بعض ملامح المؤمن في حديث الإمام الصادق (ع)

بعض ملامح المؤمن في حديث الإمام الصادق (ع)

يحدّثنا الإمام الصادق (ع) في ما رُويَ عنه عن المؤمن وملامحه، في حركته في المجتمع، وحركته أمام التجربة، فيقول (ع): "المؤمن حسنُ المعونة ـ هو الذي لا ينكمش في ذاته، ولكنه يعيش مع النّاس ليعاونهم ويساعدهم في ما يحتاجونه من طاقته، أيّاً كانت طاقته ـ خفيف المؤونة ـ لا يُثقل على الناس، ولا يكلّفهم شيئاً كبيراً ليرهقهم في تحمّل مسؤولياته ـ جيّد التدبير لمعيشته ـ يعرف كيف يتحرّك في معاشه، سواء كان معاشاً في حجم تحصيل الرزق أو صرف ما رزقه الله، أو معاشاً اجتماعياً، فإنَّ المؤمن في هذا المجال ينبغي ألا يكون بسيطاً، لأنَّه يفترض أن يملك عقل المعيشة ويعرف كيف يحصل على رزقه من الحلال، وكيف ينفقه من دون إسراف أو تبذير في الحلال، ويعرف كيف يدير شؤونه وأموره في الحياة الاجتماعية العامة ـلا يُلسع (يُلدغ) من جُحر مرتين"، بل يستفيد من تجاربه، فإذا وضع يده في مكان ولسعته فيه عقرب، سواء كانت بشريّة أو حيوانية، فإنَّه يستفيد من هذه التجربة، ولا يضع يده مرة ثانية في المكان نفسه..

ثم يصوّر لنا شخصية المؤمن، فيقول (ع): "المؤمن له قوّة في دين، وحزمٌ في لين ـ هو قويٌّ، لكن في إطار حركة الدين في معنى القوّة، وله حزمٌ حازم، لكنَّه لا يعطي معنى القسوة، بل لينٌ في أسلوب ممارسة الحزم ـ وإيمانٌ في يقين ـ هو مؤمنٌ يتعلّق إيمانه في داخل يقينه ـ وحرصٌ في فقه ـ يحرص على الأمور من حوله، في الدائرة التي يعرف فيها تكليفه، ويفهم واقعه ـ ونشاط في هدى ـ فالمؤمن متحركٌ في خطِّ الهدى لا في خطِّ الضلال ـ وبرٌّ في استقامة، وعلمٌ في حلم ـ يملك العلم، ولكن مع سعة الصدر عندما يواجه التحديات ـ وكيّس في رفق ـ وهو التعقّل في رفق لا في شدّة ـ وسخاءٌ في قصد، وقصدٌ في غنى ـ عندما يكون لديه غنىً في المال، فإنَّه يقتصد فيه ولا يبذّر ولا يسرف ـ وتجمّلٌ في فاقة ـ وإذا افتقر فإنَّه لا يسقط ولا يُذلُّ نفسه، بل إنَّه يتجمّل حتى يحسبه الناس غنيّاً في تعفّفه ـ وعفو في قدرة، وطاعةٌ في نصيحة، وانتهاء في شهوة، وورعٌ في رغبة ـ أي إذا انطلقت رغباته، فإنَّه لا يندفع معها، بل إنَّه يعيش الورع ـ وحرصٌ في جهاد، وصلاة في شغل، وصبرٌ في شدّة، في الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، ولا يغتاب ولا يقطع الرحم، وليس بواهن ولا فظّ غليظ، ولا يسبقه بصره ولا يفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه ـ عندما تثور غريزته ـ ولا يحسد الناس".

ثم يكمل الإمام الصادق (ع)، مبيِّناً بعض صفات المؤمن في كلِّ مواقعه وأوضاعه، فيقول: "إنَّ الله فوّض إلى المؤمن أموره كلَّها ولم يفوِّض إليه أن يكون ذليلاً"، فالله تعالى لم يعطِ المؤمن حريّة أن يذلَّ نفسه لأحد، لأنَّه سبحانه وتعالى يقول: {وللهِ العزّةُ ولرسولِه وللمؤمنين}[المنافقون: 8]. ثم يقول (ع): "فالمؤمن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً، إنَّ المؤمن أعزّ ـ أقوى وأصلب ـ من الجبل، إنَّ الجبل يُستقلّ منه ـ ينقص منه بالمعاول ـ والمؤمن لا يُستقلّ من دينه شي‏ء"، عندما تأتيه التحديات والإغراءات والضغوط لتقطع شيئاً من دينه هنا وهناك، فليس بإمكان أحد أن يقتطع شيئاً من دينه..

أمّا مسألة الإرادة، فإن الإمام (ع) يقول لك، كن قويَّ الإرادة، ولا تحاول أن تضعف أمام التحديات، لأنّه "ما ضعف بدنٌ عما قويت عليه النيّة"، إذا كانت إرادتك في نفسك قويّة، فإنَّ قوّة إرادتك تمنح جسدك قوّة، بحيث يستطيع أن يقوم بما تنفتح عليه الإرادة حتى ولو كان جسمك ضعيفاً.. إنَّ طاقتك في جسدك تنطلق من قوّة إرادتك في عزيمتك، فإذا كنتَ الإنسان الذي يعزم على الأمور ويريدها، فلا مشكلة إذا كنت ضعيفاً في جسدك.

وهكذا كان (ع) يقول: "لا ينبغي للمسلم أن يُذلّ نفسه، بأن يدخل في شي‏ءٍ يعتذر منه"، فإذا أردت أن تبقى على عزّتك، فوفّر على نفسك كلَّ ما يدفعك إلى الاعتذار، فكّر بكلِّ كلمة أو موقف قبل أن تنطلق به.

ويرى (ع) أنَّ من صفات المؤمن الرسالي، هو الاهتمام بقضايا المسلمين، فيستشهد بكلام رسول الله (ص) في هذا المجال، فيقول: "مَن لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم، إنَّ رسول الله (ص) قال: مَن أصبح لا يهتمُّ بأمور المسلمين فليس منهم، ومَن سمع رجلاً ينادي: يا للمسلمين فلم يُجبه فليس بمسلم".

إنَّ هذه الكلمة تعني نفي صفة الإسلام عن الإنسان اللامبالي الذي مهما حدث للمسلمين من مآس ومشاكل وهزائم، فإنَّ ذلك لا يحرّك عقله ليفكّر، ولا يحرّك عقله من أجل أن يتعاطف، ولا يحرّك موقفه من أجل أن يقف.. إنَّه يقول: صَلِّ ما شئت وصم ما شئت وحجّ ما شئت، فإذا وقفت موقف اللامبالاة أمام مشاكل المسلمين فلست بمسلم.. ثم يقول (ع): "اجعلوا أمركم لله ـ عندما تعملون في خطِّ الإسلام وأهل البيت (ع)، وتنطلقون في حركتكم في الواقع على المستوى الاجتماعي أو السياسيّ أو الأمني، اجعلوا كلَّ ذلك، لله، واقصدوا به القربة له تعالى ـ ولا تجعلوه للنّاس، فإنَّه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله".

ويحدّد (ع) صفات للمؤمن التي تختصرها هذه الرواية، حيث جاء عن أبي الربيع الشامي أنه قال: "دخلت على أبي عبد الله الصادق (ع) والبيت غاصّ، فيه الخراساني والشامي ومن أهل الآفاق، فلم أجد موقعاً أقعد فيه، فجلس أبو عبد الله، وكان متكئاً، ثم قال: يا شيعة آل محمد، ليس منّا مَن لم يملك نفسه عند غضبه، ومَن لم يحسن صحبةَ مَنْ صَحِبه، ومخالفة مَنْ خالفه، ومرافقة مَن رافقه. يا شيعة آل محمد، اتقوا الله ما استطعتم، ولا حول ولا قوّة إلا بالله".

وكان (ع) يقول لمن يلتقيه: "خفِ الله كأنَّك تراه، وإن كنت لا تراه فإنَّه يراك، وإن كنت تعلم أنَّه يراك ثم برزت له بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين إليك"، لأنَّ الإنسان إذا أراد أن يرتكب معصيةً، واطّلع عليه أحدٌ حتى لو كان طفلاً، فإنَّه يتراجع، ولكنَّ الله يرانا ونحن نعصيه جهاراً، فهو تعالى إن فعلنا ذلك، جعلناه، وحاشا لوجهه الكريم، من أهون الناظرين إلينا.

*من كتاب "في رحاب أهل البيت،ج 2".

يحدّثنا الإمام الصادق (ع) في ما رُويَ عنه عن المؤمن وملامحه، في حركته في المجتمع، وحركته أمام التجربة، فيقول (ع): "المؤمن حسنُ المعونة ـ هو الذي لا ينكمش في ذاته، ولكنه يعيش مع النّاس ليعاونهم ويساعدهم في ما يحتاجونه من طاقته، أيّاً كانت طاقته ـ خفيف المؤونة ـ لا يُثقل على الناس، ولا يكلّفهم شيئاً كبيراً ليرهقهم في تحمّل مسؤولياته ـ جيّد التدبير لمعيشته ـ يعرف كيف يتحرّك في معاشه، سواء كان معاشاً في حجم تحصيل الرزق أو صرف ما رزقه الله، أو معاشاً اجتماعياً، فإنَّ المؤمن في هذا المجال ينبغي ألا يكون بسيطاً، لأنَّه يفترض أن يملك عقل المعيشة ويعرف كيف يحصل على رزقه من الحلال، وكيف ينفقه من دون إسراف أو تبذير في الحلال، ويعرف كيف يدير شؤونه وأموره في الحياة الاجتماعية العامة ـلا يُلسع (يُلدغ) من جُحر مرتين"، بل يستفيد من تجاربه، فإذا وضع يده في مكان ولسعته فيه عقرب، سواء كانت بشريّة أو حيوانية، فإنَّه يستفيد من هذه التجربة، ولا يضع يده مرة ثانية في المكان نفسه..

ثم يصوّر لنا شخصية المؤمن، فيقول (ع): "المؤمن له قوّة في دين، وحزمٌ في لين ـ هو قويٌّ، لكن في إطار حركة الدين في معنى القوّة، وله حزمٌ حازم، لكنَّه لا يعطي معنى القسوة، بل لينٌ في أسلوب ممارسة الحزم ـ وإيمانٌ في يقين ـ هو مؤمنٌ يتعلّق إيمانه في داخل يقينه ـ وحرصٌ في فقه ـ يحرص على الأمور من حوله، في الدائرة التي يعرف فيها تكليفه، ويفهم واقعه ـ ونشاط في هدى ـ فالمؤمن متحركٌ في خطِّ الهدى لا في خطِّ الضلال ـ وبرٌّ في استقامة، وعلمٌ في حلم ـ يملك العلم، ولكن مع سعة الصدر عندما يواجه التحديات ـ وكيّس في رفق ـ وهو التعقّل في رفق لا في شدّة ـ وسخاءٌ في قصد، وقصدٌ في غنى ـ عندما يكون لديه غنىً في المال، فإنَّه يقتصد فيه ولا يبذّر ولا يسرف ـ وتجمّلٌ في فاقة ـ وإذا افتقر فإنَّه لا يسقط ولا يُذلُّ نفسه، بل إنَّه يتجمّل حتى يحسبه الناس غنيّاً في تعفّفه ـ وعفو في قدرة، وطاعةٌ في نصيحة، وانتهاء في شهوة، وورعٌ في رغبة ـ أي إذا انطلقت رغباته، فإنَّه لا يندفع معها، بل إنَّه يعيش الورع ـ وحرصٌ في جهاد، وصلاة في شغل، وصبرٌ في شدّة، في الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، ولا يغتاب ولا يقطع الرحم، وليس بواهن ولا فظّ غليظ، ولا يسبقه بصره ولا يفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه ـ عندما تثور غريزته ـ ولا يحسد الناس".

ثم يكمل الإمام الصادق (ع)، مبيِّناً بعض صفات المؤمن في كلِّ مواقعه وأوضاعه، فيقول: "إنَّ الله فوّض إلى المؤمن أموره كلَّها ولم يفوِّض إليه أن يكون ذليلاً"، فالله تعالى لم يعطِ المؤمن حريّة أن يذلَّ نفسه لأحد، لأنَّه سبحانه وتعالى يقول: {وللهِ العزّةُ ولرسولِه وللمؤمنين}[المنافقون: 8]. ثم يقول (ع): "فالمؤمن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً، إنَّ المؤمن أعزّ ـ أقوى وأصلب ـ من الجبل، إنَّ الجبل يُستقلّ منه ـ ينقص منه بالمعاول ـ والمؤمن لا يُستقلّ من دينه شي‏ء"، عندما تأتيه التحديات والإغراءات والضغوط لتقطع شيئاً من دينه هنا وهناك، فليس بإمكان أحد أن يقتطع شيئاً من دينه..

أمّا مسألة الإرادة، فإن الإمام (ع) يقول لك، كن قويَّ الإرادة، ولا تحاول أن تضعف أمام التحديات، لأنّه "ما ضعف بدنٌ عما قويت عليه النيّة"، إذا كانت إرادتك في نفسك قويّة، فإنَّ قوّة إرادتك تمنح جسدك قوّة، بحيث يستطيع أن يقوم بما تنفتح عليه الإرادة حتى ولو كان جسمك ضعيفاً.. إنَّ طاقتك في جسدك تنطلق من قوّة إرادتك في عزيمتك، فإذا كنتَ الإنسان الذي يعزم على الأمور ويريدها، فلا مشكلة إذا كنت ضعيفاً في جسدك.

وهكذا كان (ع) يقول: "لا ينبغي للمسلم أن يُذلّ نفسه، بأن يدخل في شي‏ءٍ يعتذر منه"، فإذا أردت أن تبقى على عزّتك، فوفّر على نفسك كلَّ ما يدفعك إلى الاعتذار، فكّر بكلِّ كلمة أو موقف قبل أن تنطلق به.

ويرى (ع) أنَّ من صفات المؤمن الرسالي، هو الاهتمام بقضايا المسلمين، فيستشهد بكلام رسول الله (ص) في هذا المجال، فيقول: "مَن لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم، إنَّ رسول الله (ص) قال: مَن أصبح لا يهتمُّ بأمور المسلمين فليس منهم، ومَن سمع رجلاً ينادي: يا للمسلمين فلم يُجبه فليس بمسلم".

إنَّ هذه الكلمة تعني نفي صفة الإسلام عن الإنسان اللامبالي الذي مهما حدث للمسلمين من مآس ومشاكل وهزائم، فإنَّ ذلك لا يحرّك عقله ليفكّر، ولا يحرّك عقله من أجل أن يتعاطف، ولا يحرّك موقفه من أجل أن يقف.. إنَّه يقول: صَلِّ ما شئت وصم ما شئت وحجّ ما شئت، فإذا وقفت موقف اللامبالاة أمام مشاكل المسلمين فلست بمسلم.. ثم يقول (ع): "اجعلوا أمركم لله ـ عندما تعملون في خطِّ الإسلام وأهل البيت (ع)، وتنطلقون في حركتكم في الواقع على المستوى الاجتماعي أو السياسيّ أو الأمني، اجعلوا كلَّ ذلك، لله، واقصدوا به القربة له تعالى ـ ولا تجعلوه للنّاس، فإنَّه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله".

ويحدّد (ع) صفات للمؤمن التي تختصرها هذه الرواية، حيث جاء عن أبي الربيع الشامي أنه قال: "دخلت على أبي عبد الله الصادق (ع) والبيت غاصّ، فيه الخراساني والشامي ومن أهل الآفاق، فلم أجد موقعاً أقعد فيه، فجلس أبو عبد الله، وكان متكئاً، ثم قال: يا شيعة آل محمد، ليس منّا مَن لم يملك نفسه عند غضبه، ومَن لم يحسن صحبةَ مَنْ صَحِبه، ومخالفة مَنْ خالفه، ومرافقة مَن رافقه. يا شيعة آل محمد، اتقوا الله ما استطعتم، ولا حول ولا قوّة إلا بالله".

وكان (ع) يقول لمن يلتقيه: "خفِ الله كأنَّك تراه، وإن كنت لا تراه فإنَّه يراك، وإن كنت تعلم أنَّه يراك ثم برزت له بالمعصية، فقد جعلته من أهون الناظرين إليك"، لأنَّ الإنسان إذا أراد أن يرتكب معصيةً، واطّلع عليه أحدٌ حتى لو كان طفلاً، فإنَّه يتراجع، ولكنَّ الله يرانا ونحن نعصيه جهاراً، فهو تعالى إن فعلنا ذلك، جعلناه، وحاشا لوجهه الكريم، من أهون الناظرين إلينا.

*من كتاب "في رحاب أهل البيت،ج 2".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية