الدّنيا سوقٌ من الأسواق

الدّنيا سوقٌ من الأسواق

في محاضرة له بتاريخ 1/11/1997، تحدّث العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) كعادته في المناسبات والمحطات الإسلامية وغيرها، عن قصّة من وحي سيرة الإمام الباقر (ع)، وما ينبغي تمثّله واستلهامه منها في تخطيطنا ومنهج علاقاتنا مع الناس ومع الله، إذ قال:

" فلنستمع إليه [الإمام الباقر] (ع)، وهو يتحدث في مواعظه، ويخطّط لمنهج إيمان المؤمن، وإسلام المسلم، والعلاقات بين المسلمين مع بعضهم البعض.

فنلتقي في البداية بالحديث الذي جرى بينه وبين "عمر بن عبد العزيز"، أحد الخلفاء الأمويّين، وكان الإمام فيه واعظاً وموجّهاً.

فلنقرأ تاريخ هذه القصة. ينقل (الصدوق) في (الخصال) بسند مفصَّل في الحديث عن "هشام بن معاذ" قال: "كنت جالساً لعمر بن عبد العزيز، حيث دخل المدينة، فأمر مناديه فنادى: من كانت له مظلمة أو ظلامة، فليأتِ الباب، فأتى محمد بن علي، يعني الباقر(ع)، فدخل إليه مولاه (مزاحم)، فقال: إنّ محمد بن عليّ بالباب، فقال له: أدخله يا مزاحم، قال: فدخل وعمر يمسح عينيه من الدّموع، فقال له محمد بن عليّ(ع): ما أبكاك يا عمر؟ فقال: أبكاني كذا وكذا يا بن رسول الله، فقال محمد بن علي ـ وكأنه سمع منه أن ما أبكاه هو شأن من شؤون الدنيا التي تبعث الألم في النفس ـ يا عمر، إنما الدنيا ـ وهذا الحديث لنا أيضاً ـ سوق من الأسواق ـ ولكننا دخلنا هذه السوق كما ندخل السوق العادية ـ منها خرج قوم بما ينفعهم، ومنها خرجوا بما يضرّهم ـ كمن يشتري الأشياء التي تتّصل بها عاداته، ولكنها تضره في صحته، أو التي تضرّه في عقله، كمن يدخل السوق ليشتري الخمر أو ما إلى ذلك ـ وكم من قوم قد غرّتهم ـ بمثل الذي أصبحنا فيه من الغفلة ـ حتى أتاهم الموت، فاستوعبوا فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا مما أحبوا من الآخرة عدّةً، ولا مما كرهوا جُنَّةً ـ درعاً يقيهم من النار ـ قسّم ما جمعوا من لا يحمدهم ـ قد جمعوا المال وقسمه الورثة الذين لا يحمدونهم، لأنهم لم يتركوا لهم شيئاً كبيراً وما إلى ذلك ـ وصاروا إلى مَن لا يعذرهم ـ صاروا إلى الله الذي أقام عليهم الحجّة وكانت له الحجة عليهم ـ فنحن والله محقوقون ـ يعني أنّ الحقّ علينا في ـ أن ننظر إلى تلك الأعمال التي كنّا نغبطهم بها فنوافقهم فيها ـ أي عندما يموتون ويذهبون، فعلينا أن ندرس واقعهم، فنوافقهم في الصّالحات من الأعمال ـ وننظر إلى تلك الأعمال التي كنّا نتخوّف عليهم منها، فنكفّ عنها".

في محاضرة له بتاريخ 1/11/1997، تحدّث العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) كعادته في المناسبات والمحطات الإسلامية وغيرها، عن قصّة من وحي سيرة الإمام الباقر (ع)، وما ينبغي تمثّله واستلهامه منها في تخطيطنا ومنهج علاقاتنا مع الناس ومع الله، إذ قال:

" فلنستمع إليه [الإمام الباقر] (ع)، وهو يتحدث في مواعظه، ويخطّط لمنهج إيمان المؤمن، وإسلام المسلم، والعلاقات بين المسلمين مع بعضهم البعض.

فنلتقي في البداية بالحديث الذي جرى بينه وبين "عمر بن عبد العزيز"، أحد الخلفاء الأمويّين، وكان الإمام فيه واعظاً وموجّهاً.

فلنقرأ تاريخ هذه القصة. ينقل (الصدوق) في (الخصال) بسند مفصَّل في الحديث عن "هشام بن معاذ" قال: "كنت جالساً لعمر بن عبد العزيز، حيث دخل المدينة، فأمر مناديه فنادى: من كانت له مظلمة أو ظلامة، فليأتِ الباب، فأتى محمد بن علي، يعني الباقر(ع)، فدخل إليه مولاه (مزاحم)، فقال: إنّ محمد بن عليّ بالباب، فقال له: أدخله يا مزاحم، قال: فدخل وعمر يمسح عينيه من الدّموع، فقال له محمد بن عليّ(ع): ما أبكاك يا عمر؟ فقال: أبكاني كذا وكذا يا بن رسول الله، فقال محمد بن علي ـ وكأنه سمع منه أن ما أبكاه هو شأن من شؤون الدنيا التي تبعث الألم في النفس ـ يا عمر، إنما الدنيا ـ وهذا الحديث لنا أيضاً ـ سوق من الأسواق ـ ولكننا دخلنا هذه السوق كما ندخل السوق العادية ـ منها خرج قوم بما ينفعهم، ومنها خرجوا بما يضرّهم ـ كمن يشتري الأشياء التي تتّصل بها عاداته، ولكنها تضره في صحته، أو التي تضرّه في عقله، كمن يدخل السوق ليشتري الخمر أو ما إلى ذلك ـ وكم من قوم قد غرّتهم ـ بمثل الذي أصبحنا فيه من الغفلة ـ حتى أتاهم الموت، فاستوعبوا فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا مما أحبوا من الآخرة عدّةً، ولا مما كرهوا جُنَّةً ـ درعاً يقيهم من النار ـ قسّم ما جمعوا من لا يحمدهم ـ قد جمعوا المال وقسمه الورثة الذين لا يحمدونهم، لأنهم لم يتركوا لهم شيئاً كبيراً وما إلى ذلك ـ وصاروا إلى مَن لا يعذرهم ـ صاروا إلى الله الذي أقام عليهم الحجّة وكانت له الحجة عليهم ـ فنحن والله محقوقون ـ يعني أنّ الحقّ علينا في ـ أن ننظر إلى تلك الأعمال التي كنّا نغبطهم بها فنوافقهم فيها ـ أي عندما يموتون ويذهبون، فعلينا أن ندرس واقعهم، فنوافقهم في الصّالحات من الأعمال ـ وننظر إلى تلك الأعمال التي كنّا نتخوّف عليهم منها، فنكفّ عنها".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية