إنَّ لحظة مواجهة المصير في الآخرة، هو ما يجب أن يعدّ له الإنسان العدّة، وألا يغفل عن ذلك باستغراقه في مظاهر الدّنيا الفانية. والقرآن الكريم يصوّر لنا مشهد الكافرين والفاسدين المنكبّين على ملذّاتهم ونزواتهم في الدّنيا، إلى درجة نسوا فيها يوم البعث والآخرة، يوم النّشور والقيام والحساب بين يدي الله تعالى، حتى إذا ما بعثهم الله، تفاجأوا بمصيرهم، وصدموا من هول أحوالهم، حتى تمنوا وطلبوا من ربهم أن يعيدهم إلى دار الدّنيا، من أجل أن يصحّحوا أوضاعهم، ولكن أنّى لهم ذلك؟!..
يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون: 99- 100].
وفي تفسير هذه الآيات المباركة، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}، وواجه الموقف الصّعب في ساعة الحساب، وقابل المصير المحتوم في النّار وجهاً لوجه {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}، لأنّ الغفلة المطبقة التي كان يعيشها في الدّنيا، كانت تحولُ بينه وبين إدراك هذا الموقف الذي يعيشه الآن، ليجني نتائج عمله المنحرف في طريق الكفر والضّلال.. وها هو الآن يدرك صعوبة ما هو فيه من مأزق، ويحاول أن يتراجع عن موقفه ليخرج من مأزقه الصّعب..
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} إلى الدّنيا وساحة المسؤوليّة {لعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} من الفرص الكثيرة الضّائعة التي لم أحصل فيها على أية نتيجة إيجابيّة لمصلحة المصير.. {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا}، لأنه لم ينطلق من أساس واقعيّ معقول لها، فهذا التمني لم ينطلق من وعيٍ للمسؤوليّة، بل من رغبةٍ في الخروج من المأزق.. ثم لا معنى لكلّ هذه الكلمة، لأنَّ الله قد أعطاه كلَّ الفرص، وقدّم له كلّ الدّلائل التي تثبت له لقاء يومه هذا، حيث سيواجه نتائج المسؤوليّة، ولذا فإنّه لن يجاب إلى ما طلبه، وسيواجه الموقف كلّه.. {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. الظاهر أنَّ المراد به عالم القبر، كما جاء في التفاسير. [تفسير من وحي القرآن، ج:16، ص:197-198].
وفي التّفسير المبين للعلامة الشّيخ محمد جواد مغنيّة(رض)، كلام حول ما تقدّم من آيات: "{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} يطلب الرّجعة عند انتهاء الأجل، وهيهات قد فات ما فات {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} وكفى، أي لا تغني عنه شيئاً، لأنَّ من مات فقد قامت قيامته {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، أي يوم القيامة، والبرزخ الحائل، والمعنى دون رجعة الموتى إلى الدّنيا مانع بإرادة الله ومشيئته".[التفسير المبين، ص454].
وفي تفسير ما تقدَّم من آيات أيضاً، قول القرطبي في تفسيره: "{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}، عاد الكلام إلى ذكر المشركين... ثم احتجّ عليهم وذكّرهم قدرته على كلّ شيء، ثم قال هم مصرّون على ذلك، حتى إذا جاء أحدهم الموت، تيقّن ضلالته، وعاين الملائكة التي تقبض روحه، كما قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ}.
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}، تمنّى الرّجعة كي يعمل صالحاً فيما ترك... {لعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا}. قال ابن عبّاس: يريد أشهد أن لا إله إلا الله، {فِيمَا تَرَكْتُ}، أي فيما ضيَّعت وتركت العمل به من الطّاعات... {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} ترجع إلى الله تعالى، أي لا خلف في خبره، وقد أخبر أنّه لن يؤخّر نفساً إذا جاء أجلها، وأخبر بأنّ هذا الكافر لا يؤمن.. وقيل: إنها كلمة هو قائلها عند الموت، ولكن لا تنفع، {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ} أي حاجز بين الموت والبعث، قاله الضحّاك، ومجاهد وابن زيد، وعن مجاهد أيضاً، أنّ البرزخ هو الحاجز بين الموت والرّجوع إلى الدّنيا".[القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج12، ص149].
ونحن المؤمنين، ما علينا سوى الاستزادة من التّقوى والعمل الصَّالح، والالتزام بحدود الله، وإعداد الزّاد للآخرة، كي نضمن سلامة مصيرنا، ولا نكون من أهل الغفلة والنّسيان، ومن أهل الدّنيا المنشغلين بحطامها، الّذين خسروا أنفسهم في الدنيا، ويتفاجأون بمصيرهم يوم الآخرة. {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

إنَّ لحظة مواجهة المصير في الآخرة، هو ما يجب أن يعدّ له الإنسان العدّة، وألا يغفل عن ذلك باستغراقه في مظاهر الدّنيا الفانية. والقرآن الكريم يصوّر لنا مشهد الكافرين والفاسدين المنكبّين على ملذّاتهم ونزواتهم في الدّنيا، إلى درجة نسوا فيها يوم البعث والآخرة، يوم النّشور والقيام والحساب بين يدي الله تعالى، حتى إذا ما بعثهم الله، تفاجأوا بمصيرهم، وصدموا من هول أحوالهم، حتى تمنوا وطلبوا من ربهم أن يعيدهم إلى دار الدّنيا، من أجل أن يصحّحوا أوضاعهم، ولكن أنّى لهم ذلك؟!..
يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون: 99- 100].
وفي تفسير هذه الآيات المباركة، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}، وواجه الموقف الصّعب في ساعة الحساب، وقابل المصير المحتوم في النّار وجهاً لوجه {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}، لأنّ الغفلة المطبقة التي كان يعيشها في الدّنيا، كانت تحولُ بينه وبين إدراك هذا الموقف الذي يعيشه الآن، ليجني نتائج عمله المنحرف في طريق الكفر والضّلال.. وها هو الآن يدرك صعوبة ما هو فيه من مأزق، ويحاول أن يتراجع عن موقفه ليخرج من مأزقه الصّعب..
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} إلى الدّنيا وساحة المسؤوليّة {لعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} من الفرص الكثيرة الضّائعة التي لم أحصل فيها على أية نتيجة إيجابيّة لمصلحة المصير.. {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا}، لأنه لم ينطلق من أساس واقعيّ معقول لها، فهذا التمني لم ينطلق من وعيٍ للمسؤوليّة، بل من رغبةٍ في الخروج من المأزق.. ثم لا معنى لكلّ هذه الكلمة، لأنَّ الله قد أعطاه كلَّ الفرص، وقدّم له كلّ الدّلائل التي تثبت له لقاء يومه هذا، حيث سيواجه نتائج المسؤوليّة، ولذا فإنّه لن يجاب إلى ما طلبه، وسيواجه الموقف كلّه.. {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. الظاهر أنَّ المراد به عالم القبر، كما جاء في التفاسير. [تفسير من وحي القرآن، ج:16، ص:197-198].
وفي التّفسير المبين للعلامة الشّيخ محمد جواد مغنيّة(رض)، كلام حول ما تقدّم من آيات: "{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} يطلب الرّجعة عند انتهاء الأجل، وهيهات قد فات ما فات {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} وكفى، أي لا تغني عنه شيئاً، لأنَّ من مات فقد قامت قيامته {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، أي يوم القيامة، والبرزخ الحائل، والمعنى دون رجعة الموتى إلى الدّنيا مانع بإرادة الله ومشيئته".[التفسير المبين، ص454].
وفي تفسير ما تقدَّم من آيات أيضاً، قول القرطبي في تفسيره: "{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}، عاد الكلام إلى ذكر المشركين... ثم احتجّ عليهم وذكّرهم قدرته على كلّ شيء، ثم قال هم مصرّون على ذلك، حتى إذا جاء أحدهم الموت، تيقّن ضلالته، وعاين الملائكة التي تقبض روحه، كما قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ}.
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}، تمنّى الرّجعة كي يعمل صالحاً فيما ترك... {لعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا}. قال ابن عبّاس: يريد أشهد أن لا إله إلا الله، {فِيمَا تَرَكْتُ}، أي فيما ضيَّعت وتركت العمل به من الطّاعات... {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} ترجع إلى الله تعالى، أي لا خلف في خبره، وقد أخبر أنّه لن يؤخّر نفساً إذا جاء أجلها، وأخبر بأنّ هذا الكافر لا يؤمن.. وقيل: إنها كلمة هو قائلها عند الموت، ولكن لا تنفع، {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ} أي حاجز بين الموت والبعث، قاله الضحّاك، ومجاهد وابن زيد، وعن مجاهد أيضاً، أنّ البرزخ هو الحاجز بين الموت والرّجوع إلى الدّنيا".[القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج12، ص149].
ونحن المؤمنين، ما علينا سوى الاستزادة من التّقوى والعمل الصَّالح، والالتزام بحدود الله، وإعداد الزّاد للآخرة، كي نضمن سلامة مصيرنا، ولا نكون من أهل الغفلة والنّسيان، ومن أهل الدّنيا المنشغلين بحطامها، الّذين خسروا أنفسهم في الدنيا، ويتفاجأون بمصيرهم يوم الآخرة. {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.