مجلس عزاء عن روح المرجع الرّاحل (رض)
في دار الزّهراء _ الكويت
|
أقامت حسينيّة دار الزهراء في الكويت، مجلس عزاءٍ على روح المرجع العلامة، السيد محمد حسين فضل الله، بحضور النوّاب يوسف الزلزلة، وعدنان عبدالصمد، وعدنان المطوع، والسيد محمد باقر المهري، وكيل المراجع الشيعيّة في الكويت، والسّفير العراقي في الكويت محمد حسين بحر العلوم، وعبدالكريم السليم عضو المجلس البلدي، وعدد من الشخصيّات، وحشدٍ كبيرٍ من المعزّين رجالاً ونساءً.
وتحدّث السيّد علي فضل الله، في اتّصالٍ هاتفيّ من بيروت، مشيداً بمواقف الكويت تجاه لبنان، مؤكّداً أنّ «الكويت كانت في قلب أبيه الفقيد ووجدانه».
كما أشاد السيّد علي فضل الله بالمجالس التي أقيمت على روح الفقيد «ما يدلُّ على مكانته في قلوب المؤمنين، حيث كان سماحته قد نصّب نفسه لخدمة الإسلام والمسلمين، وكان يبذل قصارى جهده ليكون الإسلام حيّاً ينبض في وجدان كلّ مسلمٍ، بل كلّ إنسان، فكان متواصلاً مع الكبير والصّغير وكلّ أفراد المجتمع، من أجل أن يوصل إليهم هذه الرّسالة».
وأشار إلى أنّ المرجع الكبير(رض) كان حريصاً على السّير على خطّ أهل البيت(ع)، الّذي يتميّز بالنّقاء والصّفاء ومنتهى الشفافية، لذا كان حريصاً على أن يبقى هذا الخطّ صافياً نقياً بعيداً عن الغلوّ، بل إنّه كان مدافعاً قويّاً ضدَّ كلّ من يتعرّض لأهل البيت(ع)، وكان يدعم ندواته وأحاديثه بما ورد عن أهل البيت(ع)، لإعلاء شأنهم في كافّة المجالات، عقلاً وفكراً وفقهاً وحركة، وتجسيد معيشتهم وكلماتهم ومشاعرهم من أجل الاستفادة منها.
وأضاف: «سماحة السيّد(رض) كان يؤمن إيماناً شديداً بأنَّ قوَّة المسلمين هي من قوَّة الإسلام أمام أعداء الإسلام، وأمام المؤامرات التي تحاك ضدّ المسلمين، لذا كان يطالب بالحوار بين المسلمين أنفسهم، وكذلك بين المسلمين والمسيحيّين. ومن هنا، كانت قوى الاستكبار العالميّ والكيان الصّهيونيّ يتصدّون لكلّ أعمال السيّد المرجع، لأنّه كان يتصدّى لكلّ الأعمال الوحشيّة والانتهاكات الصّهيونيّة ضدَّ الشَّعبين الفلسطيني واللّبناني، إضافةً إلى تصدّيه لأنواع الظّلم من الاستكبار العالميّ. وكان السيّد المرجع، يسعى إلى رفع شأن كرامة الأمّة وعزّتها، إضافةً إلى سعيه إلى أن يقدّم نموذجاً عمليّاً للمرجعيّة الإسلاميّة المنفتحة، وأن تكون حاضرةً في كلّ مكانٍ وزمان، إضافةً إلى أن تكون المؤسّسات الخيريّة للجميع.
وأشاد السيّد علي فضل الله بدور الكويت الرّياديّ والقياديّ، ووقوفها مع لبنان في محنه ومصائبه، «حيث كانت الكويت سبّاقةً في بناء المؤسّسات والجمعيّات الخيريّة، وستبقى ان شاء الله أمينةً لهذا الخط، وقد كانت الكويت في قلب السيّد المرجع ووجدانه وعواطفه».
وشكر الكويت على المستوى الشّعبيّ والرّسميّ، لما أظهرته من مشاعر تجاه المرجع الرّاحل(رض)، مشيداً بمجالس العزاء الّتي أقيمت لهذا المصاب الجلل، ومنها مجلس حسينيّة دار الزّهراء(ع)، شاكراً الحاج كاظم عبدالحسين الذي كان "الصديق والأخ العزيز لسماحة السيّد".
النائب زلزلة:
من جانبه، قال النائب السيد الزلزلة إنّ للعلماء مكانةً كبيرةً في حياة البشرية، وعليه، فإنّ الباري عزّ وجلّ حضّ المسلمين على تكريم العلماء وإجلالهم، كما أنّ الرّسول الأكرم(ص) حثّ الجميع على احترام العلماء، وقال الإمام الصَّادق(ع): «إن مات عالمٌ ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء». وعليه، فإنّ العالم الفقيد العلامة السيّد فضل الله، كان عالماً فقيهاً متحرّراً ومعتدلاً، واستطاع بكفاءته العلميّة أن يغيّر مجرى حياة الكثيرين من الشّباب، إضافةً إلى مكانته العلميّة ودوره الرّياديّ، فكان واعياً ومطالباً بالوحدة الإسلاميّة بكافّة الأطياف والمذاهب، وبالتصدّي لقوى الاستكبار الّذين طالما حاولوا بثَّ الفتنة الطّائفيّة والعنصريّة والحزبيّة بين أبناء الأمّة الإسلاميّة، حتى تنشغل إسرائيل بأعمالها العدائيّة وانتهاكاتها المتكرّرة.
وأضاف السيّد الزلزلة، أنّ السيد الفقيد تميّز بالتّحليل السياسيّ والرؤى المستقبليّة، حيث كان يحثُّ الشّباب على التمسّك بالشّريعة الإسلاميّة، ويحيي فيهم الرّوح الإسلاميّة...
وأشار إلى أنّه لامس وعن قرب، موقع السيد الفقيد في إدارته الجيّدة وأسلوبه الراقي، والمتابعة الدّقيقة والتّواصل المستمرّ لكافّة المؤسّسات الخيريّة، وخصوصاً دور الأيتام، والّذي كان بمثابة الأب الرّوحيّ لهم، وكذلك في المدارس المثاليّة التابعة لهذه المؤسّسات، مشيراً إلى أنّنا لمسنا أنّ المرجعيّة ليست موقعاً للردّ على الأسئلة في مجال الفقه، بل إنّ المرجعيّة الدّينيّة كهف يلوذ به كلّ أفراد المجتمع، والمركز الآمن للجميع. وعليه، فقد أكّد عدد كبير من الأخوة من المذهب السني بعد زيارتهم للسيّد الفقيد قبل سنوات، أنّ المذهب الجعفري مذهب يلمّ ويجمع ولا يفرّق، ومذهب يدفع إلى مزيدٍ من اللّحمة والتآلف والمودّة.
وأوضح النّائب السيّد الزلزلة، أنّ السيّد الفقيد استطاع أن يجسّد التّعاليم الإسلاميّة بأحكامها عبر الكتاب والسنّة على أرض الواقع، وخصوصاً أنّه كان يرحّب بالمعارضين بأسلوب التّسامح واللّين، موضحاً أنّ هذا هو ديدن مراجعنا الكرام بالدّفاع عن الدّين، والتصدّي لمن يعتدي على الإسلام والمسلمين، وكان يشدّ على أولئك المتلاعبين بالدّين، والّذين يدّعون الإسلام وهم بعيدون عن منطقه وفكره وتعاليمه. واختتم السيّد الزّلزلة بأنّ السيّد الفقيد كان المرشد الرّوحيّ للمقاومة اللّبنانيّة، وسمّى المقاومين البدريّين.
محمّد جواد كاظم:
وأشار محمد جواد كاظم، رئيس الهيئة الإداريّة لدار الزّهراء(ع)، إلى أسماء في التّاريخ أحدثت هزّةً وتغييراً في العالم، فالرّسول الأكرم(ص)، لا يزال حديث الشّرق والغرب، وكذلك خليفته أمير المؤمنين الإمام عليّ(ع)، وهكذا الأئمّة الأطهار(ع)، ومن بعدهم الصّالحون، حيث إنهم امتلكوا عقول النّاس وقلوبهم بأخلاقهم وعلمهم، وبحبّهم لدينهم وإخلاصهم له، كما أنهم تحمّلوا آلام الأمّة ومعاناتها وهمومها، وكان الفقيد العلامة السيّد محمد حسين فضل الله ارتضى هذه السّيرة العطرة وهذا النّهج، وسار على الخطى نفسها، حيث نهل من نبع المصطفى وأهل بيته(ع)، فملك القلوب والعقول من أبناء هذه الأمّة.
وأضاف: إنّ الأمّة الإسلاميّة فقدت عالماً شجاعاً لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان مجاهداً في ميدان الحقّ، لذا تعرّض لمحاولات الاغتيال والتصفية الجسديّة من قبل أميركا والعدوّ الصّهيوني، كما تعرّض للتصفية الفكرية والعقائدية عندما وقف ضدّ التخلّف والتعصّب والجهل، ولكنّه كان كالجبل الأصمّ لم تهزّه الرّياح، وكان مستعداً للحوار مع الجميع.
كما تطرّق إلى شجاعته بالدّفاع عن فلسطين الّتي كانت في قلبه، وكان متفائلاً مع معاناة العراقيّين وهمومهم، وكانت لديه مقولة معروفة حول الثّورة الإيرانيّة: أنّه لو رجموني بالحجارة، فلن أتوقّف عن الدّفاع عنها، وأمّا في لبنان، فوهب جسده وروحه للشّعب اللّبناني، حيث كان يعمل لأجلهم، مساهماً فعّالاً لحلّ كلّ مشاكلهم ومعاناتهم.
|