سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله أكدّ أنه تعبنا كثيراً من الصراخ ولا بدّ من خطوة عملية في الواقع:
أميركا تعمل لتحقيق الحلم الصهيوني
رأى سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله أن أميركا بكل إداراتها عملت وتعمل على تحقيق الحلم الصهيوني على مستوى مشاريعها السياسية والاقتصادية والعسكرية.
واعتبر أن القرار الأميركي الذي صدّق عليه الرئيس الأميركي باعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل يهدف إلى جعل إسرائيل تستكمل كل مشاريعها لتهويد القدس.
وحذّر من أن يصبح الرفض لهذا القرار مجرد تنفيس في الشارع العربي والإسلامي، مكرراً دعوته لمقاطعة البضائع الأميركية والخدمات الأميركية في طول البلاد الإسلامية وعرضها.
جاء ذلك في حوار أجراه معه التلفزيون الإيراني حول أهداف أميركا من الهجمة على المنطقة.. سئل سماحته في البداية حول أبعاد القرار الأميركي الأخير باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل فقال:
لقد كانت أمريكا في مختلف إداراتها المتعاقبة تؤكّد على أن تكون فلسطين ولا سيما فلسطين القدس للكيان الصهيوني الإسرائيلي، وهذا ما كانت تتداوله الإدارات تحت غطاء الكونغرس الأمريكي عندما يتحدثون عن اعتبار القدس عاصمة أبديّة لإسرائيل وعندما كانوا يتداولون مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وهذا ما اعتبره الرئيس الأمريكي «بوش» إحدى شعاراته الانتخابية حين أكّد أنه إذا نجح في الانتخابات الأمريكية فإنّه سينقل السفارة الأمريكية إلى القدس إعترافاً منه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.
وقد تحرّكت المسألة في أجواء الكونغرس الأمريكي ليتحوّل إلى قرار مُلزمٍ للإدارة الأمريكية، بإعتبار أنه يؤكّد على ضرورة عمل الإدارة الأمريكية في تحويل هذا القرار إلى قانون لا بُدّ للإدارة الأمريكية من التزام كلّ مفاعيله.
أضاف: إنّنا نعتقد أنّ أمريكا بكلّ إدارتها عملت وتعمل على تحقيق الحلم الصهيوني بكلّ ما يمكنها من المشاريع السياسية والعسكرية والاقتصادية، وهذا ما نلاحظه في الموقف الأمريكي ضدّ الشعب الفلسطيني كله أمام الجرائم الوحشيّة التي يقوم بها «شارون» في إبادة الشعب الفلسطيني من دون أن تقف بقوّة ضدّ ذلك بل تتكلّم بكلمات مائعة.
تابع: إنّ خلفيّة هذا القرار هي القاعدة الأمريكية الاستراتيجية في أن تستكمل إسرائيل كلّ مشاريعها ومن بينها عدم تقسيم القدس وتهويدها بالكامل، واعتبارها عاصمة أبديّة لإسرائيل، ولكنّ ذلك يتحرّك على أساس التدرّج لمواجهة بعض الأوضاع والظروف السياسية التي يمكن لأمريكا أن تحقّق فيها ما تستطيعه في هذا المجال. ونحن نتصوّر أن المسألة قد اقتربت من التنفيذ لولا بعض الظروف السياسيّة الي تحيط بالسياسة الأمريكية في المنطقة، والتي يُراد لها استغلال كلّ هذا الضعف العربي أو الإسلامي في مواجهة الخطط الأمريكية الإسرائيلية.
ورداً على سؤال قال: إنني أتصوّر أن الشعب الفلسطيني والشارع الفلسطيني ينتظر من الشعوب الإسلامية الدّعم على المستوى المادي والمعنوي، ولا سيما في هذه القضية الحيويّة المصيريّة الحسّاسة بالنسبة إليه وإلى العالم الإسلامي كله.
وتابع: لذلك، فإن وقوف الشعب الإيراني المسلم بكلّ فئاته مع هذه القضية ضد القرار الأمريكي، سواء على مستوى الإدارة أو على مستوى مجلس النوّاب والشيوخ، يُمثّل موقفاً داعماً نرجو أن لا يقتصر على إيران فقط والشعب الحكومة والدولة ، بل لا بدّ أن يمتد إلى كل شعوب العالم الإسلامي، ونريد لكلّ الأنظمة المسيطرة على الشعوب ألا تقّيد حركة جماهيرها التي تقوم للاحتجاج ضدّ هذا القرار، بل إننا نطلب منها تشجيع شعوبها والتكامل معها في رفع الصوت عالياً لتفهم أمريكا تحديداً والدول الأخرى التي ربّما يُشجعها القرار الأمريكي على أن تحذو حذوه، لتعلم كلّ هذه الدول أن هذه القرارات تكلّفها غالياً في مصالحها لدى الشعوب الإسلامية.
أضاف: إنّنا نعتقد أنّ مثل هذا القرار لا يكفي في رفضه وفي الاحتجاج ضدّه، أن نرفع الصوت عالياً في مظاهرات نتنفّس فيها الرفض في الشارع العربي والإسلامي، بل لا بدّ من مقاطعة البضائع الأمريكية والخدمات الأمريكية على مستوى الشارع الإسلامي في طول البلاد الإسلامية وعرضها حتى تعرف الشركات الأمريكية أن سياسة الإدارة التي تحكمها سوف تكلّفها خسائر كبيرة في منتجاتها الاستهلاكية التي تسوّقها في العالم الإسلامي.
وخلص إلى القول: لقد تعبنا كثيراً من الصياح ومن الصراخ الذي ينطلق في الهواء، ولا بدّ لنا من أن نعمل بكل ما عندنا من قوّة في سبيل أن نتحرّك ولو خطوة عملية في الواقع الذي نعيش فيه حتى نعاقب من يعاقبنا بمقدار ما نستطيع من ذلك، ليرتفع شعار المقاطعة للبضائع الأمريكية والخدمات الأمريكية، ونعمل على رفع الصوت عالياً من أجل سحب الأرصدة العربية والإسلامية من البنوك الأمريكية وتحويلها إلى مواقعها الإسلامية.
وقال: إننا نقول للشعب الإيراني العزيز المسلم، لقد دفعت غالياً غالياً من أمنك واقتصادك وسياستك من أجل القضية الفلسطينية حتى كانت مركز القضايا في سياسة الدولة الإسلامية، ولقد تحملت الكثير من ذلك ، إننا نريدُ من هذا الشعب المسلم العزيز القوي أن يبقى أميناً على القضية الفلسطينية بعيداً عن كل الخلافات والتطورات والاوضاع التي تهزّ المنطقة، لأن القضية الفلسطينية تمثّل المركز الحيوي لكلّ تاريخ القضايا الإسلامية في المنطقة، فإذا اسقطت القضية الفلسطينية لا سمح الله فإن أكثر القضايا الإسلامية سوف تسقط، بينما إذا نجحت هذه القضية فإننا سننطلقُ من هذا النجاح والنصر إلى انتصارات ونجاحات أخرى.
وختم قائلا: إنّ مبّرر قيام الدولة الإسلامية هو أن ترعى كلّ القضايا الإسلامية، وإن القضية هي صلاة وصوم ودين، وإن الله جعل المسجد الأقصى وما حوله أمانة عندنا فعلينا أن نحفظ هذه الأمانة، لأن الله يقول:« إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها».
بيروت: 3 شعبان 1423هـ/ 10 تشرين الأول 2002م.