نداء إلى المسلمين في أيام الصوم

نداء إلى المسلمين في أيام الصوم

وجه نداء رمضانياً دعا فيه السنة والشيعة إلى التحصن بالوحدة في مواجهة ثقافة التمذهب والتفرقة
فضل الله: نقف على أبواب مرحلة حاسمة لنواجه خطر الحروب الأمريكية المتنقلة

وجه سماحة العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، نداءً إلى المسلمين في أيام الصوم، جاء فيه:

تعيش الأمة العربية والإسلامية في هذه الأيام ـ وهي أيام شهر رمضان المبارك التي أرادها الله أن تكون حصناً من حصون الوحدة والتقوى وصنع الإرادة في مواجهة شياطين الإنس والجن ـ بين نارين: نار الاحتلال الذي يجثم على صدرها وفي أكثر من موقع من مواقعها، كما في فلسطين والعراق وأفغانستان، ونار الفتنة المذهبية التي تحرق الأخضر واليابس من خلال الدماء التي تسيل أنهاراً في العراق، وكذلك في الفتن المتحركة هنا وهناك، كما جرى ويجري في الباكستان.

ولعل المفجع في كل هذه الفتن أن نيرانها تتصاعد في شهر رمضان المبارك وأن رحاها تطحن المزيد من المسلمين والنفوس التي حرّم الله قتلها، وكأن المطلوب أن يتحول شهر الرحمة إلى شهر للتقاتل والتنازع الداخلي بعدما كان شهر الانتصارات الكبرى على المشركين والكافرين، أو كأن المقصود هو أن يُذبح المسلمون بأيديهم هذه المرة لإضفاء مصداقية على الاتهامات الغربية المتصاعدة ضد الإسلام بأنه دينٌ يشجع العنف ويرفض تقبّل الرأي الآخر...

أضاف: إن هذه الصورة التي يظهر فيها بعض المسلمين كقتلة أو كمجرمين لا يردعهم وازع عن سفك دماء بعضهم بعضاً تمثل فاجعةً كبرى، فهي فضلاً عن كونها تؤكد ضعف الالتزام الإسلامي وعدم احترام النفس التي حرّم الله قتلها إلا بالحق، تشير إلى تهاون عميق وتغافل فظيع عما يجري من تعديات ضد الإسلام الحنيف، وخصوصاً أن ذلك كله يتزامن مع هجمة عالمية استكبارية تستهدف الإسلام، في حملات إعلامية وثقافية وسياسية متنوعة الأبعاد ومتعددة المصادر، ولا تتوقف عند العناوين الطائفية أو المذهبية لأنها تستهدف الإسلام كدين والمسلمين كمنتمين له، بصرف النظر عن هويتهم المذهبية أو العرقية أو ما إلى ذلك.

وتابع سماحته: إننا نرى أن من المخجل حقاً ألا تثير الدماء التي تراق يومياً ـ بفعل الاحتلال الصهيوني أو الأميريكي أو بفعل جماعات من هنا وهناك لا تخاف الله وتخدم الاحتلال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ـ حفيظة علماء المسلمين من السنة والشيعة الذين ينبغي عليهم أن يتحركوا بطريقة عاجلة وألا يكتفوا بكلمات الشجب والاستنكار وحتى بالبيانات التي تصدرها المؤتمرات التي غالباً ما تُعقد وتنتهي من خلال المجاملات الكلامية، بل لا بد من العمل سريعاً وفق آلية تتيح للعلماء من الطرفين النـزول إلى أرض الواقع ووقف هذا النـزيف الدامي في العراق أو الباكستان، أو أفغانستان، ومنعه من الامتداد إلى بقية المواقع لأنه يأكل من قضايانا ومستقبلنا كما يأكل الاحتلال وربما أكثر، وعلى علماء السنة والشيعة أن ينفروا بكل طاقاتهم لحماية الوحدة الإسلامية التي تمثل حصن الامة وضمانتها وقوتها.

إننا عندما ندرس الخلافات المثارة بين السنة والشيعة، نجد أنها ترجع إلى خلفيات سياسية، سواء على مستوى العلاقات بالدول الكبرى أو على أساس الأوضاع الإقليمية بين دولة وأخرى، أو بلحاظ بعض الحساسيات الداخلية من دون أي دخل لمفاهيم التسنّن والتشيع في هذه الخلافات. ولذلك فإن اعتبار أي خلاف سياسي أو تشنّج يمثل مشكلة مذهبية هو أمر لا يمثل أي نوع من أنواع النظرة الواقعية للأمور وأي مصلحة للمسلمين.

إن مسألة التشيع والتسنّن تبحث في الإطار العلمي الشرعي ولا علاقة لها بالواقع السياسي. نحن لا ننكر أن هناك بعض السلبيات فيما يصدر هنا وهناك ولكن هذه لا بد من معالجتها في إطار خاص ولا تعتبر حالة سياسية لأنها تنطلق من العوام أو ممن يركبون موجة العوام.

وقال: إن علينا أن نعمل ليكون للعالم الإسلامي دوره القيادي، وألا يكون صدى لما يتحرك به الآخرون، وخصوصاً الموفدون الأميركيون الذين يأتون إلى المنطقة ليعبّئوا بعض القيادات العربية الرسمية، وليستدعوا بعض المسؤولين كما تستدعي القيادة جنودها.

وإن علينا أن نتحرك ـ كمسلمين وكعرب ـ في إطار خطة مدروسة لمواجهة هذا الاستلاب المتواصل للعالمين العربي والإسلامي، ومواجهة محاولات إبعادهما عن دائرة الضوء ومواقع التأثير، كما نريد لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تسعى بكل طاقاتها لتخرج من دائرة الخضوع لأمريكا.

إن الحاجة ملحة لكي تنطلق صحوة إسلامية عقلانية معتدلة تستطيع أن تساهم في إنقاذ العالم وأن تعمل لإخراج المسلمين من دائرة الاتهام التي تتحرك فيها أوساط عالمية وغربية تحاول الإيحاء بأن المسلمين يمثلون الخطر الداهم على السلام العالمي. كما أن على العالم الإسلامي أن يعمل لحل مشاكله في داخله، وخصوصاً أن الدول المستكبرة تتلاعب بهذه المشاكل لتوظفها في انقسامات ومنازعات تغذيها في الواقع الإسلامي بما يخدم مصلحتها ومصلحة إسرائيل، كما أن علينا أن نتحرك كمسلمين وكعرب وكأمة للضغط على أمريكا في المسألة العراقية وغيرها ومواجهة إسرائيل حتى يمسك العالم الإسلامي قضاياه بنفسه.

أضاف: إن على الجميع أن يعرفوا أننا نقف على أبواب مرحلة حاسمة، وأن الاستكبار الأميركي والصهيوني الذي بدأت الأرض تهتز من تحت أقدامه في العراق وأفغانستان وفلسطين يريد أن يغرق المنطقة بالحروب المتنقلة، أو أنه قد يسعى لصفقات التفافية على حساب قضايانا، أو سيعمل للمزيد من الاهتزازات الطائفية والمذهبية هنا وهناك.

ولذلك، فإنني في الوقت الذي أتوجه إلى علماء الأمة من السنة والشيعة، وإلى كل الفاعليات السياسية المخلصة، وإلى كل الغيورين على مصلحة الإسلام العليا، أن يتقدموا إلى الساحة ليعملوا على التصدي لكل القتلة الذين يستحلّون دماء المسلمين من السنة أو الشيعة. أتوجه إلى أهلنا، وخصوصاً في العراق والباكستان وفي كل مكان قد تتحرك فيه الفتنة، أن يتصدوا لمحاولات إيقاظها، وأن يقفوا سداً منيعاً في وجه جماعات القتل، وألا يكونوا سنداً لهم بأي شكل من الأشكال.

وخلص سماحته إلى القول: أيها الأحبة، إن دم المسلم السني ودم المسلم الشيعي حرام، وإن من يستحلّه يستحق عذاب الله، ومن يشجع على قتل الأبرياء أو يؤازر أو يسكت هو شريك في هذه الجرائم... لذلك علينا أن نتصدى للقتلة بروح إسلامية وحدوية تأخذ من شهر رمضان معنى الالتزام بالإسلام والعمل بتقوى الله، قبل أن نصبح نهباً للأمم التي تتكالب علينا من كل حدب وصوب... "اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد".

مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 19 رمضان 1427هـ الموافق: 12 تشرين الأول2006م

"المكتب الإعلامي"

وجه نداء رمضانياً دعا فيه السنة والشيعة إلى التحصن بالوحدة في مواجهة ثقافة التمذهب والتفرقة
فضل الله: نقف على أبواب مرحلة حاسمة لنواجه خطر الحروب الأمريكية المتنقلة

وجه سماحة العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، نداءً إلى المسلمين في أيام الصوم، جاء فيه:

تعيش الأمة العربية والإسلامية في هذه الأيام ـ وهي أيام شهر رمضان المبارك التي أرادها الله أن تكون حصناً من حصون الوحدة والتقوى وصنع الإرادة في مواجهة شياطين الإنس والجن ـ بين نارين: نار الاحتلال الذي يجثم على صدرها وفي أكثر من موقع من مواقعها، كما في فلسطين والعراق وأفغانستان، ونار الفتنة المذهبية التي تحرق الأخضر واليابس من خلال الدماء التي تسيل أنهاراً في العراق، وكذلك في الفتن المتحركة هنا وهناك، كما جرى ويجري في الباكستان.

ولعل المفجع في كل هذه الفتن أن نيرانها تتصاعد في شهر رمضان المبارك وأن رحاها تطحن المزيد من المسلمين والنفوس التي حرّم الله قتلها، وكأن المطلوب أن يتحول شهر الرحمة إلى شهر للتقاتل والتنازع الداخلي بعدما كان شهر الانتصارات الكبرى على المشركين والكافرين، أو كأن المقصود هو أن يُذبح المسلمون بأيديهم هذه المرة لإضفاء مصداقية على الاتهامات الغربية المتصاعدة ضد الإسلام بأنه دينٌ يشجع العنف ويرفض تقبّل الرأي الآخر...

أضاف: إن هذه الصورة التي يظهر فيها بعض المسلمين كقتلة أو كمجرمين لا يردعهم وازع عن سفك دماء بعضهم بعضاً تمثل فاجعةً كبرى، فهي فضلاً عن كونها تؤكد ضعف الالتزام الإسلامي وعدم احترام النفس التي حرّم الله قتلها إلا بالحق، تشير إلى تهاون عميق وتغافل فظيع عما يجري من تعديات ضد الإسلام الحنيف، وخصوصاً أن ذلك كله يتزامن مع هجمة عالمية استكبارية تستهدف الإسلام، في حملات إعلامية وثقافية وسياسية متنوعة الأبعاد ومتعددة المصادر، ولا تتوقف عند العناوين الطائفية أو المذهبية لأنها تستهدف الإسلام كدين والمسلمين كمنتمين له، بصرف النظر عن هويتهم المذهبية أو العرقية أو ما إلى ذلك.

وتابع سماحته: إننا نرى أن من المخجل حقاً ألا تثير الدماء التي تراق يومياً ـ بفعل الاحتلال الصهيوني أو الأميريكي أو بفعل جماعات من هنا وهناك لا تخاف الله وتخدم الاحتلال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ـ حفيظة علماء المسلمين من السنة والشيعة الذين ينبغي عليهم أن يتحركوا بطريقة عاجلة وألا يكتفوا بكلمات الشجب والاستنكار وحتى بالبيانات التي تصدرها المؤتمرات التي غالباً ما تُعقد وتنتهي من خلال المجاملات الكلامية، بل لا بد من العمل سريعاً وفق آلية تتيح للعلماء من الطرفين النـزول إلى أرض الواقع ووقف هذا النـزيف الدامي في العراق أو الباكستان، أو أفغانستان، ومنعه من الامتداد إلى بقية المواقع لأنه يأكل من قضايانا ومستقبلنا كما يأكل الاحتلال وربما أكثر، وعلى علماء السنة والشيعة أن ينفروا بكل طاقاتهم لحماية الوحدة الإسلامية التي تمثل حصن الامة وضمانتها وقوتها.

إننا عندما ندرس الخلافات المثارة بين السنة والشيعة، نجد أنها ترجع إلى خلفيات سياسية، سواء على مستوى العلاقات بالدول الكبرى أو على أساس الأوضاع الإقليمية بين دولة وأخرى، أو بلحاظ بعض الحساسيات الداخلية من دون أي دخل لمفاهيم التسنّن والتشيع في هذه الخلافات. ولذلك فإن اعتبار أي خلاف سياسي أو تشنّج يمثل مشكلة مذهبية هو أمر لا يمثل أي نوع من أنواع النظرة الواقعية للأمور وأي مصلحة للمسلمين.

إن مسألة التشيع والتسنّن تبحث في الإطار العلمي الشرعي ولا علاقة لها بالواقع السياسي. نحن لا ننكر أن هناك بعض السلبيات فيما يصدر هنا وهناك ولكن هذه لا بد من معالجتها في إطار خاص ولا تعتبر حالة سياسية لأنها تنطلق من العوام أو ممن يركبون موجة العوام.

وقال: إن علينا أن نعمل ليكون للعالم الإسلامي دوره القيادي، وألا يكون صدى لما يتحرك به الآخرون، وخصوصاً الموفدون الأميركيون الذين يأتون إلى المنطقة ليعبّئوا بعض القيادات العربية الرسمية، وليستدعوا بعض المسؤولين كما تستدعي القيادة جنودها.

وإن علينا أن نتحرك ـ كمسلمين وكعرب ـ في إطار خطة مدروسة لمواجهة هذا الاستلاب المتواصل للعالمين العربي والإسلامي، ومواجهة محاولات إبعادهما عن دائرة الضوء ومواقع التأثير، كما نريد لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تسعى بكل طاقاتها لتخرج من دائرة الخضوع لأمريكا.

إن الحاجة ملحة لكي تنطلق صحوة إسلامية عقلانية معتدلة تستطيع أن تساهم في إنقاذ العالم وأن تعمل لإخراج المسلمين من دائرة الاتهام التي تتحرك فيها أوساط عالمية وغربية تحاول الإيحاء بأن المسلمين يمثلون الخطر الداهم على السلام العالمي. كما أن على العالم الإسلامي أن يعمل لحل مشاكله في داخله، وخصوصاً أن الدول المستكبرة تتلاعب بهذه المشاكل لتوظفها في انقسامات ومنازعات تغذيها في الواقع الإسلامي بما يخدم مصلحتها ومصلحة إسرائيل، كما أن علينا أن نتحرك كمسلمين وكعرب وكأمة للضغط على أمريكا في المسألة العراقية وغيرها ومواجهة إسرائيل حتى يمسك العالم الإسلامي قضاياه بنفسه.

أضاف: إن على الجميع أن يعرفوا أننا نقف على أبواب مرحلة حاسمة، وأن الاستكبار الأميركي والصهيوني الذي بدأت الأرض تهتز من تحت أقدامه في العراق وأفغانستان وفلسطين يريد أن يغرق المنطقة بالحروب المتنقلة، أو أنه قد يسعى لصفقات التفافية على حساب قضايانا، أو سيعمل للمزيد من الاهتزازات الطائفية والمذهبية هنا وهناك.

ولذلك، فإنني في الوقت الذي أتوجه إلى علماء الأمة من السنة والشيعة، وإلى كل الفاعليات السياسية المخلصة، وإلى كل الغيورين على مصلحة الإسلام العليا، أن يتقدموا إلى الساحة ليعملوا على التصدي لكل القتلة الذين يستحلّون دماء المسلمين من السنة أو الشيعة. أتوجه إلى أهلنا، وخصوصاً في العراق والباكستان وفي كل مكان قد تتحرك فيه الفتنة، أن يتصدوا لمحاولات إيقاظها، وأن يقفوا سداً منيعاً في وجه جماعات القتل، وألا يكونوا سنداً لهم بأي شكل من الأشكال.

وخلص سماحته إلى القول: أيها الأحبة، إن دم المسلم السني ودم المسلم الشيعي حرام، وإن من يستحلّه يستحق عذاب الله، ومن يشجع على قتل الأبرياء أو يؤازر أو يسكت هو شريك في هذه الجرائم... لذلك علينا أن نتصدى للقتلة بروح إسلامية وحدوية تأخذ من شهر رمضان معنى الالتزام بالإسلام والعمل بتقوى الله، قبل أن نصبح نهباً للأمم التي تتكالب علينا من كل حدب وصوب... "اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد".

مكتب سماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

التاريخ: 19 رمضان 1427هـ الموافق: 12 تشرين الأول2006م

"المكتب الإعلامي"

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية