أسلمة عــــــــــاشوراء

أسلمة عــــــــــاشوراء

لا نريد من طرح هذا العنوان الإيهام بأنّ عاشوراء تفتقد الصفة الإسلامية، بل نريد التأكيد أن القضية الحسينية هي قضية إسلامية عامّة، وليست قضية مذهبية خاصّة.

لقد انطلقت كربلاء على أساس العناوين الإسلامية، وتمثّل ذلك في الطروحات التي أطلقها الحسين(ع) كعنوان عريض لحركته، وفي المواقف التي تجسّدت خلال المسيرة الحسينيّة حتى الشهادة.

كان عنوان الحركة هو الإصلاح في أمّة رسول الله(ص)، وذلك في قول الحسين(ع): "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"، على أساس قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، ومن الأمر بالمعروف أمر الظّالم به، ومن النهي عن المنكر نهي الظالم عنه، ولو بالثّورة في وجهه، لأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يكونان بالكلمة، وقد يكونان بالموقف، وقد يكونان بممارسة القوّة، بحسب ما تفرضه طبيعة الظروف والنتائج.

وقد رفض الإمام الحسين(ع) البيعة، على أساس البرنامج الّذي ركّزه الإسلام لصورة الحاكم الإسلامي والخليفة، فقال: "أيها الناس، إن رسول الله(ص) قال: من رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً بعهده، مخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر ما عليه بقول ولا بفعل، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله". وكان هذا هو خطّ النظرية، أما خط التطبيق، فأكّده بقوله: "ألا وإن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرّحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله، وأنا أحقّ من غيَّر"، وقال في بعض كلماته، وهو يؤكّد موقع العزّة ومعناها في شخصيّة الإنسان المؤمن: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذّليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد"، وقال: "ألا وإنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين: بين السلّة والذّلّة، وهيهات منّا الذلة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون".

هذه هي بعض شعاراته، وعندما ندرسها، نجد بوضوح أنها ليست شعارات المرحلة الّتي كان يعيش فيها، لتكون المسألة مجرّد مسألة غارقة في التاريخ، كما أنها ليست شعارات مذهبيّة فئوية، ولكنّها شعارات الحياة كلها، وشعارات الإسلام في كلّ مواقعه.. فمن منا لا يلمح الإفساد والفساد السياسي على مستوى الحاكم والمحكوم وحركة الحكم؟ ومن منا لايرى الإفساد والفساد على مستوى الاستكبار العالمي والإقليمي والمحلّي في كلّ ما يريده الاستكبار من مصادرة لقضايانا المصيريّة؟ ومن منا لا يجد أنّ الواقع يعمل على إفساد الأخلاق الفرديّة والاجتماعيّة في داخل الفرد المسلم والمجتمع والأمّة المسلمة، من خلال من يريدون المتاجرة بالأخلاق؟ ومن منا لم يرفض الواقع الّذي يترك فيه الكثيرون من المسلمين عبادة الله، ويتركون فيه الصّدق والأمانة والعفّة والوفاء، وما إلى ذلك من أصول الأخلاق الإسلاميّة، في الوقت الذين يشهدون أن (لا إله إلا الله، وأنّ محمّداً رسول الله)؟ ومن منّا لا يرفض الكثير من مظاهر الانحراف في حياتنا، والعلاقات الممزّقة، والفتن التي تتحرك على مستوى الأفراد والعوائل والأحزاب والطوائف الإسلامية وما إلى ذلك؟ ومن منا لا يرى في العزّة القيمة الكبرى على المستوى الفردي أو الاجتماعي؟

كانت ثورة الإمام الحسين(ع) ثورة خاسرة من النّاحية العسكريّة، لكنّها صدمت الواقع وهزّت قواعده، لكي تركّز الخطّ الأصيل الذي يحفظ الحياة الإسلاميّة، ويؤكّد العدل في داخلها، لأنّ الواقع كان قد وصل إلى مرحلة استرخى فيها تحت تأثير حكم يزيد، ولذلك انطلق الناس، وهم يحبّون الحسين، ليحاربوه.. وبذلك كان الوضع الإسلاميّ مهيّأً لأن يستمرّ الظلم فيه، ويحرّك الناس كلّهم في مواجهة كلّ دعوة للحقّ، وتؤدّي مجاري الأمور إلى تقديم الكفر للنّاس باسم الإسلام.

ومن هنا، فإنّ الحسين(ع) يمثّل خطّاً ومنهجاً وتجسيداً حيّاً للقيم الإسلامية والإنسانية في العزّة والكرامة والمحافظة على استقامة المسيرة الّتي جعلها الله أمانةً في أعناقنا جميعاً، وفي محاربة الظّلم والفساد، في كلّ عصر، أيّاً كانت العناوين التي يأخذها الظلم، أو الألوان الّتي يتزيّن بها الفساد، ويؤكّد أنّ الإصلاح في أمّة رسول الله مسؤوليّة كلّ فرد من أفراد هذه الأمّة، كلّ بحسب دوره وإمكاناته في كلّ المجالات.

وفي كلّ ذلك، كان يستهدي جدّه رسول الله(ص)، الّذي حذّر المسلمين من ترك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وأنذرهم أنهم سيقعون في هذه الحال في مصائب كثيرة وبلايا عديدة، فقال: "لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر، أو ليسلّطنّ الله شراركم على خياركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم".

من كتاب "نظرة إسلاميّة حول عاشوراء".

لا نريد من طرح هذا العنوان الإيهام بأنّ عاشوراء تفتقد الصفة الإسلامية، بل نريد التأكيد أن القضية الحسينية هي قضية إسلامية عامّة، وليست قضية مذهبية خاصّة.

لقد انطلقت كربلاء على أساس العناوين الإسلامية، وتمثّل ذلك في الطروحات التي أطلقها الحسين(ع) كعنوان عريض لحركته، وفي المواقف التي تجسّدت خلال المسيرة الحسينيّة حتى الشهادة.

كان عنوان الحركة هو الإصلاح في أمّة رسول الله(ص)، وذلك في قول الحسين(ع): "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"، على أساس قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، ومن الأمر بالمعروف أمر الظّالم به، ومن النهي عن المنكر نهي الظالم عنه، ولو بالثّورة في وجهه، لأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يكونان بالكلمة، وقد يكونان بالموقف، وقد يكونان بممارسة القوّة، بحسب ما تفرضه طبيعة الظروف والنتائج.

وقد رفض الإمام الحسين(ع) البيعة، على أساس البرنامج الّذي ركّزه الإسلام لصورة الحاكم الإسلامي والخليفة، فقال: "أيها الناس، إن رسول الله(ص) قال: من رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً بعهده، مخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر ما عليه بقول ولا بفعل، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله". وكان هذا هو خطّ النظرية، أما خط التطبيق، فأكّده بقوله: "ألا وإن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرّحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله، وأنا أحقّ من غيَّر"، وقال في بعض كلماته، وهو يؤكّد موقع العزّة ومعناها في شخصيّة الإنسان المؤمن: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذّليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد"، وقال: "ألا وإنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين: بين السلّة والذّلّة، وهيهات منّا الذلة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون".

هذه هي بعض شعاراته، وعندما ندرسها، نجد بوضوح أنها ليست شعارات المرحلة الّتي كان يعيش فيها، لتكون المسألة مجرّد مسألة غارقة في التاريخ، كما أنها ليست شعارات مذهبيّة فئوية، ولكنّها شعارات الحياة كلها، وشعارات الإسلام في كلّ مواقعه.. فمن منا لا يلمح الإفساد والفساد السياسي على مستوى الحاكم والمحكوم وحركة الحكم؟ ومن منا لايرى الإفساد والفساد على مستوى الاستكبار العالمي والإقليمي والمحلّي في كلّ ما يريده الاستكبار من مصادرة لقضايانا المصيريّة؟ ومن منا لا يجد أنّ الواقع يعمل على إفساد الأخلاق الفرديّة والاجتماعيّة في داخل الفرد المسلم والمجتمع والأمّة المسلمة، من خلال من يريدون المتاجرة بالأخلاق؟ ومن منا لم يرفض الواقع الّذي يترك فيه الكثيرون من المسلمين عبادة الله، ويتركون فيه الصّدق والأمانة والعفّة والوفاء، وما إلى ذلك من أصول الأخلاق الإسلاميّة، في الوقت الذين يشهدون أن (لا إله إلا الله، وأنّ محمّداً رسول الله)؟ ومن منّا لا يرفض الكثير من مظاهر الانحراف في حياتنا، والعلاقات الممزّقة، والفتن التي تتحرك على مستوى الأفراد والعوائل والأحزاب والطوائف الإسلامية وما إلى ذلك؟ ومن منا لا يرى في العزّة القيمة الكبرى على المستوى الفردي أو الاجتماعي؟

كانت ثورة الإمام الحسين(ع) ثورة خاسرة من النّاحية العسكريّة، لكنّها صدمت الواقع وهزّت قواعده، لكي تركّز الخطّ الأصيل الذي يحفظ الحياة الإسلاميّة، ويؤكّد العدل في داخلها، لأنّ الواقع كان قد وصل إلى مرحلة استرخى فيها تحت تأثير حكم يزيد، ولذلك انطلق الناس، وهم يحبّون الحسين، ليحاربوه.. وبذلك كان الوضع الإسلاميّ مهيّأً لأن يستمرّ الظلم فيه، ويحرّك الناس كلّهم في مواجهة كلّ دعوة للحقّ، وتؤدّي مجاري الأمور إلى تقديم الكفر للنّاس باسم الإسلام.

ومن هنا، فإنّ الحسين(ع) يمثّل خطّاً ومنهجاً وتجسيداً حيّاً للقيم الإسلامية والإنسانية في العزّة والكرامة والمحافظة على استقامة المسيرة الّتي جعلها الله أمانةً في أعناقنا جميعاً، وفي محاربة الظّلم والفساد، في كلّ عصر، أيّاً كانت العناوين التي يأخذها الظلم، أو الألوان الّتي يتزيّن بها الفساد، ويؤكّد أنّ الإصلاح في أمّة رسول الله مسؤوليّة كلّ فرد من أفراد هذه الأمّة، كلّ بحسب دوره وإمكاناته في كلّ المجالات.

وفي كلّ ذلك، كان يستهدي جدّه رسول الله(ص)، الّذي حذّر المسلمين من ترك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وأنذرهم أنهم سيقعون في هذه الحال في مصائب كثيرة وبلايا عديدة، فقال: "لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر، أو ليسلّطنّ الله شراركم على خياركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم".

من كتاب "نظرة إسلاميّة حول عاشوراء".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية