مِنْ حِكَمِ الحسينِ (ع) عن الاعتذارِ والعزِّ والسَّلام

مِنْ حِكَمِ الحسينِ (ع) عن الاعتذارِ والعزِّ والسَّلام

في حديث للإمام الحسين (ع) يقول: "إيَّاك وما تعتذر منه، فإنَّ المؤمن لا يسيء ولا يعتذر، والمنافق كلَّ يوم يسيء ويعتذر" .
فالاعتذار ذلّ، لأنَّك تقف أمام من تعتذر منه لتعبّر عن سقوطك أمامه، لذلك فالإمام الحسين (ع) يقول إنَّ المؤمن لا يتصرَّف تصرفاً يضطرّ أن يعتذر منه، ولذلك فهو لا يسيء عندما يعرف أن الإساءة يعقبها الاعتذار، بحسب الظروف الاجتماعيَّة المحيطة بالموضوع. وقد ورد في الحديث عن الصّادق (ع) في تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: 8]، قال: "إنَّ الله فوَّض إلى المؤمن أموره كلَّها، ولم يفوِّض إليه أن يكون ذليلاً"، قالوا: وكيف يذلّ نفسه؟ قال: "يدخل في ما يعتذر منه".
إذاً على الإنسان عندما يريد أن يقدم على أيّ عمل يتعلَّق بنفسه
وبالناس، أن يدرس هذا العمل، فإذا رأى أنه يستطيع أن يتحمل مسؤولية العمل، وأن يدافع عنه، وأن يقنع الناس بحجته في ما عمله، فليعمله، أمَّا إذا رأى نفسه غير قادر على أن يتحمَّل مسؤوليَّة عمله، وأنه سوف يضطرّ إلى أن يقدِّم عذراً إلى من كان العمل موجَّهاً إليه، فعليه أن لا يعمله.
ثم يقول الإمام (ع)، في ما روي عنه: "موتٌ في عزّ، خيرٌ من حياة في ذلّ" . يعني، كُن العزيز الذي يملك قوَّة الموقف والكلمة والتحدّي، ولا تكن الذَّليل الذي يحاول أن يسقط إنسانيَّته ونفسه، لأنَّ قيمة الحياة بمقدار ما تملك لحياتك قوَّتها وعنفوانها وعزتها وكرامتها.
ثم يقول (ع): "البخيلُ من بخلَ بالسَّلام" . فبعض النَّاس عندما يمرّ عليك لا يسلّم، لأنَّ عنده انتفاخ شخصيَّة، ويريدك أنت أن تسلّم عليه، فالإمام يقول عن مثل هذا الشَّخص إنَّه أبخل الناس، لأنّ السَّلام لا يكلِّفه شيئاً، والسَّلام هو الرسالة التي ترسلها من عقلك وقلبك وإنسانيَّتك إلى الإنسان الآخر لتقول له: يا صاحبي، إن علاقتي معك هي علاقة السَّلام، وإني أعطيك التحيَّة الإسلاميَّة من قلبي. السَّلام لا يمثّل تنازلاً منك لمن تسلّم عليه، بل يمثِّل ارتفاعاً بك. يقال إنَّ أحد رؤساء أمريكا، وهو "أبراهام لنكولن"، الذي أصدر مرسوماً بتحرير العبيد في أمريكا، كان مارّاً في الطَّريق، وهو رئيس جمهوريَّة، مرَّ عليه شخص أسود، فبادره بالسَّلام، قيل له إنَّ واجبه هو أن يسلِّم عليك، فقال: لا، لأنَّه لو بادرني بالسَّلام لكان أفضل مني، وأنا لا أقبل كرئيس جمهوريَّة أن يكون هو أفضل مني، لأنَّ السَّلام يمثِّل قيمة إنسانيَّة.
فالسلام هو الرسالة التي ينفتح فيها قلب على قلب، وفي الحديث عن عليّ (ع): "السلام سبعون حسنة؛ تسع وستّون للمبتدئ، وواحدة للرادّ". ثمَّ إنَّ السَّلام هو عملية تدريبية للدخول إلى الجنة، حيث السَّلام تحية أهل الجنة: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}[يونس: 10]، {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}[الزّمر: 73]، {سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرّعد: 24]. ولعلّ تحية السلام أروع تحيَّة إنسانيَّة، لأنها تعطي الذي تسلِّم عليه أماناً من كلِّ عدوان منك، ويبادلك هذا الأمان بأمان. ونحن نسينا السَّلام، لأنه في نظرنا أصبح (موضة) قديمة، وصرنا نستبدل به كلمات أخرى! ولكنَّ السلام في تعبيره الإنساني، يعطي معنى إحساسك بإنسانيَّتك تجاه الآخر، وإحساس الآخر بإنسانيَّته.
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 9 محرَّم 1421هـ/ الموافق: 14 نيسان 2000م.

في حديث للإمام الحسين (ع) يقول: "إيَّاك وما تعتذر منه، فإنَّ المؤمن لا يسيء ولا يعتذر، والمنافق كلَّ يوم يسيء ويعتذر" .
فالاعتذار ذلّ، لأنَّك تقف أمام من تعتذر منه لتعبّر عن سقوطك أمامه، لذلك فالإمام الحسين (ع) يقول إنَّ المؤمن لا يتصرَّف تصرفاً يضطرّ أن يعتذر منه، ولذلك فهو لا يسيء عندما يعرف أن الإساءة يعقبها الاعتذار، بحسب الظروف الاجتماعيَّة المحيطة بالموضوع. وقد ورد في الحديث عن الصّادق (ع) في تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: 8]، قال: "إنَّ الله فوَّض إلى المؤمن أموره كلَّها، ولم يفوِّض إليه أن يكون ذليلاً"، قالوا: وكيف يذلّ نفسه؟ قال: "يدخل في ما يعتذر منه".
إذاً على الإنسان عندما يريد أن يقدم على أيّ عمل يتعلَّق بنفسه
وبالناس، أن يدرس هذا العمل، فإذا رأى أنه يستطيع أن يتحمل مسؤولية العمل، وأن يدافع عنه، وأن يقنع الناس بحجته في ما عمله، فليعمله، أمَّا إذا رأى نفسه غير قادر على أن يتحمَّل مسؤوليَّة عمله، وأنه سوف يضطرّ إلى أن يقدِّم عذراً إلى من كان العمل موجَّهاً إليه، فعليه أن لا يعمله.
ثم يقول الإمام (ع)، في ما روي عنه: "موتٌ في عزّ، خيرٌ من حياة في ذلّ" . يعني، كُن العزيز الذي يملك قوَّة الموقف والكلمة والتحدّي، ولا تكن الذَّليل الذي يحاول أن يسقط إنسانيَّته ونفسه، لأنَّ قيمة الحياة بمقدار ما تملك لحياتك قوَّتها وعنفوانها وعزتها وكرامتها.
ثم يقول (ع): "البخيلُ من بخلَ بالسَّلام" . فبعض النَّاس عندما يمرّ عليك لا يسلّم، لأنَّ عنده انتفاخ شخصيَّة، ويريدك أنت أن تسلّم عليه، فالإمام يقول عن مثل هذا الشَّخص إنَّه أبخل الناس، لأنّ السَّلام لا يكلِّفه شيئاً، والسَّلام هو الرسالة التي ترسلها من عقلك وقلبك وإنسانيَّتك إلى الإنسان الآخر لتقول له: يا صاحبي، إن علاقتي معك هي علاقة السَّلام، وإني أعطيك التحيَّة الإسلاميَّة من قلبي. السَّلام لا يمثّل تنازلاً منك لمن تسلّم عليه، بل يمثِّل ارتفاعاً بك. يقال إنَّ أحد رؤساء أمريكا، وهو "أبراهام لنكولن"، الذي أصدر مرسوماً بتحرير العبيد في أمريكا، كان مارّاً في الطَّريق، وهو رئيس جمهوريَّة، مرَّ عليه شخص أسود، فبادره بالسَّلام، قيل له إنَّ واجبه هو أن يسلِّم عليك، فقال: لا، لأنَّه لو بادرني بالسَّلام لكان أفضل مني، وأنا لا أقبل كرئيس جمهوريَّة أن يكون هو أفضل مني، لأنَّ السَّلام يمثِّل قيمة إنسانيَّة.
فالسلام هو الرسالة التي ينفتح فيها قلب على قلب، وفي الحديث عن عليّ (ع): "السلام سبعون حسنة؛ تسع وستّون للمبتدئ، وواحدة للرادّ". ثمَّ إنَّ السَّلام هو عملية تدريبية للدخول إلى الجنة، حيث السَّلام تحية أهل الجنة: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}[يونس: 10]، {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}[الزّمر: 73]، {سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرّعد: 24]. ولعلّ تحية السلام أروع تحيَّة إنسانيَّة، لأنها تعطي الذي تسلِّم عليه أماناً من كلِّ عدوان منك، ويبادلك هذا الأمان بأمان. ونحن نسينا السَّلام، لأنه في نظرنا أصبح (موضة) قديمة، وصرنا نستبدل به كلمات أخرى! ولكنَّ السلام في تعبيره الإنساني، يعطي معنى إحساسك بإنسانيَّتك تجاه الآخر، وإحساس الآخر بإنسانيَّته.
* من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 9 محرَّم 1421هـ/ الموافق: 14 نيسان 2000م.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية