نتائج مستقبلية كبيرة:
* مولانا، ماذا بعد المعركة؟
ـ عندما ندرس مفاعيل الحرب الإسرائيلية على لبنان، وصمود المقاومة الإسلامية أمام الجيش الإسرائيلي الذي كانت صفته أنه الجيش الذي لا يُقهر، نرى أن المقاومة استطاعت بصمودها الحركي البطولي الجهادي أن تقهره بآلياته وبجنوده، وبذلك منحت لبنان والعالم العربي والإسلامي تاريخاً جديداً لا بدّ من دراسته بكل خلفياته، وبكل تعقيداته، وبكل النتائج الإيجابية التي يمكن أن تحصل من خلاله، وذلك لأن تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، كان تاريخ الهزائم العربية أمام إسرائيل، حتى إنَّ العرب عندما استطاعوا أن ينتصروا في الحرب المصرية ـ الإسرائيلية، في حرب العبور، تحوَّل هذا النصر إلى هزيمة من خلال اللعبة الأمريكية الإسرائيلية التي أدّت في نهاية المطاف إلى الصلح المصري ـ الإسرائيلي.
لذلك، فقد كان تاريخ هذا الصراع هو تاريخ الهزائم العربية التي رسَّخت انطباعاً في الذهنية العربية على أكثر من مستوى، مفاده أن من الصعب، بل من المستحيل، أن يصمد العرب في أي حرب مع إسرائيل، ولذلك كانت دعوات السلم الذي لم يكن سلماً قوياً أو عادلاً، بل كان سلماً تفرضه إسرائيل بطريقة وبأخرى. من هنا، فإنني أعتقد أن المقاومة حقَّقت انتصاراً، وإن كان البعض لا يوافق على استخدامه كمصطلح يظهر حقيقة ما حدث، لكننا نعرف أنه كان صموداً قوياً، استطاعت هذه المقاومة أن تركّزه في الحرب مع إسرائيل.
إننا نعتقد أن هذا الانتصار استطاع أن يعيد إنتاج الروح الإسلامية العربية مستوى العالم العربي والإسلامي، وإننا نعتقد أن مثل هذه الروح سوف تتفاعل وسوف تحقّق الكثير من النتائج الإيجابية لو قُدّر للقيادات الشعبية العربية الإسلامية أن تتعامل مع هذا النَّصر بدروسه الكبيرة وعِبَره العميقة.
إننا نعتقد أن لبنان استطاع أن ينتصر في هذه الحرب، سواء في ساحة المعركة، أو في ساحة الشعب اللبناني الذي صمد ووقف متمرّداً على كلِّ خطط السقوط التي أُريد له أن يقع فيها، بهدف أن يتحوَّل إلى شعب معارض للمقاومة، لأن المفاجأة كانت أنَّ هذا الشعب وقف مع المقاومة، واستطاع أن يحقق وحدته الوطنية بالرغم من الخلافات المتجذّرة في الواقع السياسي هنا وهناك، وعندما أتحدث عن الوحدة الوطنية، فإنني أتحدث عن وحدة الشعب اللبناني الذي احتضن النازحين ورحّب بهم وأكرمهم وعزّزهم، ما جعلنا نشعر بأن لبنان مهما اختلفت اتجاهاته السياسية، فإنّه يبقى شعباً واحداً بالمعنى الوطني.
سقوط أمريكا في لبنان:
* هل إنّ الدور اللبناني تغيّر بعد هذه المعركة؟
ـ إنني أتصوّر أن هذه المعركة استطاعت أن تحقّق على المستوى السياسي نقلة نوعية تمثلت بإسقاط السياسة الأمريكية في لبنان، لأن أمريكا ـ بوش، أرادت أن يتحوّل لبنان إلى قاعدة للنفوذ الأمريكي، وأن ينطلق في إطار القرار 1559، أي أن ينطلق ليكون القاعدة التي يمكن لأمريكا أن تحرّكها في مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، من أجل إرباك المنطقة من جهة، ومن أجل أن يتحقّق للإرادة الأمريكية انتصار سياسيّ يغطي الهزيمة الأمريكية في العراق.
المقاومة ليست سبب الحرب:
* خلال الحرب وما بعدها، خرج الكثير من الأصوات التي منتقدةً فئة واحدة بقرار الحرب؟
ـ عندما ندرس المسألة دراسة موضوعية بعقلٍ بارد، فإننا لا نجد أن المقاومة الإسلامية قد تفرّدت بقرار الحرب، لماذا؟ لأننا عندما ندرس الحدث الذي يشير إليه الجميع، وهو أسر الجنديين الإسرائيليين، من خلال ما أحاط به من مواجهات بين المقاومة وبين الجيش الإسرائيلي، نرى أن المقاومة الإسلامية لم تكن تفكر في إعلان حرب، وهذا ما تحدّثت عنه أدبيّاتها بعد هذا الحدث، حيث جرى التأكيد أنّها لا تريد حرباً، بل كانت تتحرك على إيقاع ما تحرّكت به سابقاً من أسر جنود إسرائيليين من أجل التبادل مع الأسرى اللبنانيين والعرب، ونحن نلاحظ أن هذا الأسر في تلك المرحلة، قد نجح مع شخص جزّار مجرم محرّك للحرب ضد العرب والمسؤول عن احتلال بيروت في سنة 1982، وهو شارون.
لذلك، فإن المقاومة كانت ترى أن هذه العملية تتحرّك في الخطِّ الذي تحرّكت فيه العمليات السابقة، ومن هنا، فهي لم تعلن حرباً، ولم تبادر أيضاً في القصف على مواقع الشمال الفلسطيني الذي هو شمال الكيان الصهيوني، ولكن المقاومة ردّت على العدوان الذي استهدفها واستهدف لبنان. ولذلك فقد كانت حرب المقاومة ردّ فعل ولم تكن حرب فعل، وهي لم تعلن أنها تريد إيجاد حالة حرب مع العدو بالرغم من أنها تؤمن بهذه الحرب.
وفي هذا السياق، عندما نرجع قليلاً إلى ما قبل بداية الحرب في 12 تموز 2006م، نجد أن المقاومة مع تواجدها المكثَّف على الحدود، كانت تراعي الكثير من المعادلات السياسية في حركتها في مواجهة العدو، لأنها لم تكن تريد إرباك الواقع السياسي في لبنان ولا في المنطقة، وإنما كانت تنطلق في خط المواجهة بما يحرك الساحة تحريكاً جزئياً لا يترك أية مضاعفات سلبية كبيرة، ولا يخلط الأمور بشكل فوق العادة، لذلك كانت المقاومة مسؤولةً، وكانت حكيمة في مواجهتها للعدو، وذلك على الرغم من أن العدوّ كان يخترق الخطَّ الأزرق الذي تتحدث عنه أمريكا عندما تريد أن تسجل نقطة سلبية على المقاومة، حيث كانت إسرائيل تتجاوز هذا الخط الأزرق، وتخترقه بحراً وجواً وربما براً مئات المرات، من دون عن أن يكون هناك رد فعل حاد من قبل المقاومة. لذلك نقول إن من يتحدث عن أن المقاومة تفردت بقرار الحرب هو مخطئ، لأنه لم يدرس الأمور دراسة سياسية دقيقة، ولو تمت مثل هذه الدراسة، لتأكدنا أن المقاومة ردت على العدوان الإسرائيلي الذي استهدفها مباشرة واستهدف المدنيين اللبنانيين.
وضمن هذا الجو أيضاً، لا بد من الالتفات إلى أن الحكومة اللبنانية، ورغم أنها تبرأت من المقاومة ووقفت على الحياد بينها وبين إسرائيل بحجة أنها ليست مسؤولة عما حدث، فإن إسرائيل لم تأخذ في الاعتبار هذا الحياد، ولم تعمل على مراعاة هذا الضعف الرسمي اللبناني، وإنما حمَّلت الحكومة اللبنانية مسؤولية الحرب، ولذلك قصفت لبنان كلّه على هذا الأساس.
نحو استراتيجية دفاعية:
* في ظل تركيبة مثل التركيبة اللبنانية سياسياً وثقافياً، هل ترى أن من الممكن استمرار مبدأ العمل المقاوم؟
- هناك نقطة طرحت في جلسات الحوار، وقد شارك فيها كل المتحاورين، وهي تتصل ببحث استراتيجية الدفاع عن لبنان في ظل غياب إمكانات واقعية عملانية عسكرية للجيش اللبناني في مواجهة إسرائيل، وخصوصاً أن الحكومات منذ الأربعينات أو الخمسينات، لم تضع أية خطة لتسليح الجيش اللبناني، على أساس أن يكون قوةً تملك الدفاع عن لبنان، وخصوصاً أمام العدوان الإسرائيلي، فلم تكن هناك ميزانية للتسلح، وكانت ميزانية الجيش هي لدفع رواتب أفراد ضباطه وجنوده.
عندما ندرس هذه المسألة بعقل بارد، نرى أن الجيش اللبناني لا يمتلك هذه القوة الدفاعية، وإن كنا لا نناقش أبداً في إخلاص قيادته وضباطه وجنوده أو في عقيدته الوطنية، لكن الحكومات لم تستطع أن تحقق له القوة اللازمة، هذا فضلاً عن أن أمريكا المؤثرة في السياسة اللبنانية، لا توافق على أن يكون الجيش اللبناني قوة يملك المواجهة لأيِّ عدوان إسرائيلي، ونحن نعرف أن تاريخ الصراع الإسرائيلي ـ اللبناني هو تاريخ العدوان الإسرائيلي المتحرك منذ السبعينات وحتى الآن، لذلك كانت المقاومة تطرح أن يتفق اللبنانيون على استراتيجية للدفاع عن لبنان، لتكون المقاومة جزءاً من هذه الاستراتيجية، وقد صرحت قيادات المقاومة بأننا نتفق مع كلِّ اللبنانيين على العمل من أجل دولة قوية قادرة تملك الدفاع عن البلد بقواتها الخاصة، وعند ذلك لا تكون هناك حاجة للمقاومة.
إننا بناءً على ما تقدم نتساءل الآن: هل إن هذه الدولة باتت دولة قوية قادرة قاهرة، فضلاً عن التساؤل عمَّا إذا كانت الدولة التي تستقيل من الدفاع عن شعبها الذي يدمَّر في بنيته التحتية، وفي أطفاله ونسائه وشيوخه، هي الدولة القوية القادرة القاهرة؟! وكيف تكون مثل هذه الدولة قوية وقادرة وقاهرة، وهي لا تملك ـ أو لا تريد ـ أن ترفع الحصار الجوي والبحري عن وطنها، وإذا كانوا يتحدثون عن أن قوتنا هي قوة الدبلوماسية، فنحن نعرف أن الدبلوماسية لم تستطع أن ترفع هذا الحصار، لأن هناك بديهة سياسية واقعية، وهي أن أمريكا هي شريكة لإسرائيل في هذا الحصار، وهذا ما عبر عنه المندوب الأمريكي في مجلس الأمن جون بولتون الذي كرَّمه فريق من اللبنانيين، وقال إن هناك مبرراً لإسرائيل في إبقاء الحصار. إن معنى ذلك أن الدبلوماسية إذا لم تستند إلى قوة، فإنها تمثل نكتة في العمل السياسي.
قيود الحرب وحرية النقد:
* مولانا، ما هي تأثيرات ما حصل على الواقع الشيعي؟ وما هي علاقة الشيعة مع الطوائف الأخرى، ولا سيما أننا سمعنا بعض الأصوات الشيعية خلال الحرب وبعدها بقليل كانت نافرة؟!
- إننا هنا، ونحن لا نتكلم طائفياً، نشير إلى أن المسلمين الشيعة باعتبارهم مواطنين لبنانيين، استطاعوا أن يحققوا للبنان ما لم تحققه أية طائفة أخرى، وهذا ما تمثَّل في تحرير الأرض اللبنانية عام 2000م على يد المقاومة الإسلامية التي هي، بين قوسين، مقاومة شيعية لبنانية وطنية، وتَمثَّل في هزيمة إسرائيل على مدى 17 سنة.
وفي نظرتنا إلى ما حدث، نلاحظ أن الجمهور الشيعي، الذي هو جمهور لبناني وطني متجذِّر في لبنانيته ووطنيته، ومنفتح بشعيّته على كل الطوائف الأخرى في عملية تكامل، وفي عملية حوار وتفاهم وتعاون، خرج من هذه الحرب وهو أكثر قوةً وأكثر وحدةً، ولكن ليس معنى ذلك أن كل الشيعة يتفقون مع المقاومة في هذا المجال. نحن نقول إن هناك في الواقع الإسلامي الشيعي حالة من الانفتاح في الداخل وفي الخارج، ولذلك فنحن لا ننكر حقوق وآراء الذين يملكون بعض الملاحظات على حركة هنا وحركة هناك، وعلى موقع هنا وموقع هناك، نحن لا ننكر ذلك، ولكن على الجميع أن يعرف، سواء من داخل الشيعة أو من غيرهم، حدود حريته في التعامل مع القضايا الكبرى للوطن عندما يكون في حالة حرب مع العدو، ففي مثل هذه الحالات، على الجميع أن ينطلق مع عنفوان المعركة، خصوصاً إذا تحقق هناك صمود لمن يحب أن يتحدث عن الصمود "صمود الشعب اللبناني" أو نصر.
نحن لا ننكر أنّ من حقّ الآخرين أن يتحدّثوا عن السلبيات والأخطاء، لأنه ليس هناك أية فئة معصومة، ولكن نقول إنّه في حال الحرب لا بد من أن تكون كل الأصوات للمعركة.
المسلمون الشيعة يرفضون الوصايات:
* ما هو موقع الطائفة الشيعية من بقية الطوائف؟
- نحن نعتقد أن الطائفة الإسلامية الشيعية لا تزال منفتحة على الطائفة الإسلامية السنية وعلى الطائفة الدرزية والطّائفة المسيحية بكل تنوعاتها، فالشيعة لا يمثلون طائفة انعزالية، بل هم طائفة وطنية منفتحة على لبنان كله، ولا وطن لهم إلا لبنان، وهم لا يستبدلون بلبنان أي بلد آخر، وهم لا يوافقون على أية وصاية تصادر إرادتهم، سواء كانت عربية أو غير عربية، وينكرون على الآخرين الذين يتهمونهم بأنهم يتحركون على أساس الوصاية السورية أو الإيرانية. إنهم يقولون في هذا المجال: إذا كنتم تتهمون الآخرين بأنهم يخضعون إقليمياً لسوريا وإيران، فلماذا تتألمون عندما يتهمكم الآخرون بأنكم تخضعون لأمريكا ولفرنسا وللآخرين، وأن السفارة الأمريكية الموجودة الآن في عوكر باتت بديلة عن الموقع السوري الذي كان في عنجر؟! فمن كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة.
* انتقائية المعايير والوطن الغائب:
ما هو الدور السوري ـ الإيراني حالياً؟
- إننا لا نعتقد أن لسوريا وإيران في هذه المرحلة مثل هذا الدور الفاعل، كما لا نعتقد أنّ المقاومة الإسلامية، أو أنّ الشيعة بشكل عام، بمن فيهم حركة أمل، يأخذون تعليماتهم من إيران أو من سوريا. نحن نعرف أنَّ المسألة ليست كذلك، ولكننا نعرف أيضاً إلى جانب ذلك، أنَّه ما من دولة في العالم إلا وتحاول أن تتحرَّك من خلال ما تعتبره مصلحةً لها في هذا المجال أو ذاك المجال. إذا كانت سوريا وإيران تجد هناك بعض المصلحة في بعض أوضاع لبنان، فماذا عن أمريكا؟! ماذا عن فرنسا، وهي لا تنفك تعلن أنها تريد أن تحافظ على موقعها المميز التاريخي في لبنان، وأنها تحالفت مع أمريكا من أجل المحافظة على هذا الموقع؟! لماذا يريد البعض أن يفرض حظراً على أن تعمل سوريا وإيران لمصالحهما، ولا يريد أن يفرض حظراً على أمريكا أو فرنسا عندما يسخِّران الواقع اللبناني من أجل تحقيق مصالحهما.
إن هناك من يتحدث في هذه الأيام في الشعارات، أننا لا نريد للبنان أن يكون ساحة، ولكننا نعرف أن لبنان ولد ساحةً وسيبقى ساحةً، لأن النظام الطائفي، بسبب طبيعة العلاقات بين الطوائف، ينفتح على ثغرة هنا وثغرة هناك، وهذه الثغرات الطائفية هي التي تتيح للآخرين تحويل لبنان إلى ساحة، فضلاً عن أن لبنان الحرية، يفسح في المجال لكل من يريد الاستفادة من هذه الحرية وتوظيفها لمصالحه. ولذلك، فإنه على الرغم من أن أغلب اللبنانيين يتحدثون عن الوطنية وعن السيادة والاستقلال، إلا أنهم يتحركون في الواقع للانفتاح أو الانخراط في وضع دولي هنا أو هناك، ليستشيروه، أو ليتقبلوا نصائحه ووصاياه، أو ليندرجوا في سياساته واستراتيجياته. إن مشكلة لبنان هي أنه بلد الحرية في منطقة لا حريات فيها، ولذلك، فإن هذه الحرية التي لا ضوابط لها، سوف تُبقي لبنان، لبنان الساحة، لبنان المزرعة، وبالتالي، فإن الجميع لا يعمل لأجل بناء لبنان الدولة، بالرغم من أن كل الفئات يطرحون هذه الشعارات في كل أدبياتهم السياسية.
لبنان ولايات غير متحدة:
* ألا نخشى على لبنان الوطن من لبنان الساحة؟
- لقد صُنع لبنان الوطن ليكون ساحةً، وذلك من خلال أن لبنان يمثل البلد الذي تشكل على قاعدة النظام طائفي، ولهذا، فإننا نقرأ في هذه الأيام تحليلات تتصل بماهية الدور المسيحي في لبنان، وماهية الدور السني في لبنان، أو الدور الشيعي في لبنان، أوالدور الدرزي في لبنان... إذا كان لبنان وطناً لمواطنيه، فما معنى الحديث عن دور للمسيحي والدرزي والسني والشيعي؟! إن لبنان يمثل ولايات غير متحدة وليس وطناً موحداً لبنيه.
بين الوطنية ونزع السلاح المقاوم:
* خلال الحرب، اعتبرت سماحتك أن المطالبة بسحب سلاح المقاومة هي بمثابة الخيانة. الآن، بعد ما جرى، وفي ظل المتغيرات على الحدود ـ نشر الجيش ـ ما هو مستقبل حركة المقاومة اللبنانية؟
- لم أرد تخوين أحد عندما أطلقت كلمتي، ولكن لو طرح في أي دولة نزع سلاح الدولة في حالة الحرب، فكيف يتم التعامل مع مثل هذا الطرح؟ ألا يُعتبر خيانة عظمى؟! كنت أفكر بهذه الطريقة عندما أطلقت ذلك الموقف، خصوصاً وأن الذين كانوا يطرحون نزع سلاح المقاومة، يعرفون أن المقاومة هي القوة الوحيدة في لبنان التي تملك الدفاع عنه، على الأقل، في مثل تلك الظروف التي وصلت فيها حركة العدوان الإسرائيلي إلى ذروتها. عندما يُطرح في أثناء الحرب شعار انزعي أيتها المقاومة سلاحكِ، معناه أن الساحة ستبقى للسلاح الإسرائيلي الذي يدمر لبنان، فهل يكون هذا من الوطنية؟ وهل يكون هذا من الإخلاص للبنان؟ إننا قلنا في حديثنا، وقد قالت المقاومة ذلك أيضاً من خلال أدبياتها، عندما تكون هناك ضمانات حقيقية، وليست ضمانات سطحية، أن إسرائيل لن تعتدي على لبنان، وأن الدولة اللبنانية تصل إلى مستوى من القوة من خلال الجيش اللبناني لتكون دولة قوية قادرة قاهرة، فإننا نقول لا حاجة بعد ذلك لسلاح المقاومة. هذا هو الطرح الذي نطرحه من أجل أن تبقى مناعة لبنان وحمايته من خلال قوته ومقاومته وجيشه، لأن مقولة أن قوة لبنان في ضعفه قد سقطت أمام كل تاريخ العدوان الإسرائيلي على لبنان.