الحذر من أن نكون قرناء الشّيطان

الحذر من أن نكون قرناء الشّيطان

منحنا الله تعالى الحواسَّ حتى نستعملها في تأمّل مظاهر خلقه وعظمته، ومنحنا الفطرة والقلب حتى نحمل مشاعر الخير والرَّحمة، ومنحنا العقل الّذي به نميِّز ونكتشف ونهتدي إلى كثيرٍ من الأمور. ولقد حذَّرنا تعالى من عدم استعمال البصيرة الّتي بها نستبصر طريق الله، ونتلمَّس الخطوات التي تقرِّبنا إليه، بعيداً من الغفلة الّتي تحرمنا نعمة الهداية، والاستقامة على جادة الصّواب والحقّ.

كثيرون يعيشون غشاوة البصيرة، ولا يعملون بمقتضى الفطرة، وبمقتضى الإحساس القلبي الطبيعيّ والفطريّ الّذي يبرز عظمة الله، وما لذلك من أثر روحيّ وأخلاقيّ على النفس وتصرّفاتها، فينطلق في الحياة مطلقاً العنان لأهوائه وعصبيّاته وأنانيّاته ونزواته، لا يتورع عن ظلم من حوله، ولا عن العدوان على حقوق الآخرين، ولا يرى مشكلة في السّرقة أو الكذب أو الفتنة بين النّاس أو الغيبة والحسد والنّميمة، إنّه يتبع الشّيطان، ويخدم خطَّ الباطل والظلم ، يحارب الحقّ وأهله، ولا يسمح للعدل بأن يأخذ مساره من خلال شهادة الزّور والنّفاق، هذا الإنسان الذي باع نفسه للشّيطان، قد وعده تعالى بأنّه سيهيّئ له شيطاناً يصاحبه في كلّ أوقاته، ويسيطر على لبّه وعقله ومشاعره، ويحوّل حياته إلى لعنات وضلالات وسراب خادع لن يجلب له سوى الخسران في دنياه وآخرته.

والله تعالى يدعونا كي نحذر وننتبه من أن نكون من قرناء الشَّياطين وأصحابهم، عندما نتخلَّى عن الوعي عن واجباتنا تجاه الله والنّاس والحياة، ونفقد أخلاقيّاتنا، ونكون مرتعاً لألاعيب الشّياطين ننفِّذ مخطّطاتهم في مواجهة الحقّ، مخالفين بذلك دعوة الله لنا كي نكون من أهل البصائر الّذين يعملون وفق بصائرهم الّتي توضح لهم الطَّريق الذي يسلكونه، بما يضمن سلامة خطواتهم في الدّنيا وسلامة مصيرهم في الآخرة.

وقد يزيّن لنا الأعداء من الأقربين والأبعدين حسن أعمالنا، ولا نلتفت إلى أنها في حقيقتها قد تكون مخالفةً للحقّ ولتعاليم الله تعالى لنا، فنخضع تحت تأثير دعاياتهم وتحت تأثير ألاعيبهم. من هنا، يجب الحذر وعدم الوقوع في الشّبهات، والحفاظ على تماسكنا في كلّ المواقف، متسلّحين بالوعي والحكمة والبصيرة الثّاقبة.

وفي هذا السِّياق، يقول العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):

"{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} ممن لا يملك البصر السليم الذي يستطيع بواسطته رؤية الأشياء في كلّ وقتٍ، ومن يبصر بالنهار دون اللّيل، أو من لا يبصر مطلقاً، على سبيل الكناية عمّن لا يملك وضوح الرؤية القلبيّة لله في عظمته وفي حضوره الدّائم في حياته كلّها، فينساه وينسى ذكره في أعماله وأقواله وعلاقاته بسبب الغفلة المطبقة {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً}، أي نهيِّئ له شيطاناً يفتح نوافذ عقله على الباطل، ليتحرّك فكره في نطاق تأكيد الباطل فكريّاً، ويغلق قلبه عن الحقّ، لتبتعد كلّ مشاعره وأحاسيسه عنه شعورياً، ويبتعد بكلّ أقواله وأفعاله وعلاقاته عن النهج القويم فيما أمر الله به ونهى عنه في خطّ الاستقامة في الشريعة، ويقترب به إلى خط الانحراف في مناهج الكافرين والمنافقين والضالّين، {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}، أي مصاحبٌ له داخل حياته وخارجها، يسيطر عليه في كلِّ أوضاعه العامَّة والخاصَّة، بالوسوسة الداخليَّة، أو بالمشورة، أو بتزيين أعماله السيّئة ليراها حسنةً...

وليس المراد بأنَّ الله يقيِّض لمن يغفل عن ذكره مثل هذا الشَّيطان، أن القضيّة تحصل بشكلٍ مباشر، بل المراد أنَّ الغفلة عن ذكر الله، تفتح الأبواب للشَّيطان ليدخل حياة الإنسان الّذي لا يملك ـ نتيجة الغفلة ـ قدرة الانضباط في خطّ التوازن والاستقامة، ما يجعله فريسةً سهلةً للشيطان {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} فيما يثيرونه في تفكيرهم من شبهات، أو عقائد باطلة، وفي ما يحركونه في حياتهم من مشاريع منحرفة، فيصوِّرون لهم أنها تمثّل الحقّ الذي يرغب الإنسان ـ بطبيعته ـ في الارتباط به، فلا يبقى لديهم أيّ قلقٍ في الموضوع، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ}، لأن العناوين التي يضعونها للانحراف قد تكون من عناوين الهدى التي يلصقونها به زوراً وبهتاناً.

وتلك هي مشكلة كثير من السّاذجين الذين يزعمون أنهم واعون، عندما يقدّم لهم الشياطين الباطل في صورة الحقّ، والانحراف باعتباره استقامةً، والشّرّ بعنوان الخير، فيزينون لهم سوء عملهم فيرونه حسناً، ويضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا ويحسبون أنهم يُحسنون صنعاً، بسبب الغفلة المطبقة على عقولهم، بحيث لا يثيرون أيّة علامةٍ من علامات الاستفهام التي تفتح أبواب مناقشة الأمور بعقلٍ واع."[تفسير من وحي القرآن، ج 20، ص 240].

فلنجعل هدى الله قريناً لنا نحتكم إليه في علاقاتنا وسلوكيّاتنا، في بيوتنا وفي شوارعنا وأماكن عملنا، وفي كلّ علاقاتنا مع النّاس، حتى نكون بحقّ من أهل الله، لا من أهل الشّيطان وحزبه. 

منحنا الله تعالى الحواسَّ حتى نستعملها في تأمّل مظاهر خلقه وعظمته، ومنحنا الفطرة والقلب حتى نحمل مشاعر الخير والرَّحمة، ومنحنا العقل الّذي به نميِّز ونكتشف ونهتدي إلى كثيرٍ من الأمور. ولقد حذَّرنا تعالى من عدم استعمال البصيرة الّتي بها نستبصر طريق الله، ونتلمَّس الخطوات التي تقرِّبنا إليه، بعيداً من الغفلة الّتي تحرمنا نعمة الهداية، والاستقامة على جادة الصّواب والحقّ.

كثيرون يعيشون غشاوة البصيرة، ولا يعملون بمقتضى الفطرة، وبمقتضى الإحساس القلبي الطبيعيّ والفطريّ الّذي يبرز عظمة الله، وما لذلك من أثر روحيّ وأخلاقيّ على النفس وتصرّفاتها، فينطلق في الحياة مطلقاً العنان لأهوائه وعصبيّاته وأنانيّاته ونزواته، لا يتورع عن ظلم من حوله، ولا عن العدوان على حقوق الآخرين، ولا يرى مشكلة في السّرقة أو الكذب أو الفتنة بين النّاس أو الغيبة والحسد والنّميمة، إنّه يتبع الشّيطان، ويخدم خطَّ الباطل والظلم ، يحارب الحقّ وأهله، ولا يسمح للعدل بأن يأخذ مساره من خلال شهادة الزّور والنّفاق، هذا الإنسان الذي باع نفسه للشّيطان، قد وعده تعالى بأنّه سيهيّئ له شيطاناً يصاحبه في كلّ أوقاته، ويسيطر على لبّه وعقله ومشاعره، ويحوّل حياته إلى لعنات وضلالات وسراب خادع لن يجلب له سوى الخسران في دنياه وآخرته.

والله تعالى يدعونا كي نحذر وننتبه من أن نكون من قرناء الشَّياطين وأصحابهم، عندما نتخلَّى عن الوعي عن واجباتنا تجاه الله والنّاس والحياة، ونفقد أخلاقيّاتنا، ونكون مرتعاً لألاعيب الشّياطين ننفِّذ مخطّطاتهم في مواجهة الحقّ، مخالفين بذلك دعوة الله لنا كي نكون من أهل البصائر الّذين يعملون وفق بصائرهم الّتي توضح لهم الطَّريق الذي يسلكونه، بما يضمن سلامة خطواتهم في الدّنيا وسلامة مصيرهم في الآخرة.

وقد يزيّن لنا الأعداء من الأقربين والأبعدين حسن أعمالنا، ولا نلتفت إلى أنها في حقيقتها قد تكون مخالفةً للحقّ ولتعاليم الله تعالى لنا، فنخضع تحت تأثير دعاياتهم وتحت تأثير ألاعيبهم. من هنا، يجب الحذر وعدم الوقوع في الشّبهات، والحفاظ على تماسكنا في كلّ المواقف، متسلّحين بالوعي والحكمة والبصيرة الثّاقبة.

وفي هذا السِّياق، يقول العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):

"{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} ممن لا يملك البصر السليم الذي يستطيع بواسطته رؤية الأشياء في كلّ وقتٍ، ومن يبصر بالنهار دون اللّيل، أو من لا يبصر مطلقاً، على سبيل الكناية عمّن لا يملك وضوح الرؤية القلبيّة لله في عظمته وفي حضوره الدّائم في حياته كلّها، فينساه وينسى ذكره في أعماله وأقواله وعلاقاته بسبب الغفلة المطبقة {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً}، أي نهيِّئ له شيطاناً يفتح نوافذ عقله على الباطل، ليتحرّك فكره في نطاق تأكيد الباطل فكريّاً، ويغلق قلبه عن الحقّ، لتبتعد كلّ مشاعره وأحاسيسه عنه شعورياً، ويبتعد بكلّ أقواله وأفعاله وعلاقاته عن النهج القويم فيما أمر الله به ونهى عنه في خطّ الاستقامة في الشريعة، ويقترب به إلى خط الانحراف في مناهج الكافرين والمنافقين والضالّين، {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}، أي مصاحبٌ له داخل حياته وخارجها، يسيطر عليه في كلِّ أوضاعه العامَّة والخاصَّة، بالوسوسة الداخليَّة، أو بالمشورة، أو بتزيين أعماله السيّئة ليراها حسنةً...

وليس المراد بأنَّ الله يقيِّض لمن يغفل عن ذكره مثل هذا الشَّيطان، أن القضيّة تحصل بشكلٍ مباشر، بل المراد أنَّ الغفلة عن ذكر الله، تفتح الأبواب للشَّيطان ليدخل حياة الإنسان الّذي لا يملك ـ نتيجة الغفلة ـ قدرة الانضباط في خطّ التوازن والاستقامة، ما يجعله فريسةً سهلةً للشيطان {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} فيما يثيرونه في تفكيرهم من شبهات، أو عقائد باطلة، وفي ما يحركونه في حياتهم من مشاريع منحرفة، فيصوِّرون لهم أنها تمثّل الحقّ الذي يرغب الإنسان ـ بطبيعته ـ في الارتباط به، فلا يبقى لديهم أيّ قلقٍ في الموضوع، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ}، لأن العناوين التي يضعونها للانحراف قد تكون من عناوين الهدى التي يلصقونها به زوراً وبهتاناً.

وتلك هي مشكلة كثير من السّاذجين الذين يزعمون أنهم واعون، عندما يقدّم لهم الشياطين الباطل في صورة الحقّ، والانحراف باعتباره استقامةً، والشّرّ بعنوان الخير، فيزينون لهم سوء عملهم فيرونه حسناً، ويضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا ويحسبون أنهم يُحسنون صنعاً، بسبب الغفلة المطبقة على عقولهم، بحيث لا يثيرون أيّة علامةٍ من علامات الاستفهام التي تفتح أبواب مناقشة الأمور بعقلٍ واع."[تفسير من وحي القرآن، ج 20، ص 240].

فلنجعل هدى الله قريناً لنا نحتكم إليه في علاقاتنا وسلوكيّاتنا، في بيوتنا وفي شوارعنا وأماكن عملنا، وفي كلّ علاقاتنا مع النّاس، حتى نكون بحقّ من أهل الله، لا من أهل الشّيطان وحزبه. 

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية