نزول القرآن الكريم

نزول القرآن الكريم

من المعلوم أنَّ نزول القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، من أهمّ موضوعات علوم القرآن، وقبل هذا، فهو من النِعَم الإلهية الَّتي منَّ الله بها على النّاس، بما يمثّل من حلقة وصل بين السَّماء والأرض من جهة، وبين الخالق والعباد من جهةٍ ثانية، فهو من وحي الله، نزل على رسوله الكريم، كما في قوله تعالى {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}[هود: 1]. فالألفاظ القرآنيَّة المقروءة والمكتوبة هي من عند الله سبحانه كما في قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}[الشعراء: 192 ـ 194]. ومن السّور الَّتي أشارت إلى نزوله، سورة الدخان، حيث يقول تعالى {حم* وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}[الدخان: 1 ـ 3].

وفي تفسير القرطبي لهذه الآيات، قال إنَّ الليلة المباركة هي ليلة القدر، ويقال: هي ليلة النّصف من شعبان. ولهذه الليلة أربعة أسماء هي: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصكّ، وليلة القدر. ووصفها الله بالبركة لما ينزل الله فيها على عباده من الخيرات والبركات والثواب. وقد قيل: أنزل القرآن كلّه إلى السماء الدنيا في هذه الليلة، ثم أنزل نجماً نجماً في سائر الأيام على حسب اتفاق الأسباب.

وقيل: كان ابتداء الإنزال في هذه الليلة؛ ليلة القدر، لقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر:1]. وقال قتادة وابن زيد إنَّ أنزل الله القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب إلى بيت العزة في سماء الدنيا، ثم أنزله الله على نبيه(ص) في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين، وهذا المعنى قد مضى في سورة البقرة عند قوله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: 185].

وقال القاضي أبوبكر بن العربي وجمهور العلماء، إنها ليلة القدر. وقال الطبري أيضاً في تفسيره إنها ليلة القدر.

وفي تفسير "من وحي القرآن"، يقول سماحة المرجع الإسلامي السيد محمد حسين فضل الله(رض):

{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وهي ليلة القدر التي صرَّح القرآن باسمها في قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر: 1]، وقد باركها الله بالقرآن الذي انفتح فيه على عباده بالرحمة الرسالية التي تشمل الحياة كلها، في ما خطط لعباده من مواقع السعادة والسلام، فالقرآن يحمل مبادئ الرسالة الإسلامية العامة التي تجعل من الحياة حياة يسودها النظام والاستقرار في كل الخير الذي يفيض ببركته على كلّ جوانب الحياة الإنسانية.

وربما يستظهر من الآية أنّ القرآن نزل دفعة واحدة في ليلة القدر، كما أكدت بعض الأخبار الواردة في التفسير، ولكن ذلك يتنافى مع الآية التي تتحدث عن النزول التدريجي للقرآن في قوله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً}[الإسراء: 106]، وفي قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا}[الفرقان: 32].

وقد حمله صاحب الميزان، على أنه يمكن أن يحمل على نزول القرآن مرتين، مرة مجموعاً وجملة في ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان، ومرة نجوماً في مدة ثلاث وعشرين سنة، وهي مدة دعوته(ص).

وقد نلاحظ على ذلك، أنَّ الظّاهر من آية الفرقان، أن القرآن نزل تدريجياً نزولاً واحداً، لأنه  لو كان مسبوقاً بنزول إجمالي لأمكن الرد عليهم بذلك، كما أن مسألة الإحكام والتفصيل، بمعنى الإجمال والتفصيل تمثل أسلوبا قرآنياً في إعطاء الأفكار، وذلك من أجل الانفتاح على الخطوط العامة للفكر القرآني وعلى مفرداتها التفصيلية، ولكن ذلك يتم في نزول واحد، مع أننا لا ندرك الفائدة من وراء ذلك.

{إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}[الدخان: 33]، في ما أنزلناه من وحي الذي حمله الأنبياء من قبلك كما تحمله ـ أنت ـ في القرآن، ليبلغوه كما تبلغه للناس، وإنذارهم بعذاب الله الذي يمثل النتيجة الحاسمة لأعمالهم المنحرفة عن الخط المستقيم.[تفسير من وحي القرآن، ج 20، ص 278].

ومهما تنوَّعت الآراء وتعدّدت، يبقى على أمة إقرأ أن تقرأ، وأن تأخذ بتعاليم القرآن الكريم الخالدة، وتنفتح على كل مفاهيمه وقيمه، ليصح الانتساب إليه، ولنصلح ما يمكن إصلاحه من واقع مهزوز وهش.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


من المعلوم أنَّ نزول القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، من أهمّ موضوعات علوم القرآن، وقبل هذا، فهو من النِعَم الإلهية الَّتي منَّ الله بها على النّاس، بما يمثّل من حلقة وصل بين السَّماء والأرض من جهة، وبين الخالق والعباد من جهةٍ ثانية، فهو من وحي الله، نزل على رسوله الكريم، كما في قوله تعالى {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}[هود: 1]. فالألفاظ القرآنيَّة المقروءة والمكتوبة هي من عند الله سبحانه كما في قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}[الشعراء: 192 ـ 194]. ومن السّور الَّتي أشارت إلى نزوله، سورة الدخان، حيث يقول تعالى {حم* وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}[الدخان: 1 ـ 3].

وفي تفسير القرطبي لهذه الآيات، قال إنَّ الليلة المباركة هي ليلة القدر، ويقال: هي ليلة النّصف من شعبان. ولهذه الليلة أربعة أسماء هي: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصكّ، وليلة القدر. ووصفها الله بالبركة لما ينزل الله فيها على عباده من الخيرات والبركات والثواب. وقد قيل: أنزل القرآن كلّه إلى السماء الدنيا في هذه الليلة، ثم أنزل نجماً نجماً في سائر الأيام على حسب اتفاق الأسباب.

وقيل: كان ابتداء الإنزال في هذه الليلة؛ ليلة القدر، لقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر:1]. وقال قتادة وابن زيد إنَّ أنزل الله القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب إلى بيت العزة في سماء الدنيا، ثم أنزله الله على نبيه(ص) في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين، وهذا المعنى قد مضى في سورة البقرة عند قوله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: 185].

وقال القاضي أبوبكر بن العربي وجمهور العلماء، إنها ليلة القدر. وقال الطبري أيضاً في تفسيره إنها ليلة القدر.

وفي تفسير "من وحي القرآن"، يقول سماحة المرجع الإسلامي السيد محمد حسين فضل الله(رض):

{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وهي ليلة القدر التي صرَّح القرآن باسمها في قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[القدر: 1]، وقد باركها الله بالقرآن الذي انفتح فيه على عباده بالرحمة الرسالية التي تشمل الحياة كلها، في ما خطط لعباده من مواقع السعادة والسلام، فالقرآن يحمل مبادئ الرسالة الإسلامية العامة التي تجعل من الحياة حياة يسودها النظام والاستقرار في كل الخير الذي يفيض ببركته على كلّ جوانب الحياة الإنسانية.

وربما يستظهر من الآية أنّ القرآن نزل دفعة واحدة في ليلة القدر، كما أكدت بعض الأخبار الواردة في التفسير، ولكن ذلك يتنافى مع الآية التي تتحدث عن النزول التدريجي للقرآن في قوله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً}[الإسراء: 106]، وفي قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا}[الفرقان: 32].

وقد حمله صاحب الميزان، على أنه يمكن أن يحمل على نزول القرآن مرتين، مرة مجموعاً وجملة في ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان، ومرة نجوماً في مدة ثلاث وعشرين سنة، وهي مدة دعوته(ص).

وقد نلاحظ على ذلك، أنَّ الظّاهر من آية الفرقان، أن القرآن نزل تدريجياً نزولاً واحداً، لأنه  لو كان مسبوقاً بنزول إجمالي لأمكن الرد عليهم بذلك، كما أن مسألة الإحكام والتفصيل، بمعنى الإجمال والتفصيل تمثل أسلوبا قرآنياً في إعطاء الأفكار، وذلك من أجل الانفتاح على الخطوط العامة للفكر القرآني وعلى مفرداتها التفصيلية، ولكن ذلك يتم في نزول واحد، مع أننا لا ندرك الفائدة من وراء ذلك.

{إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}[الدخان: 33]، في ما أنزلناه من وحي الذي حمله الأنبياء من قبلك كما تحمله ـ أنت ـ في القرآن، ليبلغوه كما تبلغه للناس، وإنذارهم بعذاب الله الذي يمثل النتيجة الحاسمة لأعمالهم المنحرفة عن الخط المستقيم.[تفسير من وحي القرآن، ج 20، ص 278].

ومهما تنوَّعت الآراء وتعدّدت، يبقى على أمة إقرأ أن تقرأ، وأن تأخذ بتعاليم القرآن الكريم الخالدة، وتنفتح على كل مفاهيمه وقيمه، ليصح الانتساب إليه، ولنصلح ما يمكن إصلاحه من واقع مهزوز وهش.

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية