البُعد الإنسانيّ والإسلاميّ لعاشوراء

البُعد الإنسانيّ والإسلاميّ لعاشوراء

أراد الإمام الحسين(ع) [من خلال عاشوراء]، أن يحرّر النّاس الذين اتخذهم [يزيد وأتباعه] عبيداً لهم، وأراد من خلال ذلك أن يرسم إطاراً للبعد الإنساني الّذي ينطلق من أجل أن يحقق الحريّة للإنسان.

الحسين رائد القيم العليا

ونحن نقرأ في السيرة الحسينيّة، أنه عندما برز(ع) إلى الميدان ليقاتل هؤلاء الذين جاؤوا لحربه، ورأى هجوم القوم على خيم النساء، وقف فيهم خطيباً وقال لهم: "يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عُرباً".

لقد أثار(ع) في حديثه معهم مسألتين؛ المسألة الأولى: أنّكم إذا كنتم لا تلتزمون القيم الدينيّة ولا تؤمنون بالعقيدة، فكونوا أحراراً، فالإنسان الحرّ هو الّذي لا يبيع نفسه ولا موقفه ولا رأيه للذين يعطونه المال أو الموقع، ولا تكونوا العبيد، لأنّ ما تلتزمونه في حربكم هذه هو أنّكم تقاتلون قتال العبيد لحساب الّذين يستعبدونكم.

المسألة الثانية: أنّ الإمام(ع) كان يحاول أن يجعلهم يستحضرون قيم العروبة التي أمضاها الإسلام، "إن كنتم عُرباً"، والمسألة ليست مسألةً قوميّةً منغلقةً، بل هي مسألة القيم التي عاشها العرب، وعندما جاء الإسلام، أبقى على بعضها وبدّل بعضها الآخر. فخطاب الحسين(ع) في هذا المقام ليس موجَّهاً إلى شيعة آل أبي سفيان بالخصوص، بل إلى كل إنسان في العالم، وعلى مدى الزمان والتّاريخ.

وفي الجانب الإنساني أيضاً، نقرأ كلمته عندما طُلب منه(ع) أن يعطي الشّرعيّة ليزيد، فقال: "ألا وإنَّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذّلة!". إنّها مسألة أن تكون عزيزاً، وأن لا تحني إنسانيّتك أمام أحد، وهذه مسألة إنسانيّة يخاطب بها الحسين(ع) الإنسان كلّه، ويطلب منه أن يكون عزيزاً، وأن لا يتخلّى عن العزّة التي منحه الله إياها لأحد من عبيده.

وقد ورد عن الإمام الصّادق(ع) في تفسيره لقوله تعالى: {ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين}]المنافقون: 8[: "إنّ الله فوّض إلى المؤمن أموره كلّها ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً". والعزّة تنطلق من موقع القوّة: }أَنَّ القُوَّةَ للهِ جَمِيعًا]{البقرة: 165[  فأن تكون عزيزاً، معناه أن تكون قويّاً تدافع عن إنسانيّتك وعن حريّتك.

ثم كانت كلمته(ع): "ألا ترونَّ إلى الحقّ لا يُعمل به، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه". وهنا يتحدث عن الحقّ كله الذي يجب أن يلتزمه الناس، والحقّ هو المفهوم الذي يتحرك في كل قضايا الإنسان التي ترفع من شأنه على المستوى الفردي والسياسي والاجتماعي وغير ذلك.

إذاً، نحن نستطيع أن نقدّم عاشوراء إلى العالم كله في بُعدها الإسلامي والإنساني، دون أن نحصرها في الدائرة الطائفية الخاصّة، لأن الحسين(ع) إمام المسلمين، وهو الّذي عاش مع رسول الله(ص) في طفولته الأولى، وعاش في أحضان أمّه السيّدة الزهراء(ع) وأبيه علي(ع)، فجمع كلّ العناصر والخصائص الكمالية الموجودة في هذه الشخصيّات، سواء العناصر الروحية والإيمانية، أو الفكريّة والرساليّة وغيرها... ونحن نقرأ قول رسول الله(ص): "حسين مني وأنا من حسين"، الذي يبيّن هذا الاندماج الرّوحي والرّسالي بين النبي(ص) والحسين(ع).

وفي هذا البُعد، نقرأ قوله(ع): "إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي- فهو لم يتحدث عن عائلة أو منطقة، إنما تحدث عن الأمّة كلّها، لأنّه كان يتحمّل مسؤوليّة الأمّة كلّها من خلال إمامته ومسؤوليته. ثم أكَّد - أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"، فهو كان يرى واقع الأمّة المُنحرف، لأنَّ الحكم الذي كان سائداً في ذلك الوقت، خرّب إنسانيّة الإنسان، لأنَّ الإنسان الذي يعيش في قلبه المحبّة والولاء للإمام الحسين(ع) ولأهل بيته، وفي الوقت عينه، يقاتله ويقتل أهل بيته وأصحابه، مقابل حطام الدّنيا أو موقع في السّلطة، كعمر بن سعد، فهؤلاء ممن خَرُبت إنسانيّتهم، وما عادوا يصلحون لحمل الرسالة.

من كلمته في مؤتمر "عاشوراء النّصّ والوظيفة"، الفكر الإسلامي المعاصر.

أراد الإمام الحسين(ع) [من خلال عاشوراء]، أن يحرّر النّاس الذين اتخذهم [يزيد وأتباعه] عبيداً لهم، وأراد من خلال ذلك أن يرسم إطاراً للبعد الإنساني الّذي ينطلق من أجل أن يحقق الحريّة للإنسان.

الحسين رائد القيم العليا

ونحن نقرأ في السيرة الحسينيّة، أنه عندما برز(ع) إلى الميدان ليقاتل هؤلاء الذين جاؤوا لحربه، ورأى هجوم القوم على خيم النساء، وقف فيهم خطيباً وقال لهم: "يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عُرباً".

لقد أثار(ع) في حديثه معهم مسألتين؛ المسألة الأولى: أنّكم إذا كنتم لا تلتزمون القيم الدينيّة ولا تؤمنون بالعقيدة، فكونوا أحراراً، فالإنسان الحرّ هو الّذي لا يبيع نفسه ولا موقفه ولا رأيه للذين يعطونه المال أو الموقع، ولا تكونوا العبيد، لأنّ ما تلتزمونه في حربكم هذه هو أنّكم تقاتلون قتال العبيد لحساب الّذين يستعبدونكم.

المسألة الثانية: أنّ الإمام(ع) كان يحاول أن يجعلهم يستحضرون قيم العروبة التي أمضاها الإسلام، "إن كنتم عُرباً"، والمسألة ليست مسألةً قوميّةً منغلقةً، بل هي مسألة القيم التي عاشها العرب، وعندما جاء الإسلام، أبقى على بعضها وبدّل بعضها الآخر. فخطاب الحسين(ع) في هذا المقام ليس موجَّهاً إلى شيعة آل أبي سفيان بالخصوص، بل إلى كل إنسان في العالم، وعلى مدى الزمان والتّاريخ.

وفي الجانب الإنساني أيضاً، نقرأ كلمته عندما طُلب منه(ع) أن يعطي الشّرعيّة ليزيد، فقال: "ألا وإنَّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذّلة!". إنّها مسألة أن تكون عزيزاً، وأن لا تحني إنسانيّتك أمام أحد، وهذه مسألة إنسانيّة يخاطب بها الحسين(ع) الإنسان كلّه، ويطلب منه أن يكون عزيزاً، وأن لا يتخلّى عن العزّة التي منحه الله إياها لأحد من عبيده.

وقد ورد عن الإمام الصّادق(ع) في تفسيره لقوله تعالى: {ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين}]المنافقون: 8[: "إنّ الله فوّض إلى المؤمن أموره كلّها ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً". والعزّة تنطلق من موقع القوّة: }أَنَّ القُوَّةَ للهِ جَمِيعًا]{البقرة: 165[  فأن تكون عزيزاً، معناه أن تكون قويّاً تدافع عن إنسانيّتك وعن حريّتك.

ثم كانت كلمته(ع): "ألا ترونَّ إلى الحقّ لا يُعمل به، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه". وهنا يتحدث عن الحقّ كله الذي يجب أن يلتزمه الناس، والحقّ هو المفهوم الذي يتحرك في كل قضايا الإنسان التي ترفع من شأنه على المستوى الفردي والسياسي والاجتماعي وغير ذلك.

إذاً، نحن نستطيع أن نقدّم عاشوراء إلى العالم كله في بُعدها الإسلامي والإنساني، دون أن نحصرها في الدائرة الطائفية الخاصّة، لأن الحسين(ع) إمام المسلمين، وهو الّذي عاش مع رسول الله(ص) في طفولته الأولى، وعاش في أحضان أمّه السيّدة الزهراء(ع) وأبيه علي(ع)، فجمع كلّ العناصر والخصائص الكمالية الموجودة في هذه الشخصيّات، سواء العناصر الروحية والإيمانية، أو الفكريّة والرساليّة وغيرها... ونحن نقرأ قول رسول الله(ص): "حسين مني وأنا من حسين"، الذي يبيّن هذا الاندماج الرّوحي والرّسالي بين النبي(ص) والحسين(ع).

وفي هذا البُعد، نقرأ قوله(ع): "إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي- فهو لم يتحدث عن عائلة أو منطقة، إنما تحدث عن الأمّة كلّها، لأنّه كان يتحمّل مسؤوليّة الأمّة كلّها من خلال إمامته ومسؤوليته. ثم أكَّد - أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"، فهو كان يرى واقع الأمّة المُنحرف، لأنَّ الحكم الذي كان سائداً في ذلك الوقت، خرّب إنسانيّة الإنسان، لأنَّ الإنسان الذي يعيش في قلبه المحبّة والولاء للإمام الحسين(ع) ولأهل بيته، وفي الوقت عينه، يقاتله ويقتل أهل بيته وأصحابه، مقابل حطام الدّنيا أو موقع في السّلطة، كعمر بن سعد، فهؤلاء ممن خَرُبت إنسانيّتهم، وما عادوا يصلحون لحمل الرسالة.

من كلمته في مؤتمر "عاشوراء النّصّ والوظيفة"، الفكر الإسلامي المعاصر.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية