الإدارة الأمريكية تعمل على تشجيع الأوضاع الطائفية في العراق

الإدارة الأمريكية تعمل على تشجيع الأوضاع الطائفية في العراق
 

أجرت قناة الجزيرة الفضائية، حواراً مع سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، حول التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة العراقية من اعتداء على المقامات المقدسة، جاء فيه:

إنّ ما صرّح به الرئيس الأمريكي من أنه يعمل على أساس الفوضى البنّاءة ـ حسب تعبيره ـ أصبح واقعاً حياً في تشجيع كل الأوضاع الطائفية بطريقةٍ وبأخرى، وفي عدم تأكيده على مواجهة هؤلاء الذين يقتلون العراقيين بدمٍ بارد نتيجة أوضاعٍ وخلفيات تكفيرية وطائفية.

وفي معرض تعليقه على تفجير مقام الإمامين الهادي والعسكري(ع) قال:

إنني أعتقد أن هذا جزءٌ من خطة الاحتلال الأمريكي التي تتوافق مع خطة التكفيريين ومع الذين يصطادون في الماء العكِر من بقايا النظام الطاغي، لأن ما قام به هؤلاء، إضافةً إلى ما قاموا به سابقاً، يخلق حالاً جنونية فوضوية للشعب العراقي، ولاسيما بالنسبة إلى المسلمين الشيعة، نتيجة تقديسهم لأئمة أهل البيت(ع) الذين يمثّلون الوصاية الامتدادية عن النبي محمد(ص)، فإن مثل هذا الاعتداء ربما يؤدي إلى حال أشبه بالجنون في حركة الانفعال، لأن هذه البداية ربما تمتدّ إلى الاعتداء على بقية المقامات المقدّسة في العراق في النجف وكربلاء والكاظمية.

إنني أعتقد أنها خطة يستفيد منها الاحتلال الأمريكي والبريطاني في بقائه طويلاً في العراق بحجة أن العراق ليس مستقراً أمنياً، وأن خروجه من العراق يعني الفوضى الأمنية وتقاتل العراقيين مع بعضهم البعض، وهذا ما لاحظته في التصريحات الأخيرة للسفير الأمريكي (في العراق) التي أثارت إحساساً وشعوراً طائفياً في مسألة توزيع الوزارات... إننا ـ وهو أمر طبيعي ـ لا نوافق على أية حركة لأية وزارة تحاول أن تتحرك طائفياً، إما من خلال عناصرها أو من خلال عناصر أخرى، ولكن إثارة السفير الأمريكي لهذه المسألة بهذه الطريقة التي تنمي الشكوك هنا وهناك تؤدي إلى نتائج سلبية على مستوى الاستقرار العراقي. وربما كانت هذه الجريمة التي حدثت في تفجير مرقدي الإمامين الهادي والعسكري(ع) تمثّل نوعاً من أنواع إثارة الأوضاع السلبية في الواقع الإسلامي بعد تحقق الوحدة الإسلامية، وإن في الجانب الشعوري والوجداني، على المستوى العالمي في استنكار الإساءة إلى مقام النبي محمد(ص) في الصور المسيئة التي نُشِرت في الدنمارك... لتختلط القضية حيث تكون هناك فوضى في هذه المسألة في الواقع الإسلامي في قضايا الصور وفي قضايا المقامات المقدسة...

س: سماحة السيد، هل أن ما يجري في العراق من اعتداء على مقامات أهل البيت(ع) وما حصل في الغرب من إساءة للنبي(ص) هو معدّ وفق خطة تستهدف المسلمين كافة؟

ج: إني أعتقد أن المسألة ليست بهذا الخفاء، بل هي واضحة في التخطيط الذي تتوافق فيه التصريحات الصادرة هنا وهناك، فبالرغم مما نسمعه من تصريحات معينة تشجب الصور المسيئة، إلا أن هذه القوى نفسها تشجِّع الصحف التي تنشرها بشكل مستمر بعنوان حرية التعبير، وفي الوقت نفسه نجد أن الغرب يكيل بمكيالين، لأنه يحاسب أحد المؤرخين البريطانيين لمجرّد أنه شكّك مجرد تشكيك في أرقام المحرقة أو في طبيعتها.

س: هل تعتبرون أن ما حصل من إحراقٍ للمساجد واغتيال لبعض العلماء هو رد فعل على تفجير مقام الإمامين العسكريين؟

نحن نعتبر بأنّ ما حدث من تفجير للمساجد واغتيال لبعض العلماء من أئمة المساجد المسلمين من أهل السنة، يمثّل جريمة إسلامية كبيرة جداً، وقد سمعنا المرجعيات الدينية في العراق وإيران ولبنان تحرم الاعتداء على أي مسجد من المساجد، وأي شخصية من الشخصيات الإسلامية، لأننا نعتقد أن فكرة أن هناك مساجد سنية ومساجد شيعية هي فكرة غريبة عن الإسلام، "وإن المساجد لله"، وهي بيوت الله، ومساجد المسلمين، وكل من يتعرض لمسجد من مساجد المسلمين السنة أو الشيعة يرتكب خيانة لله ورسوله وللإسلام. وفي الوقت الذي استنكرنا بالغ الاستنكار ما حدث للمقامين العظيمين، فإننا نستنكر بالقوة نفسها ما يحدث لتفجير أي مسجد إسلامي هنا وهناك، ولاغتيال أية شخصية إسلامية، أو أي عراقي من المدنيين أو الشرطة أو الجيش، لأن ذلك كله يمثل جريمةً إنسانية إسلامية، لأن دم المسلم على المسلم حرام، وكذلك عرضه وماله، وحتى غير المسلمين من المسيحيين لا يجوز التعرض لهم، ونحن دعونا ولا نزال ندعو أهلنا وأخواننا وأبنائنا في العراق، إلى أن يحافظوا على وحدتهم العراقية الإسلامية، حتى يصنعوا العراق الجديد الحر السيد المستقل الريادي، الذي لا يُطبِق عليه الاحتلال من أية جهة كانت، وأن يعيش العراق مع جيرانه حياةً مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة.

س: هل يتقاطع التكفيريين في أهدافهم مع أهداف المحتل؟

ج: أتصور أن هناك تقاطعاً واضحاً، لأن ما يقوم به التكفيريون من أعمال قتل للعراقيين تحت عناوين مذهبية منحرفة، يطيل أمد الاحتلال الأمريكي في العراق، لهذا فإن الأمريكيين، وبشكل مباشر أو غير مباشر، يشجّعون هذه الأعمال.

ونتساءل: إن في العراق ما يزيد عن مئة وخمسين ألف جندي من الأمريكيون ومن القوات المتعددة الجنسية، وهم يملكون كل الأسلحة المتطورة المتقدمة، والسؤال: لماذا لم يغلقوا المواقع التي يُركّز عليها التكفيريون أعمالهم الإرهابية، مع أن هذه المواقع أصبحت مواقع يُشير إليها الإعلام بكل وضوح، ولو أنهم كانوا جادّين في إيجاد حالة من الأمن للعراقيين لعملوا بكلّ ما لديهم من قوة على إغلاق هذه المواقع ومواجهة هؤلاء، ولكننا نتصوّر أن الاحتلال من جهة والتكفيريين من جهة وبقايا النظام الطاغي من جهة ثالثة يتحركون لبقاء العراق بلداً يعيش الفوضى الأمنية والمشاكل الكثيرة على كل المستويات، ولاسيما السياسية، التي لا تتحرك بطريقة وطنية، بل طائفية.

مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
بيروت 26 محرم 1426هـ الموافق 25/02/2006م

 

أجرت قناة الجزيرة الفضائية، حواراً مع سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، حول التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة العراقية من اعتداء على المقامات المقدسة، جاء فيه:

إنّ ما صرّح به الرئيس الأمريكي من أنه يعمل على أساس الفوضى البنّاءة ـ حسب تعبيره ـ أصبح واقعاً حياً في تشجيع كل الأوضاع الطائفية بطريقةٍ وبأخرى، وفي عدم تأكيده على مواجهة هؤلاء الذين يقتلون العراقيين بدمٍ بارد نتيجة أوضاعٍ وخلفيات تكفيرية وطائفية.

وفي معرض تعليقه على تفجير مقام الإمامين الهادي والعسكري(ع) قال:

إنني أعتقد أن هذا جزءٌ من خطة الاحتلال الأمريكي التي تتوافق مع خطة التكفيريين ومع الذين يصطادون في الماء العكِر من بقايا النظام الطاغي، لأن ما قام به هؤلاء، إضافةً إلى ما قاموا به سابقاً، يخلق حالاً جنونية فوضوية للشعب العراقي، ولاسيما بالنسبة إلى المسلمين الشيعة، نتيجة تقديسهم لأئمة أهل البيت(ع) الذين يمثّلون الوصاية الامتدادية عن النبي محمد(ص)، فإن مثل هذا الاعتداء ربما يؤدي إلى حال أشبه بالجنون في حركة الانفعال، لأن هذه البداية ربما تمتدّ إلى الاعتداء على بقية المقامات المقدّسة في العراق في النجف وكربلاء والكاظمية.

إنني أعتقد أنها خطة يستفيد منها الاحتلال الأمريكي والبريطاني في بقائه طويلاً في العراق بحجة أن العراق ليس مستقراً أمنياً، وأن خروجه من العراق يعني الفوضى الأمنية وتقاتل العراقيين مع بعضهم البعض، وهذا ما لاحظته في التصريحات الأخيرة للسفير الأمريكي (في العراق) التي أثارت إحساساً وشعوراً طائفياً في مسألة توزيع الوزارات... إننا ـ وهو أمر طبيعي ـ لا نوافق على أية حركة لأية وزارة تحاول أن تتحرك طائفياً، إما من خلال عناصرها أو من خلال عناصر أخرى، ولكن إثارة السفير الأمريكي لهذه المسألة بهذه الطريقة التي تنمي الشكوك هنا وهناك تؤدي إلى نتائج سلبية على مستوى الاستقرار العراقي. وربما كانت هذه الجريمة التي حدثت في تفجير مرقدي الإمامين الهادي والعسكري(ع) تمثّل نوعاً من أنواع إثارة الأوضاع السلبية في الواقع الإسلامي بعد تحقق الوحدة الإسلامية، وإن في الجانب الشعوري والوجداني، على المستوى العالمي في استنكار الإساءة إلى مقام النبي محمد(ص) في الصور المسيئة التي نُشِرت في الدنمارك... لتختلط القضية حيث تكون هناك فوضى في هذه المسألة في الواقع الإسلامي في قضايا الصور وفي قضايا المقامات المقدسة...

س: سماحة السيد، هل أن ما يجري في العراق من اعتداء على مقامات أهل البيت(ع) وما حصل في الغرب من إساءة للنبي(ص) هو معدّ وفق خطة تستهدف المسلمين كافة؟

ج: إني أعتقد أن المسألة ليست بهذا الخفاء، بل هي واضحة في التخطيط الذي تتوافق فيه التصريحات الصادرة هنا وهناك، فبالرغم مما نسمعه من تصريحات معينة تشجب الصور المسيئة، إلا أن هذه القوى نفسها تشجِّع الصحف التي تنشرها بشكل مستمر بعنوان حرية التعبير، وفي الوقت نفسه نجد أن الغرب يكيل بمكيالين، لأنه يحاسب أحد المؤرخين البريطانيين لمجرّد أنه شكّك مجرد تشكيك في أرقام المحرقة أو في طبيعتها.

س: هل تعتبرون أن ما حصل من إحراقٍ للمساجد واغتيال لبعض العلماء هو رد فعل على تفجير مقام الإمامين العسكريين؟

نحن نعتبر بأنّ ما حدث من تفجير للمساجد واغتيال لبعض العلماء من أئمة المساجد المسلمين من أهل السنة، يمثّل جريمة إسلامية كبيرة جداً، وقد سمعنا المرجعيات الدينية في العراق وإيران ولبنان تحرم الاعتداء على أي مسجد من المساجد، وأي شخصية من الشخصيات الإسلامية، لأننا نعتقد أن فكرة أن هناك مساجد سنية ومساجد شيعية هي فكرة غريبة عن الإسلام، "وإن المساجد لله"، وهي بيوت الله، ومساجد المسلمين، وكل من يتعرض لمسجد من مساجد المسلمين السنة أو الشيعة يرتكب خيانة لله ورسوله وللإسلام. وفي الوقت الذي استنكرنا بالغ الاستنكار ما حدث للمقامين العظيمين، فإننا نستنكر بالقوة نفسها ما يحدث لتفجير أي مسجد إسلامي هنا وهناك، ولاغتيال أية شخصية إسلامية، أو أي عراقي من المدنيين أو الشرطة أو الجيش، لأن ذلك كله يمثل جريمةً إنسانية إسلامية، لأن دم المسلم على المسلم حرام، وكذلك عرضه وماله، وحتى غير المسلمين من المسيحيين لا يجوز التعرض لهم، ونحن دعونا ولا نزال ندعو أهلنا وأخواننا وأبنائنا في العراق، إلى أن يحافظوا على وحدتهم العراقية الإسلامية، حتى يصنعوا العراق الجديد الحر السيد المستقل الريادي، الذي لا يُطبِق عليه الاحتلال من أية جهة كانت، وأن يعيش العراق مع جيرانه حياةً مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة.

س: هل يتقاطع التكفيريين في أهدافهم مع أهداف المحتل؟

ج: أتصور أن هناك تقاطعاً واضحاً، لأن ما يقوم به التكفيريون من أعمال قتل للعراقيين تحت عناوين مذهبية منحرفة، يطيل أمد الاحتلال الأمريكي في العراق، لهذا فإن الأمريكيين، وبشكل مباشر أو غير مباشر، يشجّعون هذه الأعمال.

ونتساءل: إن في العراق ما يزيد عن مئة وخمسين ألف جندي من الأمريكيون ومن القوات المتعددة الجنسية، وهم يملكون كل الأسلحة المتطورة المتقدمة، والسؤال: لماذا لم يغلقوا المواقع التي يُركّز عليها التكفيريون أعمالهم الإرهابية، مع أن هذه المواقع أصبحت مواقع يُشير إليها الإعلام بكل وضوح، ولو أنهم كانوا جادّين في إيجاد حالة من الأمن للعراقيين لعملوا بكلّ ما لديهم من قوة على إغلاق هذه المواقع ومواجهة هؤلاء، ولكننا نتصوّر أن الاحتلال من جهة والتكفيريين من جهة وبقايا النظام الطاغي من جهة ثالثة يتحركون لبقاء العراق بلداً يعيش الفوضى الأمنية والمشاكل الكثيرة على كل المستويات، ولاسيما السياسية، التي لا تتحرك بطريقة وطنية، بل طائفية.

مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
بيروت 26 محرم 1426هـ الموافق 25/02/2006م

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية