محاضرات
26/07/2024

شهادةُ الزَّمنِ على الإنسان

شهادةُ الزَّمنِ على الإنسان

يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء الصّباح والمساء: "وَهَذَا يَوْمٌ حَادِثٌ جَدِيدٌ – عندما يصبح الصَّباح فالنَّهار يوم، وعندما يمسي المساء فاللَّيل يوم، وقد يُطلَقُ اليوم على مجموع النَّهار واللَّيل.. ويمكن أن نقول هذا أسبوع جديد، أو شهر جديد، أو سنة جديدة...
- وَهُوَ عَلَيْنَا شَاهِدٌ عَتِيدٌ - فالإنسان يتمثَّل أنَّ هذه السَّاعات والثَّواني والدَّقائق سوف تشهد علينا يوم القيامة، فهو شاهدٌ يشهدُ علينا، وهو عتيدٌ أي حاضر، بحيث تشعر بأنَّ الزَّمن يراقبك ويشهد لك أو عليك.
- إنْ أحْسَنَّا وَدَّعَنَا بِحَمْدٍ – فإذا قضينا يومنا بالخير والخدمة والطَّاعة، يودِّعنا حتّى الباب، كما الضَّيف الجيِّد والطَّيّب، ونحن ضيوفٌ عند هذا الزَّمن - وَإِنْ أسَأنا فارَقَنا بِذَمٍّ – مثل الضَّيف السيِّئ، فلن تودِّعه حتّى الباب، بل تدير له ظهرك.
- اللَّهُمَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَارْزُقْنَا حُسْنَ مُصَاحَبَتِهِ – اجعلنا نصحبه صحبة حسنة خيّرة - وَاعْصِمْنَا مِنْ سُوْءِ مُفَارَقَتِهِ - أي ارزقنا العصمة الروحيَّة الإنسانيَّة من سوء مفارقته - بِارْتِكَابِ جَرِيرَةٍ، أَوِ اقْتِرَافِ صَغِيرَة أوْ كَبِيرَة - من المعاصي - وَأجْزِلْ لَنَا فِيهِ مِنَ الْحَسَناتِ، وَأَخْلِنَا فِيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ، وَامْلأ لَنَا مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ حَمْداً وَشُكْراً وَأجْراً وَذُخْراً وَفَضْلاً وَإحْسَاناً - فاجمع لنا هذه كلّها - اللَّهُمَّ يسِّرْ عَلَى الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ مَؤُونَتَنَا – لأنَّ على الإنسان أن يتذكَّر قول الله: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: 17 - 18] - وَامْلأ لَنَا مِنْ حَسَنَاتِنَا صَحَائِفَنَا، وَلاَ تُخْزِنَا عِنْدَهُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِنَا. اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِهِ حَظّاً مِنْ عِبَادتِكَ، وَنَصِيباً مِنْ شُكْرِكَ، وَشَاهِدَ صِدْقٍ مِنْ مَلَائِكَتِكَ، واحْفَظْنَا فيْهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينا وَمِنْ خَلْفِنا، وَعَنْ أَيْمَانِنا وَعَنْ شَمائِلِنا، وَمِنْ جَمِيعِ نَوَاحِينا، حِفْظاً عَاصِماً مِنْ مَعْصِيَتِكَ".
شرطُ الدّعاءِ بإطالةِ العمر
وفي ذلك نقطة لا بدَّ من الالتفات إليها، فنحن نطلب من الله دائماً طول العمر والصحَّة والعافية، ونطلب الأمن، ولكنَّنا نطلب كلَّ ذلك دون شرط، ولكنَّ الأئمَّة (ع) يعلِّموننا أنَّه إذا أردت أن تطلب من الله أن يحفظك ويطيل عمرك، أن تطلبه بشرط أن يفيدك وينفعك، لأنَّك إذا طلبت العمر الطَّويل وقضيته في المعصية، أو أعطاك الله الصّحَّة واستغلَّيتها في الجريمة والحرام، فما فائدة ذلك بالنِّسبة إليك؟ سوف تزيدك عذاباً فوق عذاب. لذلك ورد في الدّعاء: "واحْفَظْنَا فيْهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينا وَمِنْ خَلْفِنا، وَعَنْ أَيْمَانِنا وَعَنْ شَمائِلِنا، وَمِنْ جَمِيعِ نَوَاحِينا، حِفْظاً عَاصِماً مِنْ مَعْصِيَتِكَ - هذا الحفظ الَّذي تحفظنا إيَّاه يا ربّ، من حيث الأمان، ومن حيث الصّحَّة، والحفظ من الموت، اجعلني لا أستغلَّه في معصيتك.
- هَادِياً إلى طَاعَتِكَ – أن أستغلَّ هذا الحفظ للسَّير في طريق الهدى إلى طاعتك - مُسْتَعْملاً لمحبَّتِكَ"، أستعمله في ما تحبّه يا ربّ.
وفي دعاء آخر، دعاء يوم الثّلاثاء، هناك فقرة فيه تقول: "وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، والوفاة رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ"، أي اجعلني يا ربِّ عندما أعيش، أن يزداد عمري، ويزداد الخير في حركة عمري، وعندما تريد أن تتوفَّاني، أن تكون الوفاة راحةً لي من الشّرّ الّذي لو عشْتُ لقمْتُ به.
وفي دعاء "مكارم الأخلاق" للإمام زين العابدين (ع)، وأنا أقول لكم دائماً، لتكن الصّحيفة السّجَّاديَّة معكم دائماً، لأنّها أدعية كما تفتح عيونكم وقلوبكم على الله، تفتح عقولكم وقلوبكم على الحياة وعلى وخطِّ الاستقامة والثَّقافة، فأدعية الإمام زين العابدين (ع) تثقِّفك بالمنهج الإسلامي والروحي، وفي علاقتك مع النَّاس والحياة. وهذه عظمة أهل البيت (ع)، أنّهم يملأون عقولنا وقلوبنا بثقافة الإسلام، فأهل البيت (ع) ليسوا مجرَّد دمعة، أهل البيت ثقافة ووعي وانفتاح وحركيَّة، وهم لم يعيشوا لأنفسهم، بل عاشوا لله، وعاشوا للنَّاس من خلال الله. لذلك، هناك الكثير من النَّاس يحبّون أهل البيت كما يحبُّ العاشقُ معشوقتَه، والأئمَّة (ع) يقولون: "أحبُّونا حبَّ الإسلام"، فليكن حبُّكم حبّاً واعياً، وثقافيّاً ومنفتحاً.
الإمام (ع) يقول: "وَعَمِّرْنِي مَا كَانَ عُمُرِي بِذْلَةً فِي طَاعَتِكَ - حتّى يوصلني عمري إلى الجنَّة وإلى رضاك، وحتّى يقرّبني منك – فَإِذَا كَانَ عُمُرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ – بحيث صار يملأ كلَّ ساحاتي وأفكاري ودوافعي وعلاقاتي ومواقفي، فلا أريد هذا العمر – فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ إِلَيَّ – ومقتك مما لا تقوم له السَّموات والأرض – أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ".
وماذا نقرأ في دعاء أبي حمزة الثَّمالي؟ "واجْعَلْني ممَّنْ أطلْتَ عمرَهُ، وحسَّنْتَ عملَهُ"، ليس العمر الطَّويل فقط، بل العمر الطَّويل مع العمل الحسن، وذلك لأنَّ العمر هو الجسر الَّذي نسير عليه إلى الله {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}[الانشقاق: 6]، {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}[الزّلزلة: 7 – 8].
* من محاضرة عاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 15/03/2002م.
يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء الصّباح والمساء: "وَهَذَا يَوْمٌ حَادِثٌ جَدِيدٌ – عندما يصبح الصَّباح فالنَّهار يوم، وعندما يمسي المساء فاللَّيل يوم، وقد يُطلَقُ اليوم على مجموع النَّهار واللَّيل.. ويمكن أن نقول هذا أسبوع جديد، أو شهر جديد، أو سنة جديدة...
- وَهُوَ عَلَيْنَا شَاهِدٌ عَتِيدٌ - فالإنسان يتمثَّل أنَّ هذه السَّاعات والثَّواني والدَّقائق سوف تشهد علينا يوم القيامة، فهو شاهدٌ يشهدُ علينا، وهو عتيدٌ أي حاضر، بحيث تشعر بأنَّ الزَّمن يراقبك ويشهد لك أو عليك.
- إنْ أحْسَنَّا وَدَّعَنَا بِحَمْدٍ – فإذا قضينا يومنا بالخير والخدمة والطَّاعة، يودِّعنا حتّى الباب، كما الضَّيف الجيِّد والطَّيّب، ونحن ضيوفٌ عند هذا الزَّمن - وَإِنْ أسَأنا فارَقَنا بِذَمٍّ – مثل الضَّيف السيِّئ، فلن تودِّعه حتّى الباب، بل تدير له ظهرك.
- اللَّهُمَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَارْزُقْنَا حُسْنَ مُصَاحَبَتِهِ – اجعلنا نصحبه صحبة حسنة خيّرة - وَاعْصِمْنَا مِنْ سُوْءِ مُفَارَقَتِهِ - أي ارزقنا العصمة الروحيَّة الإنسانيَّة من سوء مفارقته - بِارْتِكَابِ جَرِيرَةٍ، أَوِ اقْتِرَافِ صَغِيرَة أوْ كَبِيرَة - من المعاصي - وَأجْزِلْ لَنَا فِيهِ مِنَ الْحَسَناتِ، وَأَخْلِنَا فِيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ، وَامْلأ لَنَا مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ حَمْداً وَشُكْراً وَأجْراً وَذُخْراً وَفَضْلاً وَإحْسَاناً - فاجمع لنا هذه كلّها - اللَّهُمَّ يسِّرْ عَلَى الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ مَؤُونَتَنَا – لأنَّ على الإنسان أن يتذكَّر قول الله: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: 17 - 18] - وَامْلأ لَنَا مِنْ حَسَنَاتِنَا صَحَائِفَنَا، وَلاَ تُخْزِنَا عِنْدَهُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِنَا. اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِهِ حَظّاً مِنْ عِبَادتِكَ، وَنَصِيباً مِنْ شُكْرِكَ، وَشَاهِدَ صِدْقٍ مِنْ مَلَائِكَتِكَ، واحْفَظْنَا فيْهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينا وَمِنْ خَلْفِنا، وَعَنْ أَيْمَانِنا وَعَنْ شَمائِلِنا، وَمِنْ جَمِيعِ نَوَاحِينا، حِفْظاً عَاصِماً مِنْ مَعْصِيَتِكَ".
شرطُ الدّعاءِ بإطالةِ العمر
وفي ذلك نقطة لا بدَّ من الالتفات إليها، فنحن نطلب من الله دائماً طول العمر والصحَّة والعافية، ونطلب الأمن، ولكنَّنا نطلب كلَّ ذلك دون شرط، ولكنَّ الأئمَّة (ع) يعلِّموننا أنَّه إذا أردت أن تطلب من الله أن يحفظك ويطيل عمرك، أن تطلبه بشرط أن يفيدك وينفعك، لأنَّك إذا طلبت العمر الطَّويل وقضيته في المعصية، أو أعطاك الله الصّحَّة واستغلَّيتها في الجريمة والحرام، فما فائدة ذلك بالنِّسبة إليك؟ سوف تزيدك عذاباً فوق عذاب. لذلك ورد في الدّعاء: "واحْفَظْنَا فيْهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينا وَمِنْ خَلْفِنا، وَعَنْ أَيْمَانِنا وَعَنْ شَمائِلِنا، وَمِنْ جَمِيعِ نَوَاحِينا، حِفْظاً عَاصِماً مِنْ مَعْصِيَتِكَ - هذا الحفظ الَّذي تحفظنا إيَّاه يا ربّ، من حيث الأمان، ومن حيث الصّحَّة، والحفظ من الموت، اجعلني لا أستغلَّه في معصيتك.
- هَادِياً إلى طَاعَتِكَ – أن أستغلَّ هذا الحفظ للسَّير في طريق الهدى إلى طاعتك - مُسْتَعْملاً لمحبَّتِكَ"، أستعمله في ما تحبّه يا ربّ.
وفي دعاء آخر، دعاء يوم الثّلاثاء، هناك فقرة فيه تقول: "وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، والوفاة رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ"، أي اجعلني يا ربِّ عندما أعيش، أن يزداد عمري، ويزداد الخير في حركة عمري، وعندما تريد أن تتوفَّاني، أن تكون الوفاة راحةً لي من الشّرّ الّذي لو عشْتُ لقمْتُ به.
وفي دعاء "مكارم الأخلاق" للإمام زين العابدين (ع)، وأنا أقول لكم دائماً، لتكن الصّحيفة السّجَّاديَّة معكم دائماً، لأنّها أدعية كما تفتح عيونكم وقلوبكم على الله، تفتح عقولكم وقلوبكم على الحياة وعلى وخطِّ الاستقامة والثَّقافة، فأدعية الإمام زين العابدين (ع) تثقِّفك بالمنهج الإسلامي والروحي، وفي علاقتك مع النَّاس والحياة. وهذه عظمة أهل البيت (ع)، أنّهم يملأون عقولنا وقلوبنا بثقافة الإسلام، فأهل البيت (ع) ليسوا مجرَّد دمعة، أهل البيت ثقافة ووعي وانفتاح وحركيَّة، وهم لم يعيشوا لأنفسهم، بل عاشوا لله، وعاشوا للنَّاس من خلال الله. لذلك، هناك الكثير من النَّاس يحبّون أهل البيت كما يحبُّ العاشقُ معشوقتَه، والأئمَّة (ع) يقولون: "أحبُّونا حبَّ الإسلام"، فليكن حبُّكم حبّاً واعياً، وثقافيّاً ومنفتحاً.
الإمام (ع) يقول: "وَعَمِّرْنِي مَا كَانَ عُمُرِي بِذْلَةً فِي طَاعَتِكَ - حتّى يوصلني عمري إلى الجنَّة وإلى رضاك، وحتّى يقرّبني منك – فَإِذَا كَانَ عُمُرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ – بحيث صار يملأ كلَّ ساحاتي وأفكاري ودوافعي وعلاقاتي ومواقفي، فلا أريد هذا العمر – فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ إِلَيَّ – ومقتك مما لا تقوم له السَّموات والأرض – أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ".
وماذا نقرأ في دعاء أبي حمزة الثَّمالي؟ "واجْعَلْني ممَّنْ أطلْتَ عمرَهُ، وحسَّنْتَ عملَهُ"، ليس العمر الطَّويل فقط، بل العمر الطَّويل مع العمل الحسن، وذلك لأنَّ العمر هو الجسر الَّذي نسير عليه إلى الله {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}[الانشقاق: 6]، {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}[الزّلزلة: 7 – 8].
* من محاضرة عاشورائيّة لسماحته، بتاريخ: 15/03/2002م.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية