ما دلّهم على موته إلا دابّة الأرض تأكل منسأته

ما دلّهم على موته إلا دابّة الأرض تأكل منسأته

من عظيم قدرة الله تعالى، ما حدَّثنا به القرآن الكريم من أعجوبة موت نبيّ الله سليمان بن داود(ع)، وما فيها من دلالاتٍ واضحةٍ على قدرة الله وعظمته في خلقه، بما يحرِّك فينا المشاعر والأحاسيس والعقول للتوجّه إليه، ودعوته وحده والإخلاص إليه.

جاء في سورة "سبأ" المباركة قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}[سبأ: 14].

لقد كان سليمان(ع) في حياته ومماته صورةً متحركةً وواقعيّةً لما ميّزه الله تعالى به مما كان يحتاجه من معجزات وقدرات، فقد سخَّر الله له الجنّ والرياح والعفاريت وغير ذلك، وعلّمه منطق الطّير، ولما جاء أمر الله بإماتته، كانت خاتمة عمره الشّريف معجزةً يقف أمامها البشر بكلّ تأمّل وعِبرة وذهول، أمام قدرة الباري عزّ وجلّ الّذي إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون.

ونعرض ما فسَّره العلماء لما تقدّم من آيةٍ مباركة، فالمرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) يقول: "{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ}، لم يعرفوا به ساعة حدوثه {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ}، وهي الأرضة (حشرة تعيش في الخشب وتقتات عليه) {تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} أي عصاه، {فَلَمَّا خَرَّ} إلى الأرض، {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} الحقيقة الإيمانيَّة التي تؤكِّد استقلال الله بعلم الغيب، فلا يملك أحد من عباده أيّة ملكةٍ في هذا المجال، إلا بمقدار ما يعطيهم من مفردات الغيب.

فقد استمرّوا (الجن) على العمل القاسي، وهم يحسبون أنّ سليمان ينظر إليهم ويراقبهم، وعرفوا {أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} الذي كانوا يعيشون فيه القهر والمذلَّة والهوان".

ويشير سماحته(رض) إلى ما ورد في بعض الرّوايات حول قصة موت سليمان: "ورد في بعض الروايات أنّه قال لأهله ـ عندما أحسّ بدنوّ أجله ـ لا تخبروا الجنّ بموتي حتى يفرغوا من بنائه(الصرح)، ودخل محرابه، وقام متّكئاً على عصاه، فمات وبقي قائماً سنة، وتمّ البناء، ثم سلّط الله على منسأته الأرضة حتى أكلتها، فخرّ ميتاً، فعرف الجنّ بموته، وكانوا يحسبونه حيّاً، لما كانوا يشاهدونه من طول قيامه قبل ذلك".[تفسير من وحي القرآن، ج:19، ص:28-29].

وذكر ابن كثير: "يذكر تعالى كيفيَّة موت سليمان(ع)، وكيف عمى الله موته على الجان المسخَّرين له في الأعمال الشاقّة، فإنّه مكث متوكِّئاً على عصاه، وهي منسأته، مدّة طويلة، فلما أكلتها دابّة الأرض، وهي "الأرضة"، ضعفت وسقط إلى الأرض، وعلم أنَّه كان قد مات قبل ذلك بمدَّة طويلة، وتبيّنت الجنّ والإنس أيضاً أنّ الجنّ لا يعلمون الغيب كما كانوا يتوهّمون ويوهمون النّاس ذلك.."[تفسير ابن كثير].

ويذكر الطّبري: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ}، قال: قال سليمان لملك الموت: يا ملك الموت، إذا أُمرتَ بي فأعلمني، قال: فأتاه فقال: يا سليمان، قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة، فدعا الشّياطين فبنوا عليه صرحاً من قوارير، ليس له باب، فقام يصلّي واتّكأ على عصاه، قال: فدخل عليه ملك الموت، فقبض روحه وهو متّكئ على عصاه، ولم يصنع ذلك فراراً من ملك الموت، قال: والجنّ تعمل بين يديه وينظرون إليه يحسبون أنّه حيّ، قال: فبعث الله دابّة الأرض، قال: دابّة تأكل العيدان يقال لها القادح، فدخلت فيها فأكلتها، حتى إذا أكلت جوف العصا، ضعفت وثقل عليها فخرّ ميتاً، قال: فلمّا رأت الجنّ ذلك، انفضّوا وذهبوا، قال: فذلك قوله: {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ}. قال: والمنسأة: العصا.[تفسير الطّبري].

ويقول الشّيخ محمد جواد مغنيّة(رض): "{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} على سليمان {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} السوسة الّتي تأكل الخشب {تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} وهي العصا. وخلاصة المعنى: مات سليمان متّكئاً على عصاه، وبقي كذلك إلى ما شاء الله، وكان الإنس والجنّ ينظرون إليه ويحسبونه حيّاً، إلى أن دبّت السّوسة في عصاه وأكلت جوفها، فانكسرت وسقط سليمان، وعلم الجميع بموته، وقُضي على الخرافة القائلة بأنّ الجنّ يعلمون الغيب، ولو علموه {مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}..

وأخيراً، فنحن نؤمن ونصدّق كلّ ما دلّ عليه ظاهر هذه الآيات، وإن كان بعيداً عن الأفهام، لأنّه يتّفق مع النقل ولا يخالف العقل".[التفسير المبين للشيخ مغنية].

ومما تقدّم، نقف أمام عظمة الله تعالى وقدرته ومعاجزه، وتفرّده بعلم الغيب، وهو الّذي يريدنا أن نعتبر من قصص القرآن بما يجذِّر الإيمان في وجداننا وعقولنا، ونخلص إلى الله في كلّ أوضاعنا وعلاقاتنا، وأن نسلم لله تعالى، ونتوكّل عليه ونثق به.

إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

من عظيم قدرة الله تعالى، ما حدَّثنا به القرآن الكريم من أعجوبة موت نبيّ الله سليمان بن داود(ع)، وما فيها من دلالاتٍ واضحةٍ على قدرة الله وعظمته في خلقه، بما يحرِّك فينا المشاعر والأحاسيس والعقول للتوجّه إليه، ودعوته وحده والإخلاص إليه.

جاء في سورة "سبأ" المباركة قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}[سبأ: 14].

لقد كان سليمان(ع) في حياته ومماته صورةً متحركةً وواقعيّةً لما ميّزه الله تعالى به مما كان يحتاجه من معجزات وقدرات، فقد سخَّر الله له الجنّ والرياح والعفاريت وغير ذلك، وعلّمه منطق الطّير، ولما جاء أمر الله بإماتته، كانت خاتمة عمره الشّريف معجزةً يقف أمامها البشر بكلّ تأمّل وعِبرة وذهول، أمام قدرة الباري عزّ وجلّ الّذي إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون.

ونعرض ما فسَّره العلماء لما تقدّم من آيةٍ مباركة، فالمرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) يقول: "{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ}، لم يعرفوا به ساعة حدوثه {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ}، وهي الأرضة (حشرة تعيش في الخشب وتقتات عليه) {تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} أي عصاه، {فَلَمَّا خَرَّ} إلى الأرض، {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} الحقيقة الإيمانيَّة التي تؤكِّد استقلال الله بعلم الغيب، فلا يملك أحد من عباده أيّة ملكةٍ في هذا المجال، إلا بمقدار ما يعطيهم من مفردات الغيب.

فقد استمرّوا (الجن) على العمل القاسي، وهم يحسبون أنّ سليمان ينظر إليهم ويراقبهم، وعرفوا {أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} الذي كانوا يعيشون فيه القهر والمذلَّة والهوان".

ويشير سماحته(رض) إلى ما ورد في بعض الرّوايات حول قصة موت سليمان: "ورد في بعض الروايات أنّه قال لأهله ـ عندما أحسّ بدنوّ أجله ـ لا تخبروا الجنّ بموتي حتى يفرغوا من بنائه(الصرح)، ودخل محرابه، وقام متّكئاً على عصاه، فمات وبقي قائماً سنة، وتمّ البناء، ثم سلّط الله على منسأته الأرضة حتى أكلتها، فخرّ ميتاً، فعرف الجنّ بموته، وكانوا يحسبونه حيّاً، لما كانوا يشاهدونه من طول قيامه قبل ذلك".[تفسير من وحي القرآن، ج:19، ص:28-29].

وذكر ابن كثير: "يذكر تعالى كيفيَّة موت سليمان(ع)، وكيف عمى الله موته على الجان المسخَّرين له في الأعمال الشاقّة، فإنّه مكث متوكِّئاً على عصاه، وهي منسأته، مدّة طويلة، فلما أكلتها دابّة الأرض، وهي "الأرضة"، ضعفت وسقط إلى الأرض، وعلم أنَّه كان قد مات قبل ذلك بمدَّة طويلة، وتبيّنت الجنّ والإنس أيضاً أنّ الجنّ لا يعلمون الغيب كما كانوا يتوهّمون ويوهمون النّاس ذلك.."[تفسير ابن كثير].

ويذكر الطّبري: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ}، قال: قال سليمان لملك الموت: يا ملك الموت، إذا أُمرتَ بي فأعلمني، قال: فأتاه فقال: يا سليمان، قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة، فدعا الشّياطين فبنوا عليه صرحاً من قوارير، ليس له باب، فقام يصلّي واتّكأ على عصاه، قال: فدخل عليه ملك الموت، فقبض روحه وهو متّكئ على عصاه، ولم يصنع ذلك فراراً من ملك الموت، قال: والجنّ تعمل بين يديه وينظرون إليه يحسبون أنّه حيّ، قال: فبعث الله دابّة الأرض، قال: دابّة تأكل العيدان يقال لها القادح، فدخلت فيها فأكلتها، حتى إذا أكلت جوف العصا، ضعفت وثقل عليها فخرّ ميتاً، قال: فلمّا رأت الجنّ ذلك، انفضّوا وذهبوا، قال: فذلك قوله: {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ}. قال: والمنسأة: العصا.[تفسير الطّبري].

ويقول الشّيخ محمد جواد مغنيّة(رض): "{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} على سليمان {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} السوسة الّتي تأكل الخشب {تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ} وهي العصا. وخلاصة المعنى: مات سليمان متّكئاً على عصاه، وبقي كذلك إلى ما شاء الله، وكان الإنس والجنّ ينظرون إليه ويحسبونه حيّاً، إلى أن دبّت السّوسة في عصاه وأكلت جوفها، فانكسرت وسقط سليمان، وعلم الجميع بموته، وقُضي على الخرافة القائلة بأنّ الجنّ يعلمون الغيب، ولو علموه {مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}..

وأخيراً، فنحن نؤمن ونصدّق كلّ ما دلّ عليه ظاهر هذه الآيات، وإن كان بعيداً عن الأفهام، لأنّه يتّفق مع النقل ولا يخالف العقل".[التفسير المبين للشيخ مغنية].

ومما تقدّم، نقف أمام عظمة الله تعالى وقدرته ومعاجزه، وتفرّده بعلم الغيب، وهو الّذي يريدنا أن نعتبر من قصص القرآن بما يجذِّر الإيمان في وجداننا وعقولنا، ونخلص إلى الله في كلّ أوضاعنا وعلاقاتنا، وأن نسلم لله تعالى، ونتوكّل عليه ونثق به.

إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية