عن تأثير "فيلق بدر" الشيعي العراقي المقيم في إيران، والذي يلقى دعمها، على الشيعة العراقيين في حال دخوله العراق وتعاونه مع سائر المعارضين لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وخصوصا في ظل ما يقال عن اختلافات مهمة بين شيعة العراق وشيعة إيران، حول أمور أساسية مثل النظام الاسلامي وولاية الفقيه، عن ذلك كله تحدث المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية. قال:
"أتصور أن الفيلق الذي يشرف عليه اختصاصيون ومدرسون إيرانيون أكثر مما تشرف عليه المعارضة العراقية يؤمن على الأقل في بعض فصائله بمسألة ولاية الفقيه، لكني أعتقد أن هذا الفيلق عندما يدخل العراق يدخله مقاتلا للنظام الحاكم، ولكنه لن يستطيع ان يصنع نظاماً، لأن طبيعة التعقيدات الداخلية والعربية والدولية في العراق لا تفسح في المستقبل المنظور لتأسيس دولة إسلامية على الطريقة الإيرانية في العراق، حتى أن الذين يفكرون بالدولة الإسلامية أخذوا يتجهون بالحديث عن الديموقراطية والتعددية وغيرها، لأن طبيعة الظروف التي يعيشها العراق في الداخل من حيث التنوع المذهبي والقومي من جهة والتنوع السياسي الحزبي من جهة أخرى لا تفسح لهذا التفكير".
هل الموقف المعلن للجمهورية الإسلامية الإيرانية من الحرب الأميركية المتوقعة على العراق متوافق مع الفتوى الصادرة عنكم في شأنها؟
أجاب المرجع الإسلامي الأبرز:
"لقد سمعتُ عن أصداء هذه الفتوى من خلال القيادة الاسلامية في ايران بأنها كانت أصداء إيجابية، وكان البعض يتحدث بأن الفتوى كانت مفاجأة لأنها سبقت الآخرين في وعي المسألة الأميركية بالنسبة إلى القضية العراقية".
كيف ترون الموقف الإيراني المتدرج حيال أميركا في موضوع العراق؟ أولاً معارضة ضربه عسكرياً، ثم إعلان ممارسة سياسة الحياد النشط، والإيحاء بالنسبة للتصرف حيال هذا الموضوع بالطريقة نفسها التي تعاملت بها إيران حيال الموضوعين الأفغاني و"الطالباني"؟
أجاب المرجع الديني الإسلامي الأبرز:
"هناك حقيقة سياسية عسكرية في مسألة الخطة الاميركية لدى العراق وهي أن إيران لا تملك أية خطة أو أية قدرة للمشاركة في الحرب ضد أميركا بالمطلق، تماماً كما كانت المسألة في حرب الكويت. فنحن نعرف أن الحرب كانت في الخليج وكان في إمكان إيران وفق شعاراتها أن تقصف بعض الأساطيل أو البوارج أو غيرها. ولكنها بقيت على شعاراتها ضد أميركا من دون أن تحرك ساكناً في المسألة الأمنية، لأنها كانت ترى أن الحرب ضد أميركا مؤذية، ولاسيما أن أميركا دخلت الحرب مع تحالف دولي وعربي وإسلامي. لذا فإن إيران كانت تعمل على حماية نفسها وهي تؤسس دولة قدمت مئات الآلاف من الضحايا والشهداء لتبقى متوازنة بعيدة عن الخطر، وهذا ما لاحظناه في أفغانستان، إذ واجهت إيران في نظام طالبان الموقف الذي تحرّك بطريقة مذهبية متعصبة حصدت آلاف الشيعة، واتخذ موقفاً سلبياً فوق العادة ضد إيران. ولذلك وقفت إيران منذ البداية مع التحالف الشمالي مع أنه لم يكن يمثل في تنوعه السياسي حالة شيعية أو إسلامية، ولكن كان حزب الوحدة الذي له علاقات جيدة بإيران جزءا من هذا التحالف، ولذلك فقد انطلقت إيران لتدعم هذا التحالف ومن الطبيعي أن مصلحتها كانت إسقاط نظام طالبان، لانه من الممكن أن يشكل خطراً عليها على أكثر من صعيد، ولذلك تعاملت مع الحرب الأميركية على أفغانستان وتحديداً "طالبان" بما يشبه الحياد الذي يتقاطع فيه الجانب السلبي بالإيجابي، لأن المسألة كانت عندها أن لا مصلحة لها في الدخول في حرب مع أميركا في تلك المرحلة، لأن ذلك يتحول إلى حرب على الشعب الأفغاني الذي كان يريد الخلاص كيفما كان من دون أن يحقق شيئا، لذا اكتفت بالقليل القليل من المواقف التي أعطتها غطاء قانونياً على مستوى النظام الدولي في أنه إذا سقطت هناك بعض الطائرات، فإنها من الناحية الإنسانية والنظام الدولي لا بد أن ترعى مَن فيها.
وقد كسبت إيران من خلال هذا الموقف الكثير في أفغانستان، ولذلك فإنها تملك الآن مواقع جيدة متقدمة حتى على مستوى الحكم، ولعلها هي من أوائل الدول التي قدّمت مساعدات إلى الشعب الأفغاني بقدر ما تتيحه إمكاناتها الاقتصادية. أما بالنسبة إلى العراق الآن فمن الطبيعي أن إيران تتمنى سقوط النظام العراقي اليوم قبل غد، لأن هذا النظام عطّل نموّها مدة ثماني سنوات ودمّرها اقتصادياً وقتل مئات الآلاف من شعبها، ولكنها كانت متوازنة مع هذا النظام وهي تعرف أن أي موقف حاد عملي ضد أميركا في هذه المرحلة سوف لن تكون له أي شعبية لدى الشعب العراقي، وسوف يؤدي إلى نتائج كارثية عليها، ولذلك فإن الموقف فيها يتحرك ما بين خط يريد أن يحافظ على الشعارات الإسلامية ضد أميركا، وهذا ما تمثله القيادة الإسلامية الشرعية الممثلة بالسيد الخامنئي، وبين خط الواقعية التي تريد من خلالها إيران أن تحفظ موقعها، وذلك باستخدام المرونة السياسية في التعاطي مع أكثر من جهة، كالجهة العربية المتصلة بالعلاقات السورية ـ الإيرانية في المسألة العراقية والتي ربما أخذت بعداً كبيراً في الزيارة التي قام بها وزير الأمن إلى سوريا أخيراً، مما يجعلها تقف ضد حرب أميركا وفي مواجهة حرب أميركا على الشعب العراقي، ولكنها في الوقت نفسه احتاطت لنفسها بالإعلان عن أن الطائرات الأميركية عندما تدخل خطأ الجو الإيراني، فإن إيران لن تعتبرها معادية وموجهة إليها، ربما لأنه لا يمكن لأحد أن يميز بين الخطأ والصواب، ثم ربما تتحدث بعض المعلومات والاحتمالات بأن التقنية الأميركية قد تعطل الكثير من أجهزة الرصد للطائرات، بحيث أنه لا تستطيع أن تكتشف ذلك. فقد كان الموقف ينطلق من خلال الدراسة الواقعية للمسألة مع إعطاء الموقف شيئاً من الضبابية هنا وشيئا من الضوء في المجال الآخر، ذلك أن علينا أن نفهم حقيقة أساسية في العلاقة بين الأيديولوجيا والسياسة. إن الأيديولوجيا عندما تكون منطلقة في الخطوط الواقعية لحركة الإنسان فإنها ربما توجه السياسة لترتبط بالواقع على أساس التزاحم بين الأهم والمهم. لذلك فالأيديولوجيا الإسلامية ليست تجريدية تعيش في المطلق، ولكنها واقعية لأنها جاءت لمصلحة الإنسان، فحيث تكون المصلحة الإنسانية أقوى وأبر تتجمد بعض فصول الأيديولوجيا لمصلحة الانسان. وقد تحدثت في بعض أبحاثي سابقاً أن الدين جاء لخدمة الإنسان ولم يأت الإنسان لخدمة الدين".
إذا ضرب الأميركيون العراق ونجحوا في إسقاط نظام الرئيس صدام حسين تصبح إيران مطوقة بدول موالية لأميركا. هل سيفتح ضرب العراق الباب أمام تفكير إيران الإسلامية جدياً في محاولة تحقيق تطبيع ما مع أميركا؟ علماً أن ما يتردد هذه الأيام يشير إلى أن اتصالات غير مباشرة تجري بين واشنطن وطهران وللمرة الأولى بمباركة من المرجعية الشرعية الإيرانية؟
عن تأثير "فيلق بدر" الشيعي العراقي المقيم في إيران، والذي يلقى دعمها، على الشيعة العراقيين في حال دخوله العراق وتعاونه مع سائر المعارضين لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وخصوصا في ظل ما يقال عن اختلافات مهمة بين شيعة العراق وشيعة إيران، حول أمور أساسية مثل النظام الاسلامي وولاية الفقيه، عن ذلك كله تحدث المرجع الديني الأبرز في التيارات الإسلامية الأصولية الشيعية اللبنانية. قال:
"أتصور أن الفيلق الذي يشرف عليه اختصاصيون ومدرسون إيرانيون أكثر مما تشرف عليه المعارضة العراقية يؤمن على الأقل في بعض فصائله بمسألة ولاية الفقيه، لكني أعتقد أن هذا الفيلق عندما يدخل العراق يدخله مقاتلا للنظام الحاكم، ولكنه لن يستطيع ان يصنع نظاماً، لأن طبيعة التعقيدات الداخلية والعربية والدولية في العراق لا تفسح في المستقبل المنظور لتأسيس دولة إسلامية على الطريقة الإيرانية في العراق، حتى أن الذين يفكرون بالدولة الإسلامية أخذوا يتجهون بالحديث عن الديموقراطية والتعددية وغيرها، لأن طبيعة الظروف التي يعيشها العراق في الداخل من حيث التنوع المذهبي والقومي من جهة والتنوع السياسي الحزبي من جهة أخرى لا تفسح لهذا التفكير".
هل الموقف المعلن للجمهورية الإسلامية الإيرانية من الحرب الأميركية المتوقعة على العراق متوافق مع الفتوى الصادرة عنكم في شأنها؟
أجاب المرجع الإسلامي الأبرز:
"لقد سمعتُ عن أصداء هذه الفتوى من خلال القيادة الاسلامية في ايران بأنها كانت أصداء إيجابية، وكان البعض يتحدث بأن الفتوى كانت مفاجأة لأنها سبقت الآخرين في وعي المسألة الأميركية بالنسبة إلى القضية العراقية".
كيف ترون الموقف الإيراني المتدرج حيال أميركا في موضوع العراق؟ أولاً معارضة ضربه عسكرياً، ثم إعلان ممارسة سياسة الحياد النشط، والإيحاء بالنسبة للتصرف حيال هذا الموضوع بالطريقة نفسها التي تعاملت بها إيران حيال الموضوعين الأفغاني و"الطالباني"؟
أجاب المرجع الديني الإسلامي الأبرز:
"هناك حقيقة سياسية عسكرية في مسألة الخطة الاميركية لدى العراق وهي أن إيران لا تملك أية خطة أو أية قدرة للمشاركة في الحرب ضد أميركا بالمطلق، تماماً كما كانت المسألة في حرب الكويت. فنحن نعرف أن الحرب كانت في الخليج وكان في إمكان إيران وفق شعاراتها أن تقصف بعض الأساطيل أو البوارج أو غيرها. ولكنها بقيت على شعاراتها ضد أميركا من دون أن تحرك ساكناً في المسألة الأمنية، لأنها كانت ترى أن الحرب ضد أميركا مؤذية، ولاسيما أن أميركا دخلت الحرب مع تحالف دولي وعربي وإسلامي. لذا فإن إيران كانت تعمل على حماية نفسها وهي تؤسس دولة قدمت مئات الآلاف من الضحايا والشهداء لتبقى متوازنة بعيدة عن الخطر، وهذا ما لاحظناه في أفغانستان، إذ واجهت إيران في نظام طالبان الموقف الذي تحرّك بطريقة مذهبية متعصبة حصدت آلاف الشيعة، واتخذ موقفاً سلبياً فوق العادة ضد إيران. ولذلك وقفت إيران منذ البداية مع التحالف الشمالي مع أنه لم يكن يمثل في تنوعه السياسي حالة شيعية أو إسلامية، ولكن كان حزب الوحدة الذي له علاقات جيدة بإيران جزءا من هذا التحالف، ولذلك فقد انطلقت إيران لتدعم هذا التحالف ومن الطبيعي أن مصلحتها كانت إسقاط نظام طالبان، لانه من الممكن أن يشكل خطراً عليها على أكثر من صعيد، ولذلك تعاملت مع الحرب الأميركية على أفغانستان وتحديداً "طالبان" بما يشبه الحياد الذي يتقاطع فيه الجانب السلبي بالإيجابي، لأن المسألة كانت عندها أن لا مصلحة لها في الدخول في حرب مع أميركا في تلك المرحلة، لأن ذلك يتحول إلى حرب على الشعب الأفغاني الذي كان يريد الخلاص كيفما كان من دون أن يحقق شيئا، لذا اكتفت بالقليل القليل من المواقف التي أعطتها غطاء قانونياً على مستوى النظام الدولي في أنه إذا سقطت هناك بعض الطائرات، فإنها من الناحية الإنسانية والنظام الدولي لا بد أن ترعى مَن فيها.
وقد كسبت إيران من خلال هذا الموقف الكثير في أفغانستان، ولذلك فإنها تملك الآن مواقع جيدة متقدمة حتى على مستوى الحكم، ولعلها هي من أوائل الدول التي قدّمت مساعدات إلى الشعب الأفغاني بقدر ما تتيحه إمكاناتها الاقتصادية. أما بالنسبة إلى العراق الآن فمن الطبيعي أن إيران تتمنى سقوط النظام العراقي اليوم قبل غد، لأن هذا النظام عطّل نموّها مدة ثماني سنوات ودمّرها اقتصادياً وقتل مئات الآلاف من شعبها، ولكنها كانت متوازنة مع هذا النظام وهي تعرف أن أي موقف حاد عملي ضد أميركا في هذه المرحلة سوف لن تكون له أي شعبية لدى الشعب العراقي، وسوف يؤدي إلى نتائج كارثية عليها، ولذلك فإن الموقف فيها يتحرك ما بين خط يريد أن يحافظ على الشعارات الإسلامية ضد أميركا، وهذا ما تمثله القيادة الإسلامية الشرعية الممثلة بالسيد الخامنئي، وبين خط الواقعية التي تريد من خلالها إيران أن تحفظ موقعها، وذلك باستخدام المرونة السياسية في التعاطي مع أكثر من جهة، كالجهة العربية المتصلة بالعلاقات السورية ـ الإيرانية في المسألة العراقية والتي ربما أخذت بعداً كبيراً في الزيارة التي قام بها وزير الأمن إلى سوريا أخيراً، مما يجعلها تقف ضد حرب أميركا وفي مواجهة حرب أميركا على الشعب العراقي، ولكنها في الوقت نفسه احتاطت لنفسها بالإعلان عن أن الطائرات الأميركية عندما تدخل خطأ الجو الإيراني، فإن إيران لن تعتبرها معادية وموجهة إليها، ربما لأنه لا يمكن لأحد أن يميز بين الخطأ والصواب، ثم ربما تتحدث بعض المعلومات والاحتمالات بأن التقنية الأميركية قد تعطل الكثير من أجهزة الرصد للطائرات، بحيث أنه لا تستطيع أن تكتشف ذلك. فقد كان الموقف ينطلق من خلال الدراسة الواقعية للمسألة مع إعطاء الموقف شيئاً من الضبابية هنا وشيئا من الضوء في المجال الآخر، ذلك أن علينا أن نفهم حقيقة أساسية في العلاقة بين الأيديولوجيا والسياسة. إن الأيديولوجيا عندما تكون منطلقة في الخطوط الواقعية لحركة الإنسان فإنها ربما توجه السياسة لترتبط بالواقع على أساس التزاحم بين الأهم والمهم. لذلك فالأيديولوجيا الإسلامية ليست تجريدية تعيش في المطلق، ولكنها واقعية لأنها جاءت لمصلحة الإنسان، فحيث تكون المصلحة الإنسانية أقوى وأبر تتجمد بعض فصول الأيديولوجيا لمصلحة الانسان. وقد تحدثت في بعض أبحاثي سابقاً أن الدين جاء لخدمة الإنسان ولم يأت الإنسان لخدمة الدين".
إذا ضرب الأميركيون العراق ونجحوا في إسقاط نظام الرئيس صدام حسين تصبح إيران مطوقة بدول موالية لأميركا. هل سيفتح ضرب العراق الباب أمام تفكير إيران الإسلامية جدياً في محاولة تحقيق تطبيع ما مع أميركا؟ علماً أن ما يتردد هذه الأيام يشير إلى أن اتصالات غير مباشرة تجري بين واشنطن وطهران وللمرة الأولى بمباركة من المرجعية الشرعية الإيرانية؟