لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعدوان تموز الفائت

لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعدوان تموز الفائت

حذر من خطرين داهمين الأول يريد للمقاومة أن تصطدم بـ"اليونيفيل" والآخر يريد نزع سلاحها
فضل الله: مذهبة الانتصار من أبشع ما تعرضت له المقاومة من محاولات تشويه

أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بيان لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعدوان تموز الفائت جاء فيه:

لقد كانت خريطة الأهداف السياسية والأمنية الأميركية والإسرائيلية لعدوان تموز بعيدة المدى إلى المستوى الذي يمكن فيه لحكام العرب أن يقهقهوا فرحاً بعدما سلمت بلدانهم وحتى عروشهم بفعل حال الانكسار التي عاشتها إسرائيل بعدما خابت آمالها، وسقطت أهدافها من خلال اصطدامها بمجموعات المقاومة التي أظهرت أنها الأقوى والأصلب والأكثر إخلاصاً على مستوى الأمة كلّها.

إنّ الكثيرين باتوا يدركون الآن أن عدوان تموز لم يكن يستهدف البنية التحتية اللبنانية أو بنية المقاومة في لبنان فحسب، بل كان يمثل هجوماً وحشياً على بنية الأمة الثقافية والفكرية والسياسية، فضلاً عن بنيتها الجغرافية، حيث أنّ الحديث عن تفتيت كان سيتبع هذا العدوان على مستوى المنطقة ـ في حال انتصرت إسرائيل ـ لم يكن حديثاً خيالياً، ولذلك فإن المقاومة في لبنان لم توقف جيشاً عند تخوم الجنوب اللبناني، ولكنها أوقفت اجتياحاً للأمة وأسقطت أهداف حرب عالمية تضافرت فيها جهود أميركا وأوروبا وكثير من الجهود العربية إلى جانب إسرائيل لكسر إرادة الممانعة، وليّ ذراع العزة في الوطن والأمة.

إنّنا نلاحظ أنّ من بين المفاعيل العكسية للانتصار على إسرائيل في حرب تموز، أنّ هذا الانتصار أخاف الكثير من المواقع العربية بفعل حالات الجبن التي اعترت بعض المواقع التي عاشت الذل في كل تاريخها، ولم تعتد على تضوع رائحة النصر أو بفعل التواطؤ العلني مع أمريكا والسري مع إسرائيل. وهنا يستطيع رئيس حكومة العدو أن يفاخر بأن هذه الحرب ـ الجريمة، أسست لحلف عربي مع إسرائيل ولمحور تلتقي فيه الشخصيات المخابراتية العربية الكبيرة مع قادة الموساد، لتستمع منها إلى الخطط التي من شأنها إجهاض الممانعة والمقاومة في فلسطين ولبنان وبقية المواقع العربية والإسلامية.

ولذلك، فإّننا نعتقد أن وزيرة الخارجية الأميركية التي أرادت للحرب على لبنان أن تكون المخاض "لشرق أوسط جديد"، حاولت طوال الفترة التي أعقبت إيقاف العمليات العسكرية، قتل الانتصار ومحاصرته على المستوى العربي وامتصاص مفاعيله ومنع العدوى اللبنانية من أن تتحول إلى حركة سياسية نشطة في العالم العربي، ومن هنا يمكن أن نفهم استدعاءاتها المتواصلة لوزراء الخارجية العرب، كما يمكن أن نفهم الحركة الأميركية في لبنان لمنع اللبنانيين من الاندماج في بيئة من الوحدة والحرية والاستقلال من شأنها أن تحمي الانتصار وتقدمه كنموذج حي للأمة كلّها.

إن من بين الأمور التي ينبغي ملاحظتها في مسألة حرب تموز العدوانية، أنّ انتصار المقاومة جرى في عروق الشعوب العربية والإسلامية على مستوى الانفعال بالحدث، من دون أن يتحول هذا الانفعال الوجداني الطاهر إلى فعل سياسي متكامل أو إلى تفاعل كبير من شأنه أن يصهر الأمة ويخلق فيها حالة اندماج عربي وإسلامي هي في أمس الحاجة إليه في ظل الهجمة الكبرى التي استهدفت، ولا تزال، تفتيتها مذهبياً وسياسياً وحزبياً، بل ـ على العكس من ذلك ـ رأينا أن ثمة عملاً خبيثاً يسعى لوضع الانتصار في الخانة المذهبية ويعمل من خلال ذلك لتخويف فريق آخر في الأمة، ولمحنا شخصيات وطنية وإسلامية مرموقة ومحترمة ومشهود لها بالإخلاص والنـزاهة تقع في هذا الفخ من حيث تدري أو لا تدري... ولذلك فإنني أعتبر أن من أخطر ما تعرض له هذا الانتصار التاريخي من محاولات تشويه وتضليل هي تلك المساعي التي عملت على مذهبته بعدما كان مصدر إلهام للأمة كلّها، وبعدما تفاعل معه السنّة أكثر من الشيعة، وبعدما وجد فيه كل أحرار العالم منطلقاً حقيقياً لهزيمة الشر والوحشية في العالم.

إنني أحذر ـ في هذه الأيام بالذات ـ من خطرين داهمين: الأول، ويتمثل في إيحاءات بدأت تنطلق من هنا وهناك باتجاه المقاومة لتشكك في مصداقيتها وفي أصالة موقفها من العدو ولتنـزع عنها ثوب الإسلام والوطنية إذا لم تتعرض لقوات "اليونيفيل"، والخطر الآخر، ويكمن في محاولات تصوير سلاح المقاومة كخطر يجتذب العدوان الإسرائيلي من جديد وبالتالي فلا بد من العمل للتخلص منه حتى نأمن شر إسرائيل... إننا نقول لهؤلاء وأولئك، إنّ المقاومة في لبنان لا تمثل الصورة الأنصع لبنانياً وعربياً وإسلامياً على مستوى شجاعة شبابها ومجاهديها فحسب، بل تمثل أيضاً المشهد الحي المتحرّك سياسياً، والمسلّح بقدرة كبيرة من الوعي والخبرة والتخطيط، وكذلك في تشخيص العدو جيداً وفي رصد خطط إسرائيل، لذلك نريد للجميع أن يرفدها ويقدم لها الدعم السياسي والمعنوي والمادي وعلى الأقل، وألا يضع نفسه في الموقع المعادي لها من حيث انتبه أم لم ينتبه.... كما نريد للذين يخوّفون الناس من الحرب القادمة ألا يخلطوا بين الإعداد لكسر خطط العدو وبين فوضى الكلمات والمواقف التي قد تهزم بعض المواقع في الأمة على المستوى الشعوري والنفسي، فنحن نعرف أن العدو يرمم جيشه ويحاول تصحيح وضعه ويخطط لاسترجاع هيبته، ولكنّنا ندرك ـ في المقابل ـ أنه قد يسقط في المتاهة الاستراتيجية الكبرى إذا أقدم على حماقات جديدة، ولذلك فإنّ المطلوب هو الحذر والوعي لا الانهزام أمام المشاهد الدعائية المعادية التي تنطلق من هنا وهناك.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 30 جمادى الثانية  1428هـ  الموافق: 15 / 7 / 2007م

"المكتب الإعلامي"

حذر من خطرين داهمين الأول يريد للمقاومة أن تصطدم بـ"اليونيفيل" والآخر يريد نزع سلاحها
فضل الله: مذهبة الانتصار من أبشع ما تعرضت له المقاومة من محاولات تشويه

أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بيان لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعدوان تموز الفائت جاء فيه:

لقد كانت خريطة الأهداف السياسية والأمنية الأميركية والإسرائيلية لعدوان تموز بعيدة المدى إلى المستوى الذي يمكن فيه لحكام العرب أن يقهقهوا فرحاً بعدما سلمت بلدانهم وحتى عروشهم بفعل حال الانكسار التي عاشتها إسرائيل بعدما خابت آمالها، وسقطت أهدافها من خلال اصطدامها بمجموعات المقاومة التي أظهرت أنها الأقوى والأصلب والأكثر إخلاصاً على مستوى الأمة كلّها.

إنّ الكثيرين باتوا يدركون الآن أن عدوان تموز لم يكن يستهدف البنية التحتية اللبنانية أو بنية المقاومة في لبنان فحسب، بل كان يمثل هجوماً وحشياً على بنية الأمة الثقافية والفكرية والسياسية، فضلاً عن بنيتها الجغرافية، حيث أنّ الحديث عن تفتيت كان سيتبع هذا العدوان على مستوى المنطقة ـ في حال انتصرت إسرائيل ـ لم يكن حديثاً خيالياً، ولذلك فإن المقاومة في لبنان لم توقف جيشاً عند تخوم الجنوب اللبناني، ولكنها أوقفت اجتياحاً للأمة وأسقطت أهداف حرب عالمية تضافرت فيها جهود أميركا وأوروبا وكثير من الجهود العربية إلى جانب إسرائيل لكسر إرادة الممانعة، وليّ ذراع العزة في الوطن والأمة.

إنّنا نلاحظ أنّ من بين المفاعيل العكسية للانتصار على إسرائيل في حرب تموز، أنّ هذا الانتصار أخاف الكثير من المواقع العربية بفعل حالات الجبن التي اعترت بعض المواقع التي عاشت الذل في كل تاريخها، ولم تعتد على تضوع رائحة النصر أو بفعل التواطؤ العلني مع أمريكا والسري مع إسرائيل. وهنا يستطيع رئيس حكومة العدو أن يفاخر بأن هذه الحرب ـ الجريمة، أسست لحلف عربي مع إسرائيل ولمحور تلتقي فيه الشخصيات المخابراتية العربية الكبيرة مع قادة الموساد، لتستمع منها إلى الخطط التي من شأنها إجهاض الممانعة والمقاومة في فلسطين ولبنان وبقية المواقع العربية والإسلامية.

ولذلك، فإّننا نعتقد أن وزيرة الخارجية الأميركية التي أرادت للحرب على لبنان أن تكون المخاض "لشرق أوسط جديد"، حاولت طوال الفترة التي أعقبت إيقاف العمليات العسكرية، قتل الانتصار ومحاصرته على المستوى العربي وامتصاص مفاعيله ومنع العدوى اللبنانية من أن تتحول إلى حركة سياسية نشطة في العالم العربي، ومن هنا يمكن أن نفهم استدعاءاتها المتواصلة لوزراء الخارجية العرب، كما يمكن أن نفهم الحركة الأميركية في لبنان لمنع اللبنانيين من الاندماج في بيئة من الوحدة والحرية والاستقلال من شأنها أن تحمي الانتصار وتقدمه كنموذج حي للأمة كلّها.

إن من بين الأمور التي ينبغي ملاحظتها في مسألة حرب تموز العدوانية، أنّ انتصار المقاومة جرى في عروق الشعوب العربية والإسلامية على مستوى الانفعال بالحدث، من دون أن يتحول هذا الانفعال الوجداني الطاهر إلى فعل سياسي متكامل أو إلى تفاعل كبير من شأنه أن يصهر الأمة ويخلق فيها حالة اندماج عربي وإسلامي هي في أمس الحاجة إليه في ظل الهجمة الكبرى التي استهدفت، ولا تزال، تفتيتها مذهبياً وسياسياً وحزبياً، بل ـ على العكس من ذلك ـ رأينا أن ثمة عملاً خبيثاً يسعى لوضع الانتصار في الخانة المذهبية ويعمل من خلال ذلك لتخويف فريق آخر في الأمة، ولمحنا شخصيات وطنية وإسلامية مرموقة ومحترمة ومشهود لها بالإخلاص والنـزاهة تقع في هذا الفخ من حيث تدري أو لا تدري... ولذلك فإنني أعتبر أن من أخطر ما تعرض له هذا الانتصار التاريخي من محاولات تشويه وتضليل هي تلك المساعي التي عملت على مذهبته بعدما كان مصدر إلهام للأمة كلّها، وبعدما تفاعل معه السنّة أكثر من الشيعة، وبعدما وجد فيه كل أحرار العالم منطلقاً حقيقياً لهزيمة الشر والوحشية في العالم.

إنني أحذر ـ في هذه الأيام بالذات ـ من خطرين داهمين: الأول، ويتمثل في إيحاءات بدأت تنطلق من هنا وهناك باتجاه المقاومة لتشكك في مصداقيتها وفي أصالة موقفها من العدو ولتنـزع عنها ثوب الإسلام والوطنية إذا لم تتعرض لقوات "اليونيفيل"، والخطر الآخر، ويكمن في محاولات تصوير سلاح المقاومة كخطر يجتذب العدوان الإسرائيلي من جديد وبالتالي فلا بد من العمل للتخلص منه حتى نأمن شر إسرائيل... إننا نقول لهؤلاء وأولئك، إنّ المقاومة في لبنان لا تمثل الصورة الأنصع لبنانياً وعربياً وإسلامياً على مستوى شجاعة شبابها ومجاهديها فحسب، بل تمثل أيضاً المشهد الحي المتحرّك سياسياً، والمسلّح بقدرة كبيرة من الوعي والخبرة والتخطيط، وكذلك في تشخيص العدو جيداً وفي رصد خطط إسرائيل، لذلك نريد للجميع أن يرفدها ويقدم لها الدعم السياسي والمعنوي والمادي وعلى الأقل، وألا يضع نفسه في الموقع المعادي لها من حيث انتبه أم لم ينتبه.... كما نريد للذين يخوّفون الناس من الحرب القادمة ألا يخلطوا بين الإعداد لكسر خطط العدو وبين فوضى الكلمات والمواقف التي قد تهزم بعض المواقع في الأمة على المستوى الشعوري والنفسي، فنحن نعرف أن العدو يرمم جيشه ويحاول تصحيح وضعه ويخطط لاسترجاع هيبته، ولكنّنا ندرك ـ في المقابل ـ أنه قد يسقط في المتاهة الاستراتيجية الكبرى إذا أقدم على حماقات جديدة، ولذلك فإنّ المطلوب هو الحذر والوعي لا الانهزام أمام المشاهد الدعائية المعادية التي تنطلق من هنا وهناك.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 30 جمادى الثانية  1428هـ  الموافق: 15 / 7 / 2007م

"المكتب الإعلامي"

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية