بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرّية التي أكّدت أنّه ليس هناك ما يشير إلى ما يتّهمها به الرئيس الأمريكي».

وأكد سماحته، أن «من أخطر الأمور أن ينعكس ذلك على المرجعيات والجهات الدينية ـ كما لمسنا ذلك في كثير من المواقع ـ حيث أنها لم تتثبّت في إطلاق الاتهامات في القضايا السياسية والدينية الأمر الذي انعكس مزيداً من الإثارة فزادت الأمور تعقيداً على كثير من المستويات.

كما لاحظ سماحته أنّ «هذه الطريقة اللاقانونيّة واللاأخلاقيّة أدخلت لبنان في فوضى الاتّهامات لهذه الدولة أو تلك في الاغتيالات التي حصلت خلال العامين الماضيين، أو في الجدل الذي يثور داخليّاً ـ ونسمعه في الإعلام ـ حول شرعيّة اعتقال الضبّاط الأربعة، أو في شرعيّة اعتقال الاعلاميّين الثلاثة. إضافة إلى الجدل الدائر حول المحكمة ذات الطابع الدولي، حيث يتحدّث البعض عن تسييسها في الوقت الذي يركّز المطالبون بها على ضرورة إبقائها في الإطار القانوني الذي يُعاقب الجناة، ولا يُدخلها في عمليّة تصفية حسابات سياسية».

ورأى سماحته أنّ «أخطر ما في هذا الأمر أنّ غلبة المنطق السياسي على حركة الاتّهامات بات يمارس ضغوطاً على القضاء، بحيث لم يملك فيه القضاة ـ حتى مع نزاهتهم ـ الحرّية في إبداء رأيهم القانوني ممّا يُخالف الهوى السياسي العام. وعندئذٍ تنعدم ـ تماماً ـ أيّة ضوابط تحقّق التوازن في حركة السياسة والمجتمع».

وشدّد سماحته على أنّه «لأجل ذلك تفقد الشعوب ثقتها بالمؤسّسات القانونيّة الدولية، كمجلس الأمن، حيث يسود تغليب لغة المصالح لهذه الدولة الكبرى أو تلك على لغة القانون الدولي، وكذلك بالنسبة للقيادات السياسيّة التي تتحرّك بعيداً عن المنطق القضائي القانوني في عملها السياسي، وتتحرّك وفق أهوائها السياسية أو أهواء طوائفها وفئويّتها».

وخلص سماحته إلى ضرورة «أن يعود جميع السياسيّين اللبنانيّين إلى الأخلاقيّة القانونيّة التي لا تُدير حركة البلد من خلال المصالح الشخصيّة، وتصفية الحسابات، فتُدخل البلد في الفوضى السياسية التي تستتبع فوضى أمنيّة، من حيث تسمح لأجهزة المخابرات المتنوّعة أن تلعب على التناقضات التي تخلقها هذه الطريقة في إدارة شؤون الناس والبلد» داعياً إلى الكفّ عن تناول القرارات أو المشاريع التي صدرت عن مجلس الأمن بحقّ لبنان، سواء في ما يعود إلى الصراع مع العدوّ الصهيوني، أو في ما يعود إلى التحقيق في جرائم الاغتيالات التي شهدتها الساحة اللبنانيّة خلال العامين الماضيين، من خلال منطق المزايدات أو العصبيّات أو الارتهان إلى الإدارات الخارجيّة المهيمنة على مواقع القرار الدولي؛ لأنّ عدم التوفّر على الدراسة الدقيقة والمليّة للخلفيّات الكامنة وراء أي قرار أو مشروع دولي يوحي بنوعٍ من السذاجة الفكريّة، فضلاً عن أنّه يعكس شيئاً من الاستخفاف بالمسؤوليّة حيال المصلحة الوطنيّة العليا، والقول المأثور يقول: «إذا غلب الفساد على الزمان وأهله وأحسن إنسان ظنّاً بإنسان فقد غرّر».

مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 06 محرّم 1428هـ الموافق: 25 كانون الثاني- يناير 2007م

"المكتب الإعلامي"

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية