الإنسان بذاته من يختار طريقه

الإنسان بذاته من يختار طريقه

لقد وهبنا الله تعالى العقل والفطرة، وأرسل أنبياءه ورسله ليبيِّنوا للنّاس شريعة الله، وزوَّدنا بكلِّ الوسائل والطّاقات التي ننفتح فيها على ألوهيّته وطاعته، وحتى نختار درب الهداية لما يعود علينا بالخير في الدّنيا والآخرة.

ونحن مسؤولون عن مصير أنفسنا وعواقب ما نقدِّمه لها ونحركه فيها من فكر وسلوك ومشاعر، فإما نسلك طريق الخير والهدى ونحقّق وجودنا وأصالتنا، وإمّا نسلك طريق الضّلال، وما يعنيه ذلك من عواقب وسيّئات تطاول واقعنا كلّه، وتجلب لنا التعب والمشاكل، وتسقطنا في فوضى ومفاسد لا نهاية لها.

فالإنسان المهتدي يحقّق لنفسه كلّ خير، والضّالّ هو من يقضي على نفسه ويجلب لها السّخط والغضب من الله تعالى، فهو بذاته من يختار ويحدّد طريقه ومصيره.

ولقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى: {مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:15].

 ويلفت العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، إلى أنَّ في هذه الآية ثلاث حقائق قرآنيّة تتّصل بخطّ المسؤوليّة في حياة الإنسان، وهي:

"الحقيقة الأولى التي تقرّرها الفقرة الآتية {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}، وخلاصتها، أنّ الهدى والضّلال خطّان فكريّان عمليان يتصلان بالإنسان في النتائج الجيّدة التي يمثّلها الهدى، أو في النتائج السيّئة التي يمثلها الضّلال، لأن الهدى يربطه بمواقع الخير في الدنيا والآخرة، بينما يؤدّي به الضلال إلى مواقع الشرّ، أو إلى الابتعاد عن مواقع الخير على الأقلّ، الأمر الذي يوجب وصول النفع والضّرر إليه. أما الله ـ سبحانه ـ فإنّه لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضرّه معصية من عصاه، ولذلك، فإنّ من المفروض أن يفكّر الإنسان في المسألة بطريقةٍ ذاتيةٍ تحسب حساب الرّبح والخسارة في الحياة من مواقع الذّات، كما يفكّر بطريقةٍ مبدئيّةٍ منطقيّةٍ، الأمر الذي يعمِّق حسّ المسؤوليّة لديه من أكثر من جانب.

الحقيقة الثانية: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، وقد جاءت كلمة «وزر» في هذه الفقرة على سبيل الكناية عن الخطيئة الّتي يمارسها الإنسان، أو الخطأ الّذي يقوم به، ولا يحمل غيره مسؤوليّة ذلك، أيّاً كانت صفته أو طبيعة العلاقة التي تربطه به من قرابةٍ وزوجيّةٍ وغيرهما، من دون فرقٍ بين مجازاته في الدّنيا، أو في الآخرة.

الحقيقة الثالثة: وتمثلها الفقرة الآتية {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}، وخلاصتها، أن الله لا يعذّب أحداً من الناس إلا بعد أن يقيم الحجّة عليهم بإرسال الرّسل الذين يبلّغونهم رسالات الله {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}[الأنفال: 42]. وهذه قاعدة عامّة يؤكّدها الحكم العقليّ الفطري في القاعدة المعروفة «قبح العقاب بلا بيان». وقد لاحظ البعض أنَّ الآية تتحدّث عن حالةٍ تاريخيّةٍ فيما كان ينزله الله من عذاب دنيويٍّ على الكافرين به وبرسله، ولا تتحدّث عن طبيعة المسألة على سبيل القاعدة الكليّة، ولكنّنا نلاحظ على ذلك، أنّ أسلوب هذه الآية، يوحي بأنَّ هذا الأمر مما لا يليق بالله أن يفعله، لأنّه لا ينسجم مع عدالته ورحمته، ما يجعل المسألة منطلقة على سبيل القاعدة". [تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص 60- 66].

أمَّا العلامة الشيخ محمد جواد مغنيّة(رض)، فيقول حول هذه الآية:

{مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ}: هذا حكم ضروريّ طبيعيّ لا يتوقّف على التشريع، وهو توضيح وتوكيد لقوله تعالى: {وكلّ إنسانٍ ألزمْناهُ طائرَه في عنقِه} وتقدَّم في الآية 104 في الأنعام: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، تقدّم في الآية 164 من الأنعام: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}: أيضاً هذا حكم ضروريّ طبيعيّ، ويتلخّص بكلمة واحدة: لا عقاب بلا بيان، وفي الحديث الشّريف: "رفع عن أمّتي ما لا يعلمون"، وقال الإمام الصّادق(ع): "إنّ الله احتجّ على الناس بما آتاهم وعرّفهم". [التفسير المبين، الشيخ مغنيّة، ص366].

وجاء في تفسير الطّبري حول هذه الآية:

"يقول تعالى ذكره: من استقام على طريق الحقّ فاتّبعه، وذلك دين الله الّذي ابتعث به نبيّه محمداً(ص)، {فإِنَّمَا يهتَدِي لِنَفسِهِ} يقول: فليس ينفع بلزومه الاستقامة، وإيمانه بالله ورسوله غير نفسه. {وَمَنْ ضَلَّ} يقول: ومن جار عن قصد السّبيل، فأخذ على غير هدى، وكفر بالله وبمحمّد(ص)، وبما جاء به من عند الله من الحقّ، فليس يضرّ بضلاله وجوره عن الهدى غير نفسه، لأنّه يوجب لها بذلك غضب الله وأليم عذابه.. وإنما عنى بقوله: {فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}، فإنما يكسب إثم ضلاله عليها لا على غيرها، وقوله: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، يعني تعالى ذكره: ولا تحمل حاملة حمل أخرى غيرها من الآثام. وقال: {وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، لأنّ معناها: ولا تزر نفس وازرة وزر نفس أخرى. يقال منه: وزرت كذا أزره وزراً، والوزر: هو الإثم، يجمع أوزاراً، كما قال تعالى: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}، وكأنّ معنى الكلام: ولا تأثم آثمة إثم أخرى، ولكن على كلّ نفس إثمها دون إثم غيرها من الأنفس.

كما حدّثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، والله ما يحمل الله على عبد ذنب غيره، ولا يؤاخذ إلا بعمله.

وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}، يقول تعالى ذكره: وما كنّا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرّسل، وإقامة الحجّة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم.

كما حدّثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}: إنّ الله تبارك وتعالى ليس يعذّب أحداً حتى يسبق إليه من الله خبر، أو يأتيه من الله بيِّنة، وليس معذّباً أحداً إلا بذنبه..."[تفسير الطّبري، ج15، ص70].

بعد الذي تقدَّم، علينا أن نتحلّى بالمسؤوليّة العالية بما نقدم عليه من خطوات ومواقف، وما نسلكه من طرق، وأن نحرك كلّ إمكاناتنا ونستفيد منها، في سبيل تحصين أنفسنا وعودتها إلى الله، وتثبيتها على الهدى والخير، حتى تضمن سلامة مصيرها، وتكون في رضا الله، بعيداً من كلّ الضّلال والانحراف والمضلّلين في دنيا الاجتماع والسياسة والدين، الذين يحاولون تعميم الضّلال والقضاء على الحقّ. والمؤمنون هم من ينفتحون على ما جاء به الرّسل من هداية وصلاح، ويقتدون بتجاربهم وحركتهم وصبرهم وجهادهم وتضحياتهم في كلّ ما يقدمون عليه. إنّ طريق الهداية واضح، وطريق الضّلال واضح، ويبقى على الإنسان أن يحدِّد بذاته ويقرّر بنفسه بكلّ وعي وجرأة، الوضع الذي سيكون عليه في دنياه وآخرته.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

لقد وهبنا الله تعالى العقل والفطرة، وأرسل أنبياءه ورسله ليبيِّنوا للنّاس شريعة الله، وزوَّدنا بكلِّ الوسائل والطّاقات التي ننفتح فيها على ألوهيّته وطاعته، وحتى نختار درب الهداية لما يعود علينا بالخير في الدّنيا والآخرة.

ونحن مسؤولون عن مصير أنفسنا وعواقب ما نقدِّمه لها ونحركه فيها من فكر وسلوك ومشاعر، فإما نسلك طريق الخير والهدى ونحقّق وجودنا وأصالتنا، وإمّا نسلك طريق الضّلال، وما يعنيه ذلك من عواقب وسيّئات تطاول واقعنا كلّه، وتجلب لنا التعب والمشاكل، وتسقطنا في فوضى ومفاسد لا نهاية لها.

فالإنسان المهتدي يحقّق لنفسه كلّ خير، والضّالّ هو من يقضي على نفسه ويجلب لها السّخط والغضب من الله تعالى، فهو بذاته من يختار ويحدّد طريقه ومصيره.

ولقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى: {مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:15].

 ويلفت العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، إلى أنَّ في هذه الآية ثلاث حقائق قرآنيّة تتّصل بخطّ المسؤوليّة في حياة الإنسان، وهي:

"الحقيقة الأولى التي تقرّرها الفقرة الآتية {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}، وخلاصتها، أنّ الهدى والضّلال خطّان فكريّان عمليان يتصلان بالإنسان في النتائج الجيّدة التي يمثّلها الهدى، أو في النتائج السيّئة التي يمثلها الضّلال، لأن الهدى يربطه بمواقع الخير في الدنيا والآخرة، بينما يؤدّي به الضلال إلى مواقع الشرّ، أو إلى الابتعاد عن مواقع الخير على الأقلّ، الأمر الذي يوجب وصول النفع والضّرر إليه. أما الله ـ سبحانه ـ فإنّه لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضرّه معصية من عصاه، ولذلك، فإنّ من المفروض أن يفكّر الإنسان في المسألة بطريقةٍ ذاتيةٍ تحسب حساب الرّبح والخسارة في الحياة من مواقع الذّات، كما يفكّر بطريقةٍ مبدئيّةٍ منطقيّةٍ، الأمر الذي يعمِّق حسّ المسؤوليّة لديه من أكثر من جانب.

الحقيقة الثانية: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، وقد جاءت كلمة «وزر» في هذه الفقرة على سبيل الكناية عن الخطيئة الّتي يمارسها الإنسان، أو الخطأ الّذي يقوم به، ولا يحمل غيره مسؤوليّة ذلك، أيّاً كانت صفته أو طبيعة العلاقة التي تربطه به من قرابةٍ وزوجيّةٍ وغيرهما، من دون فرقٍ بين مجازاته في الدّنيا، أو في الآخرة.

الحقيقة الثالثة: وتمثلها الفقرة الآتية {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}، وخلاصتها، أن الله لا يعذّب أحداً من الناس إلا بعد أن يقيم الحجّة عليهم بإرسال الرّسل الذين يبلّغونهم رسالات الله {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}[الأنفال: 42]. وهذه قاعدة عامّة يؤكّدها الحكم العقليّ الفطري في القاعدة المعروفة «قبح العقاب بلا بيان». وقد لاحظ البعض أنَّ الآية تتحدّث عن حالةٍ تاريخيّةٍ فيما كان ينزله الله من عذاب دنيويٍّ على الكافرين به وبرسله، ولا تتحدّث عن طبيعة المسألة على سبيل القاعدة الكليّة، ولكنّنا نلاحظ على ذلك، أنّ أسلوب هذه الآية، يوحي بأنَّ هذا الأمر مما لا يليق بالله أن يفعله، لأنّه لا ينسجم مع عدالته ورحمته، ما يجعل المسألة منطلقة على سبيل القاعدة". [تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص 60- 66].

أمَّا العلامة الشيخ محمد جواد مغنيّة(رض)، فيقول حول هذه الآية:

{مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ}: هذا حكم ضروريّ طبيعيّ لا يتوقّف على التشريع، وهو توضيح وتوكيد لقوله تعالى: {وكلّ إنسانٍ ألزمْناهُ طائرَه في عنقِه} وتقدَّم في الآية 104 في الأنعام: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، تقدّم في الآية 164 من الأنعام: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}: أيضاً هذا حكم ضروريّ طبيعيّ، ويتلخّص بكلمة واحدة: لا عقاب بلا بيان، وفي الحديث الشّريف: "رفع عن أمّتي ما لا يعلمون"، وقال الإمام الصّادق(ع): "إنّ الله احتجّ على الناس بما آتاهم وعرّفهم". [التفسير المبين، الشيخ مغنيّة، ص366].

وجاء في تفسير الطّبري حول هذه الآية:

"يقول تعالى ذكره: من استقام على طريق الحقّ فاتّبعه، وذلك دين الله الّذي ابتعث به نبيّه محمداً(ص)، {فإِنَّمَا يهتَدِي لِنَفسِهِ} يقول: فليس ينفع بلزومه الاستقامة، وإيمانه بالله ورسوله غير نفسه. {وَمَنْ ضَلَّ} يقول: ومن جار عن قصد السّبيل، فأخذ على غير هدى، وكفر بالله وبمحمّد(ص)، وبما جاء به من عند الله من الحقّ، فليس يضرّ بضلاله وجوره عن الهدى غير نفسه، لأنّه يوجب لها بذلك غضب الله وأليم عذابه.. وإنما عنى بقوله: {فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}، فإنما يكسب إثم ضلاله عليها لا على غيرها، وقوله: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، يعني تعالى ذكره: ولا تحمل حاملة حمل أخرى غيرها من الآثام. وقال: {وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، لأنّ معناها: ولا تزر نفس وازرة وزر نفس أخرى. يقال منه: وزرت كذا أزره وزراً، والوزر: هو الإثم، يجمع أوزاراً، كما قال تعالى: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}، وكأنّ معنى الكلام: ولا تأثم آثمة إثم أخرى، ولكن على كلّ نفس إثمها دون إثم غيرها من الأنفس.

كما حدّثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، والله ما يحمل الله على عبد ذنب غيره، ولا يؤاخذ إلا بعمله.

وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}، يقول تعالى ذكره: وما كنّا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرّسل، وإقامة الحجّة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم.

كما حدّثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}: إنّ الله تبارك وتعالى ليس يعذّب أحداً حتى يسبق إليه من الله خبر، أو يأتيه من الله بيِّنة، وليس معذّباً أحداً إلا بذنبه..."[تفسير الطّبري، ج15، ص70].

بعد الذي تقدَّم، علينا أن نتحلّى بالمسؤوليّة العالية بما نقدم عليه من خطوات ومواقف، وما نسلكه من طرق، وأن نحرك كلّ إمكاناتنا ونستفيد منها، في سبيل تحصين أنفسنا وعودتها إلى الله، وتثبيتها على الهدى والخير، حتى تضمن سلامة مصيرها، وتكون في رضا الله، بعيداً من كلّ الضّلال والانحراف والمضلّلين في دنيا الاجتماع والسياسة والدين، الذين يحاولون تعميم الضّلال والقضاء على الحقّ. والمؤمنون هم من ينفتحون على ما جاء به الرّسل من هداية وصلاح، ويقتدون بتجاربهم وحركتهم وصبرهم وجهادهم وتضحياتهم في كلّ ما يقدمون عليه. إنّ طريق الهداية واضح، وطريق الضّلال واضح، ويبقى على الإنسان أن يحدِّد بذاته ويقرّر بنفسه بكلّ وعي وجرأة، الوضع الذي سيكون عليه في دنياه وآخرته.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية