إنَّ زينب (ع)، بالرغم من أنَّنا حصرناها في الدائرة البكائيَّة، فإننا من خلال ما ندرسه من مسيرتها في كربلاء، وبالرّغم من أنَّ التاريخ لم يحدّثنا عن سيرتها قبل كربلاء وعن سيرتها بعد كربلاء تفصيلاً، ولكنَّها كانت القائد في غياب القائد، وكانت الصَّابرة كأعمق وأرحب ما يكون الصَّبر، وكانت البطلة أمام المأساة، وهي القائلة: «اللَّهمَّ تقبَّل منَّا هذا القربان». فأيّ أختٍ تعيش هذه المأساة الَّتي تمثَّلت في كلِّ هذه الوحشيَّة الأمويَّة في حصد الأطفال والشّيوخ والشَّباب وبعض النِّساء، وهي لا تتوجَّه إلَّا إلى الله، وهي ترى أنَّ المسألة ليست مصيبة شخصيَّة في داخل الذات، وإنما هي جهاد في سبيل الله؟!
وإذ تتمثَّل كلَّ هؤلاء الصَّفوة الطيِّبة وإمامهم الحسين (ع)، لتعتبر أنَّ أخاها قربان تُقدِّمه إلى الله تعالى من أجل الإسلام، ومن أجل إصلاح أمَّة جدِّه، ولإبقاء الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر خطّاً للإنسان كلِّه، وليكون الإنسان المسلم عزيزاً أمام كلِّ التحدّيات، لأنَّ الحسين (ع) أعطى هذا الشِّعار: «لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذَّليل، ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد»[1]، لنرفعه أمام التحدّيات الكبرى، أمام تحدّيات الطَّواغيت السياسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، ليثبت الإنسان المسلم، فيكون العزيز الَّذي لا ينتقص أحد من عزَّته، كما لا ينتقص أحد من دينه، كما قال الإمام الصَّادق (ع): «المؤمن أعزُّ من الجبل؛ إنَّ الجبل يستقلُّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلُّ من دينه»[2]، وقال في تفسيره قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}: «إنَّ الله فوَّض إلى المؤمن أموره كلَّها، ولم يفوِّض إليه أن يكون ذليلاً»، لست حراً أن تذلَّ نفسك، وهذه القاعدة تنطلق من صلب الإسلام، والَّتي كان الحسين (ع) يلمِّح إليها عندما قال: «ألا وإنَّ الدّعيَّ ابن الدَّعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلَّة والذّلة، وهيهات منّا الذّلة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون»[3]...
لقد عاشت زينب (ع) فكر الحسين (ع) كلّه وروحيَّته كلّها، ولهذا كانت الصَّابرة في كربلاء، بحيث لم يسمع منها حالة بكائيَّة إلَّا في بعض القضايا الَّتي كانت تريد أن تحتوي آلام الحسين (ع) في عليّ الأكبر (ع)، وما عدا ذلك، كانت في أقسى الحالات الصَّامدة كصمود الحسين (ع)، وقد تجلّى ذلك في عدَّة مواقف، حيث استطاعت أن تقف بكلِّ عنفوان وبكلِّ شموخ أمام ابن زياد، عندما قالت له: «إنَّما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، وهو غيرنا والحمد لله»[4]. «ثكلتك أمّك يا بن مرجانة»[5]، وعندما وقفت أمام أهل الكوفة وأنَّبتهم بكلِّ عنفوان المرأة المسلمة البطلة القويَّة الَّتي تنظر إلى كلِّ هؤلاء الَّذين باعوا أنفسهم للشَّيطان، وعندما وقفت أمام يزيد وتحدَّثت معه بأسلوب من أروع الأساليب الَّذي مزجت فيه القوَّة بالعاطفة، وقالت له: «فكدْ كيدك، واسعَ سعيك، وناصبْ جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا»[6].
ولذلك، فنحن نقول لكلِّ النساء المسلمات، إنَّ عليهنَّ أن ينطلقن من هذه الشجاعة البطوليَّة للسيِّدة زينب (ع)، ونقول لكلِّ أتباع أهل البيت (ع): ادرسوا ا زينب (ع) في حجم قضيَّة المرأة في العالم، فلا تحصروها في دائرة المأساة، حتى لا تضيع عن وجداننا الثقافي والروحي والسياسي في غمرة ذلك.
أيُّها الأحبَّة، إنَّنا نواجه مرحلةً من أصعب المراحل في التَّاريخ الإسلامي كلِّه، حيث برز الاستكبار كلُّه إلى الاستضعاف كلِّه، وبرز الكفر كلُّه إلى الإسلام كلِّه. نحن بحاجة إليك يا بطلة كربلاء... إنَّنا بحاجة إلى بطولات المرأة المسلمة، وأنت القدوة في البطولة، كما أنت القدوة في الوعي، وأنت القدوة في كلِّ ما تنفتحين به على الله.
[1] بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج45، ص 7.
[2] بحار الأنوار، ج64، ص 72.
[3] بحار الأنوار، ج 74، ص 162.
[4] الإرشاد، الشّيخ المفيد، ج 2، ص 115.
[5] بحار الأنوار، ج 45، ص 116.
[6] بحار الأنوار، ج 45، ص 135.
إنَّ زينب (ع)، بالرغم من أنَّنا حصرناها في الدائرة البكائيَّة، فإننا من خلال ما ندرسه من مسيرتها في كربلاء، وبالرّغم من أنَّ التاريخ لم يحدّثنا عن سيرتها قبل كربلاء وعن سيرتها بعد كربلاء تفصيلاً، ولكنَّها كانت القائد في غياب القائد، وكانت الصَّابرة كأعمق وأرحب ما يكون الصَّبر، وكانت البطلة أمام المأساة، وهي القائلة: «اللَّهمَّ تقبَّل منَّا هذا القربان». فأيّ أختٍ تعيش هذه المأساة الَّتي تمثَّلت في كلِّ هذه الوحشيَّة الأمويَّة في حصد الأطفال والشّيوخ والشَّباب وبعض النِّساء، وهي لا تتوجَّه إلَّا إلى الله، وهي ترى أنَّ المسألة ليست مصيبة شخصيَّة في داخل الذات، وإنما هي جهاد في سبيل الله؟!
وإذ تتمثَّل كلَّ هؤلاء الصَّفوة الطيِّبة وإمامهم الحسين (ع)، لتعتبر أنَّ أخاها قربان تُقدِّمه إلى الله تعالى من أجل الإسلام، ومن أجل إصلاح أمَّة جدِّه، ولإبقاء الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر خطّاً للإنسان كلِّه، وليكون الإنسان المسلم عزيزاً أمام كلِّ التحدّيات، لأنَّ الحسين (ع) أعطى هذا الشِّعار: «لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذَّليل، ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد»[1]، لنرفعه أمام التحدّيات الكبرى، أمام تحدّيات الطَّواغيت السياسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، ليثبت الإنسان المسلم، فيكون العزيز الَّذي لا ينتقص أحد من عزَّته، كما لا ينتقص أحد من دينه، كما قال الإمام الصَّادق (ع): «المؤمن أعزُّ من الجبل؛ إنَّ الجبل يستقلُّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلُّ من دينه»[2]، وقال في تفسيره قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}: «إنَّ الله فوَّض إلى المؤمن أموره كلَّها، ولم يفوِّض إليه أن يكون ذليلاً»، لست حراً أن تذلَّ نفسك، وهذه القاعدة تنطلق من صلب الإسلام، والَّتي كان الحسين (ع) يلمِّح إليها عندما قال: «ألا وإنَّ الدّعيَّ ابن الدَّعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلَّة والذّلة، وهيهات منّا الذّلة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون»[3]...
لقد عاشت زينب (ع) فكر الحسين (ع) كلّه وروحيَّته كلّها، ولهذا كانت الصَّابرة في كربلاء، بحيث لم يسمع منها حالة بكائيَّة إلَّا في بعض القضايا الَّتي كانت تريد أن تحتوي آلام الحسين (ع) في عليّ الأكبر (ع)، وما عدا ذلك، كانت في أقسى الحالات الصَّامدة كصمود الحسين (ع)، وقد تجلّى ذلك في عدَّة مواقف، حيث استطاعت أن تقف بكلِّ عنفوان وبكلِّ شموخ أمام ابن زياد، عندما قالت له: «إنَّما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، وهو غيرنا والحمد لله»[4]. «ثكلتك أمّك يا بن مرجانة»[5]، وعندما وقفت أمام أهل الكوفة وأنَّبتهم بكلِّ عنفوان المرأة المسلمة البطلة القويَّة الَّتي تنظر إلى كلِّ هؤلاء الَّذين باعوا أنفسهم للشَّيطان، وعندما وقفت أمام يزيد وتحدَّثت معه بأسلوب من أروع الأساليب الَّذي مزجت فيه القوَّة بالعاطفة، وقالت له: «فكدْ كيدك، واسعَ سعيك، وناصبْ جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا»[6].
ولذلك، فنحن نقول لكلِّ النساء المسلمات، إنَّ عليهنَّ أن ينطلقن من هذه الشجاعة البطوليَّة للسيِّدة زينب (ع)، ونقول لكلِّ أتباع أهل البيت (ع): ادرسوا ا زينب (ع) في حجم قضيَّة المرأة في العالم، فلا تحصروها في دائرة المأساة، حتى لا تضيع عن وجداننا الثقافي والروحي والسياسي في غمرة ذلك.
أيُّها الأحبَّة، إنَّنا نواجه مرحلةً من أصعب المراحل في التَّاريخ الإسلامي كلِّه، حيث برز الاستكبار كلُّه إلى الاستضعاف كلِّه، وبرز الكفر كلُّه إلى الإسلام كلِّه. نحن بحاجة إليك يا بطلة كربلاء... إنَّنا بحاجة إلى بطولات المرأة المسلمة، وأنت القدوة في البطولة، كما أنت القدوة في الوعي، وأنت القدوة في كلِّ ما تنفتحين به على الله.
[1] بحار الأنوار، العلَّامة المجلسي، ج45، ص 7.
[2] بحار الأنوار، ج64، ص 72.
[3] بحار الأنوار، ج 74، ص 162.
[4] الإرشاد، الشّيخ المفيد، ج 2، ص 115.
[5] بحار الأنوار، ج 45، ص 116.
[6] بحار الأنوار، ج 45، ص 135.