مختارات
31/05/2013

"إنتل" الشركة التكنولوجية الكبرى: استثمارات في "إسرائيل" بـ10 مليارات دولار

"إنتل" الشركة التكنولوجية الكبرى: استثمارات في "إسرائيل" بـ10 مليارات دولار

بدأت الثورة التكنولوجية في إسرائيل أساساً، عندما أفلحت الدولة العبرية في تغيير منهاجها التعليمي من جهة، واستيعاب الهجرة الروسيَّة من جهةٍ ثانية. وبديهي أنَّ الجيش الإسرائيلي، وعبر محاولات تطويره على أرضية الرغبة في الحفاظ على تفوّقه النّوعي في مواجهة الجيوش العربيّة، شكَّل قاطرة تطوير لهذا القطاع أيضاً، الَّذي غدا قطاعاً مركزياً في الحياة العامة الإسرائيليَّة، فنصف صادرات إسرائيل الصناعيَّة هي نتاج تكنولوجيا عالية لشركات محليّة ودوليّة تعمل هناك.

وعند الحديث عن الشركات التكنولوجيّة العاملة في إسرائيل، يُخصّص جانب مهم لشركة "إنتل". ومن بين حوالى 20 ألف خبير ومتخصص تستخدمهم الشركات الدولية العاملة في إسرائيل، يعمل حوالى نصفهم (8500)، في مراكز شركة "إنتل" الكبيرة المقامة في كل من حيفا، و"ياكوم"، و"بيتح تكفا"، والقدس، و"كريات غات".

وخلافاً لمعظم الشركات الدولية المستجدة النشاط في إسرائيل، فإن شركة "إنتل" تعمل في الدولة العبرية منذ السبعينيات. وتقوم المراكز الإسرائيلية للشركة بدور مركزي في أهم التطويرات التي أدخلتها الشركة على منتجاتها الأساسية، وعلى رأسها المعالجات التي تشكل قلب كل حاسوب يُباع في أرجاء العالم.

وعلى سبيل المثال، فإن معالج "سنترينو"، الذي تم تطويره في إسرائيل ووزع في العالم ابتداءً من العام 2003، احتوى على تكنولوجيا "WIFI"، جعلت منه للمرة الأولى معياراً للحاسوب المحمول الخفيف المقتصد في الطاقة، والمؤهّل للارتباط بالإنترنت لاسلكياً. كما أن معالج "ساندي بريدج"، الذي أدخل إلى الخدمة في العام 2011 من إنتاج مركز "إنتل" في حيفا، أما خلفه أي معالج "هايفي بريدج"، الذي طُوّر في إسرائيل وأميركا، فينتج حالياً بكميات هائلة في مصنع الشرائح التابع لـ"إنتل" في "كريات غات".

وفضلاً عن ذلك، فإن رابط "ثاندربولت" الموجود في حواسيب "ماكبوك" (والمعد لخلافة رابط USB مستقبلاً)، طوّره المركز الإسرائيلي لـ"إنتل" بالشراكة مع "أبل". وفي الأسابيع الماضية، أعلنت "إنتل" عن الجيل الجديد من الروابط القادرة على أن تنقل للحاسوب معلومات بسرعة 20 جيغا بايت في الثانية، وهي أيضاً نتاج تكنولوجيا إسرائيلية.

وتركّز الشركة حالياً في مركزها في إسرائيل على تطوير القفزة التالية في عالم الحواسيب، والمسماة "الحوسبة الحساسة"، والتي ترمي إلى السيطرة مستقبلاً على الحواسيب والأجهزة الأخرى عبر حركات الجسم والكلام، أو النظرة وحتى عبر الأحاسيس.

وبغية فهم المعنى الحقيقي لاستثمارات "إنتل" في إسرائيل، يمكن الإشارة إلى ما قاله رئيس "إنتل إسرائيل"، مولي أدان، عن استثمار 10,5 مليارات دولار حتى الآن في مصانع الشركة في إسرائيل.

وبعد تعرض "إنتل" وعدد من الشركات الدولية لانتقادات واسعة في إسرائيل جراء تمتعها بإعفاءات ضريبية، دافع أدان عن شركته قائلاً إنها خسرت مؤخراً فرصة إقامة مصنع آخر يشغّل 4500 مستخدم، لأن العرض الإيرلندي كان أفضل من الإسرائيلي. وأكد أن هناك منافسة شديدة بين الدول لاجتذاب استثمارات تكنولوجية، مشدداً على أن الخسارة لا تنحصر فقط في فقدان أماكن عمل، بقدر ما تتمدَّد لتشمل خسائر مداخيل مالية كبيرة من الضرائب التي تجبيها الدولة من منتجات هذه المصانع.

وأشار أدان إلى الصورة الكاملة التي تعمل فيها الشركات العالمية في إسرائيل، مثل "تيفع" للدواء، و"كيل" للأدوات، و"إنتل" لمنتجات الحواسيب، وأثرها في الاقتصاد الإسرائيلي. وأوضح مثلاً أن "إنتل" توفر 8500 فرصة عمل هي من الوظائف المنتجة والمجددة وذات الرواتب العالية. ويضاف إلى ذلك، أن لذلك تأثيراً على الأعمال غير المباشرة مثل مقدمي الخدمات، من معدي البرامج وصولاً إلى خدمة الإطعام والنقل، والتي تخلق أيضاً حوالى 25 ألف فرصة عمل. وقد بلغت صادرات "إنتل" الإسرائيلية 4,6 مليارات دولار في العام 2012.

ولتوضيح الصورة أكثر، بيّن أدان أن "الصادرات الصناعية من إسرائيل تبلغ 46 مليار دولار"، ما يعني أن حصة "إنتل" وحدها من هذه الصادرات بلغت 10%، مشيراً إلى أن "صادرات التكنولوجيا العالية تبلغ 21,5 مليارات دولار، ما يعني أن "إنتل إسرائيل" التي تصدّر بقيمة 4,6 مليارات دولار، تشكل 20% من مجموع صادرات التكنولوجيا العالية الإسرائيلية. وكل استثمار جديد لإنتل يشكّل إضافة لأماكن عمل، وزيادة في الصادرات وزيادة في المداخيل الضريبيّة للدولة، بحيث إن إسرائيل تخرج في نهاية المطاف رابحة من كل استثمارات إنتل".

وسنة بعد سنة، تكبر "إنتل" في إسرائيل، ويزداد عدد المستخدمين فيها، وتزداد عوائد الدولة العبرية من الضرائب المفروضة على منتجاتها وعلى العاملين فيها. ووفقاً لرئيس الشركة في إسرائيل، فإن الدولة العبرية تجبي ضريبة دخل من مستخدمي الشركة أعلى بستة أضعاف من متوسط ضريبة الدخل في إسرائيل. ولكن ما لا يقل عن ذلك أهمية، أن "أكثر من 12 ألف مستخدم تركوا شركة إنتل وانخرطوا في القطاع الاقتصادي، وأقاموا مئات الشركات التكنولوجية. كما أن الكثير ممن انتقلوا للعمل مع مركز شركات أخرى في إسرائيل، مثل أبل وياهو، هم من متخرّجي إنتل".

تجدر الإشارة إلى أن 40% من صادرات إسرائيل هي من إنتاج عشر شركات كبرى فقط، وهذه هي سيرورة تطور الاقتصاد الذي يغدو أكثر تركيزاً واحتكاراً.

المصدر: جريدة السفير اللبنانية

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

بدأت الثورة التكنولوجية في إسرائيل أساساً، عندما أفلحت الدولة العبرية في تغيير منهاجها التعليمي من جهة، واستيعاب الهجرة الروسيَّة من جهةٍ ثانية. وبديهي أنَّ الجيش الإسرائيلي، وعبر محاولات تطويره على أرضية الرغبة في الحفاظ على تفوّقه النّوعي في مواجهة الجيوش العربيّة، شكَّل قاطرة تطوير لهذا القطاع أيضاً، الَّذي غدا قطاعاً مركزياً في الحياة العامة الإسرائيليَّة، فنصف صادرات إسرائيل الصناعيَّة هي نتاج تكنولوجيا عالية لشركات محليّة ودوليّة تعمل هناك.

وعند الحديث عن الشركات التكنولوجيّة العاملة في إسرائيل، يُخصّص جانب مهم لشركة "إنتل". ومن بين حوالى 20 ألف خبير ومتخصص تستخدمهم الشركات الدولية العاملة في إسرائيل، يعمل حوالى نصفهم (8500)، في مراكز شركة "إنتل" الكبيرة المقامة في كل من حيفا، و"ياكوم"، و"بيتح تكفا"، والقدس، و"كريات غات".

وخلافاً لمعظم الشركات الدولية المستجدة النشاط في إسرائيل، فإن شركة "إنتل" تعمل في الدولة العبرية منذ السبعينيات. وتقوم المراكز الإسرائيلية للشركة بدور مركزي في أهم التطويرات التي أدخلتها الشركة على منتجاتها الأساسية، وعلى رأسها المعالجات التي تشكل قلب كل حاسوب يُباع في أرجاء العالم.

وعلى سبيل المثال، فإن معالج "سنترينو"، الذي تم تطويره في إسرائيل ووزع في العالم ابتداءً من العام 2003، احتوى على تكنولوجيا "WIFI"، جعلت منه للمرة الأولى معياراً للحاسوب المحمول الخفيف المقتصد في الطاقة، والمؤهّل للارتباط بالإنترنت لاسلكياً. كما أن معالج "ساندي بريدج"، الذي أدخل إلى الخدمة في العام 2011 من إنتاج مركز "إنتل" في حيفا، أما خلفه أي معالج "هايفي بريدج"، الذي طُوّر في إسرائيل وأميركا، فينتج حالياً بكميات هائلة في مصنع الشرائح التابع لـ"إنتل" في "كريات غات".

وفضلاً عن ذلك، فإن رابط "ثاندربولت" الموجود في حواسيب "ماكبوك" (والمعد لخلافة رابط USB مستقبلاً)، طوّره المركز الإسرائيلي لـ"إنتل" بالشراكة مع "أبل". وفي الأسابيع الماضية، أعلنت "إنتل" عن الجيل الجديد من الروابط القادرة على أن تنقل للحاسوب معلومات بسرعة 20 جيغا بايت في الثانية، وهي أيضاً نتاج تكنولوجيا إسرائيلية.

وتركّز الشركة حالياً في مركزها في إسرائيل على تطوير القفزة التالية في عالم الحواسيب، والمسماة "الحوسبة الحساسة"، والتي ترمي إلى السيطرة مستقبلاً على الحواسيب والأجهزة الأخرى عبر حركات الجسم والكلام، أو النظرة وحتى عبر الأحاسيس.

وبغية فهم المعنى الحقيقي لاستثمارات "إنتل" في إسرائيل، يمكن الإشارة إلى ما قاله رئيس "إنتل إسرائيل"، مولي أدان، عن استثمار 10,5 مليارات دولار حتى الآن في مصانع الشركة في إسرائيل.

وبعد تعرض "إنتل" وعدد من الشركات الدولية لانتقادات واسعة في إسرائيل جراء تمتعها بإعفاءات ضريبية، دافع أدان عن شركته قائلاً إنها خسرت مؤخراً فرصة إقامة مصنع آخر يشغّل 4500 مستخدم، لأن العرض الإيرلندي كان أفضل من الإسرائيلي. وأكد أن هناك منافسة شديدة بين الدول لاجتذاب استثمارات تكنولوجية، مشدداً على أن الخسارة لا تنحصر فقط في فقدان أماكن عمل، بقدر ما تتمدَّد لتشمل خسائر مداخيل مالية كبيرة من الضرائب التي تجبيها الدولة من منتجات هذه المصانع.

وأشار أدان إلى الصورة الكاملة التي تعمل فيها الشركات العالمية في إسرائيل، مثل "تيفع" للدواء، و"كيل" للأدوات، و"إنتل" لمنتجات الحواسيب، وأثرها في الاقتصاد الإسرائيلي. وأوضح مثلاً أن "إنتل" توفر 8500 فرصة عمل هي من الوظائف المنتجة والمجددة وذات الرواتب العالية. ويضاف إلى ذلك، أن لذلك تأثيراً على الأعمال غير المباشرة مثل مقدمي الخدمات، من معدي البرامج وصولاً إلى خدمة الإطعام والنقل، والتي تخلق أيضاً حوالى 25 ألف فرصة عمل. وقد بلغت صادرات "إنتل" الإسرائيلية 4,6 مليارات دولار في العام 2012.

ولتوضيح الصورة أكثر، بيّن أدان أن "الصادرات الصناعية من إسرائيل تبلغ 46 مليار دولار"، ما يعني أن حصة "إنتل" وحدها من هذه الصادرات بلغت 10%، مشيراً إلى أن "صادرات التكنولوجيا العالية تبلغ 21,5 مليارات دولار، ما يعني أن "إنتل إسرائيل" التي تصدّر بقيمة 4,6 مليارات دولار، تشكل 20% من مجموع صادرات التكنولوجيا العالية الإسرائيلية. وكل استثمار جديد لإنتل يشكّل إضافة لأماكن عمل، وزيادة في الصادرات وزيادة في المداخيل الضريبيّة للدولة، بحيث إن إسرائيل تخرج في نهاية المطاف رابحة من كل استثمارات إنتل".

وسنة بعد سنة، تكبر "إنتل" في إسرائيل، ويزداد عدد المستخدمين فيها، وتزداد عوائد الدولة العبرية من الضرائب المفروضة على منتجاتها وعلى العاملين فيها. ووفقاً لرئيس الشركة في إسرائيل، فإن الدولة العبرية تجبي ضريبة دخل من مستخدمي الشركة أعلى بستة أضعاف من متوسط ضريبة الدخل في إسرائيل. ولكن ما لا يقل عن ذلك أهمية، أن "أكثر من 12 ألف مستخدم تركوا شركة إنتل وانخرطوا في القطاع الاقتصادي، وأقاموا مئات الشركات التكنولوجية. كما أن الكثير ممن انتقلوا للعمل مع مركز شركات أخرى في إسرائيل، مثل أبل وياهو، هم من متخرّجي إنتل".

تجدر الإشارة إلى أن 40% من صادرات إسرائيل هي من إنتاج عشر شركات كبرى فقط، وهذه هي سيرورة تطور الاقتصاد الذي يغدو أكثر تركيزاً واحتكاراً.

المصدر: جريدة السفير اللبنانية

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية