في الذكرى السنوية لأحداث أيلول

في الذكرى السنوية لأحداث أيلول

في ذكرى أحداث 11 أيلول
فضل الله: السلم العالمي في خطر الثأر الأمريكي

أصدر سماحة العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً في الذكرى السنوية لأحداث 11أيلول، جاء فيه:

لقد شكّلت أحداث 11 أيلول صدمةً عنيفةً هزّت الوجدان العالمي، وتركت تداعياتها آثاراً خطيرة ومدمّرة على السلم والاقتصاد والأمن في العالم بأسره، ولاسيّما في منطقتنا العربيّة والإسلاميّة التي وضعتها الإدارة الأمريكية موضع الاتّهام، وأدخلتها في دائرة الاحتلال في أكثر من موقع. وقد كانت هذه الأحداث محلّ استنكارنا وشجبنا الشديدين، من موقعنا الإسلامي؛ لأنّنا رأينا فيه عملاً لا يقبله عقل ولا شرعٌ ولا دين؛

إنّنا أمام ذكرى تلك الأحداث نقف وقفة تأمّل لنثير عدداً من النقاط:

أوّلاً: كان من المفترض بالإدارة الأمريكية القيام بتقويم موضوعي يبحث في الأسباب الحقيقيّة والعميقة، التي دفعت مثل هؤلاء إلى قيامهم بهذا العمل الذي لم يسبق له مثيل في عالم الاحتجاج، والذي نعتقد أنّ الإدارات المتعاقبة تتحمّل كثيراً من المسؤوليّة في تهيئة الأجواء له، من خلال طريقتها في مقاربة قضايا المنطقة العربية والإسلاميّة، والتي صادرت ـ في كثير من سياساتها ـ شعوبها، سواء من خلال الأنظمة الاستبداديّة التي دعمتها، أو من خلال تبنّيها المطلق للكيان الصهيوني من دون أن تعترف بحقّ الفلسطينيّين في الدفاع عن أنفسهم وأرضهم، أو من خلال السيطرة على مقدّرات المسلمين و المستضعفين في العالم.. في الوقت الذي نجد فيه أنّ ردّ الفعل الأمريكي على تلك الأحداث، سواء باتّهامه الإسلام كموجّه رئيس لأتباعه إلى الإرهاب، أو بتحريكها الاحتلال، من أفغانستان والعراق، زاد المشكلة العالميّة تعقيداً، وأصبحت كثير من الدول ساحاتٍ للفوضى وللإرهاب المحلّي والإقليمي.

ثانياً: بات أكثر وضوحاً اليوم أنّ «الحرب على الإرهاب» التي أعلنتها كردّ فعلٍ لأحداث 11 أيلول، وعملت على تعبئة أكثر الدول الكبرى والصغرى للتحرّك فيها، ليست إلا حرباً ضدّ معارضي السياسة الأمريكية ومشاريعها الاستراتيجيّة، ولاسيّما مشروع الشرق الأوسط الكبير، كما أنّ عنوان نشر الديمقراطيّة لم تكن إلا ذريعةً لذلك، ما لبثت أن توقّفت عندما اصطدمت بخيارات الشعوب المناقضة لمصالحها.

ثالثاً: إنّ ما جرى في 11 أيلول، يفرض على الشعب الأمريكي أن ينطلق في ذهنيّة جديدة في النظر إلى قضايا العالم، من خلال ازدياد الحرص على السلام العالمي الذي يفترض احترام الشعوب في حقوقها وتطلّعاتها المشروعة للحرّية والاستقلال، لا أن يغضّ النظر عن المشاريع والفتن والفوضى التي تحرّكها بلاده ضدّ أكثر من بلدٍ، في سبيل تحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعوب، والتي تزيد من نسبة كراهية تلك الشعوب للشعب الأمريكي نفسه.

رابعاً: إننا نرفض الإساءة للشعب الأمريكي المسالم، ولكنّنا ندعوه إلى أن يُراقب إدارته في حركتها في قضايا الشعوب، وأن يرفض ما يقوم به رئيسه، ولاسيّما أنّ هذا الشعب يتحمّل مسؤوليّة حركة إداراته من حيث هو السبب في انتخابها واستمرارها في الحكم؛ وإذا كان قد تحرّك لإسقاط من أخطأوا في حرب فييتنام، فإنّ الأمر اليوم يتطلّب تغيير المناهج والاستراتيجيّات التي تنطلق منها الإدارات الأمريكية في التعاطي مع شؤون العالم، وخصوصاً مع تزايد المخاوف من أن تقوم الإدارة الأمريكية بحروب ومجازر متنقّلة جديدة، يُمكن أن تترك نتائجها تأثيرات بالغة الخطورة لا على المنطقة العربيّة والإسلامية فحسب، بل على العالم كلّه.

أخيراً: إنّنا نريد أن نكون، مسلمين وعرباً، أصدقاء لكلّ الشعوب، وأن تنطلق الحضارات جميعاً لتتكامل في خطّ القيمة الإنسانيّة التي أكّدتها الأديان، وكرّستها المواثيق والشرائع الدوليّة، والتي تقوم على احترام الإنسان كلّه، وتأكيد العدل في حركة المجتمعات.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 28 شعبان   1428هـ  الموافق: 10 / 9 / 2007م

"المكتب الإعلامي"

في ذكرى أحداث 11 أيلول
فضل الله: السلم العالمي في خطر الثأر الأمريكي

أصدر سماحة العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، بياناً في الذكرى السنوية لأحداث 11أيلول، جاء فيه:

لقد شكّلت أحداث 11 أيلول صدمةً عنيفةً هزّت الوجدان العالمي، وتركت تداعياتها آثاراً خطيرة ومدمّرة على السلم والاقتصاد والأمن في العالم بأسره، ولاسيّما في منطقتنا العربيّة والإسلاميّة التي وضعتها الإدارة الأمريكية موضع الاتّهام، وأدخلتها في دائرة الاحتلال في أكثر من موقع. وقد كانت هذه الأحداث محلّ استنكارنا وشجبنا الشديدين، من موقعنا الإسلامي؛ لأنّنا رأينا فيه عملاً لا يقبله عقل ولا شرعٌ ولا دين؛

إنّنا أمام ذكرى تلك الأحداث نقف وقفة تأمّل لنثير عدداً من النقاط:

أوّلاً: كان من المفترض بالإدارة الأمريكية القيام بتقويم موضوعي يبحث في الأسباب الحقيقيّة والعميقة، التي دفعت مثل هؤلاء إلى قيامهم بهذا العمل الذي لم يسبق له مثيل في عالم الاحتجاج، والذي نعتقد أنّ الإدارات المتعاقبة تتحمّل كثيراً من المسؤوليّة في تهيئة الأجواء له، من خلال طريقتها في مقاربة قضايا المنطقة العربية والإسلاميّة، والتي صادرت ـ في كثير من سياساتها ـ شعوبها، سواء من خلال الأنظمة الاستبداديّة التي دعمتها، أو من خلال تبنّيها المطلق للكيان الصهيوني من دون أن تعترف بحقّ الفلسطينيّين في الدفاع عن أنفسهم وأرضهم، أو من خلال السيطرة على مقدّرات المسلمين و المستضعفين في العالم.. في الوقت الذي نجد فيه أنّ ردّ الفعل الأمريكي على تلك الأحداث، سواء باتّهامه الإسلام كموجّه رئيس لأتباعه إلى الإرهاب، أو بتحريكها الاحتلال، من أفغانستان والعراق، زاد المشكلة العالميّة تعقيداً، وأصبحت كثير من الدول ساحاتٍ للفوضى وللإرهاب المحلّي والإقليمي.

ثانياً: بات أكثر وضوحاً اليوم أنّ «الحرب على الإرهاب» التي أعلنتها كردّ فعلٍ لأحداث 11 أيلول، وعملت على تعبئة أكثر الدول الكبرى والصغرى للتحرّك فيها، ليست إلا حرباً ضدّ معارضي السياسة الأمريكية ومشاريعها الاستراتيجيّة، ولاسيّما مشروع الشرق الأوسط الكبير، كما أنّ عنوان نشر الديمقراطيّة لم تكن إلا ذريعةً لذلك، ما لبثت أن توقّفت عندما اصطدمت بخيارات الشعوب المناقضة لمصالحها.

ثالثاً: إنّ ما جرى في 11 أيلول، يفرض على الشعب الأمريكي أن ينطلق في ذهنيّة جديدة في النظر إلى قضايا العالم، من خلال ازدياد الحرص على السلام العالمي الذي يفترض احترام الشعوب في حقوقها وتطلّعاتها المشروعة للحرّية والاستقلال، لا أن يغضّ النظر عن المشاريع والفتن والفوضى التي تحرّكها بلاده ضدّ أكثر من بلدٍ، في سبيل تحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعوب، والتي تزيد من نسبة كراهية تلك الشعوب للشعب الأمريكي نفسه.

رابعاً: إننا نرفض الإساءة للشعب الأمريكي المسالم، ولكنّنا ندعوه إلى أن يُراقب إدارته في حركتها في قضايا الشعوب، وأن يرفض ما يقوم به رئيسه، ولاسيّما أنّ هذا الشعب يتحمّل مسؤوليّة حركة إداراته من حيث هو السبب في انتخابها واستمرارها في الحكم؛ وإذا كان قد تحرّك لإسقاط من أخطأوا في حرب فييتنام، فإنّ الأمر اليوم يتطلّب تغيير المناهج والاستراتيجيّات التي تنطلق منها الإدارات الأمريكية في التعاطي مع شؤون العالم، وخصوصاً مع تزايد المخاوف من أن تقوم الإدارة الأمريكية بحروب ومجازر متنقّلة جديدة، يُمكن أن تترك نتائجها تأثيرات بالغة الخطورة لا على المنطقة العربيّة والإسلامية فحسب، بل على العالم كلّه.

أخيراً: إنّنا نريد أن نكون، مسلمين وعرباً، أصدقاء لكلّ الشعوب، وأن تنطلق الحضارات جميعاً لتتكامل في خطّ القيمة الإنسانيّة التي أكّدتها الأديان، وكرّستها المواثيق والشرائع الدوليّة، والتي تقوم على احترام الإنسان كلّه، وتأكيد العدل في حركة المجتمعات.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

 التاريخ: 28 شعبان   1428هـ  الموافق: 10 / 9 / 2007م

"المكتب الإعلامي"

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية