بيان، "الخطر الداهم المحدق بالعالم العربي والإسلامي"

بيان، "الخطر الداهم المحدق بالعالم العربي والإسلامي"

دعا إلى عدم إثارة الحديث حول فشل الآخرين بل وضع الخطط لضمان نجاحنا
فضل الله: مقبلون على خطر داهم وبعض العرب يتطلع إلى تحالف وسلام كيفما اتفق مع إسرائيل

أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله بياناً، دعا فيه العالم العربي والإسلامي إلى مواجهة الخطر الداهم من خلال الهجمة الأمريكية على المنطقة جاء فيها:

إنَّ ما يتعرَّض له العالم الإسلاميُّ والعربيُّ في هذه الأيَّام، من هجمةٍ أميركيةٍ مشفوعةٍ بدعم أوروبي ناتج من ضعفٍ أمام الضَّغط الأميركي المتواصل، وخوف من أن يؤدي الفشل الأميركي إلى فشل على مستوى الإدارات الغربية برمّتها... إن هذه الهجمة وصلت إلى مستوى عالٍ من الخطورة، خصوصاً أن إدارة الرئيس الأميركي بوش تدفع بالأمور نحو التعقيد الذي قد يؤدِّي إلى الانفجار الموضعي الذي قد يفضي بدوره إلى الانفجار الشامل.

لقد نجحت الإدارة الأميركية في جعل العالم العربي والإسلامي عالماً متوتّراً ومتفجّراً وقلقاً إلى أبعد الحدود، حيث استطاعت أن تفجّر الكثير من ساحاته الداخلية، من خلال الموظَّفين العاملين لحساب مخابراتها المركزية في كثير من الأنظمة، أو من خلال الذين يملكون برامج تدميرية خاصة بهم، ولكنها تلتقي ـ في الغالب الأعم ـ مع ما يريده الاحتلال الأميركي من تظهير صورة المسلمين كمجموعات عنيفة تعمد إلى الفتك ببعضها البعض، ولا تتوانى عن استهداف المدنيين الأبرياء، إلى جانب استهدافها للغربيين، سواء كانوا محتلين أو غير ذلك.

إن مشهد العالم الإسلامي كمشهد يحترق في الصومال وأفغانستان، ويشرف على الوقوع في فخ الاستهداف الأجنبي من خلال التدخلات الغربية، وخصوصاً الأميركية في السودان، تحت عنوان الدفاع عن اللاجئين في دارفور، وصولاً إلى الحرب الدامية في العراق بكل صوّرها العنيفة مذهبياً وسياسياً، إضافةً إلى الملفات الداخلية التي بدأت تفاصيلها تنتشر بخطورة متناهية، كما هو الأمر في باكستان، وكما هو الأمر في فلسطين ولبنان، وكذلك المتفجرات التي تلاحق السوّاح والأبرياء في أكثر من مكان في طول العالم العربي والإسلامي وعرضه...

إنَّ ذلك كله يمثِّل الصورة التي ترغب الإدارة الأميركية في تقديمها إلى العالم، لتحاول الإيحاء بأن شعوبنا غير متحضّرة، وأنها تختزن العنف في طبيعتها، في الوقت الذي يعرف الجميع أن هذه الملفات فتحت على أيدي أميركا وعملائها بشكل مباشر أو غير مباشر، لتسقط المنطقة بكل ثرواتها الناضجة وغير الناضجة في يدها، ولتبدأ بعدها الخطوات التالية الرامية إلى إخضاع وتطويع الممانعين والرافضين من قوى وطنية وإسلامية وتحررية.

إن العالم العربي والإسلامي بثرواته الهائلة، وطاقاته الكبرى، وإمكاناته وموارده الطبيعية، وحتى في ثرواته البشرية، لم يعد يمثل منطقة تهتم بها الإدارة الأميركية والإدارات الغربية فحسب، بل بات يمثِّل أولويةً لكلِّ هؤلاء، ولقد دخلنا في المنعطف التاريخي الذي بات يستدعي وقفةً سريعة وشاملة من كلِّ الجهات التي تتوق إلى الحرية والاستقلال، وكذلك من العلماء والفئات الطليعية والمثقَّفة، لكي يعملوا على الخروج من دائرة الفتنة والاحتراب الداخلي، إلى ساحة التصدي للهجوم الواسع الذي يستهدف الأمة، وخصوصاً بعد أن بدأت تتبلور معالم جديدة حول النية في تصعيد الأمور أكثر، وعلى عدة مستويات وجبهات... بحيث إن الأمة قد تدخل دائرة الاستعمار المباشر من جديد، أو قد تكتوي ساحاتها بلهيب نيران الفتنة التي قد تصل إلى مواقع أخرى ما لم تعمد إلى الخروج من كبوتها، وما لم يخرج أبناء المذاهب وأرباب الطوائف وقديسو الأحزاب من حصونهم الذاتية وأبراجهم الطائفية، إلى فضاء الأمة وفضاء قضاياها المهدَّدة بالسقوط والتداعي.

إننا نشهد حالة غريبة ومريبة من السقوط والانسحاق العربي، وحتى الإسلامي، أمام إسرائيل، حيث نلمح هرولةً عربية للسلام مع إسرائيل كيفما اتفق، كما نشهد ارتماءً في أحضان أمريكا لإعادة الروح إلى مشروعها بعد فشلها في العراق وغيره... إن العرب يتنافسون على التقرب من إسرائيل، ويستجدون سلاماً سريعاً معها، وبعضهم يريد تحالفاً معها، ولكن إسرائيل تعطيهم وعوداً معسولة، وتضحك عليهم بكلمات مخادعة، وفي المقابل، تتحضّر لبناء جيشها من جديد، وتتطلَّع إلى ثغرات جديدة لاستعادة قوَّتها الرادعة، بعدما أُذلّت في حرب تموز الفائتة.

وإن أمريكا تبحث عن حلول لمشاكلها ومشاكل إسرائيل، وإن تمَّ ذلك من خلال العمل على جعل المنطقة العربية والإسلامية أرضاً محروقة... وإن الجميع يبحث عن تقاسم المواقع والاستيلاء على المواضع الاستراتيجية في العالم الإسلامي، لأنهم يريدون بلادنا منصّة أمنية وسياسية واقتصادية لمصالحهم وأطماعهم، فيما يعيش العرب في مزيد من الانقسام، ولا يجتمعون إلا إذا طلبت منهم وزيرة الخارجيَّة الأميركيَّة ذلك. وها نحن نسمع بالمزيد من الاجتماعات لرؤساء المخابرات ووزراء الدفاع، حيث لا يبحث المجتمعون في الخطر الإسرائيلي، بل في تنامي قوة إيران، وفي كيفيّة حفظ العروش العربية بالمزيد من الارتماء في الأحضان الأميركية.

إن ذلك كله يستدعي حركة سريعة تتضافر فيها القوى، وتتعاون فيها الأحزاب والحركات، ويلتقي في سياقها العلماء والأطر الشعبية والسياسية بعيداً عن الحسابات المذهبية والتصنيفات السياسية، فنحن مستهدفون كأمة، وعلينا أن نبدأ بالتفكير ملياً، والتخطيط عملياً للخروج من دائرة الخطر الداهم، حيث لا يكفي أن نثير الحديث عن فشل الآخرين، بل لا بد من أن نقنع الأمة بنجاحاتنا، ولن تقتنع الأمة ولن تقبل الشعوب بمواعظ بليغة أمام مشهد الانقسامات وصورة التمزقات... فلبندأ مسيرة الوحدة لصياغة سلامنا من الداخل، قبل أن تأكلنا حروب الخارج والداخل.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 17 جمادى الثانية  1428هـ  الموافق: 04 / 7 / 2007م

"المكتب الإعلامي"

دعا إلى عدم إثارة الحديث حول فشل الآخرين بل وضع الخطط لضمان نجاحنا
فضل الله: مقبلون على خطر داهم وبعض العرب يتطلع إلى تحالف وسلام كيفما اتفق مع إسرائيل

أصدر سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله بياناً، دعا فيه العالم العربي والإسلامي إلى مواجهة الخطر الداهم من خلال الهجمة الأمريكية على المنطقة جاء فيها:

إنَّ ما يتعرَّض له العالم الإسلاميُّ والعربيُّ في هذه الأيَّام، من هجمةٍ أميركيةٍ مشفوعةٍ بدعم أوروبي ناتج من ضعفٍ أمام الضَّغط الأميركي المتواصل، وخوف من أن يؤدي الفشل الأميركي إلى فشل على مستوى الإدارات الغربية برمّتها... إن هذه الهجمة وصلت إلى مستوى عالٍ من الخطورة، خصوصاً أن إدارة الرئيس الأميركي بوش تدفع بالأمور نحو التعقيد الذي قد يؤدِّي إلى الانفجار الموضعي الذي قد يفضي بدوره إلى الانفجار الشامل.

لقد نجحت الإدارة الأميركية في جعل العالم العربي والإسلامي عالماً متوتّراً ومتفجّراً وقلقاً إلى أبعد الحدود، حيث استطاعت أن تفجّر الكثير من ساحاته الداخلية، من خلال الموظَّفين العاملين لحساب مخابراتها المركزية في كثير من الأنظمة، أو من خلال الذين يملكون برامج تدميرية خاصة بهم، ولكنها تلتقي ـ في الغالب الأعم ـ مع ما يريده الاحتلال الأميركي من تظهير صورة المسلمين كمجموعات عنيفة تعمد إلى الفتك ببعضها البعض، ولا تتوانى عن استهداف المدنيين الأبرياء، إلى جانب استهدافها للغربيين، سواء كانوا محتلين أو غير ذلك.

إن مشهد العالم الإسلامي كمشهد يحترق في الصومال وأفغانستان، ويشرف على الوقوع في فخ الاستهداف الأجنبي من خلال التدخلات الغربية، وخصوصاً الأميركية في السودان، تحت عنوان الدفاع عن اللاجئين في دارفور، وصولاً إلى الحرب الدامية في العراق بكل صوّرها العنيفة مذهبياً وسياسياً، إضافةً إلى الملفات الداخلية التي بدأت تفاصيلها تنتشر بخطورة متناهية، كما هو الأمر في باكستان، وكما هو الأمر في فلسطين ولبنان، وكذلك المتفجرات التي تلاحق السوّاح والأبرياء في أكثر من مكان في طول العالم العربي والإسلامي وعرضه...

إنَّ ذلك كله يمثِّل الصورة التي ترغب الإدارة الأميركية في تقديمها إلى العالم، لتحاول الإيحاء بأن شعوبنا غير متحضّرة، وأنها تختزن العنف في طبيعتها، في الوقت الذي يعرف الجميع أن هذه الملفات فتحت على أيدي أميركا وعملائها بشكل مباشر أو غير مباشر، لتسقط المنطقة بكل ثرواتها الناضجة وغير الناضجة في يدها، ولتبدأ بعدها الخطوات التالية الرامية إلى إخضاع وتطويع الممانعين والرافضين من قوى وطنية وإسلامية وتحررية.

إن العالم العربي والإسلامي بثرواته الهائلة، وطاقاته الكبرى، وإمكاناته وموارده الطبيعية، وحتى في ثرواته البشرية، لم يعد يمثل منطقة تهتم بها الإدارة الأميركية والإدارات الغربية فحسب، بل بات يمثِّل أولويةً لكلِّ هؤلاء، ولقد دخلنا في المنعطف التاريخي الذي بات يستدعي وقفةً سريعة وشاملة من كلِّ الجهات التي تتوق إلى الحرية والاستقلال، وكذلك من العلماء والفئات الطليعية والمثقَّفة، لكي يعملوا على الخروج من دائرة الفتنة والاحتراب الداخلي، إلى ساحة التصدي للهجوم الواسع الذي يستهدف الأمة، وخصوصاً بعد أن بدأت تتبلور معالم جديدة حول النية في تصعيد الأمور أكثر، وعلى عدة مستويات وجبهات... بحيث إن الأمة قد تدخل دائرة الاستعمار المباشر من جديد، أو قد تكتوي ساحاتها بلهيب نيران الفتنة التي قد تصل إلى مواقع أخرى ما لم تعمد إلى الخروج من كبوتها، وما لم يخرج أبناء المذاهب وأرباب الطوائف وقديسو الأحزاب من حصونهم الذاتية وأبراجهم الطائفية، إلى فضاء الأمة وفضاء قضاياها المهدَّدة بالسقوط والتداعي.

إننا نشهد حالة غريبة ومريبة من السقوط والانسحاق العربي، وحتى الإسلامي، أمام إسرائيل، حيث نلمح هرولةً عربية للسلام مع إسرائيل كيفما اتفق، كما نشهد ارتماءً في أحضان أمريكا لإعادة الروح إلى مشروعها بعد فشلها في العراق وغيره... إن العرب يتنافسون على التقرب من إسرائيل، ويستجدون سلاماً سريعاً معها، وبعضهم يريد تحالفاً معها، ولكن إسرائيل تعطيهم وعوداً معسولة، وتضحك عليهم بكلمات مخادعة، وفي المقابل، تتحضّر لبناء جيشها من جديد، وتتطلَّع إلى ثغرات جديدة لاستعادة قوَّتها الرادعة، بعدما أُذلّت في حرب تموز الفائتة.

وإن أمريكا تبحث عن حلول لمشاكلها ومشاكل إسرائيل، وإن تمَّ ذلك من خلال العمل على جعل المنطقة العربية والإسلامية أرضاً محروقة... وإن الجميع يبحث عن تقاسم المواقع والاستيلاء على المواضع الاستراتيجية في العالم الإسلامي، لأنهم يريدون بلادنا منصّة أمنية وسياسية واقتصادية لمصالحهم وأطماعهم، فيما يعيش العرب في مزيد من الانقسام، ولا يجتمعون إلا إذا طلبت منهم وزيرة الخارجيَّة الأميركيَّة ذلك. وها نحن نسمع بالمزيد من الاجتماعات لرؤساء المخابرات ووزراء الدفاع، حيث لا يبحث المجتمعون في الخطر الإسرائيلي، بل في تنامي قوة إيران، وفي كيفيّة حفظ العروش العربية بالمزيد من الارتماء في الأحضان الأميركية.

إن ذلك كله يستدعي حركة سريعة تتضافر فيها القوى، وتتعاون فيها الأحزاب والحركات، ويلتقي في سياقها العلماء والأطر الشعبية والسياسية بعيداً عن الحسابات المذهبية والتصنيفات السياسية، فنحن مستهدفون كأمة، وعلينا أن نبدأ بالتفكير ملياً، والتخطيط عملياً للخروج من دائرة الخطر الداهم، حيث لا يكفي أن نثير الحديث عن فشل الآخرين، بل لا بد من أن نقنع الأمة بنجاحاتنا، ولن تقتنع الأمة ولن تقبل الشعوب بمواعظ بليغة أمام مشهد الانقسامات وصورة التمزقات... فلبندأ مسيرة الوحدة لصياغة سلامنا من الداخل، قبل أن تأكلنا حروب الخارج والداخل.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 17 جمادى الثانية  1428هـ  الموافق: 04 / 7 / 2007م

"المكتب الإعلامي"

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية