{وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى} الّذي لا يبصر طريقه، ما يجعله ضائعاً متخبطاً بين
الدروب الملتوية والمسدودة، {وَالْبَصِيرُ} الذي يفتح عينيه على مواقع النور التي
تدله على الطريق المستقيم الذي يصل به إلى الهدى، {وَلاَ الظُّلُمَاتُ} التي تطبق
على الكون فتمنع الكائنات من رؤية ما حولها، {وَلاَ النُّورُ} الذي ينير بإشراقه كلّ
المواقع، فيمنح الكائنات وضوح الرؤية للأشياء، {وَلاَ الظِّلُّ} الذي يعطي الناس
الشعور بالبرودة التي تقيهم من لفح الهجير، {وَلاَ الْحَرُورُ} الذي هو شدّة حرارة
الشمس، وقيل هو السموم.
{وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَآءُ} الذين تتحرّك الحياة في كل عروقهم، فتحرّك فيهم الحسّ
والشعور، {وَلاَ الأمْوَاتُ} الّذين تحوّلوا إلى جمادٍ لا أثر للحياة فيه، فلا
يحسّون بشيء ولا يعقلون شيئاً.
وهكذا توحي هذه الكلمات المتقابلة، والموجودات المختلفة، بما يماثلها في الوجود
الإنساني وبما حوله، فالأعمى يماثل الكافر، والبصير يماثل المؤمن، لأنّ الكفر ضياعٌ
وتخبّطٌ وانحراف، أمّا الإيمان، فهو استقامة وهدى واطمئنان، والظّلمات هي شبهات
الكفر وأضاليله وأوهامه، والنّور هو الإسلام بعقيدته وشريعته ونهجه السويِّ، والظلّ
هو الجوّ الروحي الوديع المنعش الذي يوحي بالدعة والسكينة، والحرور هو الشهوات
المحرقة التي تتحول إلى لهيبٍ يحرق الحياة في داخل النفس، والأحياء هم المؤمنون
المسلمون الذين فتحوا عقولهم وأسماعهم وأبصارهم على كلام الله، وتحرّكوا في الاتجاه
السليم الذي ينطلق منه ويرجع إليه، والأموات هم الذين تجمّدت عقولهم، وتحجّرت
مشاعرهم، فلم يلتقوا بالروح الإيمانية التي تتحرك في آفاق الوحي، لأنهم لا يعيشون
نبض الحياة الشاعرة في أعماق ذواتهم، لذا لا بدّ للإنسان أن يستوحي المعنى من
الكلمة، والروح من المادة، والفكرة من حركة الحياة.
{إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ}، حيث يفتح القلوب والأسماع على كلماته، ويحيي
القلوب بعد موتها بالإيمان، فيقيم عليها الحجّة، ويهديها الصّراط المستقيم.
وهكذا نجد أنّ المؤمنين ـ وحدهم ـ هُمُ الذين يسمعون ويعقلون، أمَّا غيرهم، فهم
كالأموات لا يسمعون شيئاً ولا يعقلون، لأنهم جمَّدوا أسماعهم عن الاستماع إلى كلام
الله، وأماتوا حياة قلوبهم، فلم تهتد إلى وحي الله، {وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن
فِي الْقُبُورِ}، وهم الكفّار الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون.
*من كتاب تفسير" من وحي القرآن"، ج 19.
{وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى} الّذي لا يبصر طريقه، ما يجعله ضائعاً متخبطاً بين
الدروب الملتوية والمسدودة، {وَالْبَصِيرُ} الذي يفتح عينيه على مواقع النور التي
تدله على الطريق المستقيم الذي يصل به إلى الهدى، {وَلاَ الظُّلُمَاتُ} التي تطبق
على الكون فتمنع الكائنات من رؤية ما حولها، {وَلاَ النُّورُ} الذي ينير بإشراقه كلّ
المواقع، فيمنح الكائنات وضوح الرؤية للأشياء، {وَلاَ الظِّلُّ} الذي يعطي الناس
الشعور بالبرودة التي تقيهم من لفح الهجير، {وَلاَ الْحَرُورُ} الذي هو شدّة حرارة
الشمس، وقيل هو السموم.
{وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَآءُ} الذين تتحرّك الحياة في كل عروقهم، فتحرّك فيهم الحسّ
والشعور، {وَلاَ الأمْوَاتُ} الّذين تحوّلوا إلى جمادٍ لا أثر للحياة فيه، فلا
يحسّون بشيء ولا يعقلون شيئاً.
وهكذا توحي هذه الكلمات المتقابلة، والموجودات المختلفة، بما يماثلها في الوجود
الإنساني وبما حوله، فالأعمى يماثل الكافر، والبصير يماثل المؤمن، لأنّ الكفر ضياعٌ
وتخبّطٌ وانحراف، أمّا الإيمان، فهو استقامة وهدى واطمئنان، والظّلمات هي شبهات
الكفر وأضاليله وأوهامه، والنّور هو الإسلام بعقيدته وشريعته ونهجه السويِّ، والظلّ
هو الجوّ الروحي الوديع المنعش الذي يوحي بالدعة والسكينة، والحرور هو الشهوات
المحرقة التي تتحول إلى لهيبٍ يحرق الحياة في داخل النفس، والأحياء هم المؤمنون
المسلمون الذين فتحوا عقولهم وأسماعهم وأبصارهم على كلام الله، وتحرّكوا في الاتجاه
السليم الذي ينطلق منه ويرجع إليه، والأموات هم الذين تجمّدت عقولهم، وتحجّرت
مشاعرهم، فلم يلتقوا بالروح الإيمانية التي تتحرك في آفاق الوحي، لأنهم لا يعيشون
نبض الحياة الشاعرة في أعماق ذواتهم، لذا لا بدّ للإنسان أن يستوحي المعنى من
الكلمة، والروح من المادة، والفكرة من حركة الحياة.
{إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ}، حيث يفتح القلوب والأسماع على كلماته، ويحيي
القلوب بعد موتها بالإيمان، فيقيم عليها الحجّة، ويهديها الصّراط المستقيم.
وهكذا نجد أنّ المؤمنين ـ وحدهم ـ هُمُ الذين يسمعون ويعقلون، أمَّا غيرهم، فهم
كالأموات لا يسمعون شيئاً ولا يعقلون، لأنهم جمَّدوا أسماعهم عن الاستماع إلى كلام
الله، وأماتوا حياة قلوبهم، فلم تهتد إلى وحي الله، {وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن
فِي الْقُبُورِ}، وهم الكفّار الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون.
*من كتاب تفسير" من وحي القرآن"، ج 19.