لكلّ نبيّ ورسول أنصار مخلصون يلبّون دعوة الله تعالى، وينتصرون لرسالته، ويضحّون من أجلها، ويقومون بما عليهم من دور في سبيل الانتصار لله على أعدائه، وعلى كلِّ أزلام الجهل والباطل الّذين يعتدون على الحقّ، وعلى كلّ كرامة وقيم. وقد عبّر الله تعالى عن كلّ ذلك في إشارته إلى أنصار السيّد المسيح(ع)، الذين نصروه وانتصروا لدين الله في أصعب الظّروف والتحدّيات.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ الله فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}[الصّفّ: 14].
وهذا ما فعله أنصار الرّسول الأكرم(ص) المخلصون، حيث نجد دعوة الله للمؤمنين على الدّوام، أن يكونوا أنصار الرّسالات في كلّ الميادين التي تستوجب منهم قول الحقّ ومواجهة الباطل، وتكريس مفاهيم الدّين في المجتمع.
وحول تفسير ما تقدَّم من آية مباركة، يقول العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض):
"وجاء الوحي القرآني ليدعو المؤمنين بالإسلام أن يكونوا أنصار الله مع الرّسول في كلّ ساحات الصّراع، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ أَنصَارَ الله}، فإنّ الإيمان بالله يفرض عليكم ذلك، فيما يفرضه عليكم من الذَّوبان في روحية العبودية له والالتزام بكلّ مواقع رضاه، {كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ}، الذين عاشوا الرّسالة فكراً وروحاً وحياةً، حتى اندمجوا معه في كلّ مشاريعه الرساليّة: {مَنْ أَنَّصَارِي إِلَى الله}، في نداء يريد أن يؤكّد الالتزام ويعلنه في عمليّة فرزٍ ظاهر للمؤمنين وغير المؤمنين، في الامتحان الّذي يدلّل على عمق الانتماء وطبيعة الموقف، ويعمل على أن يثير مشاعر الآخرين ليتعاطفوا مع دعوته، ويوحي للأعداء بأنّه قادم بأنصاره إلى ساحة الصّراع. {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ الله}، ولذلك كنّا معك في موقع النّصرة الملتزمة بخطّك ونهجك وموقعك، لأنّك رسول الله الذي أراد منّا أن نكون معك لنكون مع رسالته".[تفسير من وحي القرآن، ج 22، ص 197].
أمّا المفسّر القرطبي، فيقول في معرض تفسيره للآية المباركة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ الله فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}[الصّفّ: 14].
"فقد أكَّد الله أمر الجهاد؛ أي كونوا حواريّي نبيِّكم ليظهركم الله على من خالفكم، كما أظهر حواريّي عيسى على من خالفهم. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع: "أنصاراً لله" بالتّنوين. قالوا: لأنَّ معناه اثبتوا وكونوا أعواناً لله بالسّيف على أعدائه. وقرأ الباقون من أهل البصرة والكوفة والشّام: "أنصار الله" بلا تنوين، وحذفوا لام الإضافة من اسم الله تعالى. واختاره أبو عبيدة لقوله: "نحن أنصار الله" ولم ينوِّن، ومعناه: كونوا أنصاراً لدين الله. ثم قيل: في الكلام إضمار، أي قل لهم يا محمّد: كونوا أنصار الله. وقيل: هو ابتداء خطاب من الله، أي كونوا أنصاراً كما فعل أصحاب عيسى، فكانوا بحمد الله أنصاراً وكانوا حواريّين. والحواريّون خواصّ الرّسل. قال معمر: كان ذلك بحمد الله، أي نصروه وهم سبعون رجلاً، وهم الذين بايعوه ليلة العقبة...
كما قال عيسى ابن مريم للحواريّين، وهم أصفياؤه اثنا عشر رجلاً، وقد مضت أسماؤهم في "آل عمران"، وهم أول من آمن به من بني إسرائيل، قاله ابن عباس. وقال مقاتل: قال الله لعيسى: إذا دخلت القرية، فأتِ النّهر الذي عليه القصارون فاسألهم النّصرة ، فأتاهم عيسى وقال: من أنصاري إلى الله؟ قالوا: نحن ننصرك، فصدّقوه ونصروه".[تفسير القرطبي].
والسؤال المطروح: من منّا هو من أنصار الله الحقيقيّين الذين ينتصرون لدين الله عملاً لا قولاً، من منّا يواجه الظّلم والباطل، ويعيش الأمانة والصّدق والتخلّق بأخلاق الله في كلّ أوضاعه وعلاقاته؟
إنّنا فعلاً بحاجة للإجابة عن هذا السؤال، والتنبّه إلى ما نحن عليه من حال، كي ننطلق فعلاً إلى تصحيح مسارنا ومصيرنا على قاعدة الانتصار لله، حتى نكون مصداقاً حيّاً وواعياً لأنصار الله الّذين تحدَّث الله تعالى عنهم في كتابه، وباركهم في الدّنيا والآخرة.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.
لكلّ نبيّ ورسول أنصار مخلصون يلبّون دعوة الله تعالى، وينتصرون لرسالته، ويضحّون من أجلها، ويقومون بما عليهم من دور في سبيل الانتصار لله على أعدائه، وعلى كلِّ أزلام الجهل والباطل الّذين يعتدون على الحقّ، وعلى كلّ كرامة وقيم. وقد عبّر الله تعالى عن كلّ ذلك في إشارته إلى أنصار السيّد المسيح(ع)، الذين نصروه وانتصروا لدين الله في أصعب الظّروف والتحدّيات.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ الله فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}[الصّفّ: 14].
وهذا ما فعله أنصار الرّسول الأكرم(ص) المخلصون، حيث نجد دعوة الله للمؤمنين على الدّوام، أن يكونوا أنصار الرّسالات في كلّ الميادين التي تستوجب منهم قول الحقّ ومواجهة الباطل، وتكريس مفاهيم الدّين في المجتمع.
وحول تفسير ما تقدَّم من آية مباركة، يقول العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض):
"وجاء الوحي القرآني ليدعو المؤمنين بالإسلام أن يكونوا أنصار الله مع الرّسول في كلّ ساحات الصّراع، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ أَنصَارَ الله}، فإنّ الإيمان بالله يفرض عليكم ذلك، فيما يفرضه عليكم من الذَّوبان في روحية العبودية له والالتزام بكلّ مواقع رضاه، {كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ}، الذين عاشوا الرّسالة فكراً وروحاً وحياةً، حتى اندمجوا معه في كلّ مشاريعه الرساليّة: {مَنْ أَنَّصَارِي إِلَى الله}، في نداء يريد أن يؤكّد الالتزام ويعلنه في عمليّة فرزٍ ظاهر للمؤمنين وغير المؤمنين، في الامتحان الّذي يدلّل على عمق الانتماء وطبيعة الموقف، ويعمل على أن يثير مشاعر الآخرين ليتعاطفوا مع دعوته، ويوحي للأعداء بأنّه قادم بأنصاره إلى ساحة الصّراع. {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ الله}، ولذلك كنّا معك في موقع النّصرة الملتزمة بخطّك ونهجك وموقعك، لأنّك رسول الله الذي أراد منّا أن نكون معك لنكون مع رسالته".[تفسير من وحي القرآن، ج 22، ص 197].
أمّا المفسّر القرطبي، فيقول في معرض تفسيره للآية المباركة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ الله فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}[الصّفّ: 14].
"فقد أكَّد الله أمر الجهاد؛ أي كونوا حواريّي نبيِّكم ليظهركم الله على من خالفكم، كما أظهر حواريّي عيسى على من خالفهم. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع: "أنصاراً لله" بالتّنوين. قالوا: لأنَّ معناه اثبتوا وكونوا أعواناً لله بالسّيف على أعدائه. وقرأ الباقون من أهل البصرة والكوفة والشّام: "أنصار الله" بلا تنوين، وحذفوا لام الإضافة من اسم الله تعالى. واختاره أبو عبيدة لقوله: "نحن أنصار الله" ولم ينوِّن، ومعناه: كونوا أنصاراً لدين الله. ثم قيل: في الكلام إضمار، أي قل لهم يا محمّد: كونوا أنصار الله. وقيل: هو ابتداء خطاب من الله، أي كونوا أنصاراً كما فعل أصحاب عيسى، فكانوا بحمد الله أنصاراً وكانوا حواريّين. والحواريّون خواصّ الرّسل. قال معمر: كان ذلك بحمد الله، أي نصروه وهم سبعون رجلاً، وهم الذين بايعوه ليلة العقبة...
كما قال عيسى ابن مريم للحواريّين، وهم أصفياؤه اثنا عشر رجلاً، وقد مضت أسماؤهم في "آل عمران"، وهم أول من آمن به من بني إسرائيل، قاله ابن عباس. وقال مقاتل: قال الله لعيسى: إذا دخلت القرية، فأتِ النّهر الذي عليه القصارون فاسألهم النّصرة ، فأتاهم عيسى وقال: من أنصاري إلى الله؟ قالوا: نحن ننصرك، فصدّقوه ونصروه".[تفسير القرطبي].
والسؤال المطروح: من منّا هو من أنصار الله الحقيقيّين الذين ينتصرون لدين الله عملاً لا قولاً، من منّا يواجه الظّلم والباطل، ويعيش الأمانة والصّدق والتخلّق بأخلاق الله في كلّ أوضاعه وعلاقاته؟
إنّنا فعلاً بحاجة للإجابة عن هذا السؤال، والتنبّه إلى ما نحن عليه من حال، كي ننطلق فعلاً إلى تصحيح مسارنا ومصيرنا على قاعدة الانتصار لله، حتى نكون مصداقاً حيّاً وواعياً لأنصار الله الّذين تحدَّث الله تعالى عنهم في كتابه، وباركهم في الدّنيا والآخرة.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.