عاشوراء الحسين(ع) وإرادة تغيير الواقع

عاشوراء الحسين(ع) وإرادة تغيير الواقع

كان الإمام(ع) يريد إصلاح الأمّة بكلِّ أفرادها وتنوّعاتها... ويقال إنّ أوّل نصّ تحدّث به الإمام الحسين(ع) عند خروجه من مكّة، جاء فيه: "أيّها النّاس، إنّ رسول الله(ص) قال: من رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاًّ لِحُرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسوله الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يُغيِّر عليه بفعل ولا قول، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله"، لأنّ مسألة تغيير الحاكم الظّالم هي مسألة شرعيّة يعاقب الله من يتركها، ويثيب من يقوم بها، ثم يؤكّد موقفه: "ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشّيطان...". من هنا نفهم أن الإمام الحسين(ع) كان يريد أن يغيّر الواقع، من خلال التركيز على نقطتين اثنتين:

 أوّلاً: سيادة القانون، فهم عطّلوا الحدود، ولا بُدَّ من أن تقام الحدود في الدولة الإسلاميّة.

ثانياً: استأثروا بالفيء، وهو مال الأمّة، وعلى المسلمين الحفاظ على مال الأمّة الذي هو مال الله.

وعلى هذا الأساس، لا يجوز لنا أن نطيّف عاشوراء ونعتبرها مسألةً شيعيةً، فالشعارات التي أطلقها الإمام الحسين(ع) بأجمعها كانت إسلاميّة وإنسانيّة، كما أنّ الإمام الحسين(ع) إمام يحبّه المسلمون كلّهم ويحبّهم كلّهم، والكلّ يردّد: "الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة".

لذلك لا يجوز لنا أن نجعل عاشوراء قضيّة طائفيةً مذهبيةً مغلقةً يتعقد منها بعض المسلمين، لأنها فوق كلّ هذه التعقيدات، وقد انطلقت من القيم الرسالية الإسلاميّة الإنسانيّة، وتمثّلت فيها شخصيّة الحسين(ع)، فكانت القيمة تجسيداً للقائد، وكان القائد تجسيداً للقيمة، بمعنى أنّه إذا رأيت الحسين(ع) رأيت الإسلام، وإذا درست الإسلام التقيت بالحسين(ع)، فليس هناك أيّ نوع من أنواع الإثنينيّة بين الحسين(ع) والقيمة العليا التي يمثّلها، لأنّه(ع) ذاب في الإسلام، وعاش الإسلام في عقله وقلبه وحركته وحياته، حتى إنّه في جهاده انطلق شهيداً من أجل الإسلام.

وهذا يفرض علينا أن لا نفصل بين الشخص والقضيّة، لأن الكثير من النّاس، وخصوصاً هؤلاء الذين يقومون ببعض العادات الدخيلة، مثل الّذين يضربون رؤوسهم بالسيف، أو الذين اختلقوا بعض العادات المتخلّفة، هؤلاء لم ينطلقوا على أساس الوعي لقضيّة الحسين، ولم يفهموا جيداً ما هي قضيّة عاشوراء، وما هي كربلاء، وما هو الواقع الّذي تعيشه الدولة الإسلاميّة، إذا استبدّ بها المستكبرون أو الظالمون... أو الحركة الصهيونيّة أو أيّ نوع من أنواع الاستكبار.

هذه هي المسألة التي ينبغي أن تنطلق عاشوراء منها، وأن تكون عاشوراء في كلّ سنة منطلقاً لمواجهة كلّ ما يتعرّض له العالم الإسلامي من تحديات ومشاكل، فلا يجوز أن يبقى العالم الإسلامي يعيش على هامش العالم المستكبر في هذا المقام، فنحن نمثل ـ كمسلمين ـ المليار ونصف المليار نسمة، فهل من الطبيعي أن نبقى على هامش قرارات العالم، لا نملك أيّ مستوى من مستويات المشاركة في هذه القرارات؟ فما حجم بريطانيا التي تنطلق لتتدخّل في قراراتنا ومصيرنا؟ وما حجم غيرها من الدول؟ أليس كلّ ذلك لأننا فقدنا البوصلة، وهي الإسلام الحضاري المنفتح على قضايا الحريّة والعدالة وحقوق الإنسان، وأصبحنا نبتدع في كلّ سنة عادةً متخلّفةً لا ترتبط بالإسلام ولا ترتبط بالحسين(ع) ولا بقضيته.

علينا أن نبقى مع الحسين القضيّة والرسالة والقوّة، وأن ننطلق لنصنع القوّة في كلّ مواقع التحدّي، لأن التحديات التي تواجهنا في حياتنا العامة كبيرة، وخصوصاً أمام الغرب الذي يبرّر لإسرائيل كلّ مجازرها، ويعتبر أنّ قتلها الأطفال والنّساء والشّيوخ، وتدميرها البنية التحتيّة للبنان وفلسطين، دفاع عن النفس. إنّنا نحتاج إلى إرادة صلبة، وإلى مسؤولين على مستوى هذه التحديات الكبيرة والمصيرية التي تتهدّدنا من خلال واقع الاستكبار العالمي والأمريكي تحديداً.

وفي ضوء هذا، لا بدّ للأمّة من أن تتعلّم في الموسم العاشورائيّ كيف يكون الحزن حزن الأقوياء لا حزن الضّعفاء، والبكاء بكاء العاطفة الولائيّة لا بكاء الإحباط، وأن تكون كربلاء حركةً للقوّة، لا مجرّد مناسبة للحزن والبكاء. إنّ الحسين يمثّل الوحدة الإسلاميّة، فلا بدّ من أن تنفتح كربلاء على الوحدة، لأن الكثيرين ممن يقرؤون العزاء، يتحدثون بالأخبار الخرافيّة الكاذبة التي لا أساس لها، والتي لا فائدة من إعادة تكرارها سنويّاً، لما تخلقه من مناخات غير مُستحبة بين المسلمين.

من كتاب: عاشوراء النّصّ والوظيفة.

كان الإمام(ع) يريد إصلاح الأمّة بكلِّ أفرادها وتنوّعاتها... ويقال إنّ أوّل نصّ تحدّث به الإمام الحسين(ع) عند خروجه من مكّة، جاء فيه: "أيّها النّاس، إنّ رسول الله(ص) قال: من رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاًّ لِحُرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسوله الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يُغيِّر عليه بفعل ولا قول، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله"، لأنّ مسألة تغيير الحاكم الظّالم هي مسألة شرعيّة يعاقب الله من يتركها، ويثيب من يقوم بها، ثم يؤكّد موقفه: "ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشّيطان...". من هنا نفهم أن الإمام الحسين(ع) كان يريد أن يغيّر الواقع، من خلال التركيز على نقطتين اثنتين:

 أوّلاً: سيادة القانون، فهم عطّلوا الحدود، ولا بُدَّ من أن تقام الحدود في الدولة الإسلاميّة.

ثانياً: استأثروا بالفيء، وهو مال الأمّة، وعلى المسلمين الحفاظ على مال الأمّة الذي هو مال الله.

وعلى هذا الأساس، لا يجوز لنا أن نطيّف عاشوراء ونعتبرها مسألةً شيعيةً، فالشعارات التي أطلقها الإمام الحسين(ع) بأجمعها كانت إسلاميّة وإنسانيّة، كما أنّ الإمام الحسين(ع) إمام يحبّه المسلمون كلّهم ويحبّهم كلّهم، والكلّ يردّد: "الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة".

لذلك لا يجوز لنا أن نجعل عاشوراء قضيّة طائفيةً مذهبيةً مغلقةً يتعقد منها بعض المسلمين، لأنها فوق كلّ هذه التعقيدات، وقد انطلقت من القيم الرسالية الإسلاميّة الإنسانيّة، وتمثّلت فيها شخصيّة الحسين(ع)، فكانت القيمة تجسيداً للقائد، وكان القائد تجسيداً للقيمة، بمعنى أنّه إذا رأيت الحسين(ع) رأيت الإسلام، وإذا درست الإسلام التقيت بالحسين(ع)، فليس هناك أيّ نوع من أنواع الإثنينيّة بين الحسين(ع) والقيمة العليا التي يمثّلها، لأنّه(ع) ذاب في الإسلام، وعاش الإسلام في عقله وقلبه وحركته وحياته، حتى إنّه في جهاده انطلق شهيداً من أجل الإسلام.

وهذا يفرض علينا أن لا نفصل بين الشخص والقضيّة، لأن الكثير من النّاس، وخصوصاً هؤلاء الذين يقومون ببعض العادات الدخيلة، مثل الّذين يضربون رؤوسهم بالسيف، أو الذين اختلقوا بعض العادات المتخلّفة، هؤلاء لم ينطلقوا على أساس الوعي لقضيّة الحسين، ولم يفهموا جيداً ما هي قضيّة عاشوراء، وما هي كربلاء، وما هو الواقع الّذي تعيشه الدولة الإسلاميّة، إذا استبدّ بها المستكبرون أو الظالمون... أو الحركة الصهيونيّة أو أيّ نوع من أنواع الاستكبار.

هذه هي المسألة التي ينبغي أن تنطلق عاشوراء منها، وأن تكون عاشوراء في كلّ سنة منطلقاً لمواجهة كلّ ما يتعرّض له العالم الإسلامي من تحديات ومشاكل، فلا يجوز أن يبقى العالم الإسلامي يعيش على هامش العالم المستكبر في هذا المقام، فنحن نمثل ـ كمسلمين ـ المليار ونصف المليار نسمة، فهل من الطبيعي أن نبقى على هامش قرارات العالم، لا نملك أيّ مستوى من مستويات المشاركة في هذه القرارات؟ فما حجم بريطانيا التي تنطلق لتتدخّل في قراراتنا ومصيرنا؟ وما حجم غيرها من الدول؟ أليس كلّ ذلك لأننا فقدنا البوصلة، وهي الإسلام الحضاري المنفتح على قضايا الحريّة والعدالة وحقوق الإنسان، وأصبحنا نبتدع في كلّ سنة عادةً متخلّفةً لا ترتبط بالإسلام ولا ترتبط بالحسين(ع) ولا بقضيته.

علينا أن نبقى مع الحسين القضيّة والرسالة والقوّة، وأن ننطلق لنصنع القوّة في كلّ مواقع التحدّي، لأن التحديات التي تواجهنا في حياتنا العامة كبيرة، وخصوصاً أمام الغرب الذي يبرّر لإسرائيل كلّ مجازرها، ويعتبر أنّ قتلها الأطفال والنّساء والشّيوخ، وتدميرها البنية التحتيّة للبنان وفلسطين، دفاع عن النفس. إنّنا نحتاج إلى إرادة صلبة، وإلى مسؤولين على مستوى هذه التحديات الكبيرة والمصيرية التي تتهدّدنا من خلال واقع الاستكبار العالمي والأمريكي تحديداً.

وفي ضوء هذا، لا بدّ للأمّة من أن تتعلّم في الموسم العاشورائيّ كيف يكون الحزن حزن الأقوياء لا حزن الضّعفاء، والبكاء بكاء العاطفة الولائيّة لا بكاء الإحباط، وأن تكون كربلاء حركةً للقوّة، لا مجرّد مناسبة للحزن والبكاء. إنّ الحسين يمثّل الوحدة الإسلاميّة، فلا بدّ من أن تنفتح كربلاء على الوحدة، لأن الكثيرين ممن يقرؤون العزاء، يتحدثون بالأخبار الخرافيّة الكاذبة التي لا أساس لها، والتي لا فائدة من إعادة تكرارها سنويّاً، لما تخلقه من مناخات غير مُستحبة بين المسلمين.

من كتاب: عاشوراء النّصّ والوظيفة.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية