نريد أن نطلّ بعض الشَّيء على دروس "أُحُد" الَّتي نستطيع أن نأخذ منها الكثير
من الدّروس في المستقبل في كلّ مجالاتها.
إنَّ الَّذين عاشوا المشكلة في "أُحُد" كانوا يفكِّرون كيف نهزَم ونحن مسلمون
ونهزَم مع رسول الله، ولكنَّ الله يريد أن يقول للمسلمين ما قاله هناك، وما يقوله
لكلّ المسلمين في الحياة، إنَّ الله لم يلتزم للمسلمين أن ينصرهم دون الأخذ بأسباب
النَّصر، وإلّا لو شاء الله، لجعل الناس أُمّةً واحدة، ويخلقهم جميعاً مؤمنين، وكما
يخلق للإنسان عينين وشفتين، يخلق للإنسان إيماناً لا يتزعزع، وعند ذلك، لا يحتاج
الأنبياء إلى الدَّعوة وإلى الجهاد، ولا يحتاج المجاهدون إلى الجهاد، ويعيش الناس
مؤمنين.
ولكنَّ الله أراد للأنبياء أن يقولوا كلمتهم {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ
وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ...}[الأنفال: 42]، وأراد للحياة أن تأخذ مداها
في سنن الله في الكون، في ما هي قضايا الصِّراع بين الحقّ والباطل، ليجاهد
المجاهدون، فيقتل منهم مَن يقتل، ويجرح مَن يجرح، وينتصر من ينتصر، وينهزم مَن
ينهزم. وأراد الله للنَّاس أن يأخذوا بأسباب النَّصر، ثمّ قال لهم: إذا نصرتم الله
وأخذتم بأسباب النصر، فإنَّ الله ينصركم ويهيّئ رعايته ولطفه، ولكنَّ الله لا يقاتل
بالنيابة عنكم، والملائكة لا يقاتلون بالنيابة عنكم.
ولكنَّ الله لا يريد أن يجعل الحياة كلّها بشكلٍ لا يملك النَّاس فيه الاختيار،
لهذا يقول الله للمسلمين عندما تنهزمون في معركة، أو عندما تجرحون في معركة، أو
عندما تتألّمون في موقف، فلا تسقطوا ولا تضعفوا ولا تحزنوا، راقبوا مشاعركم، لا تكن
مشاعركم مشاعر الحزن التي تجعل صاحبها يبكي ويسقط من خلال دموعه.. راقبوا أفكاركم،
لا تجعلوا أفكاركم أفكار الهزيمة، ولكن حاولوا أن تعتبروا أنَّ الإنسان يهزم في
معركة، ولكنّه لا يهزم في الحرب كلّها. إذا كانت الفرص موجودة في المستقبل، راقبوا
نظرتكم إلى مواقعكم. إنَّ الله يريد للإنسان المؤمن أن يشعر بعزَّة الإيمان في
موقفه، وأن يشعر بقوّة الإسلام في قوَّته، وأن يشعر بالانفتاح على الله عندما يسير
مع الله، ليشعر بأنَّ مَن كان مع الله لا يهزم، حتّى إذا هزم جسده، فإنَّ روحه تظلّ
في موقف الحريّة، تنفتح على الله في ذلك كلّه.
استمعوا إلى القرآن الكريم في سورة (آل عمران) كيف يعطينا الدّروس... إنّنا عندما
نستمع إلى دروس الله، دروس القرآن، فإنّنا نلتقي بالحقيقة الصَّافية التي لا أصفى
منها ولا أنقى، ونلتقي بالروح المشرقة، بالحياة الَّتي لا يمكن أن يقترب إليها ظلام.
الله يعلِّمنا، فلنتعلَّم ولنأخذ القوّة منه، وعليكم أن تراقبوا كلّ الذين يريدون
أن يضعفوكم باسم تفسيرات في القرآن {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ...}[المائدة:
13]، وتطلَّعوا إلى كلّ الذين يريدون أن يُجَبِّنوكم ويبعدوكم عن كلّ ساحات الحقّ
وعن كلّ ساحات الجهاد باسم الآيات المتشابهة، لأنّهم يريدون أن يضيّعوا النَّاس
باسم القرآن؛ انتبهوا جيِّداً، لأنَّ القرآن لا يعلِّمنا إلَّا القوّة، لأنّه قال
لنا إنَّ الله قويّ، ولأنَّ القرآن لا يعلِّمنا إلّا العزّة، لأنَّ الله قال إنّه
العزيز، ولأنَّ القرآن لا يعلِّمنا إلَّا كلّ المعاني التي ترتفع بحياتنا، لأنَّ
الحديث قال: "تَخَلَّقوا بأخلاق الله" ، لأنَّ الله رحيم فكونوا رحماء، ولأنَّ الله
قويّ فكونوا الأقوياء، ولأنَّ الله عزيز فكونوا الأعزّة، ولأنَّ الله العليم فكونوا
العلماء، ولأنَّ الله هو الحليم فكونوا الحلماء.
{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ...}[آل عمران:
140] إذا جرحتم، إذا نكبتم، إذا حدث لكم ما حدث، تذكَّروا، لستم وحدكم الذين
تجرحون، ولستم وحدكم الذين تتألَّمون، ولكنّكم تألّمتم وتألَّم القوم قبلكم، وجرحتم
وجرح القوم قبلكم، وقتل منكم وقتل من القوم قبلكم.
قولوها في كلّ معارك الإسلام، قولوها عندما تواجهون المشاكل في مواجهة "إسرائيل"،
وقولوها عندما تواجهون المشاكل في مواجهة الاستكبار العالمي، وقولوها عندما تواجهون
المشاكل في مواجهة الظّلم الدّاخلي، قولوا كما قال الله للمسلمين بعد "أُحُد": {إِن
يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ}.
ولا تيأسوا، لأنّ الحياة لا تثبت على خطٍّ واحد، فقد جعل الله الحياة متغيّرة
{وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران: 140]، فيومٌ علينا
ويومٌ لنا، ويوم نُساء ويوم نُسَرّ؛ لهذا الهزيمة ليست خالدة، فلا تيأسوا أمام
الهزائم؛ والنّصر ليس خالداً، فلا تبطروا أمام النصر، لأنَّ المنتصر قد ينهزم إذا
لم يأخذ بأسباب النَّصر في مجالاتٍ أخرى، ولأنَّ المنهزم قد ينتصر إذا أخذ بأسباب
النَّصر وتعلَّم من الهزيمة، لهذا لا تيأسوا في الحياة، ولا تتركوا الاستعداد في
الحياة. ليكن رجاؤكم بالله في كلّ مواقف الضّعف، لتأخذوا من الله القوّة، ولتكن
حياتكم استعداداً دائماً في مواجهة كلّ أعداء الله.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".
نريد أن نطلّ بعض الشَّيء على دروس "أُحُد" الَّتي نستطيع أن نأخذ منها الكثير
من الدّروس في المستقبل في كلّ مجالاتها.
إنَّ الَّذين عاشوا المشكلة في "أُحُد" كانوا يفكِّرون كيف نهزَم ونحن مسلمون
ونهزَم مع رسول الله، ولكنَّ الله يريد أن يقول للمسلمين ما قاله هناك، وما يقوله
لكلّ المسلمين في الحياة، إنَّ الله لم يلتزم للمسلمين أن ينصرهم دون الأخذ بأسباب
النَّصر، وإلّا لو شاء الله، لجعل الناس أُمّةً واحدة، ويخلقهم جميعاً مؤمنين، وكما
يخلق للإنسان عينين وشفتين، يخلق للإنسان إيماناً لا يتزعزع، وعند ذلك، لا يحتاج
الأنبياء إلى الدَّعوة وإلى الجهاد، ولا يحتاج المجاهدون إلى الجهاد، ويعيش الناس
مؤمنين.
ولكنَّ الله أراد للأنبياء أن يقولوا كلمتهم {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ
وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ...}[الأنفال: 42]، وأراد للحياة أن تأخذ مداها
في سنن الله في الكون، في ما هي قضايا الصِّراع بين الحقّ والباطل، ليجاهد
المجاهدون، فيقتل منهم مَن يقتل، ويجرح مَن يجرح، وينتصر من ينتصر، وينهزم مَن
ينهزم. وأراد الله للنَّاس أن يأخذوا بأسباب النَّصر، ثمّ قال لهم: إذا نصرتم الله
وأخذتم بأسباب النصر، فإنَّ الله ينصركم ويهيّئ رعايته ولطفه، ولكنَّ الله لا يقاتل
بالنيابة عنكم، والملائكة لا يقاتلون بالنيابة عنكم.
ولكنَّ الله لا يريد أن يجعل الحياة كلّها بشكلٍ لا يملك النَّاس فيه الاختيار،
لهذا يقول الله للمسلمين عندما تنهزمون في معركة، أو عندما تجرحون في معركة، أو
عندما تتألّمون في موقف، فلا تسقطوا ولا تضعفوا ولا تحزنوا، راقبوا مشاعركم، لا تكن
مشاعركم مشاعر الحزن التي تجعل صاحبها يبكي ويسقط من خلال دموعه.. راقبوا أفكاركم،
لا تجعلوا أفكاركم أفكار الهزيمة، ولكن حاولوا أن تعتبروا أنَّ الإنسان يهزم في
معركة، ولكنّه لا يهزم في الحرب كلّها. إذا كانت الفرص موجودة في المستقبل، راقبوا
نظرتكم إلى مواقعكم. إنَّ الله يريد للإنسان المؤمن أن يشعر بعزَّة الإيمان في
موقفه، وأن يشعر بقوّة الإسلام في قوَّته، وأن يشعر بالانفتاح على الله عندما يسير
مع الله، ليشعر بأنَّ مَن كان مع الله لا يهزم، حتّى إذا هزم جسده، فإنَّ روحه تظلّ
في موقف الحريّة، تنفتح على الله في ذلك كلّه.
استمعوا إلى القرآن الكريم في سورة (آل عمران) كيف يعطينا الدّروس... إنّنا عندما
نستمع إلى دروس الله، دروس القرآن، فإنّنا نلتقي بالحقيقة الصَّافية التي لا أصفى
منها ولا أنقى، ونلتقي بالروح المشرقة، بالحياة الَّتي لا يمكن أن يقترب إليها ظلام.
الله يعلِّمنا، فلنتعلَّم ولنأخذ القوّة منه، وعليكم أن تراقبوا كلّ الذين يريدون
أن يضعفوكم باسم تفسيرات في القرآن {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ...}[المائدة:
13]، وتطلَّعوا إلى كلّ الذين يريدون أن يُجَبِّنوكم ويبعدوكم عن كلّ ساحات الحقّ
وعن كلّ ساحات الجهاد باسم الآيات المتشابهة، لأنّهم يريدون أن يضيّعوا النَّاس
باسم القرآن؛ انتبهوا جيِّداً، لأنَّ القرآن لا يعلِّمنا إلَّا القوّة، لأنّه قال
لنا إنَّ الله قويّ، ولأنَّ القرآن لا يعلِّمنا إلّا العزّة، لأنَّ الله قال إنّه
العزيز، ولأنَّ القرآن لا يعلِّمنا إلَّا كلّ المعاني التي ترتفع بحياتنا، لأنَّ
الحديث قال: "تَخَلَّقوا بأخلاق الله" ، لأنَّ الله رحيم فكونوا رحماء، ولأنَّ الله
قويّ فكونوا الأقوياء، ولأنَّ الله عزيز فكونوا الأعزّة، ولأنَّ الله العليم فكونوا
العلماء، ولأنَّ الله هو الحليم فكونوا الحلماء.
{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ...}[آل عمران:
140] إذا جرحتم، إذا نكبتم، إذا حدث لكم ما حدث، تذكَّروا، لستم وحدكم الذين
تجرحون، ولستم وحدكم الذين تتألَّمون، ولكنّكم تألّمتم وتألَّم القوم قبلكم، وجرحتم
وجرح القوم قبلكم، وقتل منكم وقتل من القوم قبلكم.
قولوها في كلّ معارك الإسلام، قولوها عندما تواجهون المشاكل في مواجهة "إسرائيل"،
وقولوها عندما تواجهون المشاكل في مواجهة الاستكبار العالمي، وقولوها عندما تواجهون
المشاكل في مواجهة الظّلم الدّاخلي، قولوا كما قال الله للمسلمين بعد "أُحُد": {إِن
يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ}.
ولا تيأسوا، لأنّ الحياة لا تثبت على خطٍّ واحد، فقد جعل الله الحياة متغيّرة
{وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران: 140]، فيومٌ علينا
ويومٌ لنا، ويوم نُساء ويوم نُسَرّ؛ لهذا الهزيمة ليست خالدة، فلا تيأسوا أمام
الهزائم؛ والنّصر ليس خالداً، فلا تبطروا أمام النصر، لأنَّ المنتصر قد ينهزم إذا
لم يأخذ بأسباب النَّصر في مجالاتٍ أخرى، ولأنَّ المنهزم قد ينتصر إذا أخذ بأسباب
النَّصر وتعلَّم من الهزيمة، لهذا لا تيأسوا في الحياة، ولا تتركوا الاستعداد في
الحياة. ليكن رجاؤكم بالله في كلّ مواقف الضّعف، لتأخذوا من الله القوّة، ولتكن
حياتكم استعداداً دائماً في مواجهة كلّ أعداء الله.
*من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".