مختارات
07/06/2013

بين الكرامات والخرافات

بين الكرامات والخرافات

تنطلق بين الفينة والأخرى دعاوى مختلفة عن حدوث كرامة في هذا المقام، أو ظهور "عجيبة" في ذاك المكان، ويتداول الناس ذلك، ويصدقه الكثيرون منهم ويندفعون إلى مكان ظهور الكرامة أو "العجيبة" بهدف أخذ البركة، أو طلباً لقضاء الحوائج. والدعاوى المشار إليها لا تختصّ بجماعة دينية دون أخرى، ولا بمنطقة دون أخرى، فهذا ما يحصل عند المسيحيين على اختلاف مذاهبهم، حيث يحدثونك عن رشح تمثال للسيدة العذراء زيتاً معيناً، وربما دماً أحمر قانياً، أو نحو ذلك من الأمور، ويحصل عند المسلمين أيضاً على اختلاف مذاهبهم، والسؤال: إنّه وأمام ظاهرة من هذا القبيل كيف نحدّد موقفنا؟ وما هو تكليفنا؟ وما هي دلالات هذا الأمر؟

 والإجابة عن هذه الأسئلة وسواها، نتناولها في المحاور التالية:

1 - الإيمان بمبدأ الكرامة

من المؤكد أنّ المسلم الذي آمن بما جاء في كتاب الله تعالى، لا يتسنى له إنكار مبدأ الكرامة، فقد نصّ القرآن الكريم على العديد من المعاجز والكرامات التي جرت على أيدي الأنبياء أو بعض الأولياء، إلا أنّ الأمر الذي علينا أن لا نغفله، هو أنّ الكرامة بما تعنيه من خرق لقوانين الطبيعة، هي استثناء في حركة السّنن الطبيعيّة الحاكمة. وهكذا استثناء لا يحصل اعتباطاً أو جزافاً، بل لا بدّ من حكمةٍ موجبة لذلك، لأنّ الكرامة ليست أحسن حالاً من المعجزة، وكما أنّ المعجزة لا تتحقق إلا في حالات استثنائية تقتضيها، فكذلك الحال في الكرامة.

وقد حدَّثنا القرآن الكريم عن أنّ الله تعالى لم يكن ليستجيب دوماً لاقتراحات الكافرين وطلبهم للمعجزة من النبي(ص)، فعندما رفض بعض المشركين التسليم للنبي(ص) والإيمان به إلا إذا جاءهم بمعجزة، من قبيل أن يفجّر لهم من الأرض ينبوعاً، أو يسقط السماء عليهم كسفاً، أو يكون له بيت من زخرف، أو يرقى في السماء، جاء الجواب الإلهي: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً}[الإسراء: 93]، أي أنّ ما تطلبونه خارج عن قدرتي، لأنني "بشر"، والبشر عاجز عن مثل ذلك إلا بتسديدٍ إلهي، كما أنّ ذلك خارج عن مهمّتي، لأنّي "رسول"، ومهمتي الرسالية لا تحتّم أن يكون لي مثل هذه القدرة والسلطة التكوينيَّة. يقول السيد محسن الأمين العاملي(رحمه الله) تعليقاً على كرامة مزعومة حدّثه بها بعض الناس: "إنّ فضائل أئمة أهل البيت(ع) وكراماتهم، لا يشك فيها أحد، ولكنّ كثيراً من الكرامات التي تنقل على ألسنة الناس هي مكذوبة، لأنّ الكرامة لا تأتي عفواً أو متى شاءها الإنسان، وعلى يد كل أحد، ومع كل مناسبة، وإنما تكون عند موجب قوي يقتضيها.."[رحلات السيد محسن الأمين، ص 145].

2 - موقع الكرامة في إثبات العقيدة

ولكن ما هو موقع الكرامة في إثبات المعتقدات؟ وجواباً عن هذا السؤال، نقول: لا شك في أنّ للكرامة إذا ما تسنى لنا إثباتها ـ ولا سيما في زماننا هذا الذي تجتاحه الأفكار والفلسفات المادية ـ دوراً إيجابياً طيباً لصالح الدين والمتدينين، فإنّها تشكّل دليلاً ومستنداً على وجود عالم من الغيب خارج نطاق المحسوسات، كما أنّها تساهم في تعزيز القناعات الدينية، لأنّها تمثل برهاناً حسياً ينزل الفكرة من تجريدها العقلي إلى عمقها الوجداني، وهذا ما يستفاد من طلب إبراهيم(ع) من الله تعالى أن يريه كيفية إحياء الموتى، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: 266].

بيد أنَّ الأمر الجدير بالمعرفة والمدارسة، هو أنّ الكرامة قد لا تمثّل البرهان الفاصل، فضلاً عن أن يكون الوحيد في إثبات صحَّة المعتقدات والمذاهب، إلا إذا ثبت لنا أنّ الله تعالى لا يمكّن أحداً منها إلا إذا كان صاحب دعوة محقّة، كما لدينا مثل هذا الجزم والاعتقاد في خوارق العادة التي تظهر في زمان النبوّات، حيث إنّ العقل حاكم بقبح إظهار المعجزة على يد الكاذب، وإلا لزم إغراء الناس بالجهل وتضليلهم، ولا تتم الحجة بذلك عليهم، مع أنّ الله تعالى قد توعد بإتمامها، قال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}[الأنعام: 149]، وبعبارة أخرى: إنَّ إظهار المعجزة على يد مدعي النبوة، أو أعداء النبي، هو خلاف الحكمة الإلهية، هذا في عصر النبوات.

أما بعد انتهاء زمن النبوات، كما هو حال زماننا هذا، فهل يعدّ ظهور خارق العادة على يد أحد من الناس دليلاً قاطعاً على صدقية دعوته؟

 والجواب: إنّ الأمر ليس بهذا الواضوح، ولا دليل من العقل أو النقل يحتّم ذلك، وهذا ما نبّه إليه بعض الأعلام، من أنّه ليس كل خارق لقوانين الطبيعة هو كرامة، إذ ربما كان ذلك على تعبير القرآن الكريم استدراجاً، ولا يمكننا البتّ بأنّ خارق العادة هو كرامة إلهية. وأعود وأكرر: إنّ هذا الأمر بحاجة إلى دراسة كلامية متأنية.

وفي ضوء ذلك، لا يجوز أن نرهن إيماننا بالنبي(ص) أو الأئمة من أهل البيت(ع) بظهور كرامة أو عدم ظهورها، بل إنّ علاقتنا بالنبي(ص) والأئمة من أهل بيته(ع)، هي أسمى وأرفع وأجلّ من أن نرهنها لثبوت كرامة هنا أو هناك، فما عند النبي(ص) والأئمة(ع) من خزائن علم ومعرفة، تغني العقل والروح وتمدّنا بالنور الصافي الذي لا تشوبه شائبة، وهي خير دليل على سموّهم وعظيم شأنهم وارتباطهم بالمبدأ الأعلى، وهي خير مقنع لنا بضرورة اتّباعهم والارتواء من معينهم واستلهامهم في كل ما نحتاجه في حياتنا.

3 - "كل ما طرق سمعك فذره في بقعة الإمكان"

وبما أنَّ الكرامة، كما أسلفنا، تمثّل استثناءً في حركة السنن، فيتحتم علينا أن نتثبَّت من حصول الاستثناء وحصول موجبه، قبل أن نتسرّع أو نتورَّط بالإيمان بالشيء وترويجه، من دون أن يبرّر لنا ذلك التسرّع إلى نفي الأمر والاستخفاف به، فلا المسارعة إلى إعلان الإنكار ورمي الظاهرة المفترضة بالخرافة أمر صحيح، ولا المسارعة إلى الإيمان بالشيء وتقديمه على أنّه كرامة وبناء الاستنتاجات على ذلك هي أمر صحيح، فالأمر المنطقي هو أن نضع الظاهرة المفترضة في دائرة الإمكان، طبقاً لما نقل عن ابن سينا: "كل ما طرق سمعك فذره في بقعة الإمكان حتى يذودك عنه واضح البرهان".

وفي الوقت الذي نخطّئ المسارعة إلى الإنكار والمسارعة إلى الاعتقاد بالشيء دون دليل، فإننا نرفض أيضاً تخوين هؤلاء أو غيرهم، فمن ناحية أخلاقية، وفي ضوء المعايير الشرعية، لا يحق لي اتهام من أنكر هذه الكرامة بأنّه ناقص الإيمان وضعيف الاعتقاد، أو رميه بـ "الوهابية المقنعة"، وهو الأمر الَّذي يقع فيه بعض من يقدّمون أنفسهم على أساس أنهم "أساتذة الأخلاق والعرفان والحكمة". وفي الوقت عينه، لا يحق لمن لا يؤمن بهذه الكرامة أو تلك أن يتّهم من آمن بها بأنّهم خرافيون أو لا عقلانيون.

مع الإشارة إلى أنّه ربما كان ضرر المسارعة إلى التّصديق، مع ترويج الأمر على أنّه كرامة، أكبر من ضرر المسارعة في الإنكار، لأنّ التصديق والترويج سينعكس سلباً على صورة الجماعة والمذهب الذي تنتمي إليه.

4- "قل هاتوا برهانكم"

ثم إنّه وبعد وضع المسألة في دائرة الإمكان، تأتي مرحلة لاحقة، وهي مرحلة إقامة الدليل، والمطالب بالدليل في المقام ليس النافي للكرامة، بل المثبت لها، أي الَّذي يزعم وجود ظاهرة غير طبيعيّة ومخالفة لحركة السنن. والمنهجيّة العلميّة تفرض علينا وضع كل الاحتمالات المتصورة أمامنا من دون أن نستبعد أي احتمال منها، لنتساءل: هل لهذه الظاهرة تفسير علمي واضح أو لا؟ وهل هي مفبركة ومخترعة لبعض الأغراض المادية أو السياسية والتعبوية والمذهبية؟ وهل ثمة أمر طبيعي قد حصل وخاله الناس اشتباهاً على أنه كرامة؟ أو لا هذا ولا ذاك وينحصر تفسيرها بشيء واحد، وهو أنّها ظاهرة غريبة، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً أمام احتمال الكرامة؟

وهكذا يتبيَّن أنّ احتمال الكرامة لا يمكن إثباته إلا بعد استبعاد احتمال التفسير الطبيعي والعلمي للظاهرة، واستبعاد احتمال "الفبركة" والاختراع أيضاً، واستبعاد احتمال الاشتباه. وبعد نفي هذا وذاك، واستبعاد هذه الاحتمالات، قد لا نجد مفراً من تفسير الظاهرة بتفسير غيبي يتمثّل بخرق قوانين الطبيعة.

ولا يخفى أنّ إثبات احتمال الكرامة (من بين الاحتمالات المتقدّمة)، ليس بهذه البساطة، بل ربما كان أضعف الاحتمالات في المسألة، لا لأنّه احتمال واحد وإزاءه أو في مقابله عدة احتمالات، ولا يمكن إثباته إلاّ بنفيها فحسب، بل لأنّه، أي احتمال الكرامة، بطبيعته، احتمال مخالف لحركة القوانين الطبيعية التي جرت عليها سنة الله في الكون، لأنّ الله أبى أن تجري الأمور إلا بأسبابها، كما نصَّت عليه بعض الروايات الواردة عن بعض أئمة أهل البيت(ع).

وغنيٌّ عن البيان، أنّ الدعوة إلى التثبّت قبل إصدار الأحكام، وقبل المسارعة إلى التَّصديق بالأمر ثمّ الترويج له، لا تنمّ عن ضعف في الإيمان، كما قد يتخيّله بعض الناس، بل إنّ الأمر على العكس من ذلك تماماً، فالدعوة إلى التثبت هي دليل إيمان ومن مقتضيات التديّن، لأنَّ المنهج القرآني قد نهى عن اقتفاء الظنون والعمل بها، لأنها ليست مصدراً سوياً لبناء المعرفة ولا لتأصيل العاطفة ولا لحركة السلوك، قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء: 36]، كما أنّ القرآن الكريم أكّد بشكل جلي أنّ ميزان الصدق والكذب هو في توافر البرهان وعدمه، قال تعالى: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة: 111]، فالصادق في دعواه هو الَّذي يقيم عليها دليلاً وبرهاناً، بينما علامة الكذب والكذّاب هي في ضعف حجَّته وبرهانه.

مثال على تثبّت العلماء

من ذكريات أيام الدراسة في حوزة قم أنّ بعض المشايخ، جاء ذات يوم وهو يتأبّط كتاباً له، وهو معتزّ بتوفيق الله له لتأليفه، والكتاب يتحدث عن "الشجرة المعجزة" التي ترشح دماً في عاشوراء، وطلب من بعض أساتذتنا أن يكتب له تقديماً يؤيّد فيه ما جاء في الكتاب. ولأنّ هذا الأستاذ كان عالماً دقيقاً، ولا يؤخذ بالعواطف والشّائعات، وفي الوقت عينه، لا يريد أن يظهر بمظهر من ينكر كرامات أهل البيت(ع)، قال لذلك الشيخ: أنا على استعداد لكتابة مقدمة تؤيّد مضمون هذا الكتاب، ولكن بشرطين:

الأول: أن تجلس تحت هذه الشجرة لمدة سنة كاملة، ليتسنى لك ولنا التثبّت والتأكّد من أنَّ هذه الشَّجرة لا تنزف طيلة أيام السنة ولا تخرج منها هذه المادة إلا في يوم عاشوراء.

الثاني: أن تلاحظ بنفسك أو تأتينا بدراسة موثوقة عن أشجار أخرى من هذه الفصيلة نفسها، تبيّن ما إذا كان لهذا النوع من الأشجار خاصيّة طبيعيَّة في بعض فصول السّنة، تؤدي إلى خروج هذه المادة الحمراء.

وأخال أنّ صاحبنا لمّا سمع بهذين الشرطين الدقيقين والعلميين، عرف الجواب وآيس من أن يحصل على شهادة مجانية لترويج كتابه.

5- الرجوع إلى أهل الخبرة

 ثمّ إنّ الَّذي يدرس الظّاهرة ويفنّد الاحتمالات المشار إليها، ليس عامة الناس، وليس بالضرورة أن يكونوا علماء دين، بل هم أهل الاختصاص الموثوقون، فعندما نكون أمام "كرامة" تتحدَّث عن شفاء إنسان من مرض عضال مثلاً، فمن الطبيعي أنَّ الذي يؤكّد شفاءه هم الأطباء، ولذا من المفترض أن نسألهم عن مدى حصول الشفاء فعلاً وما هو تفسيرهم لذلك، فربما قدَّموا لنا تفسيراً علمياً معقولاً لشفائه.

وعندما نكون أمام ظاهرة خروج سائل يشبه الدم من شجرة معينة، (كما في الشّجرة الَّتي يزعم البعض أنها ترشح دماً في يوم عاشوراء)، أو من جدار أحد المقامات (كما في رشح الدم المزعوم في مقام "السيدة خولة" في بعلبك)، فعلينا الرجوع إلى علماء مختصين بالتركيبات الكيميائيَّة، فلعلَّ ثمة مزيجاً أو تركيباً كيميائياً معيناً أدى إلى حصول هذه "الظاهرة"، إما بصورة طبيعية أو بصورة مفبركة. وعلينا أيضاً الرجوع إلى المختصين بالشّأن الفني التصويري، فلعلَّ ما نراه بصورة دم هو نتيجة بعض المؤثّرات الضوئيَّة التي توهم البصر بأنّه دم، أليس ذلك ممكناً ونحن في عصر العجائب؟!

والسؤال: أين اللجان التي تشكَّلت على هذا الصَّعيد أمام الظاهرة المدعاة، وأمام هذا السيل من الكرامات التي نسمع عنها باستمرار؟

إنّ ما نراه لدى المسيحيين على هذا الصعيد، وبصرف النظر عن مدى تصديقنا لما يحكى من "كرامات"، هو أنهم عندما يتداول الناس الحديث عن ظاهرة من هذا القبيل، تمّت على يدي راهب أو في "مقامه"، كأن يحكى عن عمليات شفاء المرضى أو غيرها من "الكرامات" المدعاة، يعملون على تشكيل لجان متخصّصة ومحايدة وموثوقة، تعمل على دراسة الظاهرة دراسة متأنية قد تمتد لسنين طويلة، قبل إصدار الحكم بتأكيد "الكرامة" و"تطويب" صاحبها قديساً أو نحو ذلك.

6- الكرامة وإثبات الصدقيَّة

ما مدى دلالة الكرامة على صدقيّة المقام الَّذي لا دليل على صدقيَّته؟

 والجواب عن ذلك فصلناه في كتاب "المقامات الدينية: المشروعية، الأهداف، الضوابط". وخلاصة القول في ذلك: أنّ الكرامة تارة تحصل في مقام ثابت الصدقيّة، كما لو حصلت في جوار قبر النبي الأكرم(ص)، أو في بيت الله الحرام وفي جوار الكعبة المشرفة، أو في مقام أبي عبد الله الحسين(ع) .. وهنا يكون التصديق بالكرامة بعد التثبت من حصولها من مؤشرات الإيمان. أمّا لو حصلت الظاهرة الغريبة في المقامات التي لم تثبت صدقيتها، إمّا لعدم ثبوت وجود الشخصية التي بني المقام باسمها، أو لعدم ثبوت اعتبار هذه الشخصية من الناحية الدينيّة، أو لعدم ثبوت دفنها في هذا المكان، فهنا لا يمكننا الجزم بأنّ حصول الظاهرة يعدّ شاهداً على صدقية المقام، وفي الحد الأدنى، فإنّ ذلك لا يمثل دليلاً قطعياً على الصدقيّة في المجالات المشار إليها.
محاضرة ألقيت في المعهد الشَّرعي الإسلامي: 17-5-2013      

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه

تنطلق بين الفينة والأخرى دعاوى مختلفة عن حدوث كرامة في هذا المقام، أو ظهور "عجيبة" في ذاك المكان، ويتداول الناس ذلك، ويصدقه الكثيرون منهم ويندفعون إلى مكان ظهور الكرامة أو "العجيبة" بهدف أخذ البركة، أو طلباً لقضاء الحوائج. والدعاوى المشار إليها لا تختصّ بجماعة دينية دون أخرى، ولا بمنطقة دون أخرى، فهذا ما يحصل عند المسيحيين على اختلاف مذاهبهم، حيث يحدثونك عن رشح تمثال للسيدة العذراء زيتاً معيناً، وربما دماً أحمر قانياً، أو نحو ذلك من الأمور، ويحصل عند المسلمين أيضاً على اختلاف مذاهبهم، والسؤال: إنّه وأمام ظاهرة من هذا القبيل كيف نحدّد موقفنا؟ وما هو تكليفنا؟ وما هي دلالات هذا الأمر؟

 والإجابة عن هذه الأسئلة وسواها، نتناولها في المحاور التالية:

1 - الإيمان بمبدأ الكرامة

من المؤكد أنّ المسلم الذي آمن بما جاء في كتاب الله تعالى، لا يتسنى له إنكار مبدأ الكرامة، فقد نصّ القرآن الكريم على العديد من المعاجز والكرامات التي جرت على أيدي الأنبياء أو بعض الأولياء، إلا أنّ الأمر الذي علينا أن لا نغفله، هو أنّ الكرامة بما تعنيه من خرق لقوانين الطبيعة، هي استثناء في حركة السّنن الطبيعيّة الحاكمة. وهكذا استثناء لا يحصل اعتباطاً أو جزافاً، بل لا بدّ من حكمةٍ موجبة لذلك، لأنّ الكرامة ليست أحسن حالاً من المعجزة، وكما أنّ المعجزة لا تتحقق إلا في حالات استثنائية تقتضيها، فكذلك الحال في الكرامة.

وقد حدَّثنا القرآن الكريم عن أنّ الله تعالى لم يكن ليستجيب دوماً لاقتراحات الكافرين وطلبهم للمعجزة من النبي(ص)، فعندما رفض بعض المشركين التسليم للنبي(ص) والإيمان به إلا إذا جاءهم بمعجزة، من قبيل أن يفجّر لهم من الأرض ينبوعاً، أو يسقط السماء عليهم كسفاً، أو يكون له بيت من زخرف، أو يرقى في السماء، جاء الجواب الإلهي: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً}[الإسراء: 93]، أي أنّ ما تطلبونه خارج عن قدرتي، لأنني "بشر"، والبشر عاجز عن مثل ذلك إلا بتسديدٍ إلهي، كما أنّ ذلك خارج عن مهمّتي، لأنّي "رسول"، ومهمتي الرسالية لا تحتّم أن يكون لي مثل هذه القدرة والسلطة التكوينيَّة. يقول السيد محسن الأمين العاملي(رحمه الله) تعليقاً على كرامة مزعومة حدّثه بها بعض الناس: "إنّ فضائل أئمة أهل البيت(ع) وكراماتهم، لا يشك فيها أحد، ولكنّ كثيراً من الكرامات التي تنقل على ألسنة الناس هي مكذوبة، لأنّ الكرامة لا تأتي عفواً أو متى شاءها الإنسان، وعلى يد كل أحد، ومع كل مناسبة، وإنما تكون عند موجب قوي يقتضيها.."[رحلات السيد محسن الأمين، ص 145].

2 - موقع الكرامة في إثبات العقيدة

ولكن ما هو موقع الكرامة في إثبات المعتقدات؟ وجواباً عن هذا السؤال، نقول: لا شك في أنّ للكرامة إذا ما تسنى لنا إثباتها ـ ولا سيما في زماننا هذا الذي تجتاحه الأفكار والفلسفات المادية ـ دوراً إيجابياً طيباً لصالح الدين والمتدينين، فإنّها تشكّل دليلاً ومستنداً على وجود عالم من الغيب خارج نطاق المحسوسات، كما أنّها تساهم في تعزيز القناعات الدينية، لأنّها تمثل برهاناً حسياً ينزل الفكرة من تجريدها العقلي إلى عمقها الوجداني، وهذا ما يستفاد من طلب إبراهيم(ع) من الله تعالى أن يريه كيفية إحياء الموتى، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: 266].

بيد أنَّ الأمر الجدير بالمعرفة والمدارسة، هو أنّ الكرامة قد لا تمثّل البرهان الفاصل، فضلاً عن أن يكون الوحيد في إثبات صحَّة المعتقدات والمذاهب، إلا إذا ثبت لنا أنّ الله تعالى لا يمكّن أحداً منها إلا إذا كان صاحب دعوة محقّة، كما لدينا مثل هذا الجزم والاعتقاد في خوارق العادة التي تظهر في زمان النبوّات، حيث إنّ العقل حاكم بقبح إظهار المعجزة على يد الكاذب، وإلا لزم إغراء الناس بالجهل وتضليلهم، ولا تتم الحجة بذلك عليهم، مع أنّ الله تعالى قد توعد بإتمامها، قال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}[الأنعام: 149]، وبعبارة أخرى: إنَّ إظهار المعجزة على يد مدعي النبوة، أو أعداء النبي، هو خلاف الحكمة الإلهية، هذا في عصر النبوات.

أما بعد انتهاء زمن النبوات، كما هو حال زماننا هذا، فهل يعدّ ظهور خارق العادة على يد أحد من الناس دليلاً قاطعاً على صدقية دعوته؟

 والجواب: إنّ الأمر ليس بهذا الواضوح، ولا دليل من العقل أو النقل يحتّم ذلك، وهذا ما نبّه إليه بعض الأعلام، من أنّه ليس كل خارق لقوانين الطبيعة هو كرامة، إذ ربما كان ذلك على تعبير القرآن الكريم استدراجاً، ولا يمكننا البتّ بأنّ خارق العادة هو كرامة إلهية. وأعود وأكرر: إنّ هذا الأمر بحاجة إلى دراسة كلامية متأنية.

وفي ضوء ذلك، لا يجوز أن نرهن إيماننا بالنبي(ص) أو الأئمة من أهل البيت(ع) بظهور كرامة أو عدم ظهورها، بل إنّ علاقتنا بالنبي(ص) والأئمة من أهل بيته(ع)، هي أسمى وأرفع وأجلّ من أن نرهنها لثبوت كرامة هنا أو هناك، فما عند النبي(ص) والأئمة(ع) من خزائن علم ومعرفة، تغني العقل والروح وتمدّنا بالنور الصافي الذي لا تشوبه شائبة، وهي خير دليل على سموّهم وعظيم شأنهم وارتباطهم بالمبدأ الأعلى، وهي خير مقنع لنا بضرورة اتّباعهم والارتواء من معينهم واستلهامهم في كل ما نحتاجه في حياتنا.

3 - "كل ما طرق سمعك فذره في بقعة الإمكان"

وبما أنَّ الكرامة، كما أسلفنا، تمثّل استثناءً في حركة السنن، فيتحتم علينا أن نتثبَّت من حصول الاستثناء وحصول موجبه، قبل أن نتسرّع أو نتورَّط بالإيمان بالشيء وترويجه، من دون أن يبرّر لنا ذلك التسرّع إلى نفي الأمر والاستخفاف به، فلا المسارعة إلى إعلان الإنكار ورمي الظاهرة المفترضة بالخرافة أمر صحيح، ولا المسارعة إلى الإيمان بالشيء وتقديمه على أنّه كرامة وبناء الاستنتاجات على ذلك هي أمر صحيح، فالأمر المنطقي هو أن نضع الظاهرة المفترضة في دائرة الإمكان، طبقاً لما نقل عن ابن سينا: "كل ما طرق سمعك فذره في بقعة الإمكان حتى يذودك عنه واضح البرهان".

وفي الوقت الذي نخطّئ المسارعة إلى الإنكار والمسارعة إلى الاعتقاد بالشيء دون دليل، فإننا نرفض أيضاً تخوين هؤلاء أو غيرهم، فمن ناحية أخلاقية، وفي ضوء المعايير الشرعية، لا يحق لي اتهام من أنكر هذه الكرامة بأنّه ناقص الإيمان وضعيف الاعتقاد، أو رميه بـ "الوهابية المقنعة"، وهو الأمر الَّذي يقع فيه بعض من يقدّمون أنفسهم على أساس أنهم "أساتذة الأخلاق والعرفان والحكمة". وفي الوقت عينه، لا يحق لمن لا يؤمن بهذه الكرامة أو تلك أن يتّهم من آمن بها بأنّهم خرافيون أو لا عقلانيون.

مع الإشارة إلى أنّه ربما كان ضرر المسارعة إلى التّصديق، مع ترويج الأمر على أنّه كرامة، أكبر من ضرر المسارعة في الإنكار، لأنّ التصديق والترويج سينعكس سلباً على صورة الجماعة والمذهب الذي تنتمي إليه.

4- "قل هاتوا برهانكم"

ثم إنّه وبعد وضع المسألة في دائرة الإمكان، تأتي مرحلة لاحقة، وهي مرحلة إقامة الدليل، والمطالب بالدليل في المقام ليس النافي للكرامة، بل المثبت لها، أي الَّذي يزعم وجود ظاهرة غير طبيعيّة ومخالفة لحركة السنن. والمنهجيّة العلميّة تفرض علينا وضع كل الاحتمالات المتصورة أمامنا من دون أن نستبعد أي احتمال منها، لنتساءل: هل لهذه الظاهرة تفسير علمي واضح أو لا؟ وهل هي مفبركة ومخترعة لبعض الأغراض المادية أو السياسية والتعبوية والمذهبية؟ وهل ثمة أمر طبيعي قد حصل وخاله الناس اشتباهاً على أنه كرامة؟ أو لا هذا ولا ذاك وينحصر تفسيرها بشيء واحد، وهو أنّها ظاهرة غريبة، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً أمام احتمال الكرامة؟

وهكذا يتبيَّن أنّ احتمال الكرامة لا يمكن إثباته إلا بعد استبعاد احتمال التفسير الطبيعي والعلمي للظاهرة، واستبعاد احتمال "الفبركة" والاختراع أيضاً، واستبعاد احتمال الاشتباه. وبعد نفي هذا وذاك، واستبعاد هذه الاحتمالات، قد لا نجد مفراً من تفسير الظاهرة بتفسير غيبي يتمثّل بخرق قوانين الطبيعة.

ولا يخفى أنّ إثبات احتمال الكرامة (من بين الاحتمالات المتقدّمة)، ليس بهذه البساطة، بل ربما كان أضعف الاحتمالات في المسألة، لا لأنّه احتمال واحد وإزاءه أو في مقابله عدة احتمالات، ولا يمكن إثباته إلاّ بنفيها فحسب، بل لأنّه، أي احتمال الكرامة، بطبيعته، احتمال مخالف لحركة القوانين الطبيعية التي جرت عليها سنة الله في الكون، لأنّ الله أبى أن تجري الأمور إلا بأسبابها، كما نصَّت عليه بعض الروايات الواردة عن بعض أئمة أهل البيت(ع).

وغنيٌّ عن البيان، أنّ الدعوة إلى التثبّت قبل إصدار الأحكام، وقبل المسارعة إلى التَّصديق بالأمر ثمّ الترويج له، لا تنمّ عن ضعف في الإيمان، كما قد يتخيّله بعض الناس، بل إنّ الأمر على العكس من ذلك تماماً، فالدعوة إلى التثبت هي دليل إيمان ومن مقتضيات التديّن، لأنَّ المنهج القرآني قد نهى عن اقتفاء الظنون والعمل بها، لأنها ليست مصدراً سوياً لبناء المعرفة ولا لتأصيل العاطفة ولا لحركة السلوك، قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء: 36]، كما أنّ القرآن الكريم أكّد بشكل جلي أنّ ميزان الصدق والكذب هو في توافر البرهان وعدمه، قال تعالى: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة: 111]، فالصادق في دعواه هو الَّذي يقيم عليها دليلاً وبرهاناً، بينما علامة الكذب والكذّاب هي في ضعف حجَّته وبرهانه.

مثال على تثبّت العلماء

من ذكريات أيام الدراسة في حوزة قم أنّ بعض المشايخ، جاء ذات يوم وهو يتأبّط كتاباً له، وهو معتزّ بتوفيق الله له لتأليفه، والكتاب يتحدث عن "الشجرة المعجزة" التي ترشح دماً في عاشوراء، وطلب من بعض أساتذتنا أن يكتب له تقديماً يؤيّد فيه ما جاء في الكتاب. ولأنّ هذا الأستاذ كان عالماً دقيقاً، ولا يؤخذ بالعواطف والشّائعات، وفي الوقت عينه، لا يريد أن يظهر بمظهر من ينكر كرامات أهل البيت(ع)، قال لذلك الشيخ: أنا على استعداد لكتابة مقدمة تؤيّد مضمون هذا الكتاب، ولكن بشرطين:

الأول: أن تجلس تحت هذه الشجرة لمدة سنة كاملة، ليتسنى لك ولنا التثبّت والتأكّد من أنَّ هذه الشَّجرة لا تنزف طيلة أيام السنة ولا تخرج منها هذه المادة إلا في يوم عاشوراء.

الثاني: أن تلاحظ بنفسك أو تأتينا بدراسة موثوقة عن أشجار أخرى من هذه الفصيلة نفسها، تبيّن ما إذا كان لهذا النوع من الأشجار خاصيّة طبيعيَّة في بعض فصول السّنة، تؤدي إلى خروج هذه المادة الحمراء.

وأخال أنّ صاحبنا لمّا سمع بهذين الشرطين الدقيقين والعلميين، عرف الجواب وآيس من أن يحصل على شهادة مجانية لترويج كتابه.

5- الرجوع إلى أهل الخبرة

 ثمّ إنّ الَّذي يدرس الظّاهرة ويفنّد الاحتمالات المشار إليها، ليس عامة الناس، وليس بالضرورة أن يكونوا علماء دين، بل هم أهل الاختصاص الموثوقون، فعندما نكون أمام "كرامة" تتحدَّث عن شفاء إنسان من مرض عضال مثلاً، فمن الطبيعي أنَّ الذي يؤكّد شفاءه هم الأطباء، ولذا من المفترض أن نسألهم عن مدى حصول الشفاء فعلاً وما هو تفسيرهم لذلك، فربما قدَّموا لنا تفسيراً علمياً معقولاً لشفائه.

وعندما نكون أمام ظاهرة خروج سائل يشبه الدم من شجرة معينة، (كما في الشّجرة الَّتي يزعم البعض أنها ترشح دماً في يوم عاشوراء)، أو من جدار أحد المقامات (كما في رشح الدم المزعوم في مقام "السيدة خولة" في بعلبك)، فعلينا الرجوع إلى علماء مختصين بالتركيبات الكيميائيَّة، فلعلَّ ثمة مزيجاً أو تركيباً كيميائياً معيناً أدى إلى حصول هذه "الظاهرة"، إما بصورة طبيعية أو بصورة مفبركة. وعلينا أيضاً الرجوع إلى المختصين بالشّأن الفني التصويري، فلعلَّ ما نراه بصورة دم هو نتيجة بعض المؤثّرات الضوئيَّة التي توهم البصر بأنّه دم، أليس ذلك ممكناً ونحن في عصر العجائب؟!

والسؤال: أين اللجان التي تشكَّلت على هذا الصَّعيد أمام الظاهرة المدعاة، وأمام هذا السيل من الكرامات التي نسمع عنها باستمرار؟

إنّ ما نراه لدى المسيحيين على هذا الصعيد، وبصرف النظر عن مدى تصديقنا لما يحكى من "كرامات"، هو أنهم عندما يتداول الناس الحديث عن ظاهرة من هذا القبيل، تمّت على يدي راهب أو في "مقامه"، كأن يحكى عن عمليات شفاء المرضى أو غيرها من "الكرامات" المدعاة، يعملون على تشكيل لجان متخصّصة ومحايدة وموثوقة، تعمل على دراسة الظاهرة دراسة متأنية قد تمتد لسنين طويلة، قبل إصدار الحكم بتأكيد "الكرامة" و"تطويب" صاحبها قديساً أو نحو ذلك.

6- الكرامة وإثبات الصدقيَّة

ما مدى دلالة الكرامة على صدقيّة المقام الَّذي لا دليل على صدقيَّته؟

 والجواب عن ذلك فصلناه في كتاب "المقامات الدينية: المشروعية، الأهداف، الضوابط". وخلاصة القول في ذلك: أنّ الكرامة تارة تحصل في مقام ثابت الصدقيّة، كما لو حصلت في جوار قبر النبي الأكرم(ص)، أو في بيت الله الحرام وفي جوار الكعبة المشرفة، أو في مقام أبي عبد الله الحسين(ع) .. وهنا يكون التصديق بالكرامة بعد التثبت من حصولها من مؤشرات الإيمان. أمّا لو حصلت الظاهرة الغريبة في المقامات التي لم تثبت صدقيتها، إمّا لعدم ثبوت وجود الشخصية التي بني المقام باسمها، أو لعدم ثبوت اعتبار هذه الشخصية من الناحية الدينيّة، أو لعدم ثبوت دفنها في هذا المكان، فهنا لا يمكننا الجزم بأنّ حصول الظاهرة يعدّ شاهداً على صدقية المقام، وفي الحد الأدنى، فإنّ ذلك لا يمثل دليلاً قطعياً على الصدقيّة في المجالات المشار إليها.
محاضرة ألقيت في المعهد الشَّرعي الإسلامي: 17-5-2013      

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية