لا يزال المرجع السيد محمد حسين فضل الله يرى في لبنان "ساحة" تتمثل فيها الدولة شكلاً، والانحدار الذي تسير عبره مؤسسات الدولة، لن يؤدي إلى الإنهيار، ولعل السيد فضل الله يستند في رؤيته إلى لبنان الساحة، باعتباره حاجة إقليمية ودولية ومتنفساً لاحتقانات سياسية تجب المحافظة عليه، كما المحافظة على دوره وموقعه السياحي، وحتى القرار 1559 الذي صدر عن مجلس الأمن، لا يرى "السيد" سبيلاً في التأثير على العلاقة اللبنانية _ السورية بكل ما تحمله من تعقيدات وخصوصيات وتداخلات سياسية. فضلاً عن ذلك لا يرى أنه "سينفذ" من دون أن يغفل وصفه إياه بـ "السيف المسلط"، الذي لن يؤدي بلبنان إلى تفجيرات داخلية كبرى، أو ما يسميه "الفتنة" التي تطلقها خطوط دولية كبرى، لا يرى السيد أن الحرب في لبنان تلبي مصالحها اليوم.
أما الداخل اللبناني والتئامه على نحو من تثبيت قضايا الحرية والاستقلال والسيادة فدونها مسافات، لا تبدو في روزنامة السيد في موعد منظور، فالوصول دون نظام طائفي يكتسب حصانة دولية، وإصلاح ما زال شعاراً، لا مكان له في حيز الواقع، وناد سياسي لبناني هو مصدر للفساد والهدر، ولعل هذه العناوين ما تجعل السيد ينحو باتجاه وسم "المعارضة المسيحية" وغيرها من المعارضات "بعدم الواقعية في طرح المطالب» لافتاً أن مقاطعة الحكم أو الحكومة لم تغير شيئاً في المراحل الماضية.
* * *
س: تشهد المنطقة العربية والإسلامية هجوماً استراتيجياً أميركياً ينطوي على مشاريع يجري تداولها وجوهرها "الشرق الأوسط الكبير"، في المقابل لا تبدو المنطقة المستهدفة على مستوى الأنظمة والمعارضات قادرة على المواجهة بأفق يتناسب ومستوى التحدي، فيما يبرز نموذج القاعدة كأبرز نموذج للمواجهة؟
ج: لعل المشكلة في المشروعات التي تصوغها الإدارة الأميركية أن الذي يخضع لحركة هذه المشروعات هم الحكام والأنظمة في العالم العربي والإسلامي، الذين لا يملكون أي قرار حاسم بقدر ما يتعلق الأمر بالواقع الذي يشرفون عليه على صعيد الحاضر والمستقبل، لأن أغلب هذه الأنظمة، إن لم نقل كلها، خصصت منذ البداية للخط الأميركي في السياسة والاقتصاد والأمن، بالدرجة التي تنازلت فيها عن كل الثوابت التي كانت تمثل قاعدة للأمة في تطورها في جميع قضاياها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي كانت تمثل القضية الاستراتيجية لكل الخطوط السياسية العربية. بحيث جرى ربط كل سياسات الدول العربية الداخلية بهذه القضية، ولكن لاحظنا أن العرب عموماً تنازلوا عن هذه القضية، وأصبحت مشكلة يريدون التخلص والتحرر منها بأي وسيلة كانت، وهو ما لاحظناه في علاقات الصلح مع إسرائيل أو الاعتراف المتبادل من خلال الأنظمة. وهذه الأنظمة أصبحت تنسق مع السياسة الأميركية، لمصلحة الاستراتيجية الأميركية، ولمواجهة الكثير من أطياف المعارضة للخطة الأميركية في الداخل أو على مستوى المنطقة العربية والإسلامية، لذلك فإن غياب العالم العربي على المستوى الرسمي يجعل الولايات المتحدة الأميركية تملك حرية الحركة لإرباك كل الواقع العربي كمقدمة لصياغة مشروعها وتحريكه على الأرض، ولا سيما في دائرة التحالف الأميركي الإسرائيلي في هذا المجال.
محاولة لخلط الأوراق
س: لذلك نلاحظ أن ما تفعله الإدارة الأميركية في المنطقة هو محاولة خلط الأوراق، والدخول في أكثر من ثغرة لتمارس ضغوطاً هنا وهناك، كما يظهر من خلال الضغوط التي تتعرض لها سورية وإيران ولبنان، وبعض البلدان التي لا تعتبر حليفة للولايات المتحدة الأميركية.
ج: هذا الخلط في الأوراق يهدف إلى إرباك كل خطوط المعارضة للسياسية الأميركية سواء منها الخطوط المتشددة التي تنتمي إلى تنظيم "القاعدة" أو إلى ما يشبهها أو الخطوط السياسية، بما فيها الخطوط المعتدلة والمعارضة للاحتلال الأميركي والإسرائيلي. كما أن الجهات المعارضة للسياسة الأميركية، لا تريد لأميركا وإسرائيل أن تستقرا، لهذا فإن هذه المرحلة يمكن وصفها بمرحلة الرياح العاصفة والمتبادلة من هنا وهناك ما يجعل المنطقة في حالة اهتزاز سياسي وأمني، كما يجعل الاحتلال الأميركي في حالة اهتزاز أمني وسياسي والمطلوب هو كيف يمكن أن نلملم المعارضة السياسية في العالم العربي والإسلامي، بالطريقة التي تستطيع أن تهز الأرض من تحت أقدام الاحتلال الأميركي من دون أن تسقط هذه الخطة الواقع كله.
"سايكس بيكو" جديدة ومختلفة
س: الرياح العاصفة والمتبادلة في المنطقة هل تمهد لتغيير على مستوى الأنظمة والجغرافية السياسية في العالم العربي والإسلامي؟ وهل نحن في مرحلة تشبه مقدمات اتفاقية "سايكس بيكو"؟
ج: لا أتصور أن الظروف الدولية السياسية وصلت إلى مستوى مرحلة تغيير الأنظمة، لأن تغيير الأنظمة كما حصل في مرحلة "سايكس بيكو"، يمثل نوعاً من أنواع تقاسم المصالح للدول التي كانت تستعمر المنطقة العربية والإسلامية، الأمر الذي فرض تقسيم المنطقة إلى دول على شاكلة المصالح المتنوعة في هذا الموقع أو ذاك، أما في الحاضر ليس من مواقع نفوذ للدول الكبرى التي يراد توزيع الحصص عليها، بل هناك الولايات المتحدة الأميركية التي لا يملك حتى الاتحاد الأوروبي أن يخدش أي موقع من مواقعها أو يربك أي مصالح لها إلا بشكل سطحي جداً، إضافة إلى وجود إسرائيل التي تتداخل مع أميركا في الخطوط السياسية التي تتوافق معها، لذلك فليس هناك أي ضرورة لتقسيم المنطقة. لقد كانت في الخمسينات أو الستينات من القرن الماضي طروحات تتحدث عن تقسيم المنطقة على أساس الأقليات الدينية وهذا ما أثير في وقت ما في مشروع تقسيم لبنان أو تقسيم مناطق سورية أو العراق وما إلى ذلك، لكن هذه الطروحات طويت لأن إسرائيل أصبحت قوية بشكل فوق العادة، مما لا يجعلها بحاجة إلى تبرير وجودها كأقلية دينية، من خلال نماذج مقابلة لها في المنطقة العربية والإسلامية، بل أصبحت الدولة الأقوى في المنطقة التي تعمل للسيطرة على المنطقة لممارسة ضغوط هنا أو هناك، لاحتواء هذا البلد المتمرد أو ذاك البلد، فإن المرحلة هي مرحلة الضغوط العسكرية والاقتصادية والسياسية من أجل إرباك المنطقة، بفعل الوجود الأميركي في العراق والذي يمد أذرعه الأخطبوطية إلى أكثر من دولة في المنطقة، وهذا ما نلاحظه في العلاقات الأميركية الإيرانية والعلاقات الأميركية التركية وخصوصاً ما يتصل بالقضية الكردية، وهكذا بالنسبة لدول الخليج العربي وسورية ولبنان.
س: لكن ألا ترى أن الخطة الأميركية تتعامل مع المنطقة على أساس أنها ليست غير مجموعة قبائل وطوائف. وبالتالي يجب قيام الدول استناداً إلى ذلك، وهذا ما يرشح عن المشهد العراقي، ومن خلال ما يجري في السودان؟
ج: صحيح أن هناك تجمعات عشائرية ومذهبية ودينية في هذا البلد أو ذاك، ولكن هناك فرق بين أن تحرك هذه التجمعات لتقسيم المنطقة إلى أقليات قبلية أو مذهبية، وبين أن تستغل هذا النوع من الحساسيات التي يثيرها التنوع القبلي أو المذهبي وخلط الأوراق في المنطقة من أجل ترتيبها على الطريقة التي يخضع فيها الجميع للسياسة الأميركية، باعتبار أنهم لا يملكون قوة يواجهون فيها هذا "الغول الأميركي الهائج".
القرار 1559 مثال التجاذب
س: كيف تقرأ القرار الدولي رقم 1559؟
ج: إنه قرار أميركي عراقي بامتياز، وقرار فرنسي من خلال بعض الخصوصيات الفرنسية السورية والحالة السياسية التي تمثل بقايا العلاقات الفرنسية اللبنانية، إن هذا القرار يمثل هذا التجاذب في الضغط بين أميركا وسورية، فالإدارة الأميركية تعرف أن سورية لا تملك الموقع القوي إلا من خلال لبنان، وسورية تدرك أن الإدارة الأميركية لا تملك الموقف القوي بما يتعلق بالحدود العراقية السورية التي ينفذ منها المقاومون على اختلاف عناوينهم.
لذا جاء هذا القرار ليعبر عن الضغط الأميركي على سورية وتحت العنوان اللبناني، لتقدم سورية التنازل في مسألة الحدود العراقية _ السورية، وهذا ما لاحظناه حين زار مساعد وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز دمشق قبل أسابيع، وكان الحديث خلال زيارته عن موضوع الحدود العراقية _ السورية، فيما لم يخص لبنان بأكثر من لحظات خلال مباحثاته مع الرئيس بشار الأسد.
لهذا فالقضية ترتبط بالضغوط المتبادلة بين سورية وأميركا، أما بالنسبة لفرنسا فلديها علاقات معقدة مع سورية، وأرادت من خلال هذا القرار تصفية حساباتها مع سورية من جهة، مع لحظ الموقع الفرنسي الذي لا يريد لأميركا أن تستقل في أي شيء لبناني باعتبار أن لبنان هو خصوصية فرنسية، وهذا ما لاحظناه بعد صدور القرار وفي المداولات التي تدور في مجلس الأمن حول طبيعة البيان الرئاسي الذي سوف يصدر أو القرار البديل عن هذا البيان، ما يوحي بأن المسألة ليست من المسائل الحيوية، بعد أن جرى ترتيب بعض الأوضاع بين سورية والولايات المتحدة الأميركية.
س: إذن لا ترى أن القرار 1559 سوف ينفذ؟
ج: لا أعتقد أنه سينفذ، ولكن يبقى سيفاً مسلطاً على رؤوس السوريين واللبنانيين، يراد استعماله سياسياً وعسكرياً عند الحاجة.
س: البعض يتخوف من توترات داخلية تمهد لتجديد الحرب الأهلية في لبنان؟
ج: إنني أعتقد أن لبنان تجاوز التفجيرات الداخلية الكبرى، بما فيها عودة الحرب الأهلية أو الفتنة الكبرى، لأن الفتنة في لبنان ليست حالة داخلية، بل تنطلق من خطوط دولية كبرى، وفي هذه المرحلة الولايات المتحدة الأميركية وبعد احتلالها للعراق تريد للوضع في المنطقة أن يستقر أمنياً ولو في الحد الأدنى، لذلك فإن التعقيدات اللبنانية الداخلية في مسألة المقاومة وإسرائيل لا تسمح بأي تطور سياسي.
إن ما حدث في لبنان أخيراً، هو مثل الحجر الذي يرمى في البحيرة ليحدث دوائر ثم لا يلبث أن يذوب تماماً كما هي حالة التفجير التي استهدفت إيلي حبيقة، وبعض الأمور الصغيرة هنا وهناك، التي لن تخلّف شيئاً على مستوى الفتنة، لأن الظروف الدولية المحيطة بالمنطقة لا تسمح بحرب لبنانية، لأن هذه الحرب سوف تنعكس على محيط لبنان وسوف تؤدي إلى الفوضى حتى في إسرائيل، وهذا ما لا تريده أميركا.
سلاح المقاومة
س: ألا يمكن أن تكون الحرب أحد مداخل نزع سلاح المقاومة في لبنان؟
ج: أعتقد أنه من الصعب، لا نتحدث عن المستحيل، نزع سلاح المقاومة أو إسقاطه، لأن سلاح المقاومة بات في الحديث عنه كجيش استطاع فرض معادلة توازن الرعب بين لبنان وإسرائيل، ولا يملك أحد في لبنان هذا النوع من السلاح، وخصوصاً أن الحرب ستتيح مجال الإلتقاء بين سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني، وربما السلاح السوري عندما يهدد الخطر سورية.
العلاقات اللبنانية السورية لن تتغيّر
س: هل تعتقد أن العلاقة اللبنانية السورية بدأت بالانتقال إلى طور آخر مع صدور القرار 1559؟
ج: لا أعتقد أن شيئاً قد تغير في العلاقة اللبنانية السورية، فهذه العلاقة في كل تعقيداتها وتداخلها ومشاكلها في الفعل ورد الفعل السياسي، لن تتغير إلى وقت طويل لأن هذه العلاقة تتصل بالأمن السوري، وتتصل أيضاً بالتوازنات اللبنانية، لأن هذا المنطق اللبناني في قضية تحرير لبنان من سورية أو التدخل السوري ليس منطقاً جديداً، بل أعقب مرحلة الدخول السوري إلى لبنان في العام 1976، ولا يزال يحرك الخطاب السياسي لجماعة من الجماعات اللبنانية، ويدخل في الحساسيات الطائفية، لذلك ستبقى هذه الجماعات تتحرك في العنوان الطائفي، وفي الجدل السياسي اللبناني الذي يثير الغبار ولا يصل إلى نتيجة حاسمة في الواقع العملي.
س: لكن هناك بعض الأطراف سلطت الضوء على الجانب الأمني والسياسي، وبناء الدولة الذي يجب أن يبقى متحرراً من التدخل السوري، وهو ما ذهب إليه النائب وليد جنبلاط الذي أكد على الثوابت الاستراتيجية في العلاقة اللبنانية _ السورية؟
ج: هذه المفردات قد تفسر لدى بعض المحللين السياسيين تفسيراً انتخابياً، وقد تفسر على أنها منطلقة من خلفيات إقليمية أو دولية، لذلك فإننا تعودنا على بعض الهزات السياسية الداخلية تحت عناوين كبرى كالحرية والوطنية والسيادة، ولكن الملاحظ أن الجميع يعودون إلى مواقعهم الطائفية سالمين أو غير سالمين.
الأوضاع اللبنانية الداخلية في كل الخطوط المثيرة للحساسيات هنا وهناك والتي قد توحي بأن الهيكل سوف يسقط على رؤوس الجميع، تبدو في النهاية أنها جزء من اللعبة الداخلية اللبنانية التي بدأت منذ الاستقلال والتي قد تتغير فيها الأسماء ولا تتغير مانشيتات الصحف، ولبنان يبقى معتركاً للخطوط الطائفية، ووسيلة لتنفيس الاحتقان.
لذلك، أعتقد أن كل العناوين السياسية المطروحة اليوم من المقاطعة والحديث عن حكومة اتحاد وطني وشروط متقابلة لا تشكل خطراً على الواقع اللبناني، لقد تعود اللبنانيون على هذا السجال وسوف تسير الأمور، لأن الدولة لا يمكن أن ترتكز على فراغ. لقد جربنا المقاطعة السلبية خلال الحرب ولم تحقق أي نتيجة حتى عاد الجميع ليتبادلوا القبل.
س: هل يعني ذلك أن لبنان "ساحة"، ولن يكتمل فيه مشروع الدولة وشروط الوطن؟
ج: أريد للبنان أن يكون ساحة تشبه الدولة في الشكل الذي يرتاح إليها محيطها سياسياً واستثمارياً وما إلى ذلك، لأن لبنان هو المختبر لكل الاتجاهات المتحركة في المنطقة ولبنان الساحة التي يتنصت فيها الجميع على ما يحدث في العالم، أنها نافذة الشرق على الغرب ونافذة الغرب على الشرق.
لا الانحدار والانهيار
س: لكن هناك تراجع على مستوى السلطة ومؤسسات الدولة، بحيث يبقى السؤال عن مدى قدرة هذا البلد على لعب هذا الدور القديم الجديد الذي أشرتم إليه؟
ج: نحن في مرحلة انحدار لا تصل إلى الانهيار، لأن الانهيار يعني خروج لبنان من الخريطة في المنطقة، وهذا ما لا يوافق عليه أحد إقليمياً ودولياً، المشكلة أن لبنان يعيش في أطره السياسية ذهنية لا تلتقي في عمق معنى الدولة، ولعل النظام الطائفي الذي يحكم لبنان هو المسؤول عن الكثير من المشاكل في الهدر والفساد، لأن اللبنانيين لا يستطيعون أن يحاسبوا شخصية طائفية تحمي الفساد وتنتجه، إلا إذا أرادوا الاصطدام بطائفة هذا المسؤول، فالطائفة تحمي رموزها الفاسدة، وهذا الذي يجعل الفساد مرتبطاً بالنظام الطائفي ارتباطاً عضوياً.
الشعب مقيد طائفياً
س: انطلاقاً من هذا التوصيف، والوضع الطائفي، فإن أحداً في لبنان لا يتحمل المسؤولية؟
ج: إن الطرف الذي يشعر بالمسؤولية هو الشعب، ولكن المشكلة أن الشعب ربط بقيد حقيقي من قبل رموز الفساد، لأن المواطن لا يستطيع الحصول على حقوقه المدنية والمعيشية إلا من خلال هذه الشخصية الطائفية أو تلك، لذلك وضع الشعب في دائرة محاصرة بكل أوضاع الفساد بحيث أصبح يتحرك في الفراغ ولعل أفضل شاهد على ذلك هو أننا نلاحظ أن الشعب الذي يرجم كل هؤلاء بالحجارة سياسياً عندما يأتي موعد الانتخاب، فإنه يقترع لهم وهذا ما ينطبق على ممثلي الشعب في البرلمان الذين يطلقون أقسى الأوصاف والاتهامات للحكومة ثم يعطونها الثقة في نهاية المطاف.
س: إذن لا ترى فرصاً فعلية لإصلاح سياسي في المرحلة المقبلة؟
ج: الإصلاح ليس قيمة يعيشها الإنسان في أحلامه وتمنياته وإذا كان هذا الإنسان ينتج الفساد فمن الذي يمكن أن يحرك الإصلاح.
س: كيف تقرأ مسار "لقاء قرنة شهوان"، والمعارضة المسيحية عموماً في رؤيتها للقضايا الوطنية الكبرى والسياسية؟
ج: كل العناوين التي تطلق على مستوى الحرية والاستقلال والسيادة وما إلى ذلك هي عناوين وطنية، ولكن ألاحظ سواءً في المعارضة المسيحية أو غيرها من المعارضات أنها لا تملك الواقعية في توقيت طرح القضايا والمطالب، بحيث تطلق الشعارات من دون أن تجد لها خطوطاً ميدانية تصلها في هذه القضايا. ولا أريد أن أتحدث عن عناوين سلبية لهذه المعارضة أو تلك، ولكنني أتصور أن أغلب النادي السياسي في لبنان لا يعيش الواقع.
اللقاءات الشيعية
س: تبرز هذه الأيام دعوة لعقد اجتماع شيعي يجمع القيادات الشيعية وبدعوة من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يضمكم والرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله والرئيس حسين الحسيني والشيخ عبد الأمير قبلان. ألا يأتي هذا اللقاء ليكمل اللقاء الذي جمعكم والرئيس بري في صور قبل شهرين؟
ج: لم يكن لقاء صور لقاءً سياسياً بل اجتماعي من خلال دعوة كريمة للغداء من خلال الصديق علي الأمين، ولذلك لم أعتبره لقاءً سياسياً شيعياً، وقد لاحظ الجميع أنني لم أتحدث خلال اللقاء، ولن أكون جزءاً من أي لقاء شيعي على أساس العناوين المثارة في الواقع، فمنذ انطلقت أردت أن أكون في إطار الواقع الإسلامي والعربي والإنساني.
س: عدم مشاركتكم هل يعني عدم تأييدكم لمثل هذه اللقاءات؟
ج: لست معنياً بأن أصدر أحكامي في هذا الشأن، لكن لا أرى أي حلّ لمشكلة أي طائفة في لبنان، إلا من خلال حل مشكلة لبنان، ولن تستطيع أي طائفة أن تحل مشاكلها السياسية والاقتصادية بمعزل عن حل المشكلة اللبنانية، من خلال وضع برنامج انتخابي يعطي الشعب حرية الاختيار، وهكذا بالنسبة للاقتصاد والأمن.
س: هل يمكن القول أن قرار 1559 يدخل لبنان في مرحلة التدويل؟
ج: لن يدخل لبنان في مرحلة التدويل
حاوره: علي الأمين