من سنن التّاريخ في القرآن الكريم

من سنن التّاريخ في القرآن الكريم

من خلال استعراضنا للنصوص القرآنية البينة التي أوضحت فكرة السنن التاريخية وأكدت عليها، يمكننا أن نستخلص من خلال المقارنة بين تلك النصوص، ثلاث حقائق أكد عليها القرآن الكريم بالنسبة الى سنن التاريخ.

 اضطراد السنّة التاريخيّة

الحقيقة الأولى:

 هي الاضطراد، بمعنى أن السنة التاريخية مضطردة، ليست علاقة عشوائية ذات طابع موضوعي لا تتخلّف في الحالات الإعيادية التي تجري فيها الطبيعة والكون وعلى السنن العامّة. وكان التأكيد على طابع الاضطراد في السنّة تأكيداً على الطابع العلمي للقانون التاريخي، لأن القانون العلمي أهم مميز يميزه عن بقية المعادلات والفروض والاضطراد والتتابع وعدم التخلف.

 ومن هنا، استهدف القرآن الكريم من خلال التأكيد على طابع الاضطراد في السنة التاريخية، استهدف أن يؤكد على الطابع العلمي لهذه السنة، وأن يخلق في الإنسان المسلم شعوراً على جريان أحداث التاريخ متصبراً لا عشوائياً ولا مستسلماً ولا ساذجاً.

{ولن تجد لسنَّة الله تبديلاً}، {ولا تجد لسنّتنا تحويلاً}، {ولا مبدِّل لكلمات الله...}. هذه النصوص القرآنيّة تقدّم استعراضاً تؤكد فيه طابع الاستمرارية والاضطراد، أي طابع الموضوعية والعلمية للسنة التاريخية، وتستنكر هذه النصوص الشريفة كما تقدّم في بعضها، ان يكون هناك تفكير أو طمع لدى جماعة من الجماعات، بأن تكون مستثناة من سنة التاريخ {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إنّ نصر الله قريب}. هذه الآية تستنكر على من يطمع في أن يكون حالة استثنائية من سنة التاريخ، كما شرحنا في ما مضى.

إذاً، الروح العامة للقرآن تؤكّد على هذه الحقيقة الأولى، وهي حقيقة الاضطراد في السنّة التاريخية الذي يعطيها الطابع العلميّ، من أجل تربية الإنسان على ذهنية واعية علميّة يتصرّف في إطارها ومن خلالها مع أحداث التاريخ.

ربّانيّة السّنن التّاريخيّة

 الحقيقة الثانية: 

 الحقيقة الثانية التي أكدت عليها النصوص القرآنية هي ربانية السنة التاريخية. إنّ السنة التاريخية ربانية مرتبطة بالله سبحانه وتعالى، سنّة الله، كلمات الله على اختلاف التّعبير، بمعنى أن كلّ قانون من قوانين التاريخ، هو كلمة من الله سبحانه وتعالى، وهو قرار رباني، هذا التّأكيد من القرآن الكريم على ربانية السنة التاريخية وعلى طابعها الغيبي، يستهدف شدّ إنسان حتى حينما يريد أن يستفيد من القوانين الموضوعية للكون، شدّه بالله سبحانه وتعالى، وإشعار الإنسان بأن الاستعانة بالنظام الكامل لمختلف الساحات الكونية، والاستفادة من مختلف القوانين والسنن التي تتحكم في هذه الساحات، ليس ذلك انعزالاً عن الله سبحانه وتعالى، لأن الله يمارس قدرته من خلال هذه السنن، ولأن هذه السنن والقوانين هي ارادة الله، وهي ممثلة لحكمة الله وتدبيره في الكون.

وقد يتوهم البعض أن هذا الطابع الغيبي الذي يلبسه القرآن الكريم للتاريخ وللسنن التاريخية، يبعد القرآن عن التفسير العلمي الموضوعي للتاريخ، ويجعله يتجه اتجاه التفسير الإلهي للتاريخ الذي مثلته مدرسة من مدارس الفكر اللاهوتي على يد عدد كبير من المفكرين المسيحيّين واللاهوتيين، حيث فسّروا تفسيراً إلهياً قد يخلط هذا الاتجاه القرآني بذلك التفسير الإلهي الذي اتجه اليه أغسطين وغيره من المفكّرين اللاهوتيين، فيقال بأن إسباغ هذا الطابع الغيبي على السنة التاريخية يحول المسألة إلى مسألة غيبية وعقائدية، ويخرج التاريخ عن إطاره العلمي الموضوعي. ولكن الحقيقة أن هناك خلطاً اساسياً بين الاتجاه القرآني وطريقة القرآن في ربط التاريخ بعالم الغيب، وفي إسباغ الطابع الغيبي على السنة التاريخية، وبين ما يسمى بالتفسير الإلهي للتاريخ الذي تبناه اللاهوت، هناك فرق كثير بين هذين الاتجاهين وهاتين النزعتين، وحاصل هذا الفرق، هو أن الاتجاه اللاهوتي للتفسير الالهي للتاريخ يتناول الحادثة نفسها، ويربط هذه الحادثة بالله سبحانه وتعالى، قاطعاً صلتها وروابطها مع بقية الحوادث، فهو يطرح الصلة مع الله بديلاً عن صلة الحادثة مع بقية الحوادث، بديلاً عن العلاقات والارتباطات التي تزخر بها الساحة التاريخية، والتي تمثل السنن والقوانين الموضوعية لهذه الساحة، بينما القرآن الكريم لا يسبغ الطابع الغيبي على الحادثة بالذات، ولا ينتزع الحادثة التاريخية من سياقها ليربطها مباشرةً بالسماء، ولا يطرح صلة الحادثة بالسماء كبديل عن أوجه الانطباق والعلاقات والأسباب والمسببات على هذه الساحة التاريخية، بل إنه يربط السنة التاريخية بالله، يربط أوجه العلاقات والارتباطات بالله، فهو يقرر أولاً، ويؤمن بوجود روابط وعلاقات بين الحوادث التاريخية، إلا أن هذه الروابط والعلاقات بين الحوادث التاريخية، هي في الحقيقة تعبير عن حكمة الله سبحانه وتعالى وحسن تقديره وبنائه التكويني للساحة التاريخية.

 إذا أردنا أن نستعين بمثالٍ لتوضيح الفرق بين هذين الاتجاهين من الظواهر الطبيعية، نستطيع أن نستخدم هذا المثال: قد يأتي إنسان فيفسر ظاهرة المطر التي هي ظاهرة طبيعية، فيقول بأن المطر نزل بارادة من الله سبحانه وتعالى، ويجعل هذه الارادة بديلاً عن الأسباب الطبيعية التي نجم عنها نزول المطر، وكأنّ المطر حادثة لا علاقة لها ولا تنسب لها، وانما هي مفردة ترتبط مباشرة بالله سبحانه وتعالى بمعزل عن تيار الحوادث. هذا النوع من الكلام يتعارض مع التفسير العلمي لظاهرة المطر.

لكن إذا جاء شخص وقال بأن الظاهرة، ظاهرة المطر، لها أسبابها وعلاقاتها، وأنها مرتبطة بالدورة الطبيعية للماء مثلاً، يتبخّر فيتحول الى غاز، والغاز يتصاعد سحاباً، والسحاب يتحول بالتدريج الى سائل نتيجة انخفاض الحرارة، فينزل المطر. إلا أن هذا التسلسل السببي المتقن، هذه العلاقات المتشابكة بين الظواهر الطبيعية، هي تعبير عن حكمة الله وتدبيره وحسن رعايته. فمثل هذا الكلام لا يتعارض مع الطابع العلمي للتفسير الموضوعي لظاهرة المطر، لأننا ربطنا هنا السنة بالله سبحانه وتعالى للحادثة، مع عزلها عن بقية الحوادث، وقطع ارتباطها مع مؤثراتها وأسبابها.

اذاً القرآن الكريم حينما يسبغ الطابع الرباني على السنة التاريخية، لا يريد أن يتجه اتجاه التفسير الإلهي في التاريخ، ولكنه يريد أن يؤكد أن هذه السنن ليست خارجة من وراء قدرة الله سبحانه وتعالى، وانما هي تعبير وتجسيد وتحقيق لقدرة الله، هي كلماته وسننه وارادته وحكمته في الكون، لكي يبقى الإنسان دائماً مشدوداً الى الله، لكي تبقى الصلة الوثيقة بين العلم والايمان، فهو في نفس الوقت الذي ينظر فيه الى هذه السنن نظرة علمية، ينظر ايضاً اليها نظرة ايمانية، وقد بلغ القرآن الكريم في حرصه على تأكيد الطابع الموضوعي للسنن التاريخية، وعدم جعلها مرتبطة بالصدف، أن نفس العمليات الغيبية أناطها في كثير من الحالات بالسنة التاريخية نفسها أيضاً، عملية الإمداد الإلهي بالنص، الإمداد الإلهي الغيبي الذي يساهم في كسب النص.

هذا الإمداد جعله القرآن الكريم مشروطاً بالسنة التاريخية، مرتبطاً بظروفها، غير منفك عنها، وهذه الروح أبعد ما تكون عن أن تكون روحاً تفسر التاريخ على أساس الغيب، وانما هي روح تفسر التاريخ على أساس المنطق والعقل والعلم. وحتى ذاك الامداد الالهي الذي يساهم بالنص، ذاك الامداد أيضاً، ربط بالسنة التاريخية.

قرأنا في ما سبق صيغة من صيغ السنن التاريخية للنص، حينما قرأنا قوله سبحانه وتعالى: {... أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا...}. والآن، تعالوا نتحدث عن الامداد الغيبي، لنلاحظ كيف أن هذه الآيات ربطت هذا الامداد الالهي الغيبي بتلك السنة نفسها أيضاً: {إذ تستغيثون ربَّكم فاستجابَ لكم أني ممدّكم بألف من الملائكة مردفين* وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئنّ به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}.

إذاً، فمن الواضح أن الطابع الرباني الذي يسبقه القرآن الكريم، ليس بديلاً عن التفسير الموضوعي، وانما هو ربط هذا التفسير الموضوعي بالله سبحانه وتعالى، من أجل إتمام اتجاه الإسلام نحو التوحيد بين العلم والإيمان في تربية الإنسان المسلم.

اختيار الإنسان وإرادته

الحقيقة الثّالثة: 

 الحقيقة الثالثة التي أكد عليها القرآن الكريم من خلال النصوص المتقدمة، هي حقيقة اختيار الإنسان وإرادة الإنسان، والتأكيد على هذه الحقيقة في مجال استعراض سنن التاريخ مهم جداً...

إن البحث في سنن التاريخ خلق وهماً، وحاصل هذا الوهم الذي خلقه هذا البحث عند كثير من المفكّرين، أنّ هناك تعارضاً وتناقضاً بين حرية الإنسان واختياره وبين سنن التاريخ. فإما أن نقول بأن للتاريخ سننه وقوانينه، وبهذا نتنازل عن إرادة الإنسان واختياره وحريته، وإما أن نسلم بأن الإنسان كائن حر مريد مختار، وبهذا يجب أن نلغي سنن التاريخ وقوانينه، ونقول بأن هذه الساحة قد أعفيت من القوانين التي لم تعف منها بقية الساحات الكونية. هذا الوهم؛ وهم التعارض والتناقض بين فكرة السنة التاريخية أو القانون التاريخي، وبين فكرة اختيار الإنسان وحريته. هذا الوهم كان من الضروري للقرآن الكريم أن يزيحه وهو يعالج هذه النقطة بالذات.

ومن هنا، أكد سبحانه وتعالى على أنّ المحور في تسلسل الأعداد والقضايا إنما هو ارادة الإنسان، وسوف أتناول، إن شاء الله تعالى، بعد محاضرتين، الطريقة الفنية في كيفية التوجيه بين سنن التاريخ وارادة الإنسان، وكيف استطاع القرآن الكريم أن يجمع بين هذين الأمرين من خلال فحص للصيغ التي يمكن في إطارها صياغة السنة التاريخية، سوف أتكلم عن ذلك بعد محاضرتين، لكن يكفي الآن أن نستمع الى قوله تعالى: {إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}، {وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً}  {...وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا أنفسهم وجعلنا لمهلكهم موعداً}.

انظروا كيف أنّ السنن التاريخيّة لا تجري من فوق يد الإنسان، بل تجري من تحت يده، فإنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم {وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً}.

إذاً هناك مواقف ايجابية للإنسان تمثل حريته واختياره وتصميمه، وهذه المواقف تستتبع ضمن علاقات السنن التاريخية، تستتبع جزاءاتها المناسبة، تستتبع معلولاتها المناسبة. إذاً فاختيار الإنسان له موضعه الرئيسي في التصور القرآني لسنن التاريخ. وسوف أعود الى هذه النقطة مرة أخرى بإذن الله تعالى.

إذاً نستخلص مما سبق، أن السنن التاريخية، أن السنن القرآنية في التاريخ، ذات طابع علميّ، لأنها تتميز بالاطراد الذي يميّز القانوني العلمي، وذات طابع رباني، لأنها تمثّل حكمة الله وحسن تدبيره على الساحة التاريخيّة، وذات طابع إنساني، لأنها لا تفصل الإنسان عن دوره الايجابي، ولا تعطل فيه إرادته وحريته واختياره، وانما تؤكد أكثر فأكثر مسؤوليته على الساحة التاريخية.

ميدان السنن

الآن، بعد أن استعرضنا الخصائص الثلاث التي تتميز بها السنن التاريخية في القرآن الكريم، نواجه هذا السؤال: ما هو ميدان هذه السنن التاريخية؟

كنا حتى الآن نعبّر ونقول بأن هذه السنن تجري على الساحة التاريخية، لكن، هل إن الساحة التاريخية بامتدادها هي ميدان لسنن التاريخية، أو أن ميدان السنن التاريخية يمثّل جزأً من الساحة التاريخية؟ بمعنى أن الميدان الذي يخضع للسنن التاريخية بوصفها قوانين ذات طابع نوعيّ، مختلف عن القوانين الأخرى الفيزيائية والفسلجية والبيولوجية والفلكية. هذا الميدان الذي يخضع لقوانين ذات طابع نوعي مختلف، هذا الميدان هل تتسع له الساحة التاريخية؟ هل يستوعب كل الساحة التاريخية، أو يعبر عن جزء من الساحة التاريخيّة؟ لكن قبل هذا، يجب أن نعرف ماذا نقصد بالساحة التاريخيّة؟

الساحة التاريخية عبارة عن الساحة التي تحوي تلك الحوادث والقضايا التي يهتمّ بها المؤرّخون، المؤرّخون أصحاب التواريخ بمجموعة من الحوادث والقضايا يسجلونها في كتبهم، والساحة التي تزخر بتلك الحوادث التي يهتم بها المؤرخون ويسجّلونها، هي الساحة التاريخية. فالسؤال هنا إذاً هكذا: هل إن كل هذه الحوادث والقضايا التي يربطها المؤرخون، وتدخل في نطاق مهمتهم التاريخية والتسجيلية، هل كلها محكومة بالسنن التاريخية، بسنن التاريخ ذات الطابع النوعي المتميّز عن سنن بقية حدود الكون والطبيعة، أو أنّ جزءاً معيّناً من هذه الحوادث والقضايا هو الذي تحكمه سنن التاريخ؟

الصحيح أن جزءاً معيناً من هذه الحوادث والقضايا هو الذي تحكمه سنن التاريخ، هناك حوادث لا تنطبق عليها سنن التاريخ، بل تنطبق عليها القوانين الفيزيائية أو الفسلجية أو قوانين الحياة أو أي قوانين أخرى لمختلف الساحات الكونية الأخرى. مثلاً: موت أبي طالب، موت خديجة في سنة معيّنة، حادثة تاريخية مهمة تدخل في نطاق ضبط المؤرخين، وأكثر من هذا، هي حادثة ذات بعد في التاريخ، ترتبت عليها آثار كثيرة، ولكنها لا تحكمها سنة تاريخية، بل تحكمها قوانين فسلجية، تحكمها قوانين الحياة التي فرضت أن يموت أبو طالب (صلوات الله عليه)، وأن تموت خديجة(ع) في ذلك الوقت المحدد، هذه الحادثة تدخل في نطاق صلاحيات المؤرخين، ولكن الذي يتحكم في هذه الحادثة، هي قوانين فسلجة جسم أبي طالب وجسم خديجة، قوانين الحياة التي تفرض المرض والشيخوخة ضمن شروط معيّنة وظروف معينة، حياة عثمان بن عفان الخليفة الثالث، طول عمره حادثة تاريخية، فقد ناهز الثمانين. طبعاً هذه الحادثة التاريخية كان لها أثر عظيم في تاريخ الإسلام، لو قدّر لهذا الخليفة أن يموت موتاً طبيعياً وفقاً لقوانينه الفسلجية قبل يوم الثورة، كان من الممكن أن تتغير كثير من معالم التاريخ، كان من المحتمل أن يأتي الامام أمير المؤمنين إلى الخلافة بدون تناقضات وبدون ضجيج وبدون خلاف، لكن قوانين فسلجة جسم عثمان بن عفان اقتضت أن يمتد به العمر ألى أن يقتل من قبل الثائرين عليه من المسلمين. هذه حادثة تاريخية، تعني أنها تدخل في اهتمامات المؤرخين، ولها بعد تاريخي ايضاً، ولعبت دوراً سلباً أو ايجاباً في تكييف الاحداث التاريخية الاخرى، ولكنها لا تتحكم فيها سنن التاريخ.

إن الذي يتحكم في ذلك قوانين بنية جسم عثمان، قوانين الحياة وقوانين جسم الإنسان التي أعطت لعثمان بن عفان عمراً ناهز الثمانين، مواقف عثمان بن عفان وتصرفاته الاجتماعية تدخل في نطاق سنن التاريخ، لكن طول عمر عثمان بن عفان لمسألة أخرى، مسألة حياتية أو مسألة فسلجية أو مسألة فيزيائية، وليست مسألة تتحكم فيها سنن التاريخ.

 إذاً سنن التاريخ لا تتحكم على كل الساحة التاريخية، لا تتحكم على كل القضايا التي يدرجها الطبري في تاريخه، بل على ميدان معيّن من هذه الساحات يأتي ذكره إن شاء الله.

*كتاب "مقدِّمات في التفسير الموضوعي للقرآن"، ص 60-72.

من خلال استعراضنا للنصوص القرآنية البينة التي أوضحت فكرة السنن التاريخية وأكدت عليها، يمكننا أن نستخلص من خلال المقارنة بين تلك النصوص، ثلاث حقائق أكد عليها القرآن الكريم بالنسبة الى سنن التاريخ.

 اضطراد السنّة التاريخيّة

الحقيقة الأولى:

 هي الاضطراد، بمعنى أن السنة التاريخية مضطردة، ليست علاقة عشوائية ذات طابع موضوعي لا تتخلّف في الحالات الإعيادية التي تجري فيها الطبيعة والكون وعلى السنن العامّة. وكان التأكيد على طابع الاضطراد في السنّة تأكيداً على الطابع العلمي للقانون التاريخي، لأن القانون العلمي أهم مميز يميزه عن بقية المعادلات والفروض والاضطراد والتتابع وعدم التخلف.

 ومن هنا، استهدف القرآن الكريم من خلال التأكيد على طابع الاضطراد في السنة التاريخية، استهدف أن يؤكد على الطابع العلمي لهذه السنة، وأن يخلق في الإنسان المسلم شعوراً على جريان أحداث التاريخ متصبراً لا عشوائياً ولا مستسلماً ولا ساذجاً.

{ولن تجد لسنَّة الله تبديلاً}، {ولا تجد لسنّتنا تحويلاً}، {ولا مبدِّل لكلمات الله...}. هذه النصوص القرآنيّة تقدّم استعراضاً تؤكد فيه طابع الاستمرارية والاضطراد، أي طابع الموضوعية والعلمية للسنة التاريخية، وتستنكر هذه النصوص الشريفة كما تقدّم في بعضها، ان يكون هناك تفكير أو طمع لدى جماعة من الجماعات، بأن تكون مستثناة من سنة التاريخ {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إنّ نصر الله قريب}. هذه الآية تستنكر على من يطمع في أن يكون حالة استثنائية من سنة التاريخ، كما شرحنا في ما مضى.

إذاً، الروح العامة للقرآن تؤكّد على هذه الحقيقة الأولى، وهي حقيقة الاضطراد في السنّة التاريخية الذي يعطيها الطابع العلميّ، من أجل تربية الإنسان على ذهنية واعية علميّة يتصرّف في إطارها ومن خلالها مع أحداث التاريخ.

ربّانيّة السّنن التّاريخيّة

 الحقيقة الثانية: 

 الحقيقة الثانية التي أكدت عليها النصوص القرآنية هي ربانية السنة التاريخية. إنّ السنة التاريخية ربانية مرتبطة بالله سبحانه وتعالى، سنّة الله، كلمات الله على اختلاف التّعبير، بمعنى أن كلّ قانون من قوانين التاريخ، هو كلمة من الله سبحانه وتعالى، وهو قرار رباني، هذا التّأكيد من القرآن الكريم على ربانية السنة التاريخية وعلى طابعها الغيبي، يستهدف شدّ إنسان حتى حينما يريد أن يستفيد من القوانين الموضوعية للكون، شدّه بالله سبحانه وتعالى، وإشعار الإنسان بأن الاستعانة بالنظام الكامل لمختلف الساحات الكونية، والاستفادة من مختلف القوانين والسنن التي تتحكم في هذه الساحات، ليس ذلك انعزالاً عن الله سبحانه وتعالى، لأن الله يمارس قدرته من خلال هذه السنن، ولأن هذه السنن والقوانين هي ارادة الله، وهي ممثلة لحكمة الله وتدبيره في الكون.

وقد يتوهم البعض أن هذا الطابع الغيبي الذي يلبسه القرآن الكريم للتاريخ وللسنن التاريخية، يبعد القرآن عن التفسير العلمي الموضوعي للتاريخ، ويجعله يتجه اتجاه التفسير الإلهي للتاريخ الذي مثلته مدرسة من مدارس الفكر اللاهوتي على يد عدد كبير من المفكرين المسيحيّين واللاهوتيين، حيث فسّروا تفسيراً إلهياً قد يخلط هذا الاتجاه القرآني بذلك التفسير الإلهي الذي اتجه اليه أغسطين وغيره من المفكّرين اللاهوتيين، فيقال بأن إسباغ هذا الطابع الغيبي على السنة التاريخية يحول المسألة إلى مسألة غيبية وعقائدية، ويخرج التاريخ عن إطاره العلمي الموضوعي. ولكن الحقيقة أن هناك خلطاً اساسياً بين الاتجاه القرآني وطريقة القرآن في ربط التاريخ بعالم الغيب، وفي إسباغ الطابع الغيبي على السنة التاريخية، وبين ما يسمى بالتفسير الإلهي للتاريخ الذي تبناه اللاهوت، هناك فرق كثير بين هذين الاتجاهين وهاتين النزعتين، وحاصل هذا الفرق، هو أن الاتجاه اللاهوتي للتفسير الالهي للتاريخ يتناول الحادثة نفسها، ويربط هذه الحادثة بالله سبحانه وتعالى، قاطعاً صلتها وروابطها مع بقية الحوادث، فهو يطرح الصلة مع الله بديلاً عن صلة الحادثة مع بقية الحوادث، بديلاً عن العلاقات والارتباطات التي تزخر بها الساحة التاريخية، والتي تمثل السنن والقوانين الموضوعية لهذه الساحة، بينما القرآن الكريم لا يسبغ الطابع الغيبي على الحادثة بالذات، ولا ينتزع الحادثة التاريخية من سياقها ليربطها مباشرةً بالسماء، ولا يطرح صلة الحادثة بالسماء كبديل عن أوجه الانطباق والعلاقات والأسباب والمسببات على هذه الساحة التاريخية، بل إنه يربط السنة التاريخية بالله، يربط أوجه العلاقات والارتباطات بالله، فهو يقرر أولاً، ويؤمن بوجود روابط وعلاقات بين الحوادث التاريخية، إلا أن هذه الروابط والعلاقات بين الحوادث التاريخية، هي في الحقيقة تعبير عن حكمة الله سبحانه وتعالى وحسن تقديره وبنائه التكويني للساحة التاريخية.

 إذا أردنا أن نستعين بمثالٍ لتوضيح الفرق بين هذين الاتجاهين من الظواهر الطبيعية، نستطيع أن نستخدم هذا المثال: قد يأتي إنسان فيفسر ظاهرة المطر التي هي ظاهرة طبيعية، فيقول بأن المطر نزل بارادة من الله سبحانه وتعالى، ويجعل هذه الارادة بديلاً عن الأسباب الطبيعية التي نجم عنها نزول المطر، وكأنّ المطر حادثة لا علاقة لها ولا تنسب لها، وانما هي مفردة ترتبط مباشرة بالله سبحانه وتعالى بمعزل عن تيار الحوادث. هذا النوع من الكلام يتعارض مع التفسير العلمي لظاهرة المطر.

لكن إذا جاء شخص وقال بأن الظاهرة، ظاهرة المطر، لها أسبابها وعلاقاتها، وأنها مرتبطة بالدورة الطبيعية للماء مثلاً، يتبخّر فيتحول الى غاز، والغاز يتصاعد سحاباً، والسحاب يتحول بالتدريج الى سائل نتيجة انخفاض الحرارة، فينزل المطر. إلا أن هذا التسلسل السببي المتقن، هذه العلاقات المتشابكة بين الظواهر الطبيعية، هي تعبير عن حكمة الله وتدبيره وحسن رعايته. فمثل هذا الكلام لا يتعارض مع الطابع العلمي للتفسير الموضوعي لظاهرة المطر، لأننا ربطنا هنا السنة بالله سبحانه وتعالى للحادثة، مع عزلها عن بقية الحوادث، وقطع ارتباطها مع مؤثراتها وأسبابها.

اذاً القرآن الكريم حينما يسبغ الطابع الرباني على السنة التاريخية، لا يريد أن يتجه اتجاه التفسير الإلهي في التاريخ، ولكنه يريد أن يؤكد أن هذه السنن ليست خارجة من وراء قدرة الله سبحانه وتعالى، وانما هي تعبير وتجسيد وتحقيق لقدرة الله، هي كلماته وسننه وارادته وحكمته في الكون، لكي يبقى الإنسان دائماً مشدوداً الى الله، لكي تبقى الصلة الوثيقة بين العلم والايمان، فهو في نفس الوقت الذي ينظر فيه الى هذه السنن نظرة علمية، ينظر ايضاً اليها نظرة ايمانية، وقد بلغ القرآن الكريم في حرصه على تأكيد الطابع الموضوعي للسنن التاريخية، وعدم جعلها مرتبطة بالصدف، أن نفس العمليات الغيبية أناطها في كثير من الحالات بالسنة التاريخية نفسها أيضاً، عملية الإمداد الإلهي بالنص، الإمداد الإلهي الغيبي الذي يساهم في كسب النص.

هذا الإمداد جعله القرآن الكريم مشروطاً بالسنة التاريخية، مرتبطاً بظروفها، غير منفك عنها، وهذه الروح أبعد ما تكون عن أن تكون روحاً تفسر التاريخ على أساس الغيب، وانما هي روح تفسر التاريخ على أساس المنطق والعقل والعلم. وحتى ذاك الامداد الالهي الذي يساهم بالنص، ذاك الامداد أيضاً، ربط بالسنة التاريخية.

قرأنا في ما سبق صيغة من صيغ السنن التاريخية للنص، حينما قرأنا قوله سبحانه وتعالى: {... أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا...}. والآن، تعالوا نتحدث عن الامداد الغيبي، لنلاحظ كيف أن هذه الآيات ربطت هذا الامداد الالهي الغيبي بتلك السنة نفسها أيضاً: {إذ تستغيثون ربَّكم فاستجابَ لكم أني ممدّكم بألف من الملائكة مردفين* وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئنّ به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}.

إذاً، فمن الواضح أن الطابع الرباني الذي يسبقه القرآن الكريم، ليس بديلاً عن التفسير الموضوعي، وانما هو ربط هذا التفسير الموضوعي بالله سبحانه وتعالى، من أجل إتمام اتجاه الإسلام نحو التوحيد بين العلم والإيمان في تربية الإنسان المسلم.

اختيار الإنسان وإرادته

الحقيقة الثّالثة: 

 الحقيقة الثالثة التي أكد عليها القرآن الكريم من خلال النصوص المتقدمة، هي حقيقة اختيار الإنسان وإرادة الإنسان، والتأكيد على هذه الحقيقة في مجال استعراض سنن التاريخ مهم جداً...

إن البحث في سنن التاريخ خلق وهماً، وحاصل هذا الوهم الذي خلقه هذا البحث عند كثير من المفكّرين، أنّ هناك تعارضاً وتناقضاً بين حرية الإنسان واختياره وبين سنن التاريخ. فإما أن نقول بأن للتاريخ سننه وقوانينه، وبهذا نتنازل عن إرادة الإنسان واختياره وحريته، وإما أن نسلم بأن الإنسان كائن حر مريد مختار، وبهذا يجب أن نلغي سنن التاريخ وقوانينه، ونقول بأن هذه الساحة قد أعفيت من القوانين التي لم تعف منها بقية الساحات الكونية. هذا الوهم؛ وهم التعارض والتناقض بين فكرة السنة التاريخية أو القانون التاريخي، وبين فكرة اختيار الإنسان وحريته. هذا الوهم كان من الضروري للقرآن الكريم أن يزيحه وهو يعالج هذه النقطة بالذات.

ومن هنا، أكد سبحانه وتعالى على أنّ المحور في تسلسل الأعداد والقضايا إنما هو ارادة الإنسان، وسوف أتناول، إن شاء الله تعالى، بعد محاضرتين، الطريقة الفنية في كيفية التوجيه بين سنن التاريخ وارادة الإنسان، وكيف استطاع القرآن الكريم أن يجمع بين هذين الأمرين من خلال فحص للصيغ التي يمكن في إطارها صياغة السنة التاريخية، سوف أتكلم عن ذلك بعد محاضرتين، لكن يكفي الآن أن نستمع الى قوله تعالى: {إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}، {وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً}  {...وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا أنفسهم وجعلنا لمهلكهم موعداً}.

انظروا كيف أنّ السنن التاريخيّة لا تجري من فوق يد الإنسان، بل تجري من تحت يده، فإنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم {وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً}.

إذاً هناك مواقف ايجابية للإنسان تمثل حريته واختياره وتصميمه، وهذه المواقف تستتبع ضمن علاقات السنن التاريخية، تستتبع جزاءاتها المناسبة، تستتبع معلولاتها المناسبة. إذاً فاختيار الإنسان له موضعه الرئيسي في التصور القرآني لسنن التاريخ. وسوف أعود الى هذه النقطة مرة أخرى بإذن الله تعالى.

إذاً نستخلص مما سبق، أن السنن التاريخية، أن السنن القرآنية في التاريخ، ذات طابع علميّ، لأنها تتميز بالاطراد الذي يميّز القانوني العلمي، وذات طابع رباني، لأنها تمثّل حكمة الله وحسن تدبيره على الساحة التاريخيّة، وذات طابع إنساني، لأنها لا تفصل الإنسان عن دوره الايجابي، ولا تعطل فيه إرادته وحريته واختياره، وانما تؤكد أكثر فأكثر مسؤوليته على الساحة التاريخية.

ميدان السنن

الآن، بعد أن استعرضنا الخصائص الثلاث التي تتميز بها السنن التاريخية في القرآن الكريم، نواجه هذا السؤال: ما هو ميدان هذه السنن التاريخية؟

كنا حتى الآن نعبّر ونقول بأن هذه السنن تجري على الساحة التاريخية، لكن، هل إن الساحة التاريخية بامتدادها هي ميدان لسنن التاريخية، أو أن ميدان السنن التاريخية يمثّل جزأً من الساحة التاريخية؟ بمعنى أن الميدان الذي يخضع للسنن التاريخية بوصفها قوانين ذات طابع نوعيّ، مختلف عن القوانين الأخرى الفيزيائية والفسلجية والبيولوجية والفلكية. هذا الميدان الذي يخضع لقوانين ذات طابع نوعي مختلف، هذا الميدان هل تتسع له الساحة التاريخية؟ هل يستوعب كل الساحة التاريخية، أو يعبر عن جزء من الساحة التاريخيّة؟ لكن قبل هذا، يجب أن نعرف ماذا نقصد بالساحة التاريخيّة؟

الساحة التاريخية عبارة عن الساحة التي تحوي تلك الحوادث والقضايا التي يهتمّ بها المؤرّخون، المؤرّخون أصحاب التواريخ بمجموعة من الحوادث والقضايا يسجلونها في كتبهم، والساحة التي تزخر بتلك الحوادث التي يهتم بها المؤرخون ويسجّلونها، هي الساحة التاريخية. فالسؤال هنا إذاً هكذا: هل إن كل هذه الحوادث والقضايا التي يربطها المؤرخون، وتدخل في نطاق مهمتهم التاريخية والتسجيلية، هل كلها محكومة بالسنن التاريخية، بسنن التاريخ ذات الطابع النوعي المتميّز عن سنن بقية حدود الكون والطبيعة، أو أنّ جزءاً معيّناً من هذه الحوادث والقضايا هو الذي تحكمه سنن التاريخ؟

الصحيح أن جزءاً معيناً من هذه الحوادث والقضايا هو الذي تحكمه سنن التاريخ، هناك حوادث لا تنطبق عليها سنن التاريخ، بل تنطبق عليها القوانين الفيزيائية أو الفسلجية أو قوانين الحياة أو أي قوانين أخرى لمختلف الساحات الكونية الأخرى. مثلاً: موت أبي طالب، موت خديجة في سنة معيّنة، حادثة تاريخية مهمة تدخل في نطاق ضبط المؤرخين، وأكثر من هذا، هي حادثة ذات بعد في التاريخ، ترتبت عليها آثار كثيرة، ولكنها لا تحكمها سنة تاريخية، بل تحكمها قوانين فسلجية، تحكمها قوانين الحياة التي فرضت أن يموت أبو طالب (صلوات الله عليه)، وأن تموت خديجة(ع) في ذلك الوقت المحدد، هذه الحادثة تدخل في نطاق صلاحيات المؤرخين، ولكن الذي يتحكم في هذه الحادثة، هي قوانين فسلجة جسم أبي طالب وجسم خديجة، قوانين الحياة التي تفرض المرض والشيخوخة ضمن شروط معيّنة وظروف معينة، حياة عثمان بن عفان الخليفة الثالث، طول عمره حادثة تاريخية، فقد ناهز الثمانين. طبعاً هذه الحادثة التاريخية كان لها أثر عظيم في تاريخ الإسلام، لو قدّر لهذا الخليفة أن يموت موتاً طبيعياً وفقاً لقوانينه الفسلجية قبل يوم الثورة، كان من الممكن أن تتغير كثير من معالم التاريخ، كان من المحتمل أن يأتي الامام أمير المؤمنين إلى الخلافة بدون تناقضات وبدون ضجيج وبدون خلاف، لكن قوانين فسلجة جسم عثمان بن عفان اقتضت أن يمتد به العمر ألى أن يقتل من قبل الثائرين عليه من المسلمين. هذه حادثة تاريخية، تعني أنها تدخل في اهتمامات المؤرخين، ولها بعد تاريخي ايضاً، ولعبت دوراً سلباً أو ايجاباً في تكييف الاحداث التاريخية الاخرى، ولكنها لا تتحكم فيها سنن التاريخ.

إن الذي يتحكم في ذلك قوانين بنية جسم عثمان، قوانين الحياة وقوانين جسم الإنسان التي أعطت لعثمان بن عفان عمراً ناهز الثمانين، مواقف عثمان بن عفان وتصرفاته الاجتماعية تدخل في نطاق سنن التاريخ، لكن طول عمر عثمان بن عفان لمسألة أخرى، مسألة حياتية أو مسألة فسلجية أو مسألة فيزيائية، وليست مسألة تتحكم فيها سنن التاريخ.

 إذاً سنن التاريخ لا تتحكم على كل الساحة التاريخية، لا تتحكم على كل القضايا التي يدرجها الطبري في تاريخه، بل على ميدان معيّن من هذه الساحات يأتي ذكره إن شاء الله.

*كتاب "مقدِّمات في التفسير الموضوعي للقرآن"، ص 60-72.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية