ما في هذا الوجود من خلقٍ، ما نعلمه وما لا نعلمه، ما نبصره وما لا نبصره، يدلّ دلالة صريحة على عظمة الخالق وإبداعه، وتنظيمه لأمور العالم، ورعايته لشؤون عباده، من رزقهم وحفظهم واللّطف بهم.
وعظمة الله وقدرته لا حدود لها، وحكمته وإرادته لا يمكن لبيانٍ أو كلامٍ أن يحدّهما، فكلمات الله ليست محدودة في قوالب لغوية لها حدّ ونهاية، بل هو الّذي خلق الكلام كوسيلة بين الناس لتأكيد التواصل والتعارف وتسيير عجلة الحياة، ومن الخطأ الجسيم أن نماثل بأذهاننا الضيّقة بين كلام الله وكلام الإنسان المحدود.
وما يشير إلى ذلك الآية المباركة: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[لقمان: 27].
وفي تفسيرها، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):
"{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} لتكتب كلّ ما أبدعه الله وما أنعم به، وما دبّره ونظّمه ورعاه من كلّ ما مضى، وما يبقى، ليتحوّل ذلك إلى كلمات، فلن تنتهي إلى نهاية محدودة، لأنَّ كلمات الله لا تنتهي عند حدّ معيَّن، فهي تنطلق من قدرته اللامتناهية، فلو كانت الفرضيّة كما ذكر، بل أكثر مما ذكر {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فهو القاهر بعزّته فلا يقهره أحد، وهو الحكيم بتدبيره في إتقان كلّ خلقه وإبداعه". [تفسير من وحي القرآن، ج:18، ص:208].
وفي تفسير الطّبري في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ}: "ولو أنَّ شجر الأرض كلّها بريت أقلاماً، {والبَحْرُ يَمُدُّهُ}، يقول: والبحر له مداد، والهاء في قوله: {يَمُدُّهُ} عائدة على البحر. وقوله: {منْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مِا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ}، وفي هذا الكلام محذوف استغنى بدلالة الظَّاهر عليه منه، وهو يكتب كلام الله بتلك الأقلام وبذلك المداد، لتكسَّرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله...
وذكر أنَّ هذه الآية نزلت على رسول الله(ص) في سبب مجادلة كانت من اليهود له... ذكر من قال ذلك عن ابن عبَّاس: أنَّ أحبار يهود قالوا لرسول الله(ص) بالمدينة: يا محمَّد، أرأيت قوله: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} إيانا تريد أو قومك؟ فقال رسول الله(ص): "كُلاًّ"، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك: "إنّا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كلّ شيء"؟ فقال رسول الله(ص): "إنها في علم الله قليلٌ وعندكم من ذلك ما يكفيكم"، فأنزل الله عليه فيما سألوه عنه من ذلك: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله}، أي أنّ التّوراة في هذا من علم الله قليل".[تفسير الطبري].
وفي تفسيرها أيضاً، يقول الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي: "كلّكم يعلم أنَّ محبرةً واحدةً تكفي الطّالب سنة أو سنوات عديدة، يسوّد بها عشرات، بل مئات، بل عشرات مئات الصّفحات، فربّنا عزّ وجلّ أراد أن يبيّن لنا طرفاً من علمه، لو أنَّ كلّ ما في الأرض من أشجار، والأرض فيها غابات كثيفة جدّاً، وفيها غابات خضراء، حتى الآن لم يستطع الإنسان أن يصل إليها، وأنّ هناك أشجاراً من حيث الأنواع والأعداد ما لا تُحصى، لو أنّ كلّ ما في الأرض من أشجار أصبحت أقلاماً، فبريت أغصانها أقلاماً، وأنّ البحار كلّها مع سبعة أمثالها كانت مداداً، أي حبراً، يقول الله عزّ وجلّ: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله} الكلمات التي تعبِّر عن علمه"...[التفسير المطوّل].
نقف متأمّلين متّعظين أمام عظمة كلام الله تعالى الّتي لا تحدّها الأوهام والصّور البشريّة، لنعرف ولنؤمن بهذا الربّ القدير الحكيم الذي أتقن كلّ شيءٍ صنعه وأبدعه، وكي نزداد تسليماً ويقيناً وقناعةً بهذه العظمة الّتي تحيلنا إلى مزيدٍ من السّكينة والطّمأنينة والإيمان المنفتح على كلّ مواقع توحيد الله وعبوديّته...
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

ما في هذا الوجود من خلقٍ، ما نعلمه وما لا نعلمه، ما نبصره وما لا نبصره، يدلّ دلالة صريحة على عظمة الخالق وإبداعه، وتنظيمه لأمور العالم، ورعايته لشؤون عباده، من رزقهم وحفظهم واللّطف بهم.
وعظمة الله وقدرته لا حدود لها، وحكمته وإرادته لا يمكن لبيانٍ أو كلامٍ أن يحدّهما، فكلمات الله ليست محدودة في قوالب لغوية لها حدّ ونهاية، بل هو الّذي خلق الكلام كوسيلة بين الناس لتأكيد التواصل والتعارف وتسيير عجلة الحياة، ومن الخطأ الجسيم أن نماثل بأذهاننا الضيّقة بين كلام الله وكلام الإنسان المحدود.
وما يشير إلى ذلك الآية المباركة: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[لقمان: 27].
وفي تفسيرها، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):
"{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} لتكتب كلّ ما أبدعه الله وما أنعم به، وما دبّره ونظّمه ورعاه من كلّ ما مضى، وما يبقى، ليتحوّل ذلك إلى كلمات، فلن تنتهي إلى نهاية محدودة، لأنَّ كلمات الله لا تنتهي عند حدّ معيَّن، فهي تنطلق من قدرته اللامتناهية، فلو كانت الفرضيّة كما ذكر، بل أكثر مما ذكر {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فهو القاهر بعزّته فلا يقهره أحد، وهو الحكيم بتدبيره في إتقان كلّ خلقه وإبداعه". [تفسير من وحي القرآن، ج:18، ص:208].
وفي تفسير الطّبري في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ}: "ولو أنَّ شجر الأرض كلّها بريت أقلاماً، {والبَحْرُ يَمُدُّهُ}، يقول: والبحر له مداد، والهاء في قوله: {يَمُدُّهُ} عائدة على البحر. وقوله: {منْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مِا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ}، وفي هذا الكلام محذوف استغنى بدلالة الظَّاهر عليه منه، وهو يكتب كلام الله بتلك الأقلام وبذلك المداد، لتكسَّرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله...
وذكر أنَّ هذه الآية نزلت على رسول الله(ص) في سبب مجادلة كانت من اليهود له... ذكر من قال ذلك عن ابن عبَّاس: أنَّ أحبار يهود قالوا لرسول الله(ص) بالمدينة: يا محمَّد، أرأيت قوله: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} إيانا تريد أو قومك؟ فقال رسول الله(ص): "كُلاًّ"، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك: "إنّا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كلّ شيء"؟ فقال رسول الله(ص): "إنها في علم الله قليلٌ وعندكم من ذلك ما يكفيكم"، فأنزل الله عليه فيما سألوه عنه من ذلك: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله}، أي أنّ التّوراة في هذا من علم الله قليل".[تفسير الطبري].
وفي تفسيرها أيضاً، يقول الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي: "كلّكم يعلم أنَّ محبرةً واحدةً تكفي الطّالب سنة أو سنوات عديدة، يسوّد بها عشرات، بل مئات، بل عشرات مئات الصّفحات، فربّنا عزّ وجلّ أراد أن يبيّن لنا طرفاً من علمه، لو أنَّ كلّ ما في الأرض من أشجار، والأرض فيها غابات كثيفة جدّاً، وفيها غابات خضراء، حتى الآن لم يستطع الإنسان أن يصل إليها، وأنّ هناك أشجاراً من حيث الأنواع والأعداد ما لا تُحصى، لو أنّ كلّ ما في الأرض من أشجار أصبحت أقلاماً، فبريت أغصانها أقلاماً، وأنّ البحار كلّها مع سبعة أمثالها كانت مداداً، أي حبراً، يقول الله عزّ وجلّ: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله} الكلمات التي تعبِّر عن علمه"...[التفسير المطوّل].
نقف متأمّلين متّعظين أمام عظمة كلام الله تعالى الّتي لا تحدّها الأوهام والصّور البشريّة، لنعرف ولنؤمن بهذا الربّ القدير الحكيم الذي أتقن كلّ شيءٍ صنعه وأبدعه، وكي نزداد تسليماً ويقيناً وقناعةً بهذه العظمة الّتي تحيلنا إلى مزيدٍ من السّكينة والطّمأنينة والإيمان المنفتح على كلّ مواقع توحيد الله وعبوديّته...
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.