جرت صحيفة "الأنباء" الكويتية حديثاً حول آفاق المرحلة بعد العدوان الأخير على لبنان، مع العلاّمة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، في مقرّه المؤقّت في حارة حريك، والذي انتقل إليه بعد تدمير مقرّه الأساسي بصواريخ الطائرات الإسرائيلية. استهلّ سماحته الحديث بتوجيه الشكر للكويت أميراً وحكومةً وشعباً ومؤسسات على ما قدّمت وتقدِّم للبنان، وعلى وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
محاور الحديث:
التسريبات والأهداف
س: صاحب السماحة، ثمّة توقّعات بأن المنطقة ستبقى في حال مخاض خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، تمهيداً لتنفيذ الكونفيدراليات على مستوى الوطن العربي، ما رأيكم في ذلك؟
ج: عندما ندرس الاستراتيجية التي خطَّط لها المحيطون بالإدارة الأمريكية، وهم المحافظون الجدد والجماعات الصهيونية في أمريكا، وكيف استطاعوا أن يعبثوا بعقلية هذا الرئيس الذي لا يملك أي قاعدة فكرية سياسة تفتح له الآفاق على أن يفهم حركة العالم، عندما ندرس ذلك كلّه، وندرس أيضاً أن الخطة لدى الإدارة الأمريكية، بفعل هذه النظرة العدوانية، تتحرك لإسقاط كلِّ الواقع السياسي والاقتصادي والأمني في منطقة الشرق الأوسط، من خلال إحداث الفوضى في هذه المنطقة، كما صرّح الرئيس الأمريكي عندما تحدّث عن الفوضى البنّاءة والفوضى الخلاّقة، فإنني أعتقد أن هناك نوعاً من التخبّط الأمريكي في التدخل في المنطقة من الناحية الأمنية والسياسية انطلاقاً من الناحية الاقتصادية.
وقد بدأ هذا التخبّط من خلال ما قامت به الإدارة الأمريكية، من مغامرات في أفغانستان، والتي حشد لها حلف الناتو جميع دوله، كما كانت المرحلة الثانية في احتلال العراق الذي تجاوز فيه الرئيس الأمريكي الأمم المتحدة، وتحرك في تبريراته لهذا الاحتلال من خلال كذبة كبرى، وهي أن العراق يهدد الأمن العالمي، ولاسيما أمن الولايات المتحدة الأمريكية، من جهة ما يملكه من أسلحة الدمار الشامل المزعومة، وهكذا رأينا كيف تخبطت الإدارة الأمريكية في أفغانستان، حيث لا يزال حلف الناتو، بقيادة أمريكا، عاجزاً عن تأكيد الاستقرار الأمني في أفغانستان.
وهكذا رأينا كيف أن الإدارة الأمريكية غرقت في وحول العراق وفي رماله المتحركة، من خلال طبيعة الأخطاء الجسيمة في سياستها منذ دخلت العراق وحتى الآن.
ولكن أمريكا حتى الآن تصر على السير في هذه التجربة، بالرغم من أن الكثيرين من الخبراء، وخصوصاً الخبراء العسكريين، يحذرون الرئيس الأمريكي من الاستمرار في هذه التجربة الفاشلة، ولاسيما في العراق، وقد قرأنا قبل أيام، كيف أن ثلاثة من جنرالات الحرب الأمريكيين الذين خدموا في العراق، أكدوا أن احتلال العراق هو الذي وسع دائرة الإرهاب، لأن العراق أصبح القاعدة البديلة عن أفغانستان في تدريب الذين يطلق عليهم إرهابيين، وما إلى ذلك ممن يتحركون في الخط الفوضوي في العراق، سواء كانوا من التكفيريين الذين يستبيحون دماء المسلمين، ولاسيما المسلمين الشيعة، أو من خلال المقاومة التي تحاول مواجهة الاحتلال الأمريكي في العراق.
ولكنّنا نلاحظ أن أمريكا التي كان القرن العشرون في خطتها هو قرن الاستيلاء على نفط العالم، تعمل على أساس أن تستحوذ على نفط العراق بشكل مباشر، دون أن يكون حصولها عليه بطريقة الشراء، لأنّها أرادت بذلك أن تمسك بعنق النفط حتى تستطيع الضغط على اليابان وأوروبا والصين عندما تستولي على كل منابع النفط في العالم.
وهكذا خطَّطت الإدارة الأمريكية لإرباك الواقع السياسي للدول المجاورة للعراق، من خلال العبث بأمنها وسياستها واقتصادها، ومحاولة محاصرتها بطريقة أو بأخرى.
إنني لا أتصور أن هناك خطة للكونفدرالية ولغيرها، ولكن هناك خطة للفوضى التي تريد أمريكا أن تخلط فيها كل الأوراق لتمتد إلى إيران وإلى تركيا، وحتى إلى حلفاء أمريكا في الدول الخليجية وما إلى ذلك. فالإدارة الأمريكية تعمل من أجل أن تحول الشرق الأوسط إلى منطقة غير مستقرة، بالرغم من أن وزيرة خارجيتها تتحدث عن الاستقرار هنا وهناك.
الصراع والمدى
س: إذاً الصراعات مستمرة في المدى الزمني الذي ذكرناه؟
ج: إنني أتصوَّر أن إصرار الرئيس الأمريكي، بالرغم من الانتقادات الموجهة إليه من قِبَل الجنرالات في الحزب الديموقراطي، ومن خلال ما تدلّ عليه استفتاءات الرأي العام الأمريكي من سقوط لشعبيته بفعل وجود قواته في العراق، وتشجيع الكونغرس الأمريكي له بتخصيص 70 مليار دولار لتمويل الحرب في أفغانستان والعراق، يدل على أن المسألة طويلة في هذا المجال.
الهلال الشيعي
س: الحديث عن الهلال الشيعي في المنطقة ليس مستجداً، وما سمعنا عنه مؤخراً بدأ الحديث عنه في لبنان منذ العام 1983، والملاحظ أن الثورة الإسلامية في إيران تستند إلى القوى التي تواليها أو تحالفها في المنطقة في مواجهة أمريكا وهي شيعية، فلماذا عدم الانفتاح على الآخرين بما يلغي هذه المخاوف؟
ج: إنني أتساءل دائماً، لماذا الإصرار على مصطلح وصف أي دائرة سياسية بالصفة الشيعية؟ لماذا لا يُتحدَّث عن الصليب المسيحي؟ ولماذا لا يتحدث عن الواقع السني حتى في لبنان في هذا المجال؟ لماذا لا يتحدث عن الدائرة الدرزية هنا وهناك؟
الشيعة هم مواطنون لبنانيون كبقية المواطنين اللبنانيين، أعلنوا منذ عشرات السنين، وعلى لسان كل قياداتهم، أنهم لا وطن لهم إلا لبنان، وأنهم لا يخططون لمشروع دولة في الجنوب أو في البقاع، ولا يخططون لدولة ضمن دولة، إنما يعملون على أسس المواطنة التي تساويهم ببقية اللبنانيين في الحقوق والواجبات.
وهكذا عندما ندرس مسألة الشيعة في العراق، فإننا نرى أن الشيعة في العراق لم يطلبوا أن يحكموا العراق، إنما كانوا يريدون أن يتخلصوا من كل تاريخ الاضطهاد الذي كانوا يعيشونه كفئة مضطهدة في أكثر حقوقهم.
إن الشيعة في العراق يعملون على أساس أن يكون بلدهم بلداً يلتقي فيه مواطنوه لصنع عراق جديد. وإذا كان الجدل لا يزال الآن في العراق على أساس مسألة الفيدرالية التي تمثّلت في المنطقة الكردية، ويراد لها أن تمتد في المنطقة الجنوبية إلى جانب المنطقة الوسطى وما إلى ذلك، فإنّ القائمين على الأمر يقولون في هذه المسألة إنهم لا يريدون تقسيم العراق أو إيجاد دولة شيعية فيه إلى جانب دولة سنية ودولة كردية، بل يريدون توحيد العراق على أساس متوازن.
وهناك جدل في الواقع السياسي العراقي، سواء في الدائرة الشيعية أو في الدائرة السنية، حول مسألة الفيدرالية هذه، وهناك من يتحدث عن اللامركزية الإدارية بدلاً من الفيدرالية، وربما يثير البعض أن الفيدرالية تختزن داخلها التقسيم وما إلى ذلك.
إن هذه المسألة هي من المسائل الجدلية التي تتحرك في الواقع السياسي وفي داخل الجمعية الوطنية في العراق. لذا أتساءل: كيف يتحدّث الإعلام عن العرب السنة، ويتحدث عن الشيعة، كما لو أن الشيعة ليسوا عرباً؟!
أن نتحدث عن سنّة وشيعة، فذلك يعني أنّ هناك طيفين عربيّين موجودين في العراق، أما أن نتحدث عن عرب سنة وعن شيعة، فكأننا نقرر أن الشيعة هم فرس أو إيرانيون، مع أنهم في العراق في قلب العروبة، والعشائر العراقية هي عشائر مختلطة من السنة والشيعة معاً في هذا المجال، فلماذا التفريق؟
إنَّ الحديث عن هلال شيعي هو حديث في دائرة الوهم السياسي، لأن الجميع يعرفون أن شيعة العراق لا يريدون أن يلتحقوا بإيران، وأن الشيعة في لبنان لا يريدون أن يلتحقوا بإيران، وكذلك الأمر بالنسبة إلى العلويين في سورية، في حال اعتبروهم من ضمن الشيعة.
لذلك، فإنّ الذين أثاروا هذه المسألة، أرادوا إثارة العالم الإسلامي الذي يغلب عليه المسلمون السنة، ليقولوا لهم إنّ الخطر الشيعي قادم إليكم، وإنّهم يريدون السيطرة على الواقع السني من خلال تحوّل السنّة إلى شيعة. ولكننا عندما ندرس الواقع، نجد أن هذه المقولة هي مقولة أمريكية ـ إسرائيلية، يراد من خلالها إيجاد فتنة سنية ـ شيعية في العالم الإسلامي، من أجل إسقاطه بالضربة القاضية.
تبدّل المعادلة
س: ألا يجب على السنة في لبنان التخوّف من تبدل المعادلة الداخلية، بمعنى أن لبنان قام عام 1943 على توافق سني ـ ماروني، بينما هناك سعي حالي لتوافق شيعي ـ ماروني يبقيهم خارجاً؟
ج: أنا لا أتصور أن هناك قاعدة شيعية ـ مارونية، بل هناك عمق سني ـ ماروني، من خلال دخول الموقع السني الكبير المتقدم مع قوى 14 آذار (مارس) التي يقف في مقدّمها الموارنة، أو على الأقل هناك حلف سني ـ ماروني من خلال رابطة عضوية في جميع الخطوط السياسية اللبنانية في المديين الداخلي والخارجي، إلى جانب الدروز في هذا المجال. وإذا كان حزب الله يلتقي بتفاهم مع الجنرال عون، فإنه ليس تحالفاً، وقد صرّح الطرفان بأنه ليس هنالك حلف بين الطرفين، وإنما هناك تفاهم سياسي على خطوط سياسية في المنطقة.
إنني أستطيع أن أتحدث بمسؤولية، أن المسلمين الشيعة في لبنان لا يفكرون في تحالف ثنائي شيعي ـ ماروني، أو شيعي ـ درزي، أو ما إلى ذلك، بل هم يريدون تحالف المواطنة؛ أن يكونوا مواطنين مع كل اللبنانيين، متساوين معهم في الحقوق والواجبات. وإذا كانت المقاومة الإسلامية يغلب عليها اللون الشيعي، فذلك ليس موجَّهاً إلى الداخل اللبناني، وهي لم تدخل في أي خلاف لبناني ـ لبناني، بل إن دورها هو تحرير لبنان والدفاع عنه في مقابل العدوان الإسرائيلي، كما حدث في سنة 2000، وكما حدث في تموز، إذ استطاعت المقاومة الإسلامية وحدها، من دون اللبنانيين، مواجهة العدوان الإسرائيلي، بكل قوة، واستطاعت أن تُسقط عنفوانه وتلحق به، باعتراف الإسرائيليين، وفي الكثير من مواقعه، الهزيمة في جنوده ودباباته ومناطقه.
أفسحنا ولم يشاركوا
س: لكن المقاومة لم تُفسح في المجال للآخرين بأن يشاركوا ويقاتلوا؟
ج: هذا الكلام غير صحيح، فالمقاومة فتحت كل أبوابها للآخرين لكي يشاركوا، ولكنهم امتنعوا، بل إن بعضهم وضع العصيَّ في الدواليب أمامها، وتحرك بعضهم ـ ولا أريد أن أدخل في التفاصيل ـ مع إسرائيل، من أجل إقناعها بإطالة مدة عدوانها، لتصل إلى أهدافها في إسقاط المقاومة ونزع سلاحها.
الشرارة الكامنة
س: رغم وجود وحدويين كُثر في الطائفة الإسلامية، أمثالكم وأمثال الكثيرين عند السنة، الملاحظ أن أقل شرارة تثير النعرات؟
ج: إن هناك من يحاول إثارة الجانب المذهبي بكلِّ غباء؛ فما علاقة المسألة السياسية بمسألة الخلافة؟ وما علاقة كل ما نختلف حوله في الأمور السياسية، من تحالف مع هذه الدولة أو تلك، ومن سير مع الخط الأمريكي أو الخط السوري أو الإيراني؛ ما علاقة هذا بخط التشيُّع أو التسنّن؟ نحن نفهم أن يعيش الناس التاريخ في من يقدس التاريخ وفي من لا يقدسه، لكن هذا لا يكون في المسألة السياسية، وكل ما في لبنان سياسة، حتى الطائفية في لبنان هي طائفية سياسية وليست طائفية دينية، لأن أغلب الطائفيين ملحدون لا يؤمنون بالمسيح، ولا يؤمنون بالنبي محمد(ص)، ولا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى.
إن الذين يتحركون في المواقع السياسية في لبنان، الكثير منهم لا يؤمنون بأيّ دين، ولا يحترمون الدين، وإنما يجعلون الدين لافتة لخلق حالة إثارة بين الناس من خلال هذه اللافتة. لذلك، نحن نقول، إذا كانت المسألة التي نختلف عليها مسألة سياسية، فلماذا نُدخل الجانب المذهبي والطائفي هنا وهناك؟ إنه تزويرٌ للدين، وهو يمثل حالة من حالات الخيانة للانتماء الديني...
ضد الوصاية
س: معظم اللبنانيين اتخذوا موقفاً من الوجود السوري في لبنان، لأسباب شتى، فلماذا الإصرار لدى البعض على فصل أنفسهم عن اللبنانيين؟ نحن لا نطالب بالعداء لسورية، لكنها كانت موجودة وخرجت، فلماذا لا يتوقف الأمر عند هذا الحد ونسعى للبحث عن علاقة جديدة وواضحة؟
ج: إننا نستطيع أن نقول بالفم الملآن: نحن ضد أية وصاية عربية أو دولية، فنحن لا نريد أن يحكمنا أحد، حتى إيران، لأنّنا شعب يملك قراره، ويريد أن يعيش في أرضه بعزة وكرامة وحرية، وإذا كان البعض يتحدث عن الانتماء السوري للمسلمين الشيعة، فإننا نتساءل: أليس أغلب الذين يتحركون سياسياً كانوا يأكلون على المائدة السورية، وكانوا ينهبون لبنان من خلال علاقتهم ببعض السوريين الذين لم يتوازنوا في وجودهم في لبنان في هذا المجال؟ ونقول لهم: من كان بيته من زجاج، فعليه ألا يرمي الناس بالحجارة.
إن بعض الناس يقولون: نحن كنا مقهورين، ونقول: إذا كنتم مقهورين، فلماذا تدخلون في الحكومات التي يسيطر عليها السوريون؟ وإذا كنتم مضطرين، فلماذا لم تحاولوا أن تتحركوا في سياستكم على أساس حل النظام الأمني، وما إلى ذلك؟
إن المسألة هي أن هناك وضعاً خارجياً، وهو الوضع الأمريكي، الذي كانت سياسته أن تتولى سورية الوضع الأمني والسياسي في لبنان، ما أدّى إلى إضعاف الجميع في هذا المجال.
إنني أستطيع أن أؤكد، أن المسألة في العلاقة مع سورية، تندرج ضمن القضايا العربية الكبرى، ومنها القضية الفلسطينية، وقضية الاحتلال الأمريكي للعراق. لذلك فنحن مع سورية في الخط السياسي الذي يحكم القضية في المنطقة العربية، ولاسيما في مناهضة الاحتلال اليهودي لفلسطين، والاحتلال الأمريكي للعراق في هذا المجال، أما أن نكون خاضعين للسياسة السورية أو السياسة الإيرانية، فهذا أمر نرفض أن يتحدث به الآخرون عنا.
س: إذا كانوا يتحدثون عن وصاية سورية لا تزال تحكم بعض الناس في لبنان، فلماذا يتألمون عندما نتحدث عن وصاية أمريكية أو أوروبية وما إلى ذلك؟
ج: المسألة هي أننا نجد أن لبنان كان ساحة وسيبقى ساحة، فهو في السياسة الأمريكية، يمثِّل قاعدة لأكثر من لعبة أمريكية دولية تريد أن تخلط الأوراق، وتريد أن تجعل من لبنان موقعاً لمحاربة سورية أو إيران سياسياً، وربما تتحرك سورية أو إيران أمنياً من أجل الدفاع عن سياستهما في مقابل السياسة الأمريكية.
إنني أسأل: لماذا التركيز على المسألة السورية في لبنان من دون التركيز على السياسة الأمريكية أو الفرنسية امتداداً إلى دول أخرى غير لبنان؟ لماذا ذلك؟!
نحن لبنانيون
س: صاحب السماحة، اسمح لنا أن نسأل: كيف يتم التحالف مع من لا يشاركنا في المواجهة؟ فقد خضنا الحرب لأكثر من شهر وحدنا، ولم يساندنا أحد، رغم أن العديد من الصواريخ سقطت في الجولان، ولم تفلح في تحريك المواجهة على الجبهة السورية، سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد، وحتى إيران لم تتدخل عملياً في المواجهة، بل تركتنا وحدنا؟
ج: نحن لسنا مسؤولين عن سورية أو إيران، نحن لبنانيون مسؤولون عن وطننا، أن ندافع عنه وعن أسراه وعن أرضه وما إلى ذلك، أما أن تدافع سورية عن الجولان أو لا تدافع، أن تقف إيران في المواجهة ضد أمريكا من أجل الصراع بينها وبين أمريكا، فهذا شأن سوري وشأن إيراني.
نحن لبنانيون، وقد دافعنا عن لبنان حتى حرّرنا أرضه سنة2000، ودافعنا عنه وأسقطنا العنفوان الإسرائيلي في تموز (يوليو) سنة 2006، وكل عتبنا على اللبنانيين أنهم لم يعتبروا أن عليهم الوقوف في وجه العدوان الإسرائيلي، لأن إسرائيل أعلنت أنها تحمِّل لبنان المسؤولية. ولعلّ من اللافت، أن رئيس وزراء لبنان، مع محبتنا واحترامنا له، بادر منذ بداية الحرب بالقول: إننا لسنا مسؤولين ولسنا نحن الذين أثرنا الحرب! ما معنى ذلك؟ أيها الإسرائيليون، لا تحمِّلوا الحكومة المسؤولية، ولكن حمّلوا الشعب اللبناني الذي يدعم المقاومة المسؤولية. وهكذا كان، فقد دمّرت إسرائيل مواقع الشعب اللبناني ولم تحرك الحكومة ساكناً. وإذا كانت الحكومة تتحدث عن الجيش اللبناني، فإن الجيش اللبناني كان يُقصف في ثكناته ويستشهد ضباطه وجنوده في الثكنات، من دون أن تمنحه أي قرار سياسي بأن ينضم إلى المقاومة ليدافع عن لبنان، لأن تلك مسؤوليته.